• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

لوامع التبديل في ضرب علم الجرح والتعديل

اشترط المخالفون لصحة الحديث خمسة شروط وهي: عدالة الراوي (أي كونه ثقة)، ضبطه، اتصال السند، عدم كون الحديث شاذا ولا معلولا.

أما عدالة الراوي، فإن القوم يقبلون روايات جميع الصحابة، مع أن الله تعالى شهد على بعضهم بالنفاق.
وقد نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} في الوليد بن عقبة، وهو صحابي(1).

قال ابن عبد البر: ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت أن قوله عز وجل: {إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} نزلت في الوليد بن عقبة(2).

فيا عجبا كيف أن الله يصف هذا الصحابي بالفاسق، والقوم يصفونه بالعادل، ووالله لا يترضى على الفاسق إلا فاسق مثله.

عن ابن عباس قال: قال الوليدُ بنُ عقبةَ لعليٍّ: أنا أحدُّ مِنك سنانًا و أبسَطُ لسانًا وأملأُ للكَتيبةِ، فقال عليٌّ: اسكُت، فإنَّما أنت فاسِقٌ. فنزلَتْ {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا}(3).
فها قد شهد أمير المؤمنين على هذا الصحابي بأنه فاسق، وعلي عليه السلام لا يخرج منه إلا حق.

فعن أبي سعيد الخدري قال: كنا عندَ بيتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في نفَرٍ من المهاجرينَ والأنصارِ فقال: 《ألَا أُخْبِرُكُمْ بخيارِكُم؟》. قالوا: بلَى. قال: 《خيارُكم الموفونَ المُطَيِّبُونَ، إنَّ اللهَ يُحِبُّ الخفِيَّ التَقِيَّ》. قال: ومرَّ علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ فقال: 《الحقُّ مع ذا، الحقِّ معَ ذَا》(4).

وقال صلى الله عليه وآله: 《عليٌّ مع القرآنِ، والقرآنُ مع عَلِيٍّ، لن يتفرقَا حتى يرِدَا عَلَيَّ الحوْضَ》(5).
والقرآن معصوم من الخطأ، فكذلك من كان معه لا يفارقه أبدا، وإلى هنا ثبت فسق الصحابي الوليد بن عقبة. والفاسق ليس عادلا، فكيف يروي عنه القوم؟

أما شرط الضبط فنقول: من أين لكم أن تثبتوا لنا أن كل الصحابة كانوا ضابطين للحديث، وهم في هذا كغيرهم من الناس، يسمعون ويخطئون، يحفظون وينسون؟ وعلى هذا فالأصل أن كل أحاديث القوم ضعيفة، لعدم ثبوت الضبط لكل من رووا عنه من الصحابة. ومن أراد إثبات ضبطهم فعليه بالدليل.

أما اتصال السند، فهذا غير حاصل ما دام أن عمر منع تدوين الحديث.

عن السائب بن يزيد أنه سمِعَ عُمَرَ يقولُ لأبي هُرَيرةَ: لتَترُكَنَّ الحَديثَ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو لأُلحِقَنَّكَ بأرضِ دَوسٍ. وقال لكَعبٍ: لتَترُكَنَّ الحَديثَ، أو لأُلحِقَنَّكَ بأرضِ القِرَدةِ(6).

وقد استمر منع الحديث إلى عهد عمر بن عبد العزيز الذي تولى الحكم سنة 99 ه. وهذا معناه أنه لم يكن أحد من الأمة يروي حديث رسول الله خلال تلك الفترة. فكيف يدعي البخاري ومسلم وأصحاب السنن اتصال أسانيدهم إلى النبي؟ بينما أحاديثهم كلها منقطعة.
فإن قلت: هناك من كان يحدث خفية. قلت: معناه أن هذا الراوي عصى أمر الخليفة عمر، وقد أمرنا الله بطاعة ولي الأمر، والعاصي لا يكون عادلا.

أما بالنسبة لشروط الراوي الذي تقبل روايته فخمسة: الإسلام، العدالة، البلوغ، العقل، الضبط.

أما الإسلام، فقد روى القوم عن كثير من الكفار.

قال ابن تيمية: وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا، لا يبلغون بضعة عشر نفسا، أو أنهم فسقوا عامتهم: فهذا لا ريب أيضا في كفره(7).
     
والبخاري ومسلم يعتقدان بأن أغلب الصحابة في النار، وأنه لن ينجو منهم إلا مثل همل النعم.

فقد أخرج البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وآله قال:《بَيْنا أنا قائِمٌ إذا زُمْرَةٌ، حتَّى إذا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِن بَيْنِي وبَيْنِهِمْ، فقالَ: هَلُمَّ، فَقُلتُ: أيْنَ؟ قالَ: إلى النَّارِ واللَّهِ، قُلتُ: وما شَأْنُهُمْ؟ قالَ: إنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ علَى أدْبارِهِمُ القَهْقَرَى. ثُمَّ إذا زُمْرَةٌ، حتَّى إذا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِن بَيْنِي وبَيْنِهِمْ، فقالَ: هَلُمَّ، قُلتُ: أيْنَ؟ قالَ: إلى النَّارِ واللَّهِ، قُلتُ: ما شَأْنُهُمْ؟ قالَ: إنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ علَى أدْبارِهِمُ القَهْقَرَى. فلا أُراهُ يَخْلُصُ منهمْ إلَّا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ》(8).

فكيف يقبل القوم روايات البخاري ومسلم وهما كافران؟

جاء في بهجة الفتاوى: ويجب إكفار الخوارج بإكفار عثمان وعلي وطلحة والزبير وعائشة(9).

وقال تقي الدين السبكي: احتج المكفرون للشيعة والخوارج: بتكفيرهم لأعلام الصحابة رضي الله عنهم، وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم في قطعه لهم بالجنة، وهذا عندي احتجاج صحيح، فيمن ثبت عليه تكفير أولئك(10).

وقد حكم البخاري على الخوارج بالكفر، وكذلك كفرهم ابن العربي وابن باز. مع ذلك روى البخاري في صحيحه عن عمران بن حطان وهو خارجي، فكيف يروي عنه البخاري وهو كافر، ويشترط في الراوي أن يكون مسلما؟ وحتى لو لم نقل بكفر الخوارج، فالقدر المتيقن أنهم منافقون، لبغضهم عليا، ولا يبغض عليا إلا منافق، والمنافق لا يكون عادلا، وشرط صحة الحديث: كون الراوي عادلا.

أما النواصب فقد قال ابن عثيمين : النواصب هم الذين ينصبون العداء لآل البيت، ويقدحون فيهم، ويسبونهم(11).

وقال ابن تيمية: والنواصب: الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل(12).
وقال أيضا: ولم يكن كذلك علي، فإن كثيراً من الصحابة والتابعين كانوا يبغضونه ويسبونه ويقاتلونه(13).

ومعلوم أن من يسب عليا عليه السلام ويقاتله فقد آذاه، ومن آذاه فهو ناصبي، فثبت أن كثيرا من الصحابة والتابعين كانوا نواصب، فكيف يقولون بعدالة النواصب؟!

والناصبي منافق إن لم يكن كافرا، لأنه يبغض عليا رضي الله عنه، ولا يبغض عليا كرم الله وجهه إلا منافق، والمنافق لا يكون عادلا.

هذا وقد شهد الله على المنافقين بأنهم كاذبون، قال تعالى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}(14).
فكيف يروى القوم عن النواصب والمنافقين والكاذبين من الصحابة والتابعين؟؟؟!!!

ثم إن كثيرا من الصحابة كان يسب عليا عليه السلام - كما قال ابن تيمية -، بالتالي فقد سب رسول الله صلى الله عليه وآله، ومن سبه فقد سب الله، ومن سب الله فقد كفر.

قال صلى الله عليه وآله: 《مَن سبَّ عليًّا فقد سبَّني، ومَن سبَّني فقد سبَّ اللهَ》(15).

فيا عجبا كيف أن هؤلاء يوثقون النواصب، ويضعفون العدول!

قال ابن حبان: حريز بن عثمان، وكان يلعن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بالغداة سبعين مرة وبالعشي سبعين مرة، فقيل له في ذلك: فقال: هو القاطع رؤوس آبائي وأجدادي بالقوس، وكان داعية إلى مذهبه(16).

وعندهم أن الراوي المبتدع لا تقبل روايته إذا روى ما يؤيد بدعته، لكن إذا كان الراوي ناصبيا فروايته أصح الروايات!!!!

قال الذهبي: حريز بن عثمان ثقة، وهو ناصبي(17).

وحريز هذا روى له الستة، إلا مسلما.

فكيف يروون عن الكفار والمنافقين والنواصب والكاذبين، ويردون رواية الشيعي الذي شهد له النبي صلى الله عليه وآله بالإيمان؟!

قالَ عَليٌّ عليه السلام: والذي فَلَقَ الحَبَّةَ، وبَرَأَ النَّسَمَةَ، إنَّه لَعَهْدُ النبيِّ الأُمِّيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إلَيَّ: 《أنْ لا يُحِبَّنِي إلَّا مُؤْمِنٌ، ولا يُبْغِضَنِي إلَّا مُنافِقٌ》(18).
ومعلوم عند جميع الناس أن الشيعة يحبون عليا سلام الله عليه، فهم إذن مؤمنون.* *وجب الأخذ بروايتهم.

قالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ لعليٍّ عليه السلام:《أما إنّكَ ستلقَى بعدِي جُهداً》،قال:َ فِي سلامةٍ مِن ديني؟ قالَ: 《فِي سلامةٍ مِن دينكَ》(19).
قال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين، وقال الشيخ ثامر جبار عباس القيسي: الحديث ليس على شرط الشيخين ولا أحدهما لأن فيه محمد بن فضيل وهو شيعي محترق، وقد روى ما يؤيد مذهبه(20).

وهذا خالد بن مخلد القطواني أبو الهيثم الكوفي، قال عنه صالح جزرة: ثقة إلا أنه كان متهما بالتشيع(21).

فالقوم يريدون من الراوي أن يبغض عليا ويسبه ويقاتله كي يقبلوا روايته!!!! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وكيف نبغض عليا رضي الله عنه وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وآله بحبه ونصرته، حيث قال:《مَن كنتُ مولاه فهذا مولاه اللهمَّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه وأحبَّ مَن أحبَّه وأبغِضْ مَن يبغضُه وانصرْ مَن نصرَه واخذلْ من خذلَه》(22).

وقال أيضا: 《مَن أحبَّ عليًّا فقد أحبَّني ومَن أحَبَّني فقد أحبَّ اللهَ ومَن أبغَض عليًّا فقد أبغَضني ومَن أبغَضني فقد أبغَض اللهَ》(23).

أما شرط البلوغ فنقول: هذا المسور بن مخرمة يروي قصة خطبة أمير المؤمنين لبنت أبي جهل، مع أن خطبته لها - كما يزعم القوم - كانت بعد زواج علي من السيدة الزهراء، وقد كان زواجهما في السنة 2 للهجرة، مع العلم بأن المسور بن مخرمة ولد في نفس هذه السنة، فلو فرضنا أن خطبة علي لبنت أبي جهل كانت في آخر سنة من حياة النبي (11ه) لكان عمر المسور حينها 9 سنوات على أكثر تقدير، ومعلوم أن الرجل إنما يكون بالغا إذا أكمل 15 سنة. فكيف يروي البخاري عمن لم يبلغ الحلم؟

فالحمد لله على نعمة العقول، واتباع أهل بيت الرسول.

بقلم: السيد الإدريسي الجزائري
------------------------------------------
(1) مسند أحمد 179/14 قال حمزة أحمد الزين: إسناده صحيح.
(2) الإستيعاب 632/3.
(3) سير أعلام النبلاء 413/3 قال الذهبي: إسناده قوي.
(4) مجمع الزوائد 237/7 قال الهيثمي: رجاله ثقات.
(5) المستدرك على الصحيحين 134/3 قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد. وقال الذهبي: صحيح.
(6) سير أعلام النبلاء 601/2 قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
(7) الصارم المسلول ص420.
(8) صحيح البخاري [6587].
(9) بهجة الفتاوى مع النقول ص176.
(10) فتاوى السبكي 569/2.
(11) شرح العقيدة الواسطية 283/2.
(12) مجموع الفتاوى 93/2.
(13) منهاج السنة 137/7.
(14) المنافقون 1.
(15) الجامع الصغير للسيوطي  [8717] قال: صحيح.
(16) كتاب المجروحين 268/1.
(17) الكاشف ص319.
(18) صحيح مسلم [78].
(19) المستدرك على الصحيحين 140/3 قال الحاكم: حديث صحيح على شرط الشيخين.
(20) ما استدركه الحاكم من فضائل علي رضي الله عنه ص94.
(21)) هدي الساري ص400.
(22) مجمع الزوائد 108/9 قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة‏‏.
(23) سلسلة الأحاديث الصحيحة 287/3 قال الألباني: سنده صحيح.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page