• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مقدّمة المؤلّف

مقدّمة المؤلّف

وممّا شِيء من جهته لحديث الغدير الخلود والنشور، ولمفاده التحقّق والثبوت، اتّخاذه عيداً يُحتفل به وبليلته بالعبادة والخشوع، وإدرار وجوه البرّ، وصلة الضعفاء، والتوسّع على النفس والعائلات، واتّخاذ الزينة والملابس القشيبة.
فمتى كان للملأ الديني نزوعٌ إلى تلكم الأحوال فبطبع الحال يكون له اندفاعٌ إلى تحرّي أسبابها، والتثبّت في شؤونها، فيفحص عن رواتها، أو أنّ الإتّفاق المقارن لهاتيك الصفات يوقفه على من ينشدها ويرويها، وتتجدّد له وللأجيال في كلّ دور لفتةٌ إليها في كلّ عام، فلا تزال الأسانيد متواصلة، والطرق محفوظة، والمتون مقروءة، والأنباء بها متكرّرة.
[ صلة المسلمين بعيد الغدير ]
إنّ الذي يتجلّى للباحث حول تلك الصفة أمران:
الأوّل: أنّه ليس صلة هذا العيد بالشيعة فحسب، وإن كانت لهم به علاقة خاصّة، وإنّما اشترك معهم في التعيّد به غيرهم من فرق المسلمين:
فقد عدّه البيروني في الآثار الباقية في القرون الخالية : 334 : ممّا استعمله أهل الإسلام من الأعياد.
وفي مطالب السؤول لابن طلحة الشافعي : 53 : يوم غدير خمّ، ذكره (أمير المؤمنين) في شعره(1)، وصار ذلك اليوم عيداً وموسماً، لكونه كان وقتاً نصّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بهذه المنزلة العليَّة، وشرَّفه بها دون الناس كلِّهم.
وقال ص 56: وكلّ معنى أمكن إثباته ممّا دلَّ عليه لفظ المولى لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد جعله لعليٍّ، وهي مرتبةٌ ساميةٌ، ومنزلةٌ سامقةٌ، ودرجة عليَّةٌ، ومكانةٌ رفيعةٌ، خصّصه بها دون غيره، فلهذا صار ذلك اليوم يوم عيد وموسم سرور لأوليائه. انتهى.
تفيدنا هذه الكلمة اشتراك المسلمين قاطبة في التعيّد بذلك اليوم، سواء رجع الضمير في (أوليائه) إلى النبيِّ أو الوصيِّ صلّى الله عليهما وآلهما.
أمّا على الأوَّل: فواضح.
وأمّا على الثاني: فكلّ المسلمين يوالون أمير المؤمنين عليّاً شرع، سواء في ذلك من يواليه بما هو خليفة الرسول بلا فصل، ومن يراه رابع الخلفاء، فلن تجد في المسلمين من ينصب له العداء، إلاّ شذّاذ من الخوارج مرقوا عن الدين الحنيف.
وتقرئنا كتب التاريخ دروساً من هذا العيد، وتَسالُم الأُمَّة الإسلاميَّة عليه في الشرق والغرب، واعتناء المصريِّين والمغاربة والعراقيِّين بشأنه في القرون المتقادمة، وكونه عندهم يوماً مشهوداً للصلاة والدعاء والخطبة وإنشاد الشعر على ما فُصِّل في المعاجم.
ويظهر من غير مورد من الوفيات لا بن خلكان التسالم على تسمية هذا اليوم عيداً:
ففي ترجمة المستعلي ابن المستنصر 1 : 60: فبويع في يوم عيد غدير خمّ، وهو الثامن عشر من ذي الحجَّة سنة 487(2).
وقال في ترجمة المستنصر بالله العبيدي 2 : 223: وتوفّي ليلة الخميس لاثنتي عشر ليلة بقيت من ذي الحجَّة سنة سبع وثمانين وأربعمائة رحمه الله تعالى. قلت: وهذه الليلة هي ليلة عيد الغدير، أعني ليلة الثامن عشر من ذي الحجَّة، وهو غدير خُمّ ـ بضم الخاء وتشديد الميم ـ ورأيت جماعة كثيرة يسألون عن هذه الليلة متى كانت من ذي الحجَّة، وهذا المكان بين مكّة والمدينة، وفيه غدير ماء ويقال: إنّه غيضة هناك، ولمّا رجع النبي (صلى الله عليه وسلم)
من مكّة شرَّفها الله تعالى عام حجَّة الوداع ووصل إلى هذا المكان وآخى عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: «عليُّ مني كهارون من موسى، اللهمَّ وال مَن والاه، وعاد من عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله»، وللشيعة به تعلّق كبير. وقال الحازمي: وهو واد بين مكّة والمدينة عند الجحفة ] به [ غدير عنده خطب النبيُّ (صلى الله عليه وسلم) ، وهذا الوادي موصوفٌ بكثرة الوخامة وشدَّة الحرّ. انتهى(3).
وهذا الذي يذكره ابن خلكان من كبر تعلّق الشيعة بهذا اليوم هو الذي يعنيه المسعودي في التنبيه والاشراف : 221 بعد ذكر حديث الغدير بقوله: ووُلد عليٍّ (رضي الله عنه) وشيعته يعظمون هذا اليوم.
ونحوه الثعالبي في ثمار القلوب ـ بعد أن عدَّ ليلة الغدير من الليالي المضافات المشهورة عند الأُمَّة ـ بقوله ص511: وهي الليلة التي خطب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غدها بغدير خمّ على أقتاب الإبل، فقال في خطبته: «مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر مَن نصره، واخذل مَن خذله»، فالشيعة يعظِّمون هذه الليلة ويُحيونها قياماً. انتهى(4).
وذلك ] لـ ] اعتقاهم وقوع النصِّ على الخلافة بلا فصل فيه، وهم وإن انفردوا عن غيرهم بهذه العقيدة، لكنّهم لم يبرحوا مشاطرين مع الأُمة التي لم تزل ليلة الغدير عندهم من الليالي المضافة المشهورة، وليست شهرة هذه الاضافة إلاّ لاعتقاد خطر عظيم، وفضيلة بارزة في صبيحتها، ذلك الذي جعله يوماً مشهوداً أو عيداً مباركاً.
ومن جرّاء هذا الإعتقاد في فضيلة يوم الغدير وليلته وقع التشبيه بهما في الحسن والبهجة.
قال تميم بن المعزّ صاحب الديار المصريَّة المتوفّى 374 من قصيدة له ذكرها الباخرزي في دمية القصر : 38:

• تروح علينا بأحداقها نواعمُ لا يستطعن النهوض حَسُنَّ كحُسن ليالي الغدير وجئنَ ببهجة أيّامهنَّهْ
• حِسانٌ حكتهنَّ من نشرِ هنَّهْ إذا قمن من ثِقل أردافِهنَّهْ وجئنَ ببهجة أيّامهنَّهْ وجئنَ ببهجة أيّامهنَّهْ
ومّما يدل على ذلك: التهنئة لأمير المؤمنين (عليه السلام) من الشيخين وأمهات المؤمنين وغيرهم من الصحابة بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، كما ستقف على ذلك مفصَّلا إن شاء الله، والتهنئة من خواصّ الأعياد والأفراح.
[ مبدأ عيد الغدير ]
الأمر الثاني: إن عهد هذا العيد يمتد إلى أمد قديم متواصل بالدور النبويّ، فكانت البدأة به يوم الغدير من حجّة الوداع بعد أن أصحر نبيُّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) بمرتكز خلافته الكبرى، وأبان للملأ الديني مستقر إمرته من الوجهة الدينيَّة والدنيويَّة، وحدَّد لهم مستوى أمر دينه الشامخ، فكان يوماً مشهوداً يسرُّ موقعه كلّ معتنق للاسلام، حيث وضح له فيه منتجع الشريعة، ومنبثق أنوار أحكامها، فلا تلويه من بعده الأهواء يميناً وشمالاً، ولا يسفّ به الجهل إلى هوّة السفاسف وأيّ يوم يكون أعظم منه؟ وقد لاح فيه لاحب السنن، وبان جدد الطريق، وأكمل فيه الدين، وتمَّت فيه النعمة، ونوّه بذلك القرآن الكريم.
وإن كان حقّاً اتخاذ يوم تسنّم فيه الملوك عرش السلطنة عيداً يحتفل به بالمسرّة والتنوير وعقد المجتمعات وإلقاء الخطب وسرد القريض وبسط الموائد كما جرت به العادات بين الأمم والأجيال، فيوم استقرّت فيه الملوكيّة الإسلاميّة والولاية الدينيّة العظمى لمن جاء النصّ به من الصادع بالدين الكريم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، أولى أن يُتّخذ عيداً يُحتفل به بكلّ حفاوة وتبجيل، وبما أنّه من الأعياد الدينية يجب أن يزاد فيه على ذلك بما يقرّب إلى الله زلفى من صوم وصلاة ودعاء وغيرها من وجوه البرّ، كما سنوقفك عليه في الملتقى إن شاء الله تعالى.
ولذلك كلّه أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) مَن حضر المشهد من أُمته، ومنهم الشيخان ومشيخة قريش ووجوه الأنصار، كما أمر أُمَّهات المؤمنين، بالدخول على أمير المؤمين (عليه السلام) وتهنئته على تلك الحظوة الكبيرة بإشغاله منصَّة الولاية ومرتبع الأمر والنهي في دين الله.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page