موقف الإمام الرضا من ولاية العهد
بعد المنازلة التي حصلت بين المأمون والأمين وانتهائها بقتل المأمون لأخيه الأمين وأصبح هو الخليفه من بعده. فكّر المأمون وبما يملك من دهاء أنّ يتخلّصَ من خصومهِ وعلى رأسهم التيارات الشيعيه التي شعر بأنها تقصُّ مضجعه فاستدعى الإمام الرضا علیه السلام ليكون ولياً للعهد من بعده لكي يطفئ جذوة الثائرين والمطالبين بحق آل البيت في خلافة جدهم (ص) وما أن وصل الإمام إلى خراسان حتى لقي الترحيب والإكرام من قبل المأمون. بعد أن وصل برفقتهِ الجلودي من مدينة جدّه رسول الله (ص).
وأخبره المأمون أنّهُ سيخلع نفسه من الخلافة ويوليه إيّاها فرفضَ الإمام علیه السلام هذا العرض بشدّةٍ بعد أن خلا به المأمون ومعهما ذو الرياستين الفضل بن سهل. واستخدم مع الإمام أسلوباً ذا حدّين بقوله للإمام الرضا علیه السلام:
إنَّ عمر بن الخطّاب جعل الأمر شورى في ستة أشخاص أحدهم جُّدك أمير المؤمنين، وشرط فيمن خالف ذلك أنّ تُضرب عنقه، فلابدّ من قبول ما أريدهُ منك. فقال الإمام الرضا علیه السلام: « أجيبك إلى ما تريد من ولاية العهد، على أني لا أمر ولا أنهى، ولا أفتي ولا أقصي، ولا أوَلّي ولا أعزل ولا أغيّر شيئاً مما هو قائم ». فأجابه المأمون إلى ذلك كُلّه[1].
وذكر رواة السير أنّ المأمون لما أراد العقد بولاية العهد للإمام الرضا علیه السلام أحضر الفضل بن سهل والحسن بن سهل وأعلمهما بما عزم عليه وقال: إنّي عاهدت الله تعالى إنني إن ظفرت بالمخلوع ـ ويقصد الأمين ـ أخرجت الخلافة إلى أفضل آل أبي طالب، وما أعلم أحداً على وجه الأرض أفضل من هذا الرجل ـ ويقصد به الإمام الرضا علیه السلام ـ. وبعد موافقة الإمام الرضا علیه السلام على هذا العرض الذي لا بديل له، فأعلم الفضل بن سهل الناس بذلك، ثم أمر المأمون بلبس اللون الأخضر وحَضرَ الناس بيعة الإمام علیه السلام، وكان أولُ المبايعين للإمام العباس بن المأمون ثم بقيّة الناس، ثم تقدم الإمام علیه السلام بعد البيعة فخطب في الناس قائلاً:
إن لنا عليكم حقّا ً برسول الله (ص) ولكم علينا حقّا ً، فإن أديتم الينا ذلك الحق وجب حقّكم، ثم أمر المأمون فضربت الدراهم وطُبع عليها إسم الإمام الرضا علیه السلام.