لَمَّا مَرِضَتْ فَاطِمَةُ س الْمَرْضَةَ الَّتِي تُوُفِّيَتْ فِيهَا دَخَلَتْ عَلَيْهَا نِسَاءُ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ يَعُدْنَهَا فَقُلْنَ لَهَا كَيْفَ أَصْبَحْتِ مِنْ عِلَّتِكِ يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ
«... فَحَمِدَتِ اللَّهَ وَ صَلَّتْ عَلَی أَبِیهَا صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِه وَ سَلَّم ثُمَّ قَالَتْ: أَصْبَحْتُ وَاللَّهِ عَائِفَةً لِدُنْیَاکُنَّ، قَالِیَةً لِرِجَالِکُنَّ، لَفَظْتُهُمْ بَعْدَ أَنْ عَجَمْتُهُمْ وَ شَنَأْتُهُمْ بَعْدَ أَنْ سَبَرْتُهُمْ، فَقُبْحاً لِفُلُولِ الْحَدِّ وَ اللَّعِبِ بَعْدَ الْجِدِّ وَ قَرْعِ الصَّفَاةِ وَ صَدْعِ الْقَنَاةِ وَ خَطَلِ الْآرَاءِ وَ زَلَلِ الْأَهْوَاءِ وَ «لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَ فِی الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ»، لا جَرَمَ لَقَدْ قَلَّدْتُهُمْ رِبْقَتَهَا وَ حَمَّلْتُهُمْ أَوْقَتَهَا وَ شَنَنْتُ عَلَیْهِمْ غَارَهَا، فَجَدْعاً وَ عَقْراً وَ «بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِینَ». وَیْحَهُمْ أَنَّی زَحزَحوهَا عَنْ رَوَاسِی الرِّسَالَةِ وَ قَوَاعِدِ النُّبُوَّةِ وَ الدَّلالَةِ وَ مَهْبِطِ الرُّوحِ الْأَمِینِ وَ الطَّبِینِ بِأُمُورِ الدُّنْیَا وَالدِّینِ، «أَلا ذلِکَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِینُ».
وَ مَا الَّذِی نَقَمُوا مِنْ أَبِی الْحَسَنِ، نَقَمُوا مِنْهُ وَاللَّهِ نَکِیرَ سَیْفِهِ وَ قِلَّةَ مُبَالاتِهِ بِحَتْفِهِ وَ شِدَّةَ وَطْأَتِهِ وَ نَکَالَ وَقْعَتِهِ وَ تَنَمُّرَهُ فِی ذَاتِ اللَّهِ. وَ تَاللَّهِ لَوْ مَالُوا عَنِ الْمَحَجَّةِ اللائِحَةِ وَ زَالُوا عَنْ قَبُولِ الْحُجَّةِ الْوَاضِحَةِ لَرَدَّهُمْ إِلَیْهَا وَ حَمَلَهُمْ عَلَیْهَا وَ لَسَارَ بِهِمْ سَیْراً سُجُحاً لا یَکْلُمُ خِشَاشُهُ وَ لا یَکِلُّ سَائِرُهُ وَ لا یُمَلُّ رَاکِبُهُ وَ لاوْرَدَهُمْ مَنْهَلاً نَمِیراً صَافِیاً رَوِیّاً تَطْفَحُ ضَفَّتَاهُ وَ لا یَتَرَنَّقُ جَانِبَاهُ وَ لاصْدَرَهُمْ بِطَاناً وَ نَصَحَ لَهُمْ سِرّاً وَ إِعْلاناً وَ لَمْ یَکُنْ یُحَلَّی مِنَ الْغِنَی بِطَائِلٍ وَ لا یَحْظَی مِنَ الدُّنْیَا بِنَائِلٍ، غَیْرَ رَیِّ النَّاهِلِ وَ شُبْعَةِ الْکَافلِ وَ لَبَانَ لَهُمُ الزَّاهِدُ مِنَ الرَّاغِبِ وَ الصَّادِقُ مِنَ الْکَاذِبِ، «وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُری آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَیْهِمْ بَرَکاتٍ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ وَ لکِنْ کَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما کانُوا یَکْسِبُونَ»، «وَ الَّذِینَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَیُصِیبُهُمْ سَیِّئاتُ ما کَسَبُوا وَ ما هُمْ بِمُعْجِزِینَ».
أَلا هَلُمَّ فَاسْتَمِعْ وَ مَا عِشْتَ أَرَاکَ الدَّهْرَ عَجَباً وَ إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ، لَیْتَ شَعْرِی إِلَی أَیِّ سِنَادٍ اسْتَنَدُوا وَ عَلَی أَیِّ عِمَادٍ اعْتَمَدُوا وَ بِأَیَّةِ عُرْوَةٍ تَمَسَّکُوا وَ عَلَی أَیَّةِ ذُرِّیَّةٍ أَقْدَمُوا وَ احْتَنَکُوا «لَبِئْسَ الْمَوْلی وَ لَبِئْسَ الْعَشِیرُ»، «وَ بِئْسَ لِلظَّالِمِینَ بَدَلاً»، اسْتَبْدَلُوا وَاللَّهِ الذَّنَابَی بِالْقَوَادِمِ وَ الْعَجُزَ بِالْکَاهِلِ، فَرَغْماً لِمَعَاطِسِ قَوْمٍ «یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً»، «أَلا إنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لکِنْ لا یَشْعُرُونَ»، وَیْحَهُمْ «أفَمَنْ یَهْدِی إِلَی الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ یُتَّبَعَ أَمَّنْ لا یَهِدِّی إِلا أَنْ یُهْدی فَما لَکُمْ کَیْفَ تَحْکُمُونَ».
أَمَا لَعَمْرِی لَقَدْ لَقِحَتْ فَنَظِرَةٌ رَیْثَمَا تُنْتَجُ، ثُمَّ احْتَلَبُوا مِلْءَ الْقَعْبِ دَماً عَبِیطاً وَ ذُعَافاً مُبِیداً، هُنَالِکَ «یَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ» وَ یُعْرَفُ التَّالُونَ، غِبَّ مَا أسَّسَ الْأَوَّلُونَ ثُمَّ طِیبُوا عَنْ دُنْیَاکُمْ أَنْفُساً وَ اطْمَئِنُّوا لِلْفِتْنَةِ جَأْشاً وَ أَبْشِرُوا بِسَیْفٍ صَارِمٍ وَ سَطْوَةِ مُعْتَدٍ غَاشِمٍ وَ بِهَرْجٍ شَامِلٍ وَ اسْتِبْدَادٍ مِنَ الظَّالِمِینَ، یَدَعُ فَیْئَکُمْ زَهِیداً وَ جَمْعَکُمْ حَصِیداً، فَیَا حَسْرَةً لَکُمْ وَ أَنَّی بِکُمْ وَ قَدْ عَمِیَتْ «عَلَیْکُمْ أَ نُلْزِمُکُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها کارِهُونَ».
الإحتجاج : الطبرسي، أبو منصور ج : 1 ص : 108
خطبة فاطمة الزهراء سلام الله عليها في نساء المهاجرين و الأنصار
- الزيارات: 1249