عنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الصَّلْعِيِّ وَ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ
لمَّا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و اله وَ قُتِلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ تَخَوَّفْتُ عَلَى نَفْسِي الْفِتْنَةَ فَاعْتَزَمْتُ عَلَى اعْتِزَالِ النَّاسِ
فَتَنَحَّيْتُ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَأَقَمْتُ فِيهِ حِيناً لَا أَدْرِي مَا فِيهِ النَّاسُ مُعْتَزِلًا لِأَهْلِ الْهُجْرِ وَ الْأَرْجَافِ
فَخَرَجْتُ مِنْ بَيْتِي لِبَعْضِ حَوَائِجِي وَ قَدْ هَدَأَ اللَّيْلُ وَ نَامَ النَّاسُ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ يُنَاجِي رَبَّهُ وَ يَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ بِصَوْتٍ شَجِيٍّ وَ قَلْبٍ حَزِينٍ فَنُضْتُإِلَيْهِ وَ أَصْغَيْتُ إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَانِي فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ
يا حَسَنَ الصُّحْبَةِ يَا خَلِيفَةَ النَّبِيِّينَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ الْبَدِيءُ الْبَدِيعُ الَّذِي لَيْسَ مِثْلَكَ شَيْءٌ وَ الدَّائِمُ غَيْرُ الْغَافِلِ وَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ أَنْتَ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ أَنْتَ خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ وَ نَاصِرُ مُحَمَّدٍ وَ مُفَضِّلُ مُحَمَّدٍ أَنْتَ الَّذِي أَسْأَلُكَ أَنْ تَنْصُرَ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ وَ خَلِيفَةَ مُحَمَّدٍ وَ الْقَائِمَ بِالْقِسْطِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ اعْطِفْ عَلَيْهِ بِنَصْرٍ أَوْ تَوَفَّاهُ بِرَحْمَةٍ
قالَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَ قَعَدَ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ ثُمَّ إِنَّهُ سَلَّمَ فِيمَا أَحْسُبُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ
ثُمَّ مَضَى فَمَشَى عَلَى الْمَاءِ فَنَادَيْتُهُ مِنْ خَلْفِهِ
كلِّمْنِي يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ
و قَالَ، الْهَادِي خَلْفَكَ فَاسْأَلْهُ عَنْ أَمْرِ دِينِكَ
فقُلْتُ مَنْ هُوَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ
فقَالَ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ مِنْ بَعْدِهِ
فخَرَجْتُ مُتَوَجِّهاً إِلَى الْكُوفَةِ فَأَمْسَيْتُ دُونَهَا فَبِتُّ قَرِيباً مِنَ الْحِيرَةِ
فَلَمَّا أَجَنَّنِي اللَّيْلُ إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ حَتَّى اسْتَتَرَ بِرَابِيَةٍ ثُمَّ صَفَّ قَدَمَيْهِ فَأَطَالَ الْمُنَاجَاةَ وَ كَانَ فِيمَا قَالَ
اللَّهُمَّ إِنِّي سِرْتُ فِيهِمْ مَا أَمَرَنِي رَسُولُكَ وَ صَفِيُّكَ فَظَلَمُونِي فَقَتَلْتُ الْمُنَافِقِينَ كَمَا أَمَرْتَنِي فَجَهِلُونِي وَ قَدْ مَلِلْتُهُمْ وَ مَلُّونِي وَ أَبْغَضْتُهُمْ وَ أَبْغَضُونِي وَ لَمْ تَبْقَ خُلَّةٌ أَنْتَظِرُهَا إِلَّا الْمُرَادِيُّ
اللَّهُمَّ فَعَجِّلْ لَهُ الشَّقَاوَةَ وَ تَغَمَّدْنِي بِالسَّعَادَةِ
اللَّهُمَّ قَدْ وَعَدَنِي نَبِيُّكَ أَنْ تَتَوَفَّانِي إِلَيْكَ إِذَا سَأَلْتُكَ اللَّهُمَّ وَ قَدْ رَغِبْتُ إِلَيْكَ فِي ذَلِكَ
ثُمَّ مَضَى فَقَفَوْتُهُ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام
قالَ فَلَمْ أَلْبَثْ إِذْ نَادَى الْمُنَادِي بِالصَّلَاةِ فَخَرَجَ وَ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَعَمَّمَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ بِالسَّيْفِ
مجموعة ورّام (تنبيه الخواطر و نزهة النواظر) : ورّام بن أبي فراس ج : 2 ص :2