طباعة

نص الرسالة المرسلة إلى الغامدي

(مع تعديل في التركيب اللفظي والإملائي لبعض المفردات والعبارات)
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل المحقّق الأستاذ سماحة الدكتور أحمد بن سعد حمدان
السلام عليكم
أقدّم شكري الوافر إلى سماحتكم، كما أقدّم ثنائي العطر؛ لما شاهدت من أخلاقكم الحسنة وكرمكم الجميل.
ولقد استفدت من جنابكم كثيراً وأرجو أن يستمرّ هذا اللقاء ولا يكون هذا آخر العهد منكم لنا.
وفي الختام أحبّ أن أقدّم لسماحتكم بعض الأسئلة، راجياً أن أجد عندكم أجوبة مستدلّة ومبرهنة تقنع النفس بها.
فأسأل: ماذا يقول سماحة الأستاذ فيما رواه البخاري وغيره بأنّ عدة من الأصحاب يدخلون النار يوم القيامة، ويقول رسول اللّه’: «يا ربّ أصحابي! أصحابي! فيقال: ما تدري ما أحدثوا بعدك، فإنّهم ارتدّوا بعدك على أعقابهم».
ألم يكن في مضمون هذه الروايات مخالفة لوثاقة الأصحاب؟
وماذا تقول فيما ورد من سبّ الأصحاب بعضهم بعضاً؟ هل يوجب الفسق في السابّ أم لا؟
أو أن الاجتهاد والخطأ والوصول إلى أجر واحد، يختصّ بالأصحاب فقط، أو نقول بأنه يعمّ غيرهم من الفقهاء وأصحاب الفتيا؟
وماذا تقول فيما جرى على بعض الأصحاب من الحدّ، فهل يكشف ذلك عن فسقهم أم لا؟
وماذا تقول فيمن أمر بقتل عثمان من الأصحاب أو اشترك في قتله؟ هل تحكم فيهم بأنّهم اجتهدوا وأخطأوا ولهم أجر واحد أم لا؟
ثم إنه قد ورد في الروايات المتعدّدة بأنّ النبيّ’ قال: «فاطمة بضعة منّي من آذاها فقد آذاني»، وورد أيضاً: «بأنّ فاطمة هجرت أو غضبت على أبي بكر ولم تكلّمه حتّى ماتت».
وكما صرّحتم في كلامكم بأنّ فاطمة ماتت وهي غاضبة على أبي بكر.
فهل هذا لا يتعارض مع ما دلّ على حرمة إيذاء الرسول’؟!
ثم إنه قد ورد في الروايات الكثيرة بأنّ النبيّ قال عند موته: «ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً» ومنعه عمر وقال: «إنّ النبيّ قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب اللّه»، بحيث تأذى رسول اللّه وقال: «قوموا عنّي». فهل يكون عمر أعلم من النبيّ بمصالح الأمّة؟ وهل أن رسول اللّه لم يكن يعلم أن كتاب الله لا يكفي للناس؟ ألا يعد هذا منافياً لقوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى}([103]).
وسمعت من سماحتكم بأنّ قوله تعالى: {وَالطَّيباتُ لِلطَّيِّبِينَ}([104]) يدلّ على أنّ عائشة أمّ المؤمنين، كانت طيّبة؛ لكون النبيّ من الطيّبين.
فماذا يقول سماحة الأستاذ في توجيه هذه الآية، وما في قوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امْرَأَتَ نُوح وامْرَأَتَ لُوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}([105])؟ فهل النبيّ نوح لم يكن طيّباً وكذلك لوط؟
وقد أشرتم في مطاوي كلامكم بأنكم تعتقدون أنّ تسعين بالمائة مما في الكافي مما هو منقول عن الصادق كذب، فكيف يمكن التوفيق بين كلامكم هذا مع ما قاله الذهبي: «فلو ردّ حديث هؤلاء (الرواة الشيعة) لذهب جملة من الآثار النبويّة وهذه مفسدة بيّنة»([106]).
فيا حبذا لو أوضحتم كلامكم هذا وأجبتم عنه بأدلّة مقنعة، فنكون لكم من الشاكرين.       
أبو مهدي محمد الحسيني القزويني / 17 رمضان المبارك 1423هـ
---------------------------------------
([103]) النجم: 3ـ 4.

([104]) النور: 26.

([105]) التحريم: 10.

([106]) الذهبي، ميزان الاعتدال: ج1 ص5، الناشر: دار المعرفة ـ بيروت. الذهبي، سير أعلام النبلاء: ج1 ص59، الناشر: مؤسسة الرسالة ـ بيروت.