طباعة

الإمام المهدي عليه السلام باب الله الذي لايؤتى إلا منه

 بما أن شهر رمضان أقبل ، فإن عليكم جميعاً واجب التبليغ بعد التفقه ، خاصة في هذا العصر ، امتثالاً لقوله تعالى:﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾. ( سورة التوبة:122 )
إن الحاجة إلى التبليغ والإنذار في زماننا لا تحتاج إلى بيان ، فقد كثر إلقاء الشبهات، ومحاولات تضعيف مباني العقائد المقدسة، فوجب على كل طالب علم انتسب إلى صاحب الزمان عليه السلام أن يبذل جهده في أداء واجبه.
شهر رمضان شهر الله تعالى ، وكل ما هو موجود وكل ما هناك فهو من الله ، وعند الله ، وإلى الله.. وفي هذا الكلام لا مثلَ ، ولا شبيهَ ، ولا نظير .
ترى كيف ينال ما عند الله تعالى؟
إن الذي يريد منكم أن يدعو الناس في شهر رمضان إلى الله تعالى لينالوا ما عنده ، يجب أن يعرف طريق الدعوة إلى الله عز وجل.
لقد قلتم كثيراً وتقولون كثيراً، ولم تحصلوا على النتيجة المطلوبة في الناس!
فلا بد أن تعرفوا السبب والمشكلة ، لا بد من معرفة الداء ، ثم معرفة الدواء .. لماذا لا يؤثر الكلام ونشاطات التوعية في الناس؟! السبب أن لكل قفل مفتاحاً ولكل بيت باباً ، ونحن ضيعنا الباب ، ولم نعرف المفتاح !
نقل الشيخ المفيد والشهيد وصاحب المزار الكبير أعلى الله مقامهم ، هذه الزيارة ، وكل عبارة منها مَعْلَم هداية ، إحدى فقراتها تقول: السلام عليك يا باب الله الذي لا يؤتى إلا منه. (المزار للشهيد الأول رحمه الله ص203) (1)
يكفي لأهل التعمق أن يتأملوا في هذه العبارة ، ففيها نفي وإثبات ، وفي نفيها حصر مطلبي ! أولاً ، ماذا يعني باب الله؟ من هذا الذي أتى الله به إلى هذا العالم في مثل غد ؟ تاريخ ولادته (ن. و. ر. ) واسمه في القرآن نور ، وصفته في الأحاديث: نور الأنوار !
باب الله الذي لا يؤتى إلا منه.. والتعبير بباب الله تعالى، ليس خطأ ولا مبالغة فإن فقه أحاديث أهل البيت عليهم السلام هو الفقه الأكبر.
باب الله.. أضيف الباب إلى هذا الإسم الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العليا ! فباب الله يعني: باب الرحمن ، وباب الرحيم ، وباب العليم ، وباب الحكيم ، وباب الباسط ، وباب الرازق.. وتمام الألف خصوصية وخصوصية المنحصرة في ذاته المقدسة ، والتي لا تنال إلا عن هذا الطريق.
إذا أردتم أن تعرفوا الناس على الله تبارك وتعالى ، فعرفوهم على وليه وحجته وباب معرفته ، الإمام صاحب الزمان أرواحنا فداه ، وأينما عقدتم مجلساً، في مدينة أو قرية، فنوروا مجلسكم بذكره وإسمه الشريف ، ووجهوا القلوب إليه صلوات الله عليه ، وافتتحوا مجلسكم بزيارة آل ياسين: سلام على آل ياسين. فمعرفة الله تعالى لا يمكن أن تحصل إلا عن طريق معرفتهم صلوات الله عليهم . اللهم صلى على محمد وآل محمد.
باب الله.. بهذه الدقة في التعبير ، والإستثناء المفيد للحصر القطعي ، وتأكيده بالنفي ، وبلفظ يؤتى المطلق المبني للمجهول ، الذي يعني أن كل آت في كل مكان في كل مقام ، من جبرئيل في الملأ الأعلى ، إلى الإنسان العادي على كرتنا الأرضية ، إنما يأتي ببركتهم صلوات الله عليهم .
قيل الكثير في الإمام المهدي عليه السلام ، وما قيل وما سيقال ، إنما هو ألف باء في سفر مقام قائم آل محمد صلوات الله عليه.
وما قيمة ما قيل ويقال أمام قول الله تعالى لنبيه في الإمام المهدي في حديث المعراج: وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا، وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي ، وله أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي، وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي، وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك وليي حقاً، ومهديُّ عبادي صدقاً ). (2) فتأملوا مَن هو القائل؟ الله عز وجل . ومَن المخاطب ؟! سيد الكائنات والشخص الأول في العالم صلى الله عليه وآله . ومَن هو موضوع الكلام ؟! الإمام المهدي الموعود أرواحنا فداه.
وتأملوا متى كان زمان الخطاب؟ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . وأينَ كان مكان الخطاب؟: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ( سورة النجم:8-9 ) حيث لا يصل إليه ملك مقرب ولا نبي مرسل !
إن هذا المديح الإلهي يشتمل على عشرة مطالب ، يعلم عمقها قائلها تبارك وتعالى ، ويفهمها سيد رسله الذي خاطبه بها صلى الله عليه وآله ، أما نحن فإن استطعنا أن نعالج بأفهامنا عبارة واحدة منها فهو أمر كبير! وأنى لنا بأعماقها وحقائقها ولطائفها ؟!
قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله : وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي ، وهذا هو المطلب الأول المتعلق بالله تعالى ، والذي يخشع عنده الفهم والعقل! فإن المعارف الإلهية عدة كلمات تتلخص بـ (سبوح ، قدوس ، لا إله إلا الله ، الله أكبر).
وعندما أراد الله تعالى أن يخلق آدم عليه السلام أخبر الملائكة: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ. ( سورة البقرة:30 )
أما السر الذي قال عنه تعالى: إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ، فقد بينه لمن يفهم أسراره فقال لنبيه صلى الله عليه وآله في معراجه:وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي. وبذلك تعرف مقام ذلك الشخص العظيم الذي به يعمر الله أرضه بذكره! هذا هو المطلب المرتبط بالإمام المهدي عليه السلام مما يتعلق بالله تعالى وتقديسه .
والمطلب الثاني: وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي. ففي عالم الخلق خطان صعودي ونزولي، أولياء الله وأعداؤه.وغرض الله تعالى من خلق الإمام المهدي عليه السلام هذا الجوهر الفريد في مخلوقاته ، إعمار الأرض بتنزيهه وتقديسه ، هذا ما يتعلق بذاته المقدسة ، وأن يطهرها به من أعدائه ، وأن يورثها به لأوليائه !
والمطلب الثالث: وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا.
سبحان الله، من هو الإمام المهدي؟ وماذا أودع في شخصيته من قدرة وأسرار حتى صار تحقق علو كلمته العليا به؟! وتحقق سفول كلمة الكفر السفلى به؟!
والمطلب الرابع: وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي. ولا يتسع الوقت لشرح هذه الفقرة ، لكنا نلاحظ أنه تعالى استعمل إلى هنا لفظ (بِهِ) ، ثم استعمل لفظ (له وإياه) ، والله يعلم ماذا قال الله تعالى في هذه الباء واللام ، وماذا فهم منهما النبي صلى الله عليه وآله . والله يعلم أي يوم سيكون ذلك اليوم الذي سيظهر فيه ما قاله الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله عن وليه المهدي صلوات الله عليه ؟!
إن العلماء الحكماء القرآنيون وحدهم يفهمون معنى: وله أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي ، وليس الحكماء بالفلسفة اليونانية أو الغربية !
إنها كل الذخائر المعنوية والمادية ، ذخائر عالم الملك والملكوت ، وكنوزهما ومكنوناتهما ، يظهرها الله لوليه وحجته المهدي عليه السلام ! فأين منها ذخائر الأكاسرة والقياصرة والفراعنة ، وملوك الأرض وأغنياؤها ؟! إنها ذخائر الأنبياء والأوصياء ودفائن السفراء عليهم السلام ، يجمعها الله ويظهرها له !
وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي. والسر والواحد منها لا ينهض بتحمله العالم كله ، فكيف بجمعها؟! فأي قلب قلب الإمام المهدي عليه السلام الذي يتحمل أسرار رب العالمين عز وجل؟! نعم هذا هو إمام الزمان أرواحنا فداه!
وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني.. وإنفاذ أمر الله تعالى يعني به قوله تعالى: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. ( سورة يس: 82) فخزانة ذلك الأمر قلب صاحب الزمان عليه السلام !
ذلك وليي حقاً.. وصفة حقاً هنا لا بد أن تتناسب مع قائلها وموضوعها !
ومهديُّ عبادي صدقاً.. أي هو المهدي من عبادي بالهداية الخاصة الكاملة !
لقد بدأ كلام الله تعالى عن وليه المهدي باسم(القائم)وختم باسم (المهدي)
وكلاهما من ألقابه الخاصة عليه السلام ولهما دلالات ، وفيهما أسرار !
وهذا الحديث الذي رواه الشيخ الطوسي رحمه الله في كتاب الغيبة ، يفسر معنى لقب المهدي عليه السلام وعسى أن نتوفق في فرصة أخرى لشرحه وفهم بعض لطائفه وإشاراته، فقد سأل أحدهم الإمام الصادق عليه السلام :لأي شئ سمي المهدي؟ قال: لأنه يهدي إلى كل أمر خفي، وسمي القائم لأنه يقوم بعدما يموت ، إنه يقوم بأمر عظيم . (3)
يهدي إلى كل أمر خفي.. وكل أداة عموم ، وأول خفي على البشر الله تعالى: كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف.(رسائل الكركي:3/159) (4) فهو يشمل كل أمر خفي من أعلى الوجود إلى أدناه ، فهو هاد في كل هذه الدائرة ! وهذا البعد العلمي لشخصيته عليه السلام .
أما معنى قيامه عليه السلام فنكتفي بقول الإمام الصادق عليه السلام : إنه يقوم بأمر عظيم !
هذا هو صاحب الزمان، ولي العصر، وصاحب الأمر، وقطب الوجود، وقوس العالم !
وختام الكلام ، وعصارة هذه النص الشريف: أن كل ما جاء به الأنبياء عليهم السلام من آدم عليه السلام إلى الخاتم صلى الله عليه وآله ، وكل ما حمله وتحمله الأوصياء من شيث إلى أبي محمد الحسن العسكري عليهم السلام ، فإنما تتحقق فعليتها ويتجلى ظهورها علمياً وعملياً بظهور الإمام المهدي أرواحنا فداه.
اللهم صل وسلم على وليك صاحب الزمان وخليفة الرحمان
عددَ ما في علمك ، صلاةَ دائمة بدوام ملكك وسلطانك.

(1) في المزار للشهيد الأول رحمه الله ص203: (زيارة سيدنا ومولانا حجة الله الخلف الصالح أبي القاسم محمد المهدي صاحب الزمان صلوات الله عليه وعلى آبائه ، بسر من رأى: فإذا وصلت إلى حرمه بسر من رأى فاغتسل والبس أطهر شيابك ، وقف على باب حرمه عليه السلام قبل أن تنزل السرداب وزر بهذه الزيارة فقل:
السلام عليك يا خليفة الله وخليفة آبائه المهديين. السلام عليك يا وصي الأوصياء الماضين . السلام عليك يا بقية الله من الصفوة المنتجبين . السلام عليك يا حافظ أسرار رب العالمين .السلام عليك يا ابن الأنوار الظاهرة . السلام عليك يا ابن الأعلام الباهرة . السلام عليك يا ابن العترة الطاهرة . السلام عليك يا معدن العلوم النبوية . السلام عليك يا باب الله الذي لا يؤتى إلا منه . السلام عليك يا سبيل الله الذي من سلك غيره هلك . السلام عليك يا ناظر شجرة طوبى وسدرة المنتهى . السلام عليك يا نور الله الذي لا يطفى..الخ. وقد تقدمت الزيارة في موضوع معرفة الإمام المهدي عليه السلام بالنورانية.
(2) في أمالي الصدوق رحمه الله ص731: (حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم ، عن أبيه ، عن أبي حمزة الثمالي ،عن سعد الخفاف ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن عبد الله بن عباس ، قال: قال رسول الله( صلى الله عليه وآله ): لما عرج بي إلى السماء السابعة ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومن السدرة إلى حجب النور، ناداني ربي جل جلاله: يا محمد ، أنت عبدي وأنا ربك ، فلي فاخضع ، وإيايَ فاعبد ، وعليَّ فتوكل ، وبي فثق ، فإني قد رضيت بك عبداً وحبيباً ورسولاً ونبياً ، وبأخيك علي خليفةً وباباً ، فهو حجتي على عبادي ، وإمام لخلقي ، به يعرف أوليائي من أعدائي ، وبه يميز حزب الشيطان من حزبي، وبه يقام ديني ، وتحفظ حدودي ، وتنفذ أحكامي ، وبك وبه وبالأئمة من ولده أرحم عبادي وإمائي، وبالقائم منكم أعمر أرضي بتسبيحي وتهليلي وتقديسي وتكبيري وتمجيدي، وبه أطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ، وبه أجعل كلمة الذين كفروا بي السفلى وكلمتي العليا ، وبه أحيي عبادي وبلادي بعلمي، وله أظهر الكنوز والذخائر بمشيئتي ، وإياه أظهر على الأسرار والضمائر بإرادتي وأمده بملائكتي لتؤيده على إنفاذ أمري وإعلان ديني، ذلك وليي حقاً ، ومهديُّ عبادي صدقاً) . ( وعنه في البحار:18/341 ، و: 23/128، و:51/66)
(3) في الغيبة الشيخ الطوسي رحمه الله ص471: (عنه ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم الحضرمي ، عن أبي سعيد الخراساني قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : المهدي والقائم واحد؟ فقال: نعم . فقلت: لأي شئ سمي المهدي؟ قال: لأنه يهدي إلى كل أمر خفي ، وسمي القائم لأنه يقوم بعدما يموت ، إنه يقوم بأمر عظيم) . انتهى .
ومعنى قوله ( لأنه يقوم بعدما يموت ) أن غيابه عليه السلام عند الناس كموته ، أو موت ذكره .
وفي علل الشرائع:1/161: (حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبدالله عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عبد الله بن المغيرة عن سفيان بن عبد المؤمن الأنصاري ، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: أقبل رجل إلى أبي جعفر عليه السلام وأنا حاضر فقال: رحمك الله إقبض هذه الخمسمائة درهم فضعها في موضعها فإنها زكاة مالي، فقال له أبو جعفر عليه السلام : بل خذها أنت فضعها في جيرانك والأيتام والمساكين ، وفي إخوانك من المسلمين، إنما يكون هذا إذا قام قائمنا فإنه يقسم بالسوية ويعدل في خلق الرحمن ، البر منهم والفاجر ، فمن أطاعه فقد أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصى الله ، فإنما سمي المهدي لأنه يهدي لأمر خفي ، يستخرج التوراة وسائر كتب الله من غار بأنطاكية، فيحكم بين أهل التوراة بالتوراة ، وبين أهل الإنجيل بالإنجيل ، وبين أهل الزبور بالزبور ، وبين أهل الفرقان بالفرقان ، وتجمع إليه أموال الدنيا كلها ما في بطن الأرض وظهرها ، فيقول للناس تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء ، وركبتم فيه محارم الله ، فيعطي شيئاً لم يعط أحدا كان قبله . قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : وهو رجل مني إسمه كاسمي يحفظني الله فيه ويعمل بسنتي ، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ونوراً ، بعدما تمتلئ ظلماً وجوراً وسوءاً - وشراً - ) . انتهى . ورواه النعماني في كتاب الغيبة ص237
وفي الخرائج والجرائح للراوندي:2/862: ( وعن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة المفضل بن صالح ، عن جابر بن يزيد قلت لأبي جعفر عليه السلام : لأي شئ سمي المهدي ؟ قال: لأنه يهدي لأمر خفي ، يبعث إلى الرجل من أصحابه لا يعرف له ذنب فيقتله).
وفي مصنف عبد الرزاق:11/372: (أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر عن مطر ، قال كعب: إنما سمي المهدي لأنه يهدي لأمر قد خفي، قال: ويستخرج التوراة والإنجيل من أرض يقال لها أنطاكية) .
وفي البحار:52/390: ( عن الإمام الباقر عليه السلام قال: إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلى أمر خفي ، حتى أنه يبعث إلى رجل لا يعلم الناس له ذنبا فيقتله ، حتى أن أحدهم يتكلم في بيته فيخاف أن يشهد عليه الجدار )
(4) لم أجد سنداً للحديث القدسي المشهور على الألسن: (كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخق لكي أعرف) . ويظهر أن الأستاذ يقبله، وكذاعدد من علماء الشيعة والسنة الذين ذكروه وارتضوه ، وبعضهم نسبه إلى الله تعالى على أنه حديث قدسي ، كالمحقق الكركي رحمه الله في رسائله:3/159، قال:(ويؤيد ذلك الحديث القدسي (كنت كنزا مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأن أعرف). وابن أبي جمهور رحمه الله في غوالي اللئالي:1/55، والمجلسي رحمه الله في البحار:84/199و344، والسبزواري رحمه الله في شرح الأسماء الحسنى:1/37 ، قال ( ومن الخفيات مقام الخفى من مقامات النفس مقام الخفا المشار إليه بقوله: كنت كنزاً مخفيا فأجبت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف )
وكذلك الآمدي من علماء السنة في الإحكام:1/13، قال: (قال عليه السلام حكاية عن ربه: كنت كنزاً لم أعرف ، فخلقت خلقاً لأعرف به ) وغيرهم . وقد أنكره بعضهم.