أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيِّ الْمُفَسِّرِ، قَالَ:
رَأَيْتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرَادَ الْهِجْرَةَ، خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِمَكَّةَ لِقَضَاءِ دُيُونِهِ وَرَدِّ الْوَدَائِعِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ، وَأَمَرَهُ لَيْلَةَ خَرَجَ إِلَى الْغَارِ، وَقَدْ أَحَاطَ الْمُشْرِكُونَ بِالدَّارِ، أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ،
وَقَالَ لَهُ: " اتَّشِحْ بِبُرْدِي الْحَضْرَمِيِّ الأَخْضَرِ، فَإِنَّهُ لا يَخْلُصُ إِلَيْكَ مِنْهُمْ مَكْرُوهٌ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى "،
فَفَعَلَ ذَلِكَ،
فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، أَنِّي آخَيْتُ بَيْنَكُمَا، وَجَعَلْتُ عُمْرَ أَحَدِكُمَا أَطْوَلَ مِنْ عُمْرِ الآخَرِ، فَأَيُّكُمَا يُؤْثِرُ صَاحِبَهُ بِالْحَيَاةِ؟
فَاخْتَارَا كِلاهُمَا الْحَيَاةَ،
فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمَا: أَفَلا كُنْتُمَا مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟ !
آخَيْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَبِيِّي مُحَمَّدٍ، فَبَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ، يُفْدِيهِ بِنَفْسِهِ، وَيُؤْثِرُهُ بِالْحَيَاةِ،
اهْبِطَا إِلَى الأَرْضِ فَاحْفَظَاهُ مِنْ عَدُوِّهِ،
فَنَزَلا، فَكَانَ جِبْرِيلُ عِنْدَ رَأْسِ عَلِيٍّ، وَمِيكَائِيلُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ،
وَجِبْرِيلُ يُنَادِي: بَخٍ بَخٍ! مَنْ مِثْلُكَ يَابْنَ أَبِي طَالِبٍ يُبَاهِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الْمَلائِكَةَ! !؟
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي شَأْنِ عَلِيٍّ:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}
---------------------------------------------------------------------------------------------
تفسير الثعلبي (الكشف والبيان) : الثعلبي ج : 2 ص : 126
اسد الغابه - ط العلميه نویسنده : ابن الأثير، عزالدین جلد : 4 صفحه : 87