طباعة

خطبة أمير المؤمنين في أول يوم من شهر رمضان

عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه  قال : خطب أمير المؤمنين  في أول يوم من شهر رمضان في مسجد الكوفة فحمد الله بأفضل الحمد وأشرفها وأبلغها واثني على بأحسن الثناء وصلى على محمد نبيه  ثم قال أيها الناس :

إن هذا الشهر شهر فضله الله على سائر الشهور كفضلنا أهل البيت على سائر الناس وهو شهر يفتح فيه أبواب السماء وأبواب الرحمة ويغلق فيه أبواب النيران وهو شهر يسمع فيه النداء ويستجاب فيه الدعاء ويرحم فيه البكاء وهو شهر فيه ليلة نزلت الملائكة فيها من السماء فتسلم على الصائمين والصائمات باذن ربهم إلى مطلع الفجر وهي ليلة القدر فيها ولايتي قبل أن خلق آدم  بألفي عام صيام يومها أفضل من صيام الف شهر والعمل فيها أفضل من العمل في الف شهر ، أيها الناس ان شموس شهر رمضان لتطلع على الصائمين والصائمات وان أقماره ليطلع عليهم بالرحمة وما من يوم وليلة من الشهر إلا والبر من الله تعالى يتناثر من السماء على هذه الأمة فمن ظفر من نثار الله بدرة كرم على الله يوم يلقاها وما كرم عبد على الله إلا جعل الجنة مثواه عباد الله إن شهركم ليس كالشهور أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات هو شهر الشياطين فيه مغلولة محبوسة هو شهر يزيد الله فيه الأرزاق والآجال ويكتب فيه وفد بيته وهو شهر يقبل أهل الأيمان بالمغفرة والرضوان والروح والريحان ومرضات الملك الديان ، أيها الصائم تدبر أمرك فإنك في شهرك هذا ضعيف ربك انظر كيف تكون في ليلك ونهارك وكيف تحفظ جوارحك عن معاصي ربك ، انظر أن لا تكون بالليل نائما وبالنهار غافلا فينقضي شهرك وقد بقي عليك وزرك فتكون عند استيفاء الصائمين أجورهم من الخاسرين وعند فوزهم بكرامة مليكهم من المحرومين وعند سعادتهم بمجاورة ربهم من المطرودين أيها الصائم إن طردت عن باب مليكك فأي باب تقصد وان حرمك ربك فمن ذا الذي يرزقك وان أهانك فمن ذا الذي يكرمك وإن أذلك فمن ذا الذي يعزك وإن خذلك فمن ذا الذي ينصرك وإن لم يقبلك في زمرة عبيده فإلى من ترجع بعبوديتك وإن لم يقلك عثرتك عمن ترجو لغفران ذنوبك وان طالبك بحقه فماذا يكون حجتك ، أيها الصائم تقرب إلى الله بتلاوة كتابه في ليلك ونهارك قان كتاب الله شافع مشفع يوم القيامة لأهل تلاوته فيعلون درجات الجنة بقرائة آياته ، بشر أيها الصائم فإنك في شهر صيامك فيه مفروض ونفسك فيه تسبيح ونومك فيه عبادة وطاعتك فيه مقبولة وذنوبك فيه مغفورة وأصواتك فيه مسموعة ومناجاتك فيه مرحومة ولقد سمعت حبيبي رسول الله  يقول : إن لله تبارك وتعالى عند فطر كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار لا يعلم عددهم إلا الله هو في علم الغيب عنده فإذا كان آخر ليلة منه أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه ، فقام إليه رجل من همدان فقال :

يا أمير المؤمنين زدنا مما حدثك به حبيبك في شهر رمضان فقال :
نعم سمعت أخي رسول الله وابن عمي رسول الله  يقول :
من صام شهر رمضان فحفظ فيه نفسه من المحارم :
دخل الجنة قال الهمداني :
يا أمير المؤمنين زدنا مما حدثك به أخوك وابن عمك في شهر رمضان قال :
نعم سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
من صام رمضان ايمانا واحتسابا دخل الجنة قال الهمداني :
يا أمير المؤمنين زدنا مما حدثك به خليلك في هذا الشهر فقال : نعم سمعت سيد الأولين والآخرين رسول الله  وسلم يقول :
من صام رمضان فلم يفطر في شئ من لياليه على حرام دخل الجنة ، فقال الهمداني :
يا أمير المؤمنين زدنا مما حدثك به سيد الأولين والآخرين في هذا الشهر فقال :
نعم سمعت أفضل الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين يقول :
ان سيد الوصيين يقتل في سيد الشهور فقلت يا رسول الله وما سيد الشهور ومن سيد الوصيين قال :
أما سيد الشهور فشهر رمضان وأما سيد الوصيين فأنت يا علي فقلت يا رسول الله فان ذلك لكائن قال : إي وربي انه ينبعث أشقى أمتي شقيق عاقر ناقة ثمود ثم يضربك ضربة على فرقك تخضب منها لحيتك فأخذ الناس بالبكاء والنحيب فقطع  خطبته ونزل .
فضائل الأشهر الثلاثة، للشيخ الصدوق، ص108

, ,