لكي تنجح هذه الحركة التغيرية والتطوّيرية في أداء مهامها لا بدَّ أن تتوفَّر فيها سمات معيَّنة تضمن لها استمراريتها ووصولها لأهدافها، وهذه السمات هي:
أوّلاً: ذات طابع ربّاني:
بمعنىٰ أنَّها حركية قائمة علىٰ أساس تحكيم شرع الله في كلّ شأن من شؤون العمل الحركي(٩٨٣)، وهذا ما رمزت إليه إقامة الصلاة في المنظور القرآني، وحفظ وصايا الربّ في منظور كتب العهدين.
ثانياً: ذات طابع مسؤول:
فعندما يكون العمل التغييري قائماً علىٰ أساس الاستجابة للتكليف الإلهي في عملية الاستخلاف في الأرض، فإنَّه يحتّم علىٰ الأُمّة التغييرية تحمّل مسؤولية هذا الاستخلاف، فيتولَّد عندها الاحساس بضرورة القيام بواجبها إزاء هذا التكليف(٩٨٤). ومتىٰ ما فقدت الأُمّة وازع الشعور بالمسؤولية تقهقر عملها وتراجع أداؤها حتَّىٰ تضمحلّ وتفنىٰ.
ثالثاً: ذات طابع تغييري:
العمل الرسالي يستهدف الإنسان أساساً ويسعىٰ لتغييره وفق أُطروحته الفكرية التي تستهدف تقويم سلوك الإنسان وانتشاله من الواقع الفاسد إلىٰ واقع الهدىٰ والإيمان(٩٨٥)، فالأُمّة التغييرية لا تكون كذلك إلَّا عندما تُغيِّر وتُؤثِّر في محيطها، وإن لم يتحقَّق ذلك التغيير فعليها مراجعة القاعدة الفكرية التي تنطلق منها من جهة، والوسائل التي تعتمدها في التنفيذ من جهة أُخرىٰ، ولكن بما أنَّ قاعدتها الفكرية ربّانية فالخلل يكمن في أدواتها التي اعتمدتها في التطبيق.
رابعاً: ذات طابع واقعي:
ويقصد بها انسجام وملائمة العمل الحركي مع مجمل الفطرة الإنسانية من جهة، ومتطلّبات الحياة والكون من جهة أُخرىٰ(٩٨٦).
فالأُمّة التغييرية إذا كان عملها وتحرّكها لا ينسجم مع فطرة الإنسان فلن يستمرّ تحرّكها ولن يكون مؤثِّراً حتَّىٰ وإن أثَّر في بداية مسيرته إلَّا أنَّه في النهاية سينتهي وكأنَّه لم يكن.
ولكن عندما تكون الأُمّة باصطفاء ربّاني عندها تكون حركتها في خطّ الله عز وجل، وهي بذلك تلبّي طبيعة الإنسان المادّية والروحية لأنَّها تتعامل معه وفق واقعه وتجعله يتحرَّك بدوافع خالية من الجمود والركود.
***************
(٩٨٣) المنهج الحركي في القرآن الكريم/ عبد اللطيف الراضي: ٢٠.
(٩٨٤) ظ/ المنهج الحركي في القرآن الكريم/ عبد اللطيف الراضي: ٢٠ - ٤٠.
(٩٨٥) المصدر السابق.
(٩٨٦) المصدر السابق.
المطلب الثالث: سمات حركية الأمّة الوارثة
- الزيارات: 325