وفاة موسى عليه السلام
عن ابن عمارة ، عن ابيه قال : قلت للصادق جعفر بن محمد عليه السلام : اخبرني بوفاة موسى بن عمران عليه السلام فقال له : انه لما اتاه اجله واستوفى مدته وانقطع اكله اتاه ملك الموت فقال له : السلام عليك يا كليم الله.
فقال موسى : وعليك السلام من انت قال : انا ملك الموت.
قال ما الذي جاء بك ؟ قال : جئت لاقبض روحك.
فقال له موسى عليه السلام : من اين تقبض ورحي ؟ قال : من فمك.
قال له موسى عليه السلام : كيف وقد كلمت ربي جل جلاله ؟ قال : فمن يديك.
قال : كيف وقد حملت بهما التوراة ؟ قال : فمن رجليك ، قال : كيف وقد وطئت بهما طور سيناء ؟
قال : فمن عينيك قال : كيف ولم تزل الى ربي بالرجاء ممدودة ؟ قال فمن اذنيك قال : وكيف وقد سمعت بهما كلام ربي جل وعز ؟
قال : فاوحى الله تبارك وتعالى الى ملك الموت ؟ لا تقبض روحه حتى يكون هو الذي يريد ذلك.
وخرج ملك الموت فمكث موسى ما شاء الله ان يمكث ، وبعد ذلك ، دعا يوشع بن نون فاوصى اليه وامره بكتمان امره وبان يوصي بعده الى من يقوم بالامر.
وغاب موسى عليه السلام عن قومه فمر في غيبته برجل وهو يحفر قبرا ، فقال له : الا اعينك على حفر هذا القبر ؟ فقال له الرجل : بلى ، فاعانه حتى حضر القبر وسوى اللحد ، ثم اضطجع فيه موسى بن عمران عليه السلام لينظر كيف هو ، فكشف له عن الغطاء فرأى مكانه من الجنة ، فقال : يا رب اقبضني اليك ، فقبض ملك الموت روحه مكانه ، ودفنه في القبر ، وسوى عليه التراب.
وكان الذي يحفر القبر ملك في صورة آدمي ، وكان ذلك في التيه ، فصاح صائح من السماء : مات موسى كليم الله ، فاي نفس لا تموت (1).
عن عبد الله بن مسعود قال : قلت للنبي صلى الله عليه واله وسلم : يا رسول الله من يغسلك اذا مت ؟ فقال : يغسل كل نبي وصيه ، قلت : فمن وصيك يا رسول الله ؟ قال : علي بن ابي طالب ، فقلت : كم يعيش بعدك يا رسول الله ؟ قال : ثلاثين سنة.
فان يوشع بن نون وصي موسى عاش من بعده ثلاثين سنة ، وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوج موسى فقالت : انا احق بالامر منك ، فقاتلها فقتل مقاتلتها واسرها فاحسن اسرها ، وان ابنة ابي بكر ستخرج على علي في كذا وكذا الفا من امتي فيقاتلها فيقتل مقاتلتها وياسرها فيحسن اسرها ، وفيها انزل الله تعالى : « وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى » (2) يعني صفراء بنت شعيب « اي بمعنى لا تبرجن كما تبرجت صفراء بنت شعيب في الجاهلية الاولى » (3). وذلك لما توفي موسى عليه السلام قام بالامر يوشع بن نون ، واوذي من قبل الطواغيت وصبر على الاذي والضراء والجهد حتى مضى منهم ثلاثة طواغيت فقوي بعدهم امره فخرج عليه رجلان من منافقي قوم موسى واخرجوا معهم ـ صفراء بنت شعيب ـ امرأة موسى عليه السلام في مائة الف رجل فقاتلوا يوشع بن نون فغلبهم وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وهزم الباقين باذن الله تعالى ، واسر صفراء بنت شعيب ، وقال لها : قد عفوت عنك في الدنيا الى ان نلقي نبي الله موسى فاشكو اليه ما لقيت منك ومن قومك.
فقالت صفراء : واويلاه ، والله لو ابيحت لي الجنة لاستحييت ان ارى فيها رسول الله وقد هتكت حجابه وخرجت على وصيه بعده (4).
________________________________________
1 ـ بحار الانوار : ج 13 ص 365.
2 ـ الاحزاب : 33.
3 ـ كمال الدين : 17 وللحديث ذيل طويل.
4 ـ كمال الدين : 91 ـ 92 وامالي الصدوق : 140.