طباعة

كذب حديث لا نورث

السؤال / عبد الله
يا اخوتي انا رجل متشيع بحمد الله و انتقلت من مذهب الباطل و المجسمة و ناكري حق آل رسول الله الى مذهب الحق مذهب محمد و آل محمد عليهم صلوات الله و سلامه و انا بحمد الله مقتنع بكل عقائد الشيعة الامامية وفقهم الله و حتى اني مقتنع بالقضية التي سأطرحها الان و لكن بين الحين و الحين تمر علينا شبهات لا نستطيع ردها لكثرة المصادر و قلة الوقت رغم اننا مقتنعون بها لانها من المسلمات في كتب الامامية و انما للرد على اتباع المذاهب الضالة من كتبهم و تفاسيرهم و سأنقل لكم كلامهم و اتمنى من اخوتي ان يردوا ردا مفصلا يقصم ظهر الضلالة و يظهر الحق لهم وفقكم الله و اعانكم و اطال في اعماكم فأنتم العلماء و نحن المتعلمون.
نص ما قاله القوم:

*************************

يرى أهل السنة والجماعة أنّ خلاف أبي بكر الصديق مع فاطمة كان خلافًا سائغًا بين طرفين لدى كل منهما أدلة على رأيه، وأن طلب فاطمة ميراثها من أبيها من أبي بكر بأن ذلك كان قبل أن تسمع الحديث الذي دل على خصوصية النبي ذلك وكانت متمسكة بما في كتاب الله من ذلك فلما أخبرها أبو بكر بالحديث توقفت عن ذلك ولم تعد إليه.

عدم انفراد أبوبكر الصديق بالرواية: قول بعض المخالفين لأهل السنة من الشيعة أن أبو بكر انفرد بحديث قول النبي: "لا نورث ما تركنا فهو صدقة" فهذا الإدعاء غير صحيح، حيث روى هذا الحديث عن النبي أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف والعباس بن عبد المطلب وأزواج النبي وأبو هريرة، والرواية عن هؤلاء ثابته في الصحاح والمسانيد مشهورة.

حرمان ابنة أبو بكر وابنة عمر من الميراث: فإن هذا أدى أيضا إلى حرمان ابنة أبو بكر وهي أم المؤمنين عائشة من الميراث، وكذلك حرمان ابنة عمر بن الخطاب وهي أم المؤمنين حفصة من الميراث. حيث أنهما زوجات الرسول، كما أنّ فدك لو كانت إرثاً من النبي لكان لنساء النبي ومنهن عائشة بنت أبي بكر وزينب وأم كلثوم بنات النبي حصة منها، لكن أبا بكر لم يعط ابنته عائشة ولا أحد من نساء النبي ولا بناته شيئاً استناداً للحديث، فلماذا لا يُذكر هؤلاء كطرف في قضية فدك بينما يتم التركيز على السيدة فاطمة وحدها.

أبوبكر وعمر لم ينتفعا بأموال الميراث، وأن علي كان المسؤول عن صرف هذه الأموال كصدقة: إن المال الذي خلفه النبي لم يجعله أبو بكر الصديق لنفسه ولا لأهل بيته، ولا انتفع هو ولا أحد من أهله بهذه المال، وكذلك عمر لم ينتفع بهذا المال، وإنما هذا المال هو صدقة لمستحقيها، بل سلم عمر هذا المال إلى علي والعباس يفعلان فيه ما كان النبي يفعله وأن يجعلانه صدقة. ثم إن علي لما ولي الخلافة لم يغيرها عما عمل فيها في عهد الخلفاء الثلاثة ولم يتعرض لتملكها ولا لقسمة شيء منها بل كان يصرفها في الوجوه التي كان من قبله يصرفها فيها. ثم إن أبا بكر وعمر قد أعطيا عليا وأولاده من المال أضعاف أضعاف ما خلفه النبي من المال.

غضب فاطمة على أبو بكر: وهو قول الرسول:"فاطمة بضعة مني فمن أغضبها فقد أغضبني"، فهذا من نصوص الوعيد المطلق التي لا يستلزم ثبوت موجبها في حق المعنيين إلا بعد وجود الشروط وانتفاء الموانع، وأن النبي إنما أراد بغضب فاطمة وهو أن تغضب بحق، وإلا فالرسول لا يغضب لنفسه ولا لأحد من أهل بيته بغير حق، بل ما كان ينتصر لنفسه ولو بحق مالم تنتهك محارم الله.

الفائدة من عدم توريث النبي للأموال: ولعل حكمة الله في هذا الحكم -والله أعلم- في أن لا يورث الرسول المال لأهله من بعده، وذلك لئلا يكون ذلك شبهة لمن يقدح في نبوة النبي بأنه طلب الدنيا وقاتل في الغزوات ليخلف الثروات والأموال لورثته، كما صان الله تعالى رسول الله عن معرفة القراءة والكتابة وكذلك عن قول الشعر وذلك صيانة لنبوته عن الشبهة، ثم إنّ لفظ (الإرث) ليس محصور الاستخدام في المال فحسب بل يستخدم في العلم والنبوة والملك وغير ذلك كما يقول الله تعالى (( ثُمَّ أَورَثنَا الكِتَابَ الَّذِينَ اصطَفَينَا مِن عِبَادِنَا )) (فاطر:32).

روايات مؤيدة لوجهة نظر السنة في كتب الشيعة الاثناعشرية وصححها علماؤهم: ويرى أهل السنة أن في كتب الشيعة ما يؤيد وجهة نظرهم في كتب الشيعة، حيث إذاً حديث (إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم) صحيح كما بيّن ذلك المجلسي وغيره.
روايات مؤيدة لوجهة النظر السنية في كتب الشيعة الزيدية: (حدثني زيد بن علي عن ابيه عن جده عن علي قال: العلماء ورثة الانبياء فان الانبياء لم يخلفوا دينارا ولا درهما انما تركوا العلم ميراثا بين العلماء).

قول علماء الشيعة بأن فاطمة ورثت علم النبي فبالتالي هي في مسألة الميراث أكثر فقها من أبو بكر: حيث يقول علماء الشيعة أنه إذا كان الأنبياء يورثون العلم والحكمة وليس المال فإن فاطمة بنص الحديث ترث علم النبي وحكمته وبالتالي تكون مطالبتها بإرثها حجة على الخليفة بوصفها أعلم بدين محمد، فيرد أهل السنة والجماعة أن علم الرسول ليس محتكرا على ذريته وأقربائه، ثم إن العلماء هم ورثة الأنبياء، ثم إذا سلمنا بهذا القول الشيعي فهذا يعني أن بقية بنات النبي كأم كلثوم وزينب وكذلك أزواج الرسول كأم المؤمنين عائشة وأبناء عمومة الرسول كعبد الله بن عباس ورثوا علم الرسول كفاطمة لأنهم من ورثة الرسول، وهذا لا يستقيم عند الاثناعشرية لأنهم يرفضون وضع هؤلاء بأنهم أكثر علما وحكمة من غيرهم، ثم هذا يعني أن أم المؤمنين عائشة هي أكثر ميراثا من علي بن أبي طالب في الحكمة والعلم والفقه وذلك لأنها زوجته ترث أكثر من ابن عمه.

وجود روايات بأن الرسول أعطى فاطمة فدك، وبالتالي ففدك كانت ملك السيدة فاطمة في عصر الرسول ص: ويقول علماء الإثناعشرية بأن هناك رواية في كتب التفاسير وغيرها عند أهل السنة، وأن هذه الرواية تكررت كثيرا في كتب التفاسير وغيرها، وهذه الرواية هي أنه لما نزلت (( وَآتِ ذَا القُربَى حَقَّهُ )) (الإسراء:26) فإن الرسول أعطى السيدة فاطمة فدك، وبالتالي ففدك كانت ملك السيدة فاطمة في حياة الرسول وليست من ميراث الرسول[من صاحب هذا الرأي؟]، فكيف الخليفة أبوبكر يأخذ ملكا للسيدة فاطمة.
أولا: ضعف السند: وتدور الرواية حول اثنين من الأناسيد وكلاهما ضعيف.

ثانيا: ضعف المتن: حيث الآية مكية بينما فتح خبير وفدك كان بعد الهجرة: وهو أن آية (( وَآتِ ذَا القُربَى حَقَّهُ )) هي آية مكية أي نزلت في مكة قبل هجرة الرسول إلى المدينة، بينما فتح الرسول لخبير وفدك كان في السنة السابعة للهجرة، وبالتالي فالحديث عقلا ومتنا هو غير منطقي.

ثالثا: الكثير من علماء أهل السنة عند ذكر هذه الرواية فإنهم بعدها يذكرون بطلانها سندا ومتنا: فعلى سبيل المثال من هذه التعليقات بعد ذكر هذه الرواية في أحد كتب التفاسير: «على أن في القلب من صحة الخبر شيء بناء على أن السورة مكية وليست هذه الآية من المستثنيات وفدك لم تكن إذ ذاك تحت تصرف رسول الله بل طلبها رضي الله تعالى عنها ذلك إرثا بعد وفاته عليه الصلاة والسلام كما هو مشهور يأبى القول بالصحة كما لا يخفى»، ويرى أهل السنة والجماعة بأن هذه الرواية هي تتكرر بنفس أسانيدها وهي ضعيفة، وبأن علماء الإثنا عشرية ينقلون هذه الرواية من كتب التفاسير وغيرها ولكنهم يحذفون تعليق علماء التفسير وعلماء الحديث عليها بأنها ضعيفة ويكون ذلك في نفس الكتاب ونفس الصفحة مباشرة، وأن هذا يقدح في المنهاج العلمي لديهم.

رابعا: أن هذه الرواية تتعارض مع حث الرسول على العدل بين الأبناء في الهدايا: حيث تم فتح خيبر في السنة السابعة من الهجرة، والسيدة أم كلثوم توفيت في السنة التاسعة من الهجرة، والسيدة زينب توفيت في السنة الثامنة من الهجرة، فكيف الرسول يعطي ابنته فاطمة أرض فدك كهدية أو عطية بينما يستثني ابنته السيدة أم كلثوم وابنته السيدة السيدة زينب، وبالتالي هذا يتعارض مع حث الرسول على العدل في العطايا والهدايا بين الأبناء.

*************************
الجواب
الأخ عبد الله المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: الخلاف مع فاطمة (عليها السلام) ليس كأي خلاف بل فيه محاذير كثيرة واحاديث متواترة تحذر من مغبة اغضابها او ايذائها وحربها (عليها السلام).

ثانياً: لم يكن الخلاف اجتهاديا حقيقة بل كان مخططا له من قبل الظالمين الغاصبين.

ثالثاً: انتم رويتم ان فاطمة (عليها السلام) لم تقتنع بحجة ابي بكر التي احتج بها عليها وابتكرها من عنده وانها (عليها السلام) كذبته ولم تصدقه وردت استدلاله ولم تستسلم لاكاذيبه وتلاعبه في الالفاظ حيث اجابته (عليها السلام) بقولها له: ( انت وما سمعت) ! فلا يدعى انها انتهت عن خصومته لما سمعت حديثه وحجته.

رابعاً: بل رويتم في بخاريكم انها (عليها السلام) غضبت منه وهجرته ولم تكلمه حتى ماتت وامرت بان لا يخبر بموتها ولا يحضر جنازتها ولا يصلي عليها صلوات ربي وسلامه عليها.

خامساً: مطالبتها (عليها السلام) وكذلك امير المؤمنين (عليه السلام) والعباس المتكررة لابي بكر ثم لعمر بالارث يشير بل يدل على استمرار عدم رضا الزهراء (عليها السلام) وعلي والعباس بما قاله اولئك.

سادساً: اما ادعاء رواية غير ابي بكر من ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قال: (لا نورث ما تركناه صدقة) فهو كما تعلمون ليس بحجة علينا مع الدواعي والايدي والسلطات التي تضع الاحاديث وتعطي العطايا والهدايا والمناصب للصحابة والتابعين الذين يكذبون للسلطات خصوصا لو اخذنا بنظر الاعتبار ان فاطمة (عليها السلام) هي صاحبة الشأن وهي الوريث الوحيد للنبي (صلى الله عليه وآله) فكيف يقوم النبي (صلى الله عليه وآله) باخبار غيرها وعدم اخبارها بحكم هي في مورد ابتلاء به ويدعها تخالفه وتدخل في مشاكل وخلافات ووو حتى يقوم مثل ابن تيمية بتصويرها للامة انها فيها خصلة من النفاق ( فضّ فوه) وحاشاها وصلى عليها الاله ويقول اللعين انها كالمنافق ان اعطيت رضيت وان منعت سخطت وهذه خصلة وصفة من خصال وصفات المنافقين، فكيف يتركها رسول الله (صلى الله عليه وآله) جاهلة بهذا الحكم وهي ابنته وسيدة نساء العالمين وام ابيها وروحه التي بين جنبيه ثم يتركها تلوكها مثل هذه الافواه الناصبية القذرة؟!!
اما امير المؤمنين (عليه السلام) الذين تدعون انه روى ذلك كذبا وزورا وبهتانا فهو يكذب ما تقولون بموقفه الصارم واصراره على عدم البيعة لابي بكر ستة اشهر كما يروي البخاري وكذلك استمر صلوات الله وسلامه عليه بمطالبة ابي بكر وعمر بإرث الزهراء واتهمهما كما يروي مسلم بانهما كاذبان آثمان غادران ظالمان فكيف يكون روى ذلك ؟!!

سابعاً: اما لو روي ذلك الحديث فعلا او قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) واقعا فيكون قد قاله بالفاظ اخرى تلاعب صديقكم او غيره بها وغيّرها عن اصلها مثل ان يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (لا نورث ما تركناه صدقة) أي ما جعلناه صدقة في حياتنا لا ننقطع عن التصدق به بعد موتنا لان الانبياء واقعا لا يموتون كما نموت ولا تنقطع اعمالهم الصالحة ولا تأكلهم الارض وانهم كما رويتم وصح عندكم ( احياء في قبورهم يصلون) فتستمر صدقاتهم ولا تتحول ميراثا وهذا حكم يخص صدقاتهم لا جميع اموالهم.

ثامناً: اما الكلام عن الورثة الاخرين فليس بصحيح ايضا حيث ان اخوات الزهراء - لو صح انهن شقيقاتها فعلا - فقد توفين قبل وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلا يرثن شرعا. واما التحجج بنساء النبي (صلى الله عليه وآله) وانهن حرمن من الارث فهذا امر غير صحيح ايضا فقد ورثت نساء النبي (صلى الله عليه وآله) بيوت النبي (صلى الله عليه وآله) وبقيت البيوت لهن حتى وفاتهن فانتفعن من الارث فعلا. وكذلك قد نص رسول الله (صلى الله عليه وآله)على عدم ارثهن شيئا غير البيوت الذي امرهن بالقرار فيها كما نص القرآن والسنة عليه وكذلك مؤنتهن التي تحولت الى اراضي زراعية في عهد عمر فكيف يقال انهن لم يرثن ولم يستفدن فعلا من الاموال كالبيوت والاراضي!! ؟.

تاسعاً: اما تميز الزهراء(عليها السلام) بالعطاء في حياته (صلى الله عليه وآله) لو قلنا بالنحلة فهو امر طبيعي وغير محظور ولا محرم شرعا وبامكان أي شخص ان يهب لمن يشاء من ممتلكاته وينفق ما يشاء على ما يشاء حتى لو انفق امواله جميعا في وجوه الخير وترك ورثته دون شيء فهو ليس بمحرم بل قد يستحب فكيف ان اعطاه لافضل اولاده بل لو علم انه لن يبقى من اولاده من بعده سوى واحد منهم فلماذا لا يهدي له ما يملك او بعض ما يملك في حياته ؟!! خصوصا مع علمه وإخباره بأذاهم وقتلهم من بعده !!

عاشراً: اما عدم استفادتها (عليه السلام) من ارث النبي (صلى الله عليه وآله) فهذا لا يصح ايضا او فقل على الاقل ادخلا الضرر والضعف والفقر على اهل البيت (عليهم السلام) وجردوهم عن مواطن القوة كي لا يقوون على الاستقرار والاستقلال عن الجميع وتقليل هيبتهم وانفاقهم وكرمهم الذي تعودوا على فعله وعرف عنهم فيساعد كل ذلك في تقليص نفوذهم ومحبة الناس لهم وتعلقهم بهم (عليهم السلام) وكل هذا امر مدروس ومخطط له ولا يصح تسليط الضوء بالنسبة للاموال على زاوية معينة ساذجة والاشكال بها على قلب الحقائق.
ثم اليس اهل البيت من المسلمين فلماذا يوزع ابو بكر الاموال على المسلمين ولا يشمل اهل البيت (عليهم السلام) بارجاع بعض حقهم لهم منه !

الحادي عشر: وكذا بالنسبة الى تصرفهما في اموال اهل البيت (عليهم السلام) كصدقات على المسلمين من دون أي وجه حق منهما امر غير مقبول وغصب وتصرف بأموال الغير دون رضاه وهذا امر محرم وغير مقبول. فهو كمن يسرق الاغنياء ويوزع سرقته على الفقراء فالغاية لا تبرر الوسيلة !
نعم. صحيح ان اهل البيت (عليهم السلام) لو اعطي حقهم ولم يغصب لتصرفوا به في الصدقات والانفاق في سبيل الله تعالى كما هو ديدنهم وهذا مفروغ منه كونهم ليسوا من اهل الدنيا وملذاتها قطعا وبالاتفاق ولكن هذا لا يبرر فعلهما واغتصابهما لها والتصرف فيها من دون اذنهم وعلمهم !

الثاني عشر: وهناك فرق يجب ان يعلم بان ما تركه النبي (صلى الله عليه وآله) كما في رواية البخاري وغيره الاختلاف بين اجناسه فمنه فدك وخيبر ومنه صدقات المدينة فالصدقات لم يطالب بها اهل البيت (عليهم السلام) كإرث يتملكوه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ابدا بل طالبوا بالولاية عليه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهذا ما حصل في زمن عمر ومن بعده فالخلط بين المالين غير صحيح وفيه تدليس وتضليل.

الثالث عشر: اما الكلام حول قوله (صلى الله عليه وآله): ( فاطمة بضعة مني فمن اغضبها فقد اغضبني) وادعاء انه مقيد ومشروط وليس مطلقا فهذا رد واعتراض على رسول الله (صلى الله عليه وآله) من دون مبرر وقد قال تعالى في ذم هذه الصفة ( ما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم) فالاطلاق والتعميم واضح في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله ( من اغضبها) فهو يقتضي العموم وليس المقيد والمشروط والا وجب بيان الشرط والقيد لانه (صلى الله عليه وآله) في مقام البيان ولا يصح التأخر بل الترك لذكره وهو في مقام البيان والا لاستطعنا الاستثناء والتخصيص من كل عموم والتقييد لكل مطلق وتعطيل كل امر من دون دليل وهذا يهدم الشريعة وبالضد من العقل والمنطق. فلو قال الشرع اكرم كل عالم فلا يصح ان نستدرك عليه ونقول اراد علماء الدين مثلا او فقط عشرة من العلماء او ما شاكل من المخصصات لتقييدات ولا يعتبر اجتهادنا سائغا او مبررا مع افتراض كون المشرع بين مراده بشكل كامل وتام دون أي نقص او تكملة اخرى.

و هكذا الحال هنا فافتراض ان الزهراء (عليها السلام) تخطئ وتصيب كباقي الناس ويسوغ اغضابها وأذيتها مع كونها على الحق احيانا يهدم الحديث من اساسه ويجعله لغوا ويجرده عن الفضيلة والخصوصية اذ كل شخص على الحق لا يجوز أذاه او اغضابه وكذلك تشبيه النبي (صلى الله عليه وآله) الزهراء (عليها السلام) به وانها جزءٌ منه ( بضعة مني) وجعل اغضابها اغضاب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وايذاؤها ايذاء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) لهو الدليل القاطع والبيان الواضح على ارادة عصمة الزهراء (عليها السلام) واطلاق الحديث وليس الانتقاء ومحاولة تخطئتها (عليها السلام) وخصوصا في قضية ابي بكر مع ان كل مواقفها مع ابي بكر يدل بوضوح على انها تصرفت عن علم ويقين وحق مبين ولم تخطأ في شيء ابدا بل اصرت وأكدت وأوضحت بكل ما فعلته (عليها السلام) وأوصلت رسالة مهمة وخطيرة للامة انها كانت على حق والاخرين على باطل حيث اصرت على موقفها (عليها السلام) الى الموت بل وحتى بعد الموت ان لا يخبروا بموتها ولا يحضروا تشييعها ودفنها ولا يصلوا عليها ابدا واخفاء قبرها الشريف من قبل امير المؤمنين (عليه السلام) ودفنها ليلا كما اوصت (عليها السلام) واستمرار امير المؤمنين (عليه السلام) بالمطالبة بارثها (عليها السلام) من ابي بكر ثم من عمر لايضاح كونها كانت على حق وهما على باطل وانهما تعمدا ايذائها و كذلك هجرها (عليها السلام) لهما ووجدها عليهما وموتها دون الرضا عنهما حتى انهم حاولوا وضع حديث في مقابل الثوابت التي في البخاري وغيره وهذا الحديث الذي حاولوا وضعه وكذبه لم يثبت حتى عندهم في محاولة يائسة بائسة مضللة لتغيير الحقائق وعكسها بجعل الزهراء (عليها السلام) ترضى عليهما بعد ان استرضياها ولكن الرواية المكذوبة لم تصح حتى عندهم وعلى قواعدهم الحديثية بفضل الله تعالى.

فقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 6/139 عمن يحاول ادعاء رضا فاطمة (عليها السلام) بما قاله وادعاه ابو بكر وقولها (عليها السلام) لهما: لا أكلمكما: وتعقبه الشاشي بان قرينة قوله غضبت يدل على انها امتنعت من الكلام جملة وهذا صريح الهجر وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود من طريق أبي الطفيل قال: ( أرسلت فاطمة إلى أبي بكر: أنت ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أهله؟!! قال: لا، بل أهله، قالت: فأين سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!!قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعلها للذي يقوم من بعده فرأيت أن أرده على المسلمين قالت: فأنت وما سمعت ) فلا يعارض ما في الصحيح من صريح الهجران ولا يدل على الرضا بذلك ثم قال الحافظ ابن حجر: نعم روى البيهقي من طريق الشعبي (أن أبا بكر عاد فاطمة فقال لها علي: هذا أبو بكر يستأذن عليك قالت: أتحب ان آذن له؟! قال: نعم:فأذنت له فدخل عليها فترضاها حتى رضيت ) وهو وإن كان مرسلا فإسناده إلى الشعبي صحيح وبه يزول الاشكال في جواز تمادي فاطمة عليها السلام على هجر أبي بكر. أ هـ
فتبين عدم رضا فاطمة (عليها السلام) عليهما مع وجود نص في البخاري يثبت ذلك كما قدمنا آنفا. والحديث الموضوع على لسان الشعبي العامل لبني امية مرسل ولا يصح وليس بحجة بالاجماع.

الرابع عشر: اما ابراز اعذار ما انزل الله بها من سلطان فغريب جدا حيث انك تدعي ان حكمة حرمان فاطمة (عليها السلام) من الارث دفع الشبهة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وهذا ادعاء باطل ما انزل الله به من سلطان ثم ان الخلفاء قاموا بالنفقة منه على نساء النبي (صلى الله عليه وآله) وعماله (صلى الله عليه وآله) وخدمه فلا ندري ما الفرق بين اعطاء هذه الاموال لمتعلقيه (عليها السلام) وبين انفاقه على ابنته (عليها السلام) او حتى اشراكها معهم !؟ فما لكم كيف تحكمون ؟! او ترقعون ؟! فهذا امر دبر بليل لو كنتم تعقلون !! ولو فتحنا هذا الباب لما تزوج رسول الله (صلى الله عليه وآله) اكثر من عشر نسوة ولاغلق هذا الباب أيضا وترك الجهاد و حرم العبودية و الاماء و السبي فكل هذه الأمور اشكالياتها اكبر من ترك بعض المال كارث لعائلته واهل بيته.

الخامس عشر: اما ادعاء كون الارث الذي في القرآن لا يراد به ارث المال احيانا وانما يراد به العلم والحكمة والملك فالاصل في ذكر الارث انما هو المتعارف منه وهو ما يملكه الميت قبل موته فيتركه من بعده لاهله ومتعلقيه ارثا عنه فلا يصار للمجاز والمعنى الخاص الا بقرينة ولا قرينة في الايات والاحاديث على حصرها بالعلم والحكمة والملك كما تزعمون!
ثم كيف يعتبر ارثا ان كان عاما فبعد ان حرفتم معناه الى معنى خاص قمتم بتعميم الارث والميراث الى جميع الامة !! فكيف يصح ان يدعى عموم ارث النبي (صلى الله عليه وآله) لعلمه وحكمته وملكه ؟!!
فلا يصح تسميته ارثا لا من قريب ولا من بعيد حيث تنتفي المناسبة بين هذه الكلمة والمعنى الذي وضعتموه للارث ايضا بل حتى معنى الارث العام وهو المال ومطلق الملك كيف يصدق ان تورث من النبي (صلى الله عليه وآله) لامته حتى يصح عموم ارث امته (صلى الله عليه وآله) له بالعلم والحكمة والملك ؟!! وبذلك يتبين ان لفظ الارث خاص بالوراثة لا يتعداهم عادة ولا يصح معه تعميم الورثة ليشمل جميع الامة فلا يصح معه تخصيص الموروث بالعلم والحكمة والملك دون المال !!
هذا ناهيك عن امكان فهم الروايات التي تستدلون بها على التخصيص على معنى اصح من المعنى الذي حملتموه عليها من كون شأن الانبياء والرسل هو عدم الاهتمام بالدنيا وليس من شأنهم جمع الاموال وتوريثها ولا يقتضي هنا نفي توريثهم لاي شيء من اصله، والا ما سمي ارثا ولم يصح تسميته ارثاً ولا يرضى الله تعالى ولا حتى المجتمع على ترك النبي و الرسول اهل بيته من بعده ذليلين فقراء في عوز وحاجة فما ذنبهم؟

ولو قبلنا بتفسيركم للارث انه العلم والحكمة والملك فأهل بيته اولى واحق بوراثته (صلى الله عليه وآله) وليس العكس وهذا يدل على افقهية واعلمية الزهراء (عليها السلام) على غيرها ممن خالفها في ذلك خصوصا مع ورود احاديث كثيرة حتى عندكم في وراثة اهل البيت (عليهم السلام) لعلم النبي (صلى الله عليه وآله) وحكمتهم وملكهم لتراثه نذكر منها:
1- (انى مخلف فيكم الثقلين كتاب اللَّه و عترتى اهل بيتى ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدى ابدا ) اخرجه الترمذي في جامعه والحاكم وغيرهما وصححه الالباني.
2- ( النجوم امان لاهل الارض من الغرق واهل بيتي امان لامتي من الاختلاف ) اخرجه الحاكم في مستدركه 3/149
3- ( الا ان مثل اهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من قومه من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ) الحاكم وصححه 3/151
4- وفي آية التطهير ونزولها قال (صلى الله عليه وآله): ( هؤلاء اهل بيتي اللهم اهل بيتي احق). وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه للمستدرك. فهذه الاحقية قطعا للاستحقاق والافضلية وليست للعاطفة ومطلق القربة والقرابة كثيرون فلماذا هذا التمييز من القرابة ايضا ؟!!
5- قال ابن مسعود: ( سألنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كم يملك هذه الامة من خليفة فقال: اثنا عشر كعدة نقباء بني اسرائيل ) رواه احمد 1/406 والهيثمي في مجمعه 5/190 وقال:اخرجه احمد وابو يعلى والبزار وفيه مجالد وثقه النسائي وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات. اقول: وقد حسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري 13/183.
6- وعن منزلة علي (عليه السلام) ووراثته للنبي (صلى الله عليه وآله) روى الحاكم في مستدركه 3/125: عن أبي إسحاق قال سألت قثم بن العباس كيف ورث علي رسول الله صلى الله عليه وآله دونكم؟! قال: لأنه كان أولنا به لحوقا وأشدنا به لزوقا ) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
7- وروى الحاكم في تخصيص علي (عليه السلام) بالعلم والتعليم عن علي (عليه السلام) يقول: ( كنت إذا سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاني وإذا سكت ابتدأني ) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وهذا يدل على تميزه وتمييزه (عليه السلام) بالعلم والمعرفة وتخصصه بعلوم اكثر من غيره.
8- وقوله (صلى الله عليه وآله): (انا مدينة العلم وعلي بابها) نص صريح قاطع في افضلية امير المؤمنين واعلميته بل انحصار اخذ الشريعة الغراء منه دون غيره لان الباب هي السبيل الوحيد للدخول الشرعي للمدينة ولم يقل (صلى الله عليه وآله) علي احد ابوابها بل حصره بباب واحد وهو علي (عليه السلام). اخرج الحديث الحاكم في مستدركه بعدة طرق 3/126-127 وصححه ونقل تصحيح ابن معين له وتقويته وروايته لمتابع له كون من يطعن به انما يطعن به من جهة اتهامه لابي الصلت الهروي فأتى له بمتابع وهو شيخ البخاري جعفر بن محمد الفيدي وكذلك صححه المتقي الهندي والحافظ العلائي والعراقي والطبري في تهذيب الاثار وحسنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتاوى الحديثية وفي لسان الميزان وحسنه الفتني ايضا والسيوطي وغيرهم.
9- وقال النبي (صلى الله عليه وآله) لفاطمة (عليها السلام): أما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما؟! قال الهيثمي في مجمعه 9/114 رواه احمد والطبراني برجال وثقوا.
10- وقال (صلى الله عليه وآله) في حق الزهراء مطلقا دون تقييد: ( ان الله ليغضب لغضب فاطمة (لغضبك) ويرضى لرضاها (لرضاك) ) قال الهيثمي في مجمعه 9/203: رواه الطبراني واسناده حسن. والحاكم في مستدركه 3/154 وصححه. وهذا الاطلاق في الغضب والرضا يدل على عصمتها (عليها السلام).
11- وروى البخاري 4/210 و 4/219 انه (صلى الله عليه وآله) قال: ( فاطمة بضعة مني فمن اغضبها اغضبني) وفي صحيح مسلم 7/141 بلفظ: (انما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها) وهذا الاطلاق فيمن يؤذيها او في غضبها يدل على العموم والعصمة.
12- وقوله (صلى الله عليه وآله) حين نظر الى علي والحسن والحسين وفاطمة: ( انا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم ) اخرجه الهيثمي في مجمعه وقال 9/169: رواه احمد والطبراني وفيه تليد بن سليمان وفيه خلاف وبقية رجاله رجال الصحيح. ورواه الحاكم ايضا في مستدركه وصححه 3/149.
فتحصل ميراث الزهراء وامير المؤمنين لعلم النبي (صلى الله عليه وآله) فهم اولى بميراثه واهل البيت ادرى بما فيه.

السادس عشر: اما بالنسبة لرواية نحلة فاطمة (عليها السلام) لفدك من النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته فنقول: قال ابو سعيد: ( لما نزلت (( وَآتِ ذَا القُربَى حَقَّهُ )) دعا النبي (صلى الله عليه وآله) فاطمة واعطاها فدك.
أ‌- هذا الحديث اخرجه الطبراني وابو يعلى في مسنده 2/332 وذكره الهيثمي في مجمعه 7/49 وقال السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور 4/177: رواه البزار وابو يعلى وابن ابي حاتم وابن مردويه والطريق الاخر رواه الحاكم في تاريخ نيسابور وكذلك ابن النجار كما في كنز العمال 3/767. ونقول: ان تضعيف الاسناد بعطية العوفي لا يصح حيث وثقه الكثير من المحدثين منهم يحيى بن معين وابن سعد والعجلي وابن شاهين وابو حاتم وابن عدي قال ( يكتب حديثه) وحسن الترمذي حديثه في ثلاثة موارد في جامع سننه وصحح حديثه الحاكم في مستدركه وابن خزيمة في صحيحه وحسن الالباني حديثه في الشواهد وقال عنه الحافظ ابن حجر ( صدوق يخطئ كثيرا ) وهذا يدل على وثاقته وقلة ضبطه عنده اذ لم يتهمه بل جعله صدوقا. بل كما رأينا السيوطي عزاه لابن ابي حاتم وقد صرح ابن ابي حاتم بصحة كل ما يورده في تفسيره وان الرواة فيه ثقات وهذا توثيق لعطية. وقد اعترف ابن تيمية بصحة تفسير ابن ابي حاتم وقوته وتفضيله على غيره من التفاسير جميعا وحسن الحافظ ابو الحسن المقدسي حديثا في اسناده عطية.

ب‌- ان نزول الاية في سورة مكية لا يعني بالضرورة كونها مكية حيث ان من المتفق عليه ان هناك الكثير من السور هي متفق عليها انها مكية وفيها آية او آيات متفق عليها ايضا انها مدنية وليست مكية وكذلك هناك سور يقال انها نزلت في مكة وكذلك في المدينة فلا مانع اذن من نزول آية ما مرتين في مكة وفي المدينة ايضا ويمكن ايضا ان تنزل في مكة ولكن تطبيقها على مصاديقها وتفسيرها يكون في المدينة متأخرا اذ توجد الكثير من آيات القرآن الكريم لم يرو لها تفسير او سبب نزول اصلا فضلا عن تأخر سببها وتفسيرها. علما ان اكثر روايات التفسير واسباب النزول خصوصا اسانيدها ليست قوية وهي قطعا افضل من التفسير بالرأي فاعتمادها ليس بمعيب بل العكس.

ت‌- اما عدم نقل الشيعة لرأيكم وردكم على الرواية حين نقل الرواية فهذا امر صحيح وعلمي اذ نحن حينما نستدل عليكم بشيء من كتبكم لنلزمكم به لا يلزم التزامنا له فهو من باب وقاعدة الالزام ليس الا وبالتالي فلا يلزمنا كل ما تقولونه بل نحن نروي احاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من طرقنا المعتبرة حسب قواعدنا ونحاول اثباتها لكم من كتبكم لنلزمكم بها لاننا نعلم انكم وضعتم قواعد رجالية ليست شرعية ولا علمية وحاولتم من خلال تلك القواعد تضعيف ورد كل الاحاديث التي لا تروق لكم وتهدم مذهبكم وخصوصا في فضائل اهل البيت (عليهم السلام) ووجوب اتباعهم وامامتهم وحقوقهم لانكم وثقتم النواصب والخوارج ووعاظ السلاطين وضعفتم الشيعة والمعتدلين من الرواة لتصح عندكم الاحاديث المناهضة لاهل البيت (عليهم السلام) والمكذوبة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتردون وتضعفون الاحاديث الصحيحة والصادرة فعلا.

ث‌- واما ادعاء عدم كون فدك تحت تصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهذا شأنه شأن الادعاءات الاخرى الباطلة اذ ان فدك مما افاء الله تعالى على رسوله بالصلح دون قتال منذ العام السادس للهجرة وكان خالصا لرسول الله (صلى الله عليه وآله) دون الناس فكيف يدعى بعد ذلك عدم كونها تحت تصرفه (صلى الله عليه وآله) !؟
وكذلك ادعاء شهرة طلب الزهراء (عليها السلام) فدكا ارثا بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعارضته لهذه الرواية من كونها نحلة لها حياة النبي (صلى الله عليه وآله) فهو ادعاء باطل ايضا كأخواته فالرواية تعارض قولك وادعائك اصلا والعمل بالرواية افضل من العمل بالرأي والعقل بالاجماع وهو مقتضى مبانيكم فكيف تدعى المعارضة مع اعتضادها برواياتنا عن الائمة الاطهار (عليهم السلام) اضافة الى رواياتكم المتعددة في ذلك وان الزهراء (عليها السلام) طالبت بفدك كنحلة لها انحلها اياها رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولما رفض ابو بكر شهادة ام ايمن وعلي(عليه السلام) والحسن والحسين طالبت بها كإرث كونها وريثة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان لم تستطع اثبات كونها ملكها من باب الالزام ومع ذلك منعت بعذر ثانٍ مع ان جابرا حينما ادعى ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعده باعطاءه ثلاث حثيات من الفتح اعطاه ابو بكر له مباشرة. فلا يأبى الصحة كما تدعون !!

ج‌- وكذلك الحال بالنسبة للقشة الاخيرة التي تمسكتم بها وهي قولكم وادعاؤكم وجوب العدل بين الابناء في الهدايا فهذا مما لا مستند شرعي او عقلي او عرفي عليه. ثم انه من المعلوم وبحسب عقيدتنا فان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يعلم ما يجري لاهل بيته وعليهم فلو سلمنا ان للزهراء اخوات - وهذا امر مرجوح - فان النبي (صلى الله عليه وآله) يعلم بان الزهراء (عليها السلام) هي اخر من سوف تبقى بعده بل اخبرها (صلى الله عليه وآله) بانها (عليها السلام) اول اهل بيته به لحوقا وبذلك لا يكون النبي (صلى الله عليه وآله) قد ظلم ( اخواتها ) حينما اعطى فدكا للزهراء حصرا لانه يعلم انهن من بعده سوف لن تحتاج واحدة منهن الا الزهراء (عليها السلام) وتبقى من بعده بل في زمنه (صلى الله عليه وآله) هي في حاجة واهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) جميعا وهم علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) اجمعين.
ثم ان فدكا ليست هي المال الوحيد ( أي كل ما يملك (صلى الله عليه وآله) عنده (صلى الله عليه وآله) ولذلك فانه لا اشكال في نحلتها للزهراء (عليها السلام).
وكذلك فان ابا بكر قد فعل ذلك وجعلتموها من فضائله مثل انفاقه كل ما يملك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وللاسلام وابقى الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) لعياله.
وكذلك فقد اقطع عائشة مبدئيا كل ما يملك ثم اوصاها قبل موته (صلى الله عليه وآله)
وقد قال ابن قدامة المقدسي الحنبلي في المغني (6265): فان خص بعضهم - يعني بالعطية - لمعنى يقتضي تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة او زمانة او عمى او كثرة عياله او اشتغاله بالعلم او نحوه من الفضائل.... فقد روي عن احمد ما يدل على جواز ذلك ولذلك يجوز للوالدين اعطاء بعض الابناء ممن يحتاج الى التعلم او الزواج او العلاج او السكن.... دون غيره ممن لا يحتاج الى ذلك ولا يجب عليهما اعطاء مقابل ذلك لمن لا يحتاج من الابناء. أهـ
فاذا وجد المسوغ ارتفعت الحرمة او الكراهة فرسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي لا ينطق عن الهوى لا يمكن ان يفعل شيئا من دون رجحان شرعي.
ودمتم في رعاية الله

, , ,