عَنْ أَبِي رَافِعٍ، فِي هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
وَخَلْفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي خَلْفَ عَلِيًّا، يَخْرُجُ إِلَيْه بِأَهْلِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ أَمَانَتَهُ، وَوَصَايَا مَنْ كَانَ يُوصِي إِلَيْهِ، وَمَا كَانَ يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ مِنْ مَالٍ،
فَأَدَّى عَلِيٌّ أَمَانَتَهُ كُلَّهَا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى فِرَاشِهِ لَيْلَةَ خَرَجَ، وَقَالَ: " إِنَّ قُرَيْشًا لَمْ يَفْقِدُونِي مَا رَأَوْكَ "،
فَاضْطَجَعَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَنْظُرُ إِلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَرَوْنَ عَلَيْهِ عَلِيًّا، فَيَظُنُّونَهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا أَصْبَحُوا رَأَوْا عَلَيْهِ عَلِيًّا،
فَقَالُوا: لَوْ خَرَجَ مُحَمَّدٌ لَخَرَجَ بِعَلِيٍّ مَعَهُ، فَحَبَسَهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ عَنْ طَلَبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَأَوْا عَلِيًّا، وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ عَلِيٌّ فِي طَلَبِهِ بَعْدَ مَا أَخْرَجَ إِلَيْهِ أَهْلَهُ يَمْشِي اللَّيْلَ وَيَكْمُنُ النَّهَارَ،
حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُدُومُهُ،
قَالَ: " ادْعُوا لِي عَلِيًّا "،
قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لا يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِيَ،
فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآهُ اعْتَنَقَهُ وَبَكَى، رَحْمَةً لِمَا بِقَدَمَيْهِ مِنَ الْوَرَمِ، وَكَانَتَا تَقْطُرَانِ دَمًا، فَتَفَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدَيْهِ، وَمَسَحَ بِهِمَا رِجْلَيْهِ، وَدَعَا لَهُ بِالْعَافِيَةِ فَلَمْ يَشْتَكِهِمَا حَتَّى اسْتُشْهِدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالى عَنْهُ
اسد الغابه - ط العلميه : ابن الأثير، عزالدین ج : 4 ص : 87