مكيدة الطاغية هشام مغادرة الإمام (عليه السلام) دمشق
أمر الطاغية هشام إغلاق جميع الحوانيت في دمشق بوجه الإمام خوفاً أن يفتتن الناس به، ويتبلور الرأي العام ضد بني أمية فأوعز إلى الأسواق في جميع المدن بإغلاق محلاتها التجارية الواقعة في طريق الإمام (عليه السلام). وقد أراد بذلك هلاك الإمام (عليه السلام) والقضاء عليه وعلى من معه. سارت قافلة الإمام (عليه السلام) وقد أضناها الجوع والعطش فاجتازت على بعض المدن فبادر أهلها إلى إغلاق محلاتهم بوجه الإمام، ولما رأى (عليه السلام) ذلك صعد على جبل هناك ورفع صوته قائلاً:
(يا أهل المدينة الظالم أهلها، أنا بقية الله، يقول الله تعالى: (بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ)[1] وما أنهى الإمام هذه الكلمات حتى بادر شيخ من شيوخ المدينة فنادى أهل قريته قائلاً: (يا قوم هذه والله دعوة شعيب، والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذ من فوقكم، ومن تحت أرجلكم فصدقوني هذه المرة، وأطيعوني، وكذبوني فيما تستأنفون فإني ناصح لكم).
فزع أهل المدينة فاستجابوا لدعوة الشيخ الذي نصحهم، ففتحوا حوانيتهم واشترى الإمام (عليه السلام) وقافلته ما أرادوه من المتاع [2] وفشلت بذلك مكيدة الطاغية، وقد انتهت إليه الأنباء، فلم يقف عند هذا الحد حتى دس إليه السم كما ذكرنا.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] سورة هود، الآية 86.
[2] المناقب ج4 ص 690 والبحار ج11 ص 75.