طباعة

علاقة عملية التمحيص بالغيبة الكبرى

 عند الرجوع إلى الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام نجد أنَّ الأئمَّة الأطهار قد حذَّروا من مرحلةٍ حرجةٍ خطيرةٍ يمرُّ بها المجتمعُ الشيعيُ، وهي مرحلة التمحيص، فمن تلك الروايات:
١ _ ما ورد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنَّه قال: (مع القائم عليه السلام من العرب شيء يسير)، فقيل له: إنَّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير! قال: (لا بدَّ للناس من أن يُمحَّصوا ويُميَّزوا ويُغربَلوا، وسيخرج من الغربال خلق كثير)(٣).
٢ _ وعنه عليه السلام أيضاً: (هيهاتَ هيهاتَ! لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم _ يعني ظهور الإمام المهدي عليه السلام _ حتَّى تُميَّزوا، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتَّى تُمحَّصوا، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتَّى تُغربَلوا، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلَّا بعد إياسٍ، لا واللهِ لا يكون ما تمدّون إليه أعينكم حتَّى يشقى مَنْ يشقى ويسعد مَنْ يسعد)(٤).
والحاصل: أنَّ الروايات تتحدَّث عن حقيقةٍ مخيفةٍ، وهي عملية التمحيص التي سيتعرَّض لها المجتمع الشيعي، وسيخرج من هذه العملية خلقٌ كثيرٌ، وهذه العملية مرتبطةٌ بغيبة الإمام المهدي عليه السلام، فقد ورد في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام: (والله لأُقْتَلَنَّ أنا وابناي هذان _ يعني: الحسن والحسين _ وليبعثنَّ اللهُ رجلاً من ولدي في آخر الزمان يُطالِب بدمائنا، وليغيبنَّ عنهم تمييزاً لأهل الضَّلالة حتَّى يقول الجاهلُ: ما لله في آل أحمد من حاجةٍ)(٥).
فقوله عليه السلام: (وليغيبنَّ عنهم تمييزاً) واضح الدلالة على ما قلناه من ارتباط عملية التمحيص بغيبة الإمام المنتظر عليه السلام، ولكن الذي ينبغي أن يقع البحث حوله في هذه الرواية الشريفة هو بيان حقيقة هذه العلاقة بين الغيبة والتمحيص، فهل هي من قبيل علاقة العليَّة أم علاقة الهدفية؟
***************
(٣) الغيبة للنعماني: ٢١٢، ورواها عن أبي يعفور أيضاً؛ كما رواها عنه الشيخ الكليني في الكافي ١: ٣٧٠.
(٤) الكافي ١: ٣٧٠؛ الغيبة للشيخ الطوسي: ٣٣٥.
(٥) الغيبة للنعماني: ١٤٣.