تعزية المسلمين للإمام الصادق (عليه السلام)
عندما عم الخبر هرع المسلمون من كل حدب وصوب إلى الإمام الصادق والحزن يدمي قلوبهم ليعزوه بمصابه ومصابهم الأليم، وليشاركوه اللوعة والأسى بفقد أبيه. وممن وفد عليه يعزيه سالم بن أبي حفصة. قال: لما توفي أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، قلت لأصحابي انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله جعفر بن محمد فأعزيه به، فدخلت عليه فعزيته. وقلت له: (إنا لله، وإنا إليه راجعون) ذهب والله من كان يقول: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): فلا يسأل عمن بينه وبين رسول الله والله لا يرى مثله أبداً. قال: وسكت الإمام أبو عبد الله (عليه السلام) ساعة ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم: قال الله تبارك وتعالى:
إن من عبادي من يتصدق بشق من تمرة فأربيها له، كما يربي أحدكم فلوه[1].
وخرج سالم بعد أن أخذ العجب منه مأخذه والتفت إلى أصحابه قائلاً: ما رأيت أعجب من هذا كنا نستعـــظم قول أبـــي جعفر (عليه السلام) قال رســـول الله (صلّى الله عليه وآله) بلا واسطة، فقـــال لي أبو عـــبد الله (عليه السلام): قال الله بلا واسطة [2].
ولا عجب ولا غرابة فالإمام الصادق (عليه السلام) ابن أبيه وحديثه مستمد من أحاديث آبائه الذين زقوا العلم زقاً وأخذوا علومهم من جدهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الفلو: المهر الصغير والأنثى فلوة والجمع أفلاء.
[2] أمالي الشيخ الطوسي ص 125.