طباعة

الإنفاق الكثير في غير طاعة الله

الإنفاق الكثير في غير طاعة الله

 

 

«ورأيت الرجل يُنفق الكثير في غير طاعة الله ويمنع اليسير في طاعة الله»([1]).

هناك الكثير ممَّن يُنفق في لعب القمار، وفي بلدان الغرب الذين أُشتهروا بالقمار ولعبوا القمار، حيث الصّالات الكبيرة المؤثّثة والمفروشة والمنوّرة وعليها حُرّاس يحرسون لاعبوا القمار وإلى جوارها بارات الخمر وصالات الرقص والغناء، والأكل ممَّا لذَّ وطاب، وصالات عرض الأزياء، كلّ ذلك تشويقاً للعب القمار، وهناك الكثير ممَّن تولّعوا في بناء دور السينما أو حانة لشرب الخمر، تُعرض فيها الأفلام التي تثير المشاعر الجنسيّة، أو تعرض مشاهد السطو والسرقة والقتل، وهناك مَن تولّع في بناء القصور، ويُقال: إنَّ صدّام كانت له قصور، مجموع مساحتها أكبر من مساحة جمهوريّة لبنان، وكان آخر عهده، أن أخرج من بالوعة في مكان بعيد عن الأنظار، فكيف به وعذاب القبر وضيقه ووحشته وسؤال منكر ونكير، لقد أنفق هذا المتجبّر مليارات الدولارات على ملاذّه، وشهواته ورغباته، وعلى التصنيع العسكري وعلى دعم الأنظمة العربيّة التي تدافع اليوم عنه حتّى ظهر أنَّه مدين بأكثر من مائة وعشرين ألف ألف دولار (مائة وعشرون مليارد دولار) إلاّ أنَّه ترك شعب العراق يرزح تحت كابوس الفقر والجوع والمرض، والحقد يملأ القلوب والنفوس، تتغلّب عليهم القوى السبعيّة والحيوانيّة، وزرع أسباب الفرقة بين الشعب الواحد حتّى طال حكمه وملّته رفاقه، فخانوا به وتعاونوا فأوقعوه، وأسقطوا أُسطورة القائد الضرورة، في حين أعطى أُجور تهديم منشآته العسكريّة بالعملة الصعبة، وهناك الكثير من أصحاب رؤوس الأموال من الخليج والجزيرة من شمال أفريقيا، يصرفون المبالغ الطائلة ولكنّهم لا يساعدون المؤسّسات الخيريّة، مثل: مؤسسة رعاية الأيتام، أو المعوّقين والعجزة، أو الفقراء من المؤمنين، أو معالجة المرضى الذين لا يجدون القدرة على مصارف وطلبات المستشفيات، ولا يخرجون ما جعله الله في أموالهم: (وَفِي أمْوَلِهِم حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلْسَّائِلِ وَالمَحْرُومِ)([2])، لا يفكّرون إلاّ في الربا والتحايل على النّاس لزيادة الرصيد والتفاخر، وهم في غفلة عن أمرهم، إنَّ الأموال في حلالها حساب وفي حرامها عقاب وفي الشبهات عتاب.

والمهم عندهم جمع المال وتكديسه، وجعله منقولاً وغير منقول.

وهناك الكثير ممَّن يملكون الأموال الطائلة ولا يزكّونها ولا يخمّسونها وهي من الغنائم التي أوجب الله تعالى فيها: (إنَّمَا غَنِنْتُم مِنْ شَيء فَإنَّ للهِ خُمُسَهُ وَللرَّسُولِ وَلِذي القُرْبَى...)([3]).

ولا يذهبون إلى الحجّ وينسون قوله (صلى الله عليه وآله): «مَن استطاع ولم يحجّ ومات فإن شاء فليمت يهوديّاً أو نصرانيّاً أو مجوسيّاً»، لئلاّ يخمِّسوا ويزكّوا ما يملكون لئلاّ تنقص أموالهم ويقلّ رصيدهم فلا يتفاخرون بها.

وهناك الكثير ممَّن يملكون الأموال الطائلة ولا يساعدون المنظّمات الجهاديّة، فتفوتهم فرصة الإشتراك في الجهاد، حتّى إذا ماتوا ذهبوا وذهبت أموالهم وسوف يحاسبون عليها.

فالمال الذي لا يُصرف لوجه الله ولا تمدّ اليد به إلى المحتاج المتعفِّف هو من قبيل العدوّ الذي يتربّص به الدوائر، لأنَّه سيصرف المال في غير حلّه، وإنَّ الله ليس بغافل عمَّا يعمل الظالمون.

نعم، المال والبنون رينة الحياة الدنيا: (المَالُ وَالبَنُونُ زِيْنَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا)([4])، ومثل هؤلاء الكثير في زماننا، والذي وسَّع الله في رزقه يعني جعله أميناً على حقوق الغير، وفي حالة عدم إعطائه الحقوق يكون طامحاً في حقوق الغير وخائناً لتلك الأمانة ومحارباً لله وللرسول (صلى الله عليه وآله) وللأئمّة الهداة الميامين (عليهم السلام).

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) روضة الكافي، الكليني، ج 8، ص: 35، دار الأضواء، بيروت ـ لبنان.

([2]) المعارج / 25.

([3]) الأنفال / 41.

([4]) الكهف / 46.