هناك ثلاثة أقوال في تحديد هوية الأُمّة الهادية وهي:
القول الأوّل: أنَّها أُمّة من اليهود(٩٩٨) بدليل قوله تعالىٰ: (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (الأعراف: ١٥٩).
القول الثاني: أنَّها أُمّة من النصارىٰ والتي نعتها القرآن الكريم بالأُمّة القائمة(٩٩٩) بدليل قوله تعالىٰ: (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ) (آل عمران: ١١٣ و١١٤).
القول الثالث: أنَّها أُمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم لما ورد في الأثر من أنَّ رسول الله لمَّا قرأ: (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (الأعراف: ١٨١)، قال: (هذه لكم وقد أعطىٰ الله قوم موسىٰ مثلها)(١٠٠٠).
ولكن بالإمكان جمع هذه الأقوال في احتمال رابع يمكن استخلاصه من أقوال المفسرين: وهو أَّن الأُمّة (هي الجماعة التي تؤمُّ أمراً بأن تقصده وتطلبه)(١٠٠١)، وهذه الجماعة تضمُّ مجموعة من أُمّة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، ومجموعة أُخرىٰ من أُمّة موسىٰ وعيسىٰ عليهما السلام، لكون الجامع لهم هو (الإسلام بمعنىٰ التسليم والإطاعة لله سبحانه فيما يريده من عباده علىٰ لسان رسله)(١٠٠٢)، خصوصاً وأنَّ الآيات الكريمة الثلاث بيَّنت أنَّ ما يربط بين أفراد الأُمّة الهادية هو الإيمان والعمل الصالح المؤدّي إلىٰ هداية الآخرين، ممَّا يعني أنَّ (هؤلاء الذين عبَّرت عنهم الآية بقولها: (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ) علىٰ اختلاف لغاتهم وقومياتهم ومراحلهم العلمية وأمثالها، هم أُمّة واحدة لا غير، ولذلك فإنَّ القرآن قال عنهم: (أُمَّةٌ يَهْدُونَ) ولم يعبِّر عنهم بـ (أُمم يهدون))(١٠٠٣).
***************
(٩٩٨) قول ابن عبّاس والسدي. (تفسير التبيان/ الشيخ الطوسي ٥: ٣).
(٩٩٩) تفسير ابن كثير ٣: ٤٩١.
(١٠٠٠) تفسير مجمع البيان/ الطبرسي ٤: ٣٣٥.
(١٠٠١) تفسير التبيان/ الشيخ الطوسي ٥: ٣.
(١٠٠٢) تفسير الميزان/ الطباطبائي ٣: ٦٧.
(١٠٠٣) تفسير الأمثل/ مكارم الشيرازي ٥: ٣٠٨.
أقوال في هوية الأُمّة الهادية
- الزيارات: 658