حجر بن عدي
حجر بن عدي في سطور | حجر الخير | أدب القائد والجنود | إيمان وبطولة | البراءة | مع الحاكمين | تسمية الذين بعث بهم إلى معاوية | كرامات الأولياء | مشهد الشهادة | أسماء الشهادة | أثر الفاجعة | موكب الشعراء | الضريح السامي | شعره | كلمات العلماء والعظماء | خاتمة المطاف
المقدمة
إذا كان من حق الأمم الفخر برجالاتها وزعمائها وشهدائها، فمن حق الأمة الإسلامية أن تفخر بالشهيد العظيم حجر بن عدي الكندي رضوان الله عليه، فقد جمع المكارم والمفاخر، وأحرز قصب السبق، فهو صحابي عظيم، ومجاهر بكلمة الحق في وجه العتاة الظالمين، وزعيم مبرّز من زعماء المسلمين، وكانت الخاتمة الشهادة والسعادة الأبدية.
وكل جانب من حياته حري بالدرس، جدير بالبحث، وحسبنا أن نضع أمام القارئ الكريم على بعض جوانب العظمة لهذه الشخصية المثالية، آملين أن يحذو الجيل الطالع حذو سلفه الصالح من الإيمان والجهاد، والله الموفق للصواب.
حجر بن عدي في سطور
حجر ـ بضم أوله وسكون الجيم ـ بن عدي بن معاوية بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين الكندي.
وفد على النبي (صلّى الله عليه وآله) مع أخيه هانئ بن عدي.
كان أحد الجيش الفاتح للشام.
هو الذي فتح مرج عذرى (1).
لقبه: حجر الخير.
من خواص أمير المؤمنين (عليه السلام)، والمقدمين من أصحابه.
شهد مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الجمل وصفين والنهروان، وكان فيها من القادة؛ فقد كان على كندة يوم صفين، وكان على الميسرة يوم النهروان (2).
أرسله أمير المؤمنين (عليه السلام) في أثر الضحاك بن قيس الفهري لما أغار على بعض نواحي العراق، فلقيه بنواحي تدمر، وقتل تسعة عشر رجلاً من أصحابه، وانهزم الباقون.
قتله معاوية سنة 51هـ في عذراء مع ستة من أصحابه.
ذكر بعض المؤرخين ابناً له استشهد معه.
أوّل من قتل في الإسلام صبراً.
أحدث قتله ضجّة وموجة استياء في العالم الإسلامي.
قبره مزار مشهود، يقصده المسلمون من جميع أنحاء العالم للزيارة.
قتل مصعب بن الزبير ـ في ولايته على الكوفة ـ ولديه: عبد الله وعبد الرحمن.
حجر الخير
يقال: إن الأسماء تنزل من السماء، والمراد: إن هناك يد خفيّة في ذلك، فتحلق الأسماء الجميلة بالأطائب، والأسماء الرذيلة بالخبثاء، ولا أدل على ذلك من حجر الكندي رضوان الله عليه، فقد كان اسمه عند محبيه ومبغضيه (حجر الخير) وكاد لا يعرف إلا به، وله ابن عم معاكس له في الاتجاه والتفكير، وهو أيضاً يحمل اسمه، فكان لا يعرف إلا بحجر الشر.
روى نصر بن مزاحم عن عمرو بن شمر عن جابر عن الشعبي: إن أوّل فارسين التقيا في هذا اليوم ـ وهو اليوم السابع من صفر، وكان من الأيام العظيمة في صفين، ذا أهوال شديدة ـ حجر الخير، وحجر الشر، أمّا حجر الخير فهو حجر بن عدي صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وحجر الشر ابن عمه، وذلك أن حجر الشر دعا حجر بن عدي إلى المبارزة، وكلاهما من كندة، فأجابه، فاطّعنا برمحيهما، ثم حجز بينهما امرؤ من بني أسد ـ وكان مع معاوية ـ فضرب حجراً ضربة برمحه، وحمل أصحاب علي فقتلوا الأسدي، وأفلتهم حجر بن يزيد (3).
وحديث الأسماء طويل، حتى أن جارية بن قدامة رضوان الله عليه قال لمعاوية: ما كان أهونك على قومك إذ سموك معاوية، وهي الأنثى من الكلابالمستطرف، ص58. (4).
وأنت على سبيل المثال تأمل أسماء المعصومين صلوات الله عليهم (محمد، علي، فاطمة، حسن، حسين، علي زين العابدين، محمد الباقر، جعفر الصادق، موسى الكاظم، علي الرضا، محمد الجواد، علي الهادي، الحسن العسكري، محمد المهدي) وما تحمل من معان حلوة، تحملك على حبها قبل البحث عنها.
وتأمل بعض أسماء أعداء الله، كيف يتقزز منها السامع، ويمجها الطبع والذوق، وعلى سبيل المثال (شمر بن ذي الجوشن، أبو لهب، أبو جهل، شبث بن ربعي، ابن ملجم، المغيرة بن شعبة، معاوية، العاص، أبو سفيان).
أدب القائد والجنود
نص: عمر بن سعد، عن عبد الرحمن ، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الله بن شريك.
قال: خرج حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق يظهران البراءة واللعن من أهل الشام، فأرسل إليهما علي: أن كفّا عما يبلغني عنكما، فأتياه فقالا: يا أمير المؤمنين ألسنا محقين؟ قال: بلى، قالا: أو ليسوا مبطلين؟ قال: بلى، قال: فلم منعتنا من شتمهم؟ قال: كرهت لكم أن تكونوا لعّانين شتامين، تشتمون وتتبرءون، ولكن لو وصفتم مساوئ أعمالهم، فقلتم: من سيرتهم كذا وكذا، ومن عملهم كذا وكذا، كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، ولو قلتم مكان لعنكم إياهم، وبراءتكم منهم: اللهم أحقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهدهم من ضلالتهم، حتى يعرف الحق منهم من جهله، ويرعوي عن الجهل والعدوان من لهج به، كان هذا أحب إليّ، وخيراً لكم فقالا: يا أمير المؤمنين، نقبل عظتك، ونتأدب بأدبك.
وقال عمرو بن الحمق: إني والله يا أمير المؤمنين ما أحببتك ولا بايعتك على قرابة بيني وبينك، ولا إرادة مال تؤتينيه، ولا التماس سلطان يُرفع ذكري به، ولكن أحببتك لخصال خمس: إنك ابن عم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأوّل من آمن به، وزوج سيدة نساء الأمة فاطمة بنت محمد (صلّى الله عليه وآله)، وأعظم رجل من المهاجرين سهماً في الجهاد، فلو أني كُلفت نقل الجبال الرواسي، ونزل البحور الطوامي حتى يأتي عليّ يومي في أمر أقوّي به وليك، وأوهن به عدوك، ما رأيت أني قد أديت فيه كل الذي يحق عليّ من حقك.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): اللهم نوّر قلبه بالتقى، واهده إلى صراط مستقيم، وليت أن في جندي مائة مثلك.
فقال حجر: إذاً والله يا أمير المؤمنين صحّ جندك، وقلّ فيهم من يغشّك. ثم قام حجر فقال: يا أمير المؤمنين نحن بنو الحرب وأهلها، الذين نلقحها وننتجها، قد ضارستنا وضارسناها، ولنا أعوان ذوو صلاح، وعشيرة ذات عدد، ورأي مجرّب، وبأس محمود، وأزمتنا منقادة لك بالسمع والطاعة، فإن شرقت شرقنا، وإن غربت غربنا، وما أمرتنا به من أمر فعلناه.
فقال علي: أكل قومك يرى مثل رأيك؟ قال: ما رأيت منهم إلا حسناً، وهذه يدي عنهم بالسمع والطاعة، وبحسن الإجابة، فقال له علي خيراً (5).
إيمان وبطولة
وهذا مشهد للشهيد حجر رضوان الله عليه يتجلى فيه الإيمان والجهاد والبطولة بأروع ما يكون؛ وليس هذا بعجيب من رجل كان في الرعيل الأول من المسلمين المستقيمين، بل إن هذا المشهد منه حلقة من سلسلة ذهبية طويلة، بدأت من المدينة، بإسلام دعت إليه الفطرة الصحيحة، وانتهت بالشام بالشهادة، وبين هذي وتلك حلقات مفعمة بعمل الخير والإحسان، قرأت بعضها في هذا الكتاب.
واقرأ الآن ما رواه إبراهيم.
دعا معاوية الضحاك بن قيس الفهري وقال له: سر حتى تمر بناحية الكوفة وترتفع عنها ما استطعت، فمن وجدته من الأعراب في طاعة علي فأغر عليه، وإن وجدت له مسلحة أو خيلاً فأغر عليهما، وإذا أصبحت في بلدة فأمس في أخرى، ولا تقيمن لخيل بلغك أنها قد سرّحت إليك لتلقاها فتقاتلها. فسرّحه فيما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف، جريدة خيل.
فأقبل الضحاك يأخذ الأموال ويقتل من لقي من الأعراب، حتى مرّ بالثعلبية، فغار خيله على الحاج، فأخذ أمتعتهم، ثم أقبل مقبلاً فلقي عمرو بن عميس بن مسعود الذهلي، وهو ابن أخ عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقتله في طريق الحاج عند القطقطانة، وقتل معه ناساً من أصحابه.
قال أبو روق: فحدثني أبي أنه سمع علياً (عليه السلام) وقد خرج إلى الناس وهو يقول على المنبر: يا أهل الكوفة اخرجوا إلى العبد الصالح عمرو بن عميس، وإلى جيوش لكم قد أصيب منها طرف، أخرجوا فقاتلوا عدوكم، وامنعوا حريمكم إن كنتم فاعلين.
قال: فردّوا عليه رداً ضعيفاً، ورأى منهم عجزاً وفشلاً فقال: والله لوددت أن لي بكل مائة رجل منكم رجلاً منهم، ويحكم أخرجوا معي ثم فرّوا عني إن بدا لكم، فوالله ما أكره لقاء ربي على نيتي وبصريتي، وفي ذلك روح لي عظيم، وفرج من مناجاتكم ومقاساتكم، ومداراتكم، مثل ما تدارى البكار العمدة (6). والثياب المتهرئة، كلما خيطت من جانب تهتكت على صاحبها على جانب آخر، ثم نزل.
فخرج يمشي حتى بلغ الغريين، ثم دعا حجر بن عدي الكندي من خيله، فعقد له راية على أربعة آلاف، ثم سرّحه، فخرج حتى مرّ بالسماوة، وهي أرض كلب، فلقي بها امرئ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم الكلبي، أصهار الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، فكانوا أدلاءه على الطريق، وعلى المياه، فلم يزال مغذّاً في أثر الضحاك حتى لقيه بناحية تدمر فواقفه، فاقتتلوا ساعة، فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشر رجلاً، وقتل من أصحاب حجر رجلان: عبد الرحمن وعبد الله الغامدي وحجز الليل بينهم، فمضى الضحاك، فلما أصبحوا لم يجدوا له ولأصحابه أثراً، وكان الضحاك يقول بعد:
أنا الضــــحاك وأنـــا أبـو أنيـــس وقاتل عمرو وهو ابن عميس(7)
البراءة
من كلام للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): أما بعد سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم، مندحق البطن (8) يأكل ما يجد، ويطلب ما لا يجد، فاقتلوه، ولن تقتلوه، ألا وإنّه سيأمركم بسبّي، والبراءة مني، أمّا السبّ فسبّوني، فإنّه لي زكاة (9) ولكم نجاةُ، وأمّا البراءة فلا تتبرّءوا مني، فإنّي ولدت على الفطرة، وسبقت إلى الإيمان والهجرة (10).
والفرق بين السب والبراءة: أن السب للمكره يركّز الحب عنده لمن سبّه، والآية الكريمة النازلة في عمار بن ياسر رضوان الله عليه لما أكرهه المشركون على السب (إِلاَ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ) (11) وقوله (صلّى الله عليه وآله) له: فإن عادوا لك فعد لهم بما قلت. بينما البراءة انعكاس للباطن، وخروج من المبدأ.
والبراءة من الإمام (عليه السلام) براءة من الإسلام، وهذا لا يرتضيه مسلم، ولا يقبله موحّد وهذا حجر وهو من أعلام المسلمين، وأعيان الصحابة يرى القتل أهون عليه من البراءة.
وتتبيّن جريمة معاوية في هؤلاء الشهداء، فهم لم يسفكوا دماً، ولا نهبوا مالاًً، ولا خلعوا طاعة، بل إن عدم براءتهم من الإمام (عليه السلام) كان المبرر الوحيد لقتلهم، وهذا لم يقل به دين ولا نظام في العالم بأسره قديماً وحديثاً.
(وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (12).
مع الحاكمين
وأهم شيء في نظر رئيس الدولة الإسلامية معاوية بن أبي سفيان يوصي به واليه على الكوفة المغيرة بن شعبة هو سب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فهو يقول له: وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة فأنا تاركها اعتماداً على بصرك بما يرضيني، ويسعد سلطاني، ويصلح به رعيتي، ولست تاركاً إيصاءك بخصلة: لا تتحم (13) عن شتم علي وذمّه، والترحم على عثمان، والاستغفار له، والعيب على أصحاب علي، والإقصاء لهم، وترك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان، والإدناء لهم، والاستماع منهم (14).
وفعلاً امتثل المغيرة التعاليم، ونفذها على أتم وجه، ولم يسع حجر رضوان الله عليه وهو الصحابي الجليل، وزعيم البلد، وشيخ الشيعة السكوت مهما كلفه الأمر. ويقول الشعبي: فكان حجر بن عدي إذا سمع ذلك قال: بل إياكم ذمّ الله ولعن، ثم قام فقال: إن الله عزّ وجلّ يقول: (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ) (15) وأنا أشهد أن من تذمون وتعيّرون لاحق بالفضل، وأن من تزكون وتطرون أولى بالذم.
ويذكر موقفاً للمغيرة، ثم قال: فقام حجر بن عدي فنعر نعرة بالمغيرة سمعها كل من كان في المسجد وخارجاً منه، وقال: إنك لا تدري بمن تولع من هرمك، أيها الإنسان، مر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا فإنك قد حبستها عنا، وليس ذلك لك، ولم يكن يطمع في ذلك من كان قبلك، وقد أصبحت مولعاً بذم أمير المؤمنين، وتقريض المجرمين.
قال: فقام معهم أكثر من ثلثي الناس يقولون صدق الله وحجر وبرّ، مر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا، فإنا لا ننتفع بقولك هذا، ولا يجدي علينا شيئاً، وأكثروا في مثل هذا القول ونحوه (16).
كان المغيرة وهو أحد الدهاة الخمس يحتمل ذلك من حجر، معرفة منه بمكانته بين المسلمين، وزعامتهم في الكوفة، وإن التحرّش به يفتح مشكلاً في البلد هو في غنى عنه.
وبعد هلاك المغيرة، جمع معاوية الكوفة والبصرة لزياد بن أبيه، وعلى نهج السلف يسير الخلف، بل إن شعار الدولة العام في جميع أقطارها ومدنها هو سب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ليربو عليه الصغير، ويشيب الكبير ـ كما يقول معاوية ـ ويروي الطبري أيضاً مجابهة حجر لزياد، وتجمّع أصحاب حجر عنده في المسجد، وكلام زياد مع الوجوه وأنصار الدولة: فليدع كل رجل منكم أخاه وابنه، وذا قرابته، ومن يطيعه من عشيرته، حتى تقيموا عنه كل من استطعتم أن تقيموه، ففعلوا ذلك فأقاموا جل من كان مع حجر بن عدي، فلما رأى زياد أن جلّ من كان مع حجر أقيم عنه، قال لشداد بن الهيثم الهلالي ـ أمير شرطته ـ انطلق إلى حجر فإن تبعك فأتني به، وإلا فمر من معك فلينتزعوا عُمد السوق، ثم شدّوا بها عليهم حتى يأتوني به، ويضربوا من حال دونه، فأتاه الهلالي فقال: أجب الأمير؛ فقال أصحاب حجر: لا ولا نعمة عين، لا نجيبه. فقال لأصحابه: شدوا على عُمد السوق، فاشتدوا إليها، فأقبلوا بها قد انتزعوها.. وضرب رجل رأس عمرو بن الحمق بعمود فوقع (17).
ورأى أصحاب حجر أن الانصراف أصلح، وفعلاً انصرفوا، ولكن الشرطة لحقتهم، ويخترط أبو العمرطة ـ من أصحاب حجر ـ سيفه فيضرب به رأس يزيد بن طريف فخرّ لوجهه (18).
وصل حجر إلى مستقرّه سالماً، ولكن زياداً أرسل الجيوش، فأمر مذحج وهمدان نزلوا جبانة كندة، وسائر أهل اليمن جبانة الصائدين، قال ـ حجر ـ لأصحابه: انصرفوا، فوالله ما لكم طاقة بمن قد اجتمع عليكم من قومكم، وما أحب أن أعرضكم للهلاك، فذهبوا لينصرفوا فلحقتهم أوائل خيل مذحج وهمدان، فعطف عليهم عمير بن يزيد، وقيس بن يزيد، وعبيدة بن عمرو البدي، وعبد الرحمن بن محرز الطمحي، وقيس بن شمر ـ من أصحاب حجر ـ فتقاتلوا معهم، قاتلوا عنه ساعة فجرحوا، وأسر قيس بن يزيد، وأفلت سائر القوم، فقال لهم حجر: لا أباً لكم تفرّقوا لا تقاتلوا، فإني آخذ في بعض السكك، ثم أخذ طريقً نحو بني حرب (19).
ويقول ابن سيرين: لو مال لمال أهل الكوفة معه، غير أنه كان رجلاً ورعاً (20) مضى حجر ليلاً حتى أتى دار ربيعة بن ناجد الأزدي ـ في الأزد ـ فنزلها فلما أعجزهم أن يقدروا عليه دعا زياد بمحمد بن الأشعث فقال له: يا أبا ميثاء أما والله لتأتيني بحجر أو لا أدع لك نخلة إلا قطعتها، ولا داراً إلا هدمتها، ثم لا تسلم مني حتى أقطعك إرباً إرباً، قال: أمهلني حتى أطلبه؛ قال: أمهلتك ثلاثاً، فإن جئت به وإلا عد نفسك مع الهلكى...
ومكث حجر في منزل ربيعة بن ناجد الأزدي يوماً وليلة، ثم بعث حجر إلى محمد بن الأشعث غلاماً له يدعى رشيداً من أهل أصبهان: أنه قد بلغني ما استقبلك به هذا الجبار العنيد، فلا يهولنك شيء من أمره، فإني خارج إليك، أجمع نفراً من قومك ثم أدخل عليه فاسأله أن يؤمنني حتى يبعث بي إلى معاوية فيرى فيّ رأيه.
فخرج ابن الأشعث إلى حجر بن يزيد، وإلى جرير بن عبد الله، وإلى عبد الله بن الحارث ـ أخي الأشتر ـ فأتاهم فدخلوا إلى زياد فكلموه وطلبوا إليه أن يؤمنه حتى يبعث به إلى معاوية فيرى فيه رأيه، ففعل، فبعثوا إليه رسوله ذلك يعلمونه أن قد أخذنا الذي يسأل، وأمروه أن يأتي، فأقبل حتى دخل على زياد، فقال زياد: مرحباً بك أبا عبد الرحمن، حرب في أيام الحرب، وحرب وقد سالم الناس، على أهلها تجني براقش. قال: ما خلعت طاعة، ولا فارقت جماعة، وإني لعلى بيعتي. فقال: هيهات هيهات، يا حجر، تشج بيد وتأسوا بأخرى، وتريد إذا أمكن الله منك أن نرضى، كلا والله.
قال: ألم تؤمنّي حتى آتي معاوية فيرى فيّ رأيه! قال: بلى قد فعلنا، انطلقوا به إلى السجن.. فحبس عشر ليال، وزياد ليس له عمل إلا طلب رؤساء أصحاب حجر.. وجاء قيس بن عباد الشيباني إلى زياد فقال له: إن امرئً منا من بني همام يقال له: صيفي بن فسيل من رؤوس أصحاب حجر، وهو أشد الناس عليك؛ فبعث إليه زياد، فأتى به، فقال له زياد: يا عدو الله ما تقول في أبي تراب؟ قال: ما أعرف أبا تراب، قال: ما أعرفك به! قال: ما أعرفه، قال: أما تعرف علي بن أبي طالب؟ قال: بلى، قال: فذاك أبو تراب، قال: كلا، ذاك أبو الحسن والحسين، فقال له صاحب الشرطة: يقول لك الأمير: هو أبو تراب، وتقول أنت: لا! قال: وإن كذب الأمير، أتريد أن أكذب وأشهد له على باطل كما شهد. قال له زياد: وهذا أيضاً مع ذنبك، عليّ بالعصا، فأتي بها، فقال: ما قولك في علي؟ قال: أحسن قول أنا قائله في عبد من عباد الله المؤمنين. قال: اضربوا عاتقه بالعصا حتى يلصق بالأرض، فضرب حتى لزم الأرض، ثم قال: اقلعوا عنه، إيه ما قولك في علي؟ قال: والله لو شرحتني بالمواسي والمدى ما قلت إلا ما سمعت مني، قال: لتلعننه أو لأضربن عنقك. قال: إذاً تضربها والله قبل ذلك، فإن أبيت إلا أن تضربها رضيت بالله وشقيت أنت. قال: ادفعوا في رقبته. ثم قال: أوقروه حديداً، وألقوه في السجن.. ثم بعث زياد إلى أصحاب حجر حتى جمع اثني عشر رجلاً في السجن، ثم أنه دعا رؤوس الأرباع، فقال: اشهدوا على حجر بما رأيتم منه ـ وكان رؤوس الأرباع يومئذ: عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة، وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان، وقيس بن الوليد بن عبد شمس بن المغيرة على ربع ربيعة وكندة، وأبو بردة بن أبي موسى على مذجح وأسد ـ فشهد هؤلاء الأربعة أن حجراً جمع إليه الجموع، وأظهر شتم الخليفة، ودعا إلى حرب أمير المؤمنين، وزعم أن الأمر لا يصلح إلا في آل أبي طالب، ووثب بالمصر، وأخرج عامل أمير المؤمنين، وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه، والبراءة من عدوّه وأهل حربه، وأن هؤلاء النفر الذين معه هم رؤوس أصحابه، وعلى مثل رأيه وأمره.. ثم إن زياداً دعا الناس فقال: اشهدوا على مثل شهادة رؤوس الأرباع (21).
ولم يتورع ابن سميّة عن تزوير الشهادات، فقد كتب في الشهود شريح بن الحارث القاضي، وشريح بن هانئ الحارثي، فأما شريح فقال: سألني عنه فأخبرته أنه كان صواماً قوّاماً، وأما شريح بن هانئ الحارثي فكان يقول: ما شهدت، ولقد بلغني أن قد كتبت شهادتي، فأكذبته ولمته (22).
تسمية الذين بعث بهم إلى معاوية
حجر بن عدي بن جبلة الكندي، والأرقم بن عبد الله الكندي ـ من بني الأرقم ـ وشريك بن شداد الحضرمي، وصيفي بن فسيل، وقبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسي، وكريم بن عفيف الخثعمي، وعاصم بن عوف البجلي، وورقاء بن سميّ البجلي، وكدام بن حيان، وعبد الرحمن بن حسان العنزيان ـ من بني هميم ـ ومحرز بن شهاب التميمي ـ من بني منقر ـ وعبد الله بن حويذة السعدي ـ من بني تميم ـ فمضوا بهم حتى نزلوا مرج عذراء فحبسوا بها ثم إن زياداً أتبعهم برجلين آخرين مع عامر بن الأسود العجلي، بعتبة بن الأخنس ـ من بني سعد بن بكر بن هوازن ـ وسعيد بن نمران الهمداني، ثم الناعطي، فتمّوا أربعة عشر رجلاً (23).
فجاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستة، وبقتل ثمانية، فقال لهم رسول معاوية: إنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له، فإن فعلتم تركناكم، وإن أبيتم قتلناكم، وإن أمير المؤمنين يزعم أن دماءكم قد حلّت له بشهادة أهل مصركم عليكم، غير أنه قد عفا عن ذلك، فابرءوا من هذا الرجل نخلّ سبيلكم. قالوا: اللهم إنا لسنا فاعلي ذلك، فأمر بقبورهم فحفرت، وأدنيت أكفانهم، وقاموا الليل كله يصلون، فلما أصبحوا قال أصحاب معاوية: يا هؤلاء لقد رأيناكم البارحة قد أطلتم الصلاة، وأحسنتم الدعاء فأخبرونا ما قولكم في عثمان؟ قالوا: هو أول من جار في الحكم، وعمل بغير الحق، فقال أصحاب معاوية: أمير المؤمنين كان أعلم بكم، ثم قاموا إليهم فقالوا: يبرؤون من هذا الرجل؟ قالوا: بل نتولاه، ونتبرأ ممن تبرأ منه، فأخذ كل رجل منهم رجلاً ليقتله (24).
كرامات الأولياء
في كتب الفريقين قصص كثيرة وقعت لأولياء الله تعالى فيها شيء من الكرامة، وأنت سلمك الله لا تستبعد ذلك، لا سيما وأنت لا تعرف الظرف الذي حصلت به الكرامة، ودواعيها، والفائدة التي حصلت للأمة منها.
نذكر لك في هذا الفصل كرامة وقعت للشهيد حجر بن عدي رضوان الله عليه في طريقه إلى الشام وليكن بعلمك وأنت تقرأ هذه المكرمة أن شهيدنا منحه المولى جلّ شأنه وحباه استجابة الدعاء، وناهيك بها مرتبة لا يحصل عليها إلا خواص الأولياء.
قال أحمد ـ ابن حنبل ـ قلت ليحيى بن سليمان: أبلغك أن حجراً كان مستجاب الدعوة؟
قال: نعم، وكان من أفاضل أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله) (25).
وروى أن حجر بن عدي أصابته جنابة، فقال للموكل به: أعطني شرابي أتطهّر به، ولا تعطني غداً شيئاً. فقال: إني أخاف أن تموت عطشاً فيقتلني معاوية. قال: فدعا الله، فانسكبت له سحابة بالماء، فأخذ منها الذي احتاج إليه. فقال له أصحابه: ادع الله أن يخلصنا. فقال: اللهم خرْ لنا. فقتل هو وطائفة منهم (26).
وأنا لا يخامرني أدنى شك في صحة ذلك. لقد لفق زياد بن أبيه شهادة مطوّلة باسم زعماء الكوفة يشهدون بها على حجر، وحتى جاء فيها (لقد كفر بالله كفرة صلعاء) ولم يتورّع ابن سميّة أن يكتب أسماء بعض الزعماء بدون علم منهم، والمراد بهذا العمل إعطاء صبغة قانونية لقتلهم، وأن يكون ذلك مبرراً لمعاوية أمام أهل الشام في قتله.
وثمّ أمر آخر: فالبغي الأموي قد بلغ ذروته، وهل هناك بغي أعظم من قتال أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعه جمهور المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان باسم الطلب بدم عثمان، علماً من معاوية وقادته ببراءة الإمام (عليه السلام) من دمه، ودفاعه عنه، وأنه أرسل ولديه الحسن والحسين صلوات الله عليهما يكفّان الناس عنه، وفعلاً لم يستطع الجمهور اقتحام الدار رعاية لمقام الحسنين (عليهما السلام)، فتسوروا عليه وقتلوه.
كان لابدّ لهذا العتو والظلم من الانهيار، وإن يمهّد لهذا الانهيار بمثل هذه الكرامات فتكون حجّة على الناس في التخلّي عنهم، والبعد عن مناصرتهم ومؤازرتهم، بل وحتى عدم البكاء عليهم.
مشهد الشهادة
ومن غرائب الدنيا أن القادة الأوائل والفاتحين للأمصار الإسلامية يلاقون مصارعهم على أيدٍ أثيمة كانت تحاربهم أولاً تحت راية الأوثان، وبعد انهزامها دخلت في الإسلام كرهاً، ووصلت إلى المركز القيادي الأعلى، وصارت تتبع جنوده الأوائل قتلاً وسجناً وإقصاءً عن مراكزهم القيادية.
وكيف كان فقد وصل موكب الشهداء إلى الشام، ويختلف المؤرخون في هذه النقطة، فيرى البعض أنهم لم يدخلوا الشام وإنما حبسوا في عذراء وذهب البشير إلى معاوية، ثم رجع بالتخلية عن بعضهم حيث تشفّع فيهم عشائرهم عند الطاغية، وأن يعرض الباقون على البراءة، فإن أبوا قتلوا. ورواية الآخرين أنهم وصلوا الشام أولاً، وبعضهم يروي مقابلتهم للطاغية (27)، ثم أمر بإخراجهم إلى عذراء وقتلهم فيها.
ورواية محمد بن سعد: فقال معاوية بن أبي سفيان: أخرجوهم إلى عذراء فاقتلوهم هناك، فحملوا إليها، فقال حجر: ما هذه القرية؟ قالوا: عذراء. قال: الحمد لله، أما والله إني لأول مسلم نبح كلابها في سبيل الله (28) ثم أتي بي اليوم إليها مصفوداً. ودفع كل رجل منهم إلى رجل من أهل الشام ليقتله. فقال: يا هؤلاء دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فتوضأ، وصلى ركعتين فطوّل فيهما، فقيل له: طوّلت، أجزعت؟ فانصرف فقال: ما توضأت قط إلا صليت، وما صليت صلاة قط أخف من هذه، ولئن جزعت لقد رأيت سيفاً مشهوراً، وكفناً منشوراً، وقبراً محفوراً (29).
ثم قال: إن كنت أمرت بقتل ولدي فقدّمه؛ فضربت عنقه، فقيل له: تعجلت الثكل! فقال: خفت أن يرى ولدي هول السيف على عنقي فيرجع عن ولاية أمير المؤمنين علي (عليه السلام) (30).
ووقع قبيصة بن ضبيعة في يدي أبي شريف البدّي، فقال له قبيصة: إن الشرّ بين قومي وقومك آمن، فليقتلني سواك؛ فقال له: برتك رحم، فأخذ الحضرمي فقتله، وقتل القضاعي قبيصة بن ضبيعة.
وأقبلوا يقتلونهم واحداً واحداً حتى قتلوا ستة. فقال عبد الرحمن بن حسان العنزي، وكريم بن عفيف الخثعمي: ابعثوا بنا إلى أمير المؤمنين، فنحن نقول في هذا الرجل مثل مقالته، فبعثوا إلى معاوية يخبرونه بمقالتهما، فبعث إليهم أن آتوني بهما.
فلما دخلا عليه قال الخثعمي: الله الله يا معاوية، فإنك منقول من هذه الدنيا الزائلة، إلى الدار الآخرة الدائمة، ثم مسؤول عما أردت بقتلنا، وفيم سفكت دماءنا فقال معاوية: ما تقول في علي؟ قال: أقول فيه قولك، قال: أتبرأ من دين علي الذي كان يدين الله به (31). فسكت، وكره معاوية أن يجيبه.
وقام شمر بن عبد الله من بني قحافة، فقال: يا أمير المؤمنين، هب لي ابن عمي، قال: هو لك، غير أني حابسه شهراً، فكان يرسل إليه بين كل يومين فيكلمه، وقال له: إني لأنفس بك على العراق أن يكون فيهم مثلك. ثم إن شمراً عاوده في الكلام، فقال: نمّرك على هبة ابن عمك، فدعاه فخلى سبيله على ألاّ يدخل الكوفة ما كان له سلطان، فقال: تخيّر أي بلاد العرب أحب إليك أن أسيّرك إليها، فاختار الموصل، فكان يقول: لو قد مات معاوية قدمت المصر، فمات قبل معاوية بشهر.
ثم أقبل على عبد الرحمن العنزي فقال: إيه يا أخا ربيعة ما قولك في علي؟ قال: دعني ولا تسألني فإنه خير لك. قال: والله لا أدعك حتى تخبرني عنه، قال: أشهد أنه كان من الذاكرين لله كثيراً، ومن الآمرين بالحق، والقائمين بالقسط، والعافين عن الناس. قال: فما قولك في عثمان؟ قال: هو أوّل من فتح باب الظلم، وارتج أبواب الحق. قال: قتلت نفسك. قال: بل إياك قتلت؛ ولا ربيعة بالوادي ـ يقول حين كلم شمر الخثعمي في كريم بن عفيف الخثعمي، ولم يكن له أحد من قومه يكلمه فيه ـ فبعث به معاوية إلى زياد وكتب إليه: أما بعد، فإن هذا العنزي شرّ من بعثت، فعاقبه عقوبته التي هو أهلها، واقتله شر قتلة. فلما قدم به على زياد، بعث به زياد إلى قسر الناطف، فدفن به حيّاً (32).
أسماء الشهداء
قال الطبري: تسمية من قتل من أصحاب حجر: حجر بن عدي، وشريك بن شداد الحضرمي، وصيفي بن فسيل الشيباني، وقبيصة بن ضبيعة العبسي، ومحرز بن شهاب السعدي، ثم المنقري، وكدام بن حيّان العنزي، وعبد الرحمن بن حسّان العنزي، بعث إلى زياد فدفن حيّاً بقسر الناطف، فهم سبعة.
تسمية من نجا منهم: كريم بن عفيف الخثعمي، وعبد الله بن حويّة التميمي، وعاصم بن عوف البجلي، وورقاء بن سمي البجلي، والأرقم بن عبد الله الكندي، وعتبة بن الأخنس ـ من بني سعيد بن بكر ـ وسعيد بن نمران الهمداني، فهم سبعة (33).
أثر الفاجعة
ترك مقتل حجر ورفقائه رضوان الله عليهم جرحاً لم يندمل، وعمّ العالم الإسلامي موجة استياء كادت تزلزل عروش الظالمين.
كان رحمة الله عليه يتمتع بشعبية عظيمة، يحمل له المسلمون المزيد من الإكبار والإجلال والتعظيم، فهذا سيد الشهداء أبو عبد الله الحسين (عليه السلام) يكتب للطاغية: ألست القاتل حجراً أخا كنده والمصلين العابدين، الذين كانوا ينكرون الظلم، ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم؟ ثم قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعدما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة، والمواثيق المؤكدة، أن لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم، ولا بإحنة تجدها في نفسك عليهم (34).
وروى ابن عبد البر: فبلغ ما صنع بهم زياد إلى عائشة، فبعث إلى معاوية عبد الرحمن بن الحرث بن هشام: الله الله في حجر وأصحابه. فوجده عبد الرحمن قد قتل هو وخمسة من أصحابه: فقال لمعاوية: أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه: فقال لمعاوية: أين عزب عنك حلم أبي سفيان في حجر وأصحابه، ألا حبستهم في السجون، وعرّضتهم للطاعون؟! فقال: حين غاب عني مثلك من قومي. قال: والله لا تعدّ لك العرب حلماً بعد هذا أبداً ولا رأياً، قتلت قوماً بعث بهم إليك أسرى من المسلمين. قال: فما أصنع، كتب إليّ فيهم زياد يشّد أمرهم، ويذكر أنهم سيفتقون عليّ فتقاً لا يرقع.
ثم قدم معاوية المدينة فدخل على عائشة، فكان أول ما بدأته به قتل حجر، في كلام طويل جرى بينهما. ثم قال: دعيني وحجراً حتى نلتقي عند ربنا (35).
وعن أبي الأسود قال: دخل معاوية على عائشة فعاتبته في قتل حجر وأصحابه، وقالت: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: يقتل بعدي أناس يغضب الله لهم وأهل السماء (36).
وعن مسروق بن الأجدع قال: سمعت عائشة تقول: أما والله لو علم معاوية أن عند أهل الكوفة منعة ما اجترأ على أن يأخذ حجراً وأصحابه من بينهم حتى يقتلهم بالشام، ولكن ابن آكلة الأكباد علم أنه قد ذهب الناس، أما والله إن كانوا لجمجمة العرب عزّاً ومنعة وفقهاً، ولله درّ لبيد حيث يقول:
ذهــــب الـــــذين يعاش في أكنافهم وبقيت في خـــلف كجـــــلد الأجرب
لا ينفـــــعون ولا يـــــرجّى خـيرهم ويعاب قائلهم وإن لم يــشغب(37)
وروى الخطيب: إن معاوية دخل على عائشة، فقالت: يا معاوية، قتلت حجراً وأصحابه؟! أما والله لقد بلغني أنه سيقتل بعذراء سبعة رجال يغضب الله وأهل السماء لهم (38).
وقال الشيخ القمي: قالت عائشة لمعاوية: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: سيقتل بعدي بعذراء أناس يغضب الله لهم وأهل السماء (39).
وعن نافع: لما كان ليالي بعث حجر إلى معاوية جعل الناس يتحيّرون ويقولون: ما فعل حجر؟ فأتى خبره ابن عمر وهو محتبي (40) في السوق، فأطلق حبوته ووثب وانطلق، فجعلت اسمع نحيبه وهو مولّ (41).
ويقول الحسن البصري: أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزّها أمرها بغير مشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة، وذوي الفضيلة، واستخلافه ابنه بعده سكيراً خميراً، يلبس الحرير، ويضرب بالطنابير، وادعاؤه زياداً وقد قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): الولد للفراش وللعاهر الحجر، وقتله حجراً، ويلٌ له من حجر! مرتين (42).
وقال ابن إسحاق: أدركت الناس وهم يقولون: إن أول ذل دخل الكوفة موت الحسن بن علي، وقتل حجر بن عدي، ودعوة زياد (43).
وذكر الطبري: إن الربيع بن زياد ـ والي خراسان لمعاوية ـ ذكر يوماً بخراسان حجر بن عدي فقال: لا تزال العرب تقتل صبراً بعده، ولو نفرت عند قتله لم يقتل رجل منهم صبراً، ولكنها أقرّت فذلّت.
فمكث بعد هذا الكلام جمعة ثم خرج في ثياب بياض في يوم جمعة فقال: أيها الناس إني قد مللت الحياة، وإني داع بدعوة فأمنوا، ثم رفع يده بعد الصلاة وقال: اللهم إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك عاجلاً، وأمّن الناس، فخرج، فما توارت ثيابه حتى سقط، فحمل إلى بيته (44).
ويقول ابن عبد البر: ولما بلغ الربيع بن زياد الحارثي ـ من بني الحرث بن كعب! وكان فاضلاً جليلاً، وكان عاملاً لمعاوية على خراسان، وكان الحسن بن أبي الحسن كاتبه، فلما بلغه قتل معاوية حجر بن عدي، دعا الله عزّ وجلّ فقال: اللهم إن كان للربيع عندك خير فاقبضه إليك وعجّل. فلم يبرح من مجلسه حتى مات (45).
وعن محمد بن سعيد البصري قال: كنت غازياً زمن معاوية بخراسان، وكان علينا رجل من التابعين، فصلى بنا يوماً الظهر، ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس إنه قد حدث في الإسلام حدث عظيم، لم يكن منذ قبض الله نبيه (صلّى الله عليه وآله) مثله، بلغني أن معاوية قتل حجراً وأصحابه، فإن يك عند المسلمين غيرُ فسبيل ذلك، وإن لم يكن عندهم غيرُ فاسأل الله أن يقبضني إليه وإن يعجّل ذلك.
قال الحسن بن أبي الحسن: فلا والله ما صلى بنا صلاة غيرها حتى سمعنا عليه الصياح (46).
وأكثر من هذا، أن معاوية وإن قتل الألوف من المسلمين، وقتل الإمام الحسن بن أمير المؤمنين (عليه السلام)، سيد شباب أهل الجنة، لكن جريمته بالنسبة إلى حجر رضوان الله عليه كانت منتصبة أمامه تلاحقه، وتقلق مضجعه، حتى قال: ما قتلت أحداً إلا وأنا أعرف فيم قتلته، ما خلا حجراً فإني لا أعرف بأيّ ذنب قتلته (47).
وقال ابن سيرين: فبلغنا لما حضرته الوفاة (أي معاوية) جعل يغرغر بالصوت ويقول: يومي منك يا حجر يوم طويل (48).
موكب الشعراء
وللشعراء حديث طويل في رثاء حجر رضوان الله عليه، فمنذ شهادته وحتى اليوم والأندية تتعطر بمدائح هذا الشهيد الخالد وأصحابه الأبرار، مستنكرة جريمة الأمويين فيهم. ولو أردنا استقصاء ما قيل في ذلك خرجنا من خطتنا في الاقتصار، فنذكر من ذلك:
1ـ قالت هند بنت زيد بن مخربة الأنصارية حين سيّر بحجر إلى معوية:
ترفّــــع أيــــــها القــــمر المنير ترفّــــع هـــل ترى حجراً يسير
يسير إلى معــــــاوية بـن حرب ليقتله كــــــما زعـــــــــم الأمير
تجبرت الجبــــــابر بــــعد حجر وطاب لها الخــــورنق والسدير
وأصبحت البــــــلاد لـــه محولا كأن لم يحيـــــها يـــــوماً مطير
ألا يا حجر حــجر بـــــني عديّ تلقتك الســـــــلامة والســــرور
وقال عبد الله بن خليفة الطائي من قصيدة طويلة:
فدع عـــــنك تذكـــار الشباب وفقده وآثــــره إذ بــــــان مــــنك فأقصرا
وبكّ على الخـــــلان لــــمّا تخرّموا ولم يجدوا عن منهل الموت مصدرا
دعتهم منايـاهم ومــــن حان يومـه من الــــناس فــــاعلم أنه لن يؤخّرا
أولئك كانوا شـــــيعة لــــي وموئلا إذا اليوم ألفـــــى ذا احــتدام مذكّرا
وما كنت أهوى بعـــــدهم متــــعللا بشــــيء مــــن الدنيا ولا أن أعمّرا
وقال قيس بن فهدان يرثيه:
يا حــــــجر يا ذا الخير والحجر يا ذا الفـــــضال ونـــــابه الذكر
كنت المـــــدافع عـــــن ظلامتنا عند الظــــلوم ومـــــــانع الثغر
أما قتــــلت فأنـــــت خــــــيرهم في العسر يا ذا الفـضل واليسر
يا غرة فـــــي خــــــير ذي يمن وزعيمها فــــي العــرف والنكر
فلأبكـــــــينّ علـــــيك مكـــــتئباً فلنعم ذي القربــى وذي الصهر
الضريح السامي
حكم معاوية الشام أربعين سنة، دانت له البلاد والعباد، واستمرت الدولة الأموية قريباً من مائة عام، ولكن هل تعلم ـ والله شاهد على ما أقول ـ أن قبر معاوية مجموعة من الطين النتن، وإني لم أر في مدينة ولا قرية غرفة تصاعدت رطوبتها حتى السقف مثل غرفة معاوية وقبره، وهذا الذي لاحظه شاعر الشام الكبير محمد مجذوب بقوله:
هذا ضــــريحك لــو بصرت ببؤسه لأســــــال مدمــعك المصير الأسود
كُتل من الــــترب المهـــــين بخربة سكر الذبــــــاب بهـــــا فراح يعربد
خفـــــيت معالــــمها عــلى زوارها فكأنها في مجـــــــهل لا يقــــــــصد
والقــــــبة الشمــــاء نكّــس طرفها فبــــــكل جـــــــزء للفــــناء بها يد
تهمي الســحائب من خلال شقوقها والريـــــح فــــــي جنــــباتها تتردد
وكذا المصــــلى مـــــظلم فـــــكأنه مذ كـــــان لـــــــم يجتــــز به متعبد
دع عنك علي بن أبي طالب، فهو أسمى من أن يقارن، وأفضل من أن يماثل، فهو الذي يصف قبره ابن أبي الحديد في عينيته العصماء:
يا بـــــرق إن جـــئت الغري فقل له أتراك تعـــــلم مــــن بأرضك مودع
فيك ابن عــــمران الكــــــليم وبعده عيسى يقــــــفيه وأحـــــــــمد يتبع
بل فيك نـــــــــور الله جـــــل جلاله لذوي البصـــــائر يستضيء ويلمع
فيك الإمام المرتــضى فـيك الوصي المجتبى فــــــيك البطــــــين الأنزع
أترك قبر علي بن أبي طالب، ولكن انظر إلى قبر حجر في عذراء (49) فعليه بناء قائم، ومسجد عامر (50) وفوق هذا وذاك فهو مزار يقصده الزوّار من شرق الأرض وغربها للصلاة والدعاء عنده، وليسجلوا غضبهم على الطغاة الظالمين.
شعره
يظهر أن حجراً رضوان الله عليه كان في عداد شعراء عصره المتقدمين، فقد ذكره المرزباني في شعراء الشيعة، وترجم له أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني ترجمة وافية.
وأرى ـ والله العالم ـ إن شخصيته ومكانته السامية بين المسلمين، ثم شهادته بصورة لم يتوقعها أحد، جعلت اهتمام المؤلفين والباحثين ينصب في شأن هو أسمى من الشعر، كما هو الحال في العظماء، ومع هذا فقد وجدنا له:
وقال حجر بن عدي الكندي:
يا ربــــــــنا سلـــم لــــنا علــــياً سلّم لنا المــــــــهذب النــــــقيّا
المؤمن المســــــترشد المرضيّا واجعـــــله هـــــادي أمّه مهديّا
لا خــــــطل الـــــــرأي ولا غبيّا واحفظه ربـــــــي حــــفك النبيّا
فإنـــــــه كــــــان لـــــه ولــــيّا ثم ارتضاه بعـــــده وصيّا(51)
كلمات العلماء والعظماء
مرّ عليك في فصول هذا الكتاب بعض كلمات العلماء والعظماء في هذا الشهيد الخالد، الذي هزّ نبأ شهادته العرش الأموي، وكادت تضعضع دعائمه، ونضيف هنا كلمات أخرى في هذا العظيم المجاهد لترى بعض أبعاد هذه الشخصية المثالية.
1ـ قال علي كرم الله وجهه: حجر بن عدي وأصحابه كأصحاب الأخدود (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) (52).
وروي أيضاً: أن علياً رضي الله عنه قال: يا أهل الكوفة، سيقتل منكم سبعة نفر، هم من خياركم بعذراء، مثلهم كمثل أصحاب الأخدود (53).
2ـ ولما حمل العنزي والخثعمي ـ وهما من أصحاب حجر، أخذوهما من عذراء إلى دمشق ـ قال العنزي لحجر: يا حجر لا يبعدنك الله، فنعم أخو الإسلام كنت.
3ـ وقال الخثعمي: يا حجر ألا تبعد، ولا تفقد، فقد كنت تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.
ثم ذهب بهما، وأتبعهما بصره وقال: كفى بالموت قاطعاً لحبل القرائن (54).
4ـ عن محمد بن سيرين: أنه كان إذا سئل عن الركعتين عند القتل قال: صلاهما خبيب وحجر وهما فاضلان (55).
5ـ قال أبو معشر: كان حجر عابداً، وما أحدث إلا توضّأ، وما توضّأ إلا صلى (56).
6ـ قال محمد بن سعد: شهد حجر القادسية، وهو الذي فتح مرج عذرى، وكان من أصحاب علي بن أبي طالب، وشهد معه الجمل وصفين (57).
7ـ قال الحاكم النيسابوري: ذكر مناقب حجر بن عدي رضي الله عنه، هو راهب أصحاب محمد (صلّى الله عليه وآله) (58).
8ـ قال ابن عبد البر: وكان حجر من فضلاء الصحابة، وصغر سنّه عن كبارهم، وكان على كندة يوم صفين، وكان على الميسرة يوم النهروان (59).
9ـ قال علي بن الحسن الشافعي (ابن عساكر): حجر بن عدي، من أهل الكوفة، وفد على النبي (صلّى الله عليه وآله)، وكان مع الجيش الذي فتح الشام، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب، وقتل بعذراء من قرى دمشق، ومسجد قبره بها معروف (60).
10ـ قال العلامة الحلي: حجر بن عدي من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان من الأبدال (61).
11ـ قال تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي: حجر بن عدي من عظماء أصحابه (62).
12ـ قال عزّ الدين علي بن محمد الجزري (ابن الأثير): وفد على النبي (صلّى الله عليه وآله) هو وأخوه هانئ، وشهد القادسية، وكان من فضلاء الصحابة، وكان على كندة بصفين، وعلى المسيرة يوم النهروان، وشهد الجمل مع علي، وكان من أعيان أصحابه، ولما ولي زياد العراق، وأظهر الغلظة، وسوء السيرة ما أظهر، خلعه حجر ولم يخلع معاوية وتابعه جماعة من شيعة علي رضي الله عنه، وحصبه يوماً في تأخير الصلاة هو وأصحابه.
وقال: وكان مجاب الدعوة.
وقال: فلما أشرف على مرج عذراء قال: إني لأوّل المسلمين كبّر في نواحيها (63).
13ـ قال عبد الله بن سعد اليافعي: له صحبة ووفادة، وجهاد وعبادة (64).
14ـ قال أحمد بن علي بن حجر العسقلاني: وفد على النبي (صلّى الله عليه وآله) هو وأخوه هانئ بن عدي، وقتل بمرج عذراء بأمر معاوية، وكان حجر هو الذي افتتحها، فقدّر أن قتل بها؛ وذكره يعقوب بن سفيان في أمراء علي يوم صفين (65).
15ـ قال الشيخ عباس القمي: من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان من الأبدال، ويعرف بحجر الخير، وكان معروفاً بالزهد وكثرة العبادة والصلاة، حتى حكي أنه كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة (66).
16ـ قال خير الدين الزركلي: حجر بن عدي بن جبلة الكندي، ويسمى حجر الخير، صحابي شجاع من المقدّمين، وفد على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وشهد القادسية، ثم كان من أصاب علي، وشهد معه وقعتي الجمل وصفين (67).
خاتمة المطاف
مرّت عليك صفحات طافحة بالإيمان، والجهاد، ومقاومة العتاة الظالمين، وهي مشعل وضّاء ينير للأجيال طريق السعادة والخلود، فاغتنمها مستهدياً بها في مسيرتك نحو الله جلّ جلاله: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (68).
____________________________
1- هكذا وردت في الطبقات الكبرى، ج6، ص218، وفي سائر الأصول عذراء، وهي تبعد عن دمشق حدود 30 كيلومتر.
2- الاستيعاب، ج1، ص356.
3- صفين، ص243.
4- المستطرف، ص58.
5- وقعة صفين، ص104.
6- البكار: جمع بكر وهو الفتى من الإبل، والعمدة: التي انشدخت أسنمتها من داخل وظاهرها صحيح، وذلك لكثرة ركوبها.
7- الغارات، ص294.
8- مندحق البطن: عظيم البطن، والمراد بالرجل معاوية حتى صار مثلاً في سعة البطن، وكثرة الأكل. يقول الشاعر:
وصاحب لــــي بطــنه كالهاوية كــــأنّ فــــي أمعــــــائه معاوية
9- لي زكاة: يشير إلى الحديث: ذكر المؤمن بسوء زكاة له.
10- نهج البلاغة، الخطبة السادسة والخمسون.
11- سورة النحل، آية 106.
12- سورة الشعراء، آية 227.
13- لا تتحم: لا تتورع.
14- تاريخ الطبري، ج5، ص254.
15- سورة النساء، آية 135.
16- تاريخ الطبري، ج5، ص255.
17- المصدر، ج5، ص260.
18- المصدر، ج5، ص262.
19- تاريخ الطبري، ج5، ص262.
20- أخبار شعراء الشيعة، ص43.
21- تاريخ الطبري، ج5، ص269.
22- المصدر، ج5، ص270.
23- تاريخ الطبري، ج5، ص272.
24- تاريخ الطبري، ج5، ص227.
25- الاستيعاب، ج1، ص358.
26- الإصابة، ج1، ص315.
27- أنظر الإصابة، ج1، ص314، كلام حجر مع معاوية.
28- أي أنّي كنت أول الجيش الإسلامي الفاتح لها. ولكن الدنيا دول، وهي لا تعدل عند الله جناح بعوضة، يبلي بها أولياءه ليرفع درجاتهم، وتسمو منزلتهم لديه، وتقر أعينهم غداً بما يتحفهم في داره ممّا لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثواباً من لدنه (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
29- الطبقات الكبرى، ج6، ص219.
30- أعيان الشيعة، ج4، ص585، (الطبعة الجديدة) عن المرزباني والمرزباني وحده انفرد بذكر شهادة ولد حجر.
31- أنظر هذا التشديد من معاوية حيث يقول: أتبرأ من دين علي الذي كان يدين الله به؛ علماً أن ليس في الدنيا أحد ـ وحتى معاوية نفسه ـ من يشكّ في أن علياً كان على الدين الذي ارتضاه الله لعباده، ولكنه الكفر الصريح، والخروج من الملة.
32- تاريخ الطبري، ج5، ص277.
33- تاريخ الطبري، ج5، ص278.
34- بحار الأنوار، ج10، ص149، (الطبعة القديمة).
35- الاستيعاب، ج1، ص357.
36- الإصابة، ج1، ص315.
37- الاستيعاب، ج1، ص359.
38- تهذيب تاريخ دمشق الكبير، ج4، ص89.
39- سفينة البحار، ج1، ص223.
40- احتبى، جلس على إليته وضم فخذيه وساقيه إلى بطنه بذراعيه ليستند.
41- المستدرك على الصحيحين، ج3، ص469.
42- تاريخ الطبري، ج5، ص279.
43- تاريخ الطبري، ج5، ص279.
44- تاريخ الطبري، ج5، ص291.
45- الاستيعاب، ج1، ص359.
46- أمالي الشيخ الطوسي، ص173.
47- تهذيب تاريخ دمشق الكبير، ج4، ص89.
48- تهذيب تاريخ دمشق الكبير، ج2، ص383.
49- تبعد عن الشام حدود 30 كيلومتر.
50- قال ابن عساكر المتوفى، ص571، في تهذيب تاريخ دمشق الكبير، وقتل بعذراء من قرى دمشق، ومسجد قبره بها معروف.
51- وقعة صفين، ص381.
52- شذرات الذهب، ج1، ص57، سورة البروج، آية 8.
53- تهذيب تاريخ دمشق، ج4، ص89.
54- تهذيب تاريخ دمشق الكبير، ج2، ص383.
55- الاستيعاب، ج1، ص358.
56- تهذيب تاريخ دمشق الكبير، ج4، ص88.
57- الطبقات الكبرى، ج6، ص218.
58- المستدرك على الصحيحين، ج3، ص468.
59- الاستيعاب، ج1، ص356.
60- تهذيب تاريخ دمشق الكبير، ج4، ص88.
61- كتاب الرجال، ص59.
62- كتاب الرجال، ص100.
63- أسد الغابة، ج1، ص462.
64- مرآة الجنان، ج1، ص125.
65- الإصابة في تمييز الصحابة، ج1، ص314.
66- سفينة البحار، ج1، ص224.
67- الأعلام، ج2، ص169.
68- سورة يوسف، الآية 108.