• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الحاجةُ إلى التعارف

الحاجةُ إلى التعارف

{ وجعلناكُم شُعوباً وقبائل لتعارفوا }
جاء الإسلامُ والشعوبُ متفرّقةٌ متناكرة ، بل ومتصارعة متناحرة ، ولكن سرعانَ ما حلَّ التعارفُ محلّ التناكر ، والتعاونُ محلّ التخاصم ، والتواصل محلّ التدابر ، بفضل تعاليم الإسلام التوحيديّة ، فكانت المحصَّلة أن ظَهرتْ إلى الوجود تلك الأُمّة الواحدةُ العظيمة التي قدّمت ذلك العطاء الحضاريّ العظيم ، كما وحَمَت شعوبها من كلّ غاشم وظالم وصارت تلك الأُمّة المحترَمةُ بين شعوبِ العالَم وتلك الكتلة المُهابة في عيون الطغاة والجبّارين .
ولم يكن ليتحقّق ذلك ـ كلُّه ـ إلاّ بسبب وحدتها ، وتواصُل شعوبها الذي حصلتْ عليه تحت مظلّةِ الإسلام ، رغم تنوُّعِ الأجناس ، واختلافِ الاجتهادات ، وتعدّدِ الثقافات وتباين الأعرافِ والتقاليد ، إذ كان يكفي الاتفاقُ في الأصول والأسس ، والفرائض والواجبات ، فالوحدةُ قوّة ، والفُرقة ضَعفٌ .
وجرى الأمر على هذا المنوال حتّى انقلب التعارفُ إلى تناكر ، والتفاهم إلى تنافر ، وكفّرتِ الجماعاتُ بعضها بعضاً ، وضربتِ الفصائل بعضها بعضاً فزالتِ العزّةُ وتحطّمت الشّوكة وسقطت الهيبةُ واستخفّت الطغاة بتلك الأُمّة الرائدة القائدة حتّى جالت في ربوعها الثعالبُ والذؤبان ، وجاست خلال ديارها شذّاذُ الآفاق وملاعين الله ومغضوبو البشريّة ، فثرواتُها منهوبة ، ومقدّساتها مُهانة ، وأعراضها تحت رحمة الفجّار ، وسقوطاتٌ تلو سقوطات ، وهزائمُ إثر هزائم ، وانتكاساتٌ في الأندلس وبخارى وسمرقند وطاشقند وبغداد ، قديماً وحديثاً وفلسطين وأفغانستان .
وإذا هي تدعو فلا تُجاب ، وتستغيثُ فلا تُغاث ، كيفَ والدّاءُ شيءٌ آخر ، كما وإنّ الدواء شيء آخر كذلك ، وقد أبى الله أن يجري الأُمور إلاّ بأسبابها ، ولا يصلُحُ آخر أمرِ هذه الأُمّة إلاّ بما صَلُح به أوّلها؟
واليومَ إذ تتعرّض الأُمّة الإسلاميّة لأبشع حملة ضدّ كيانها ، وعقيدتها ولأشرس هجمة ضدّ وحدتها ، من خلال إيجاد الخلل في تعايشها المذهبي ، والاجتهادي ، وتكاد هذه الحملة تؤتي ثمارَها وتُعطي نتائجها ، أليسَ من الحَريِّ بها بأن تزيد من رصّ الصفوف وتمتين العلاقات ، وهي رغم تنوّعها المذهبيّ تشترك في الكتاب والسنّة مصدراً ، وفي التوحيد والنبوّة والإيمان بالآخرة عقيدةً ، وفي الصلاة والصيام والحجّ والزكاة والجهاد والحلال والحرام شريعةً وفي مودّة النبيّ الأطهر وأهل بيته صلوات الله عليهم سهم وِلاء ، ومن أعدائهم بَراءً وقد تتباين بعض الشيء في هذا الأمر شدّةً وضعفاً؟ فهي كأصابع اليد الواحدة في الانتهاء إلى مفصل واحد ، وإن اختلفت طولا وعرضاً وشَكلا بعضَ الشيء ، أو هي كالجَسَد الواحد في تعدّد جوارحِه من جهة وتعاونها في تفعيل الدَّورِ الجَسَدانيّ في الكيان البشريّ من جهة أخرى مع وجودِ الاختلاف في أشكالها .
ولا يبعدُ أن تكونَ الحكمة في تشبيه الأمّة الإسلاميّة باليد الواحدة تارةً ، وبالجسد الواحد تارة أخرى ، هي الإشارة إلى هذه الحقيقة .
لقد كان العلماء من مختلف الفرق والمذاهب الإسلامية سابقاً ، يعيشون جنباً إلى جنب من غير تنازع أو صدام ، بل لطالما تعاونوا فيما بينهم ، فشَرح بعضهم كتاب الآخر كلاميّاً كان أو فقهيّاً ، وتلمّذ بعضهم على بعض وأشاد البعضُ بالآخر ، وأيّد بعضهم رأي الآخر ، وأعطى بعضهم إجازة الرواية للبعض الآخر ، واستجاز بعضهم البعض لنقل الرواية من كتب مذهبه وطائفته ، وصلّى بعضهم خلفَ الآخر ، وائتمَّ به وزكّى بعضهم الآخر ، واعترف بعضُهم بمذهب الآخر ، بل وكانت هذه الطوائف في مستوى جماهيرها تعيش جنباً إلى جنب في وداد ووئام ، حتّى يبدو وكأنّهم لا خلافَ بينهم ولا تباين ، وإن كان يَتَخلّل كلّ ذلك بعضُ النقد والردّ ، إلاّ أنّه كان على الأغلب نقداً مؤدّباً ، ومهذّباً ، وردّاً علمياً ، وموضوعياً .
وثمة أدلّة حيّة وتاريخيّة عديدة على هذا التعاون العميق والعريض ، وقد أثرى العلماءُ المسلمون بهذا التعاون التراث والثقافة الإسلامية ، كما ضربوا بذلك أروع الأمثلة في الحريّة المذهبيّة ، هذا بالإضافة إلى أنّهم استقطبوا من خلال هذا التعاون اهتمام العالم بهم وكسبوا احترامهم .
إنّه ليس من الصعب أن تجتمع علماءُ الأمّة ويتناقشوا بهدوء وموضوعيّة ، وبإخلاص وصدق نيّة ، في ما اختلفت فيه الطوائفُ وللتعرّف على أدلّة كلِّ طائفة وما تقيمه من برهان .
كما أنّه من الجيّد والمعقول أن تقومَ كلُّ طائفة وجماعة بعرضِ عقائدها ، ومواقفها الفكريّة والفقهيّة في جوٍّ من الحريّة والصراحة ، ليتّضح بطلان ما يُثار ضدّها من إتّهامات وشبهات ، كما ويعرف الجميع : الجوامع والفوارق ، ويعرفون أنّ ما يجمع المسلمين أكثر ممّا يفرقهم ، وبذلك يذوب الجليد بين المسلمين .
وهذه الرسالةُ خطوةٌ على هذا الدرب ، ومن أجل أن تتضّح الحقيقة ويعرفها الجميع كما هي ، والله وليّ التوفيق .
1 ـ الطائفة الجعفرية الإمامية طائفةٌ كبيرةٌ من المسلمين في العصر الحاضر ، ويقدّرُ عددُهم بربعِ عددِ المسلمين تقريباً ، وتمتدُّ جذورهم التاريخيّة إلى صدر الطائفة الجعفرية الإمامية طائفةٌ كبيرةٌ من المسلمين في العصر الحاضر ، ويقدّرُ عددُهم بربعِ عددِ المسلمين تقريباً الإسلام يوم نزل قولُ الله تعالى في سورة البيّنة: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ } (1) فوضع رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) يده على كتف عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، والصحابة حاضرون ، وقال: «يا عليّ أنتَ وشيعتُك همْ خيرُ البَريَّة» (راجع للمثال: تفسير الطبري (جامع البيان) والدرّ المنثور للعلامة السيوطي الشافعي ، وتفسير روح المعاني للآلوسي البغدادي الشافعي عند تفسير الآية الحاضرة) .
ومن هنا سُمِّيت هذه الطائفة ـ التي تُنسب إلى الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) لكونها تتبع فقهَه ـ بالشيعة .
2ـ تسكن هذه الطائفة بكثافة في إيران والعِراق وباكستان وأفغانستان والهند ، وينتشرون بأعداد كبيرة في بلاد الخليج وتركيا وسوريا ولبنان وروسيا والجمهوريات المنفصلة عنها ، وينتشرون أيضاً في البلاد الاُوروبية كإنجلترا وألمانيا وفرنسا وأمريكا والقارة الإفريقيّة ، وبلاد شرق آسيا ، ولهم فيها مساجدُ ومراكزُ علميّة وثقافيّة واجتماعيّة .
3ـ وهم يتكوَّنون من مختلف الجنسيّات والأعراق واللُغات والألوان ، ويعيشون جنباً إلى جنب مع إخوانهم المسلمين من الطوائف والمذاهب الاُخرى في { الْبِرِّ والتَّقْوى } (2) وتمسكاً بقول النّبي الكريم (صلى الله عليه وآله) : «المسلمون يدٌ واحدةٌ على مَن سواهم»(3) وقوله (صلى الله عليه وآله) : «المؤمنون كالجَسَد الواحِد»(4) .
9 ـ ويَعتقِدونَ بأنّ آخِرَ الأنبياء والرُّسل وخاتِمَهم وأفضَلَهم هو رَسولُ الله محمدُ بنُ عبدالله بن عبدالمطلب (صلى الله عليه وآله) الذي صَانَهُ الله من الخطأ والزلل ، وعصمَه من المعصية الكبيرة والصغيرة ، قبل النبوّة وبعدها ، في أُمور التبليغ وغيرها ، وأنزل عليه القرآن الكريم ، ليكون دستوراً للحياة البشرية إلى الأبَد ، فبلّغ (صلى الله عليه وآله) ، الرسالةَ ، وأدّى الأمانةَ بصدق وإخلاص ، وبَذَل في هذا السبيل الغالي والرخيص .
وللشيعة في مجال الكتابة عن تاريخ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشخصيته وأحواله وخصوصياته ومعجزاته عشرات المؤلفات والأبحاث . (راجع: كتاب الإرشاد للشيخ المفيد ، وإعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ، وموسوعة بحارالأنوار للمجلسي ، وموسوعة الرسول المصطفى للسيد محسن الخاتمي مؤخّراً) .
4ـ وكانت لهم على طول التاريخ الإسلامي مواقفُ مشرِّفة ومُشرِقة في الدفاع عن الإسلام ، والاُمّة الإسلاميّة الكريمة ، كما أنه كانت لهم حكوماتٌ ودول خدمت الحضارة الإسلامية ، وعلماءُ ومفكّرون أسهَموا في إغناء التراث الإسلامي بتأليف مئات الآلاف من المؤلفات والكتبِ الصَغيرة والكبيرة في مجال تفسير القرآن ، والحديث ، والعقيدة ، والفقه والاُصول ، والأخلاق ، والدراية والرِجال ، والفلسَفة ، والموعظة ، والحكومة والإجتماع ، واللغة والأدب بل والطبّ والفيزياء والكيمياء والرياضيّات والفلك وغيرها من علوم الحياة ، وكان لهم دورُ الباني والمؤسِّس للكثير من العلوم (راجع: كتاب تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام ، للصدر ، والذريعة إلى تصانيف الشيعة لآغا بزرك (الذى يقع في 29 مجلداً) وكشف الظنون للأَفندى ومعجم المؤلفين ، لكحالة ، وأعيان الشيعة للسيد محسن الأمين العاملي ، وغيرها) .
5ـ وهم يعتقدون بالله الواحدِ الأحدِ الفرد الصَّمد الذي لم يلدِ ولم يُولد ، ولم يكن له كفوءاً أحد ، وينفون عنه الجسمانية والجهة والمكان والزمان ، والتغيّر والحركة والصعود والنزول وغير ذلك مما لا يليق بجلال الله وقدسه وكماله وجماله .
و يعتقدون بأنّه هو المعبود لا سواه ، وأنّ الحُكم والتشريع له وحده دون غيره ، وأنّ الشّرك بجميع أنواعِه وألوانِه ، خفيَّه وجليَّه ، ظلمٌ عظيمٌ وذنبٌ لا يُغتَفَر .
و يأخذون كلَّ هَذا من العقل الحصيف المعتضَد بالكتاب العزيز ، والسنّة الشريفة الصحيحة مهما كان مصدرُها .
ولا يأخذون في مجال العقائد بالأحاديث الإسرائيلية (التوراتية والإنجيلية) والمجوسية التي تصور الله تعالى بصورة البشر ، وتشبهه سبحانه بالمخلوقين .
أو تنسب إليه الجور والظلم واللغو والعبث تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً .
أو تنسب العظائم والقبائح إلى الأنبياء المطهّرين ، المعصومين على الإطلاق .
6 ـ ويعتقدون بأنّ الله تعالى عادلٌ حكيم ، خَلَق بعدل وحكمة ، ولم يخلُق شيئاً عبثاً ، جماداً كان أو نباتاً ، حيواناً كان أو إنساناً ، سماءً كان أو أرضاً ، لأنّ العبثيّة تنافي العدل والحكمة ، وذلك ينافي الاُلوهيّة التي تستلزم إثبات كلّ كمال لله تعالى ، ونفي كلِّ نقص عنه سبحانه .
7ـ ويعتقِدونَ بأنّ الله تعالى أرسل ـ بعدله وحكمته ـ إلى البشر ، منذ أن بدأوا حياتهم على الأرض ، أنبياءً ورسلاً ، اتّصفوا بالعِصمة ، وتحلَّوا بالعلم الواسع ، الموهوب لهم ـ عن طريق الوحي ـ من قِبَل الله ، وذلك لهداية البشرية ، ومساعدتها على الوصول إلى كمالها المنشود ، وإرشادها إلى الطاعة التي تؤدّي بهم إلى الجنة ، وتؤهّلهم لرحمة الله ورضوانه ، وأبرز هؤلاء الأنبياء والرسل : آدم ، ونوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، وغيرهم ممن ذكرهم القرآن الكريم أو جاءت أسماؤهم وأحوالهم في السنَّة الشريفة .
ولا يأخذون في مجال العقائد بالأحاديث الإسرائيلية (التوراتية والإنجيلية) والمجوسية التي تصور الله تعالى بصورة البشر ، وتشبهه سبحانه بالمخلوقين.
8 ـ ويَعتقِدون بأنّ من أطاع الله ، ونفّذ أوامرَه وأجرى قوانينَه في شتّى مجالات الحياة نجى وفاز ، واستحقّ المدح والثوابَ ، ولو كان عبداً حبشيّاً ، وأنّ من عصى الله تعالى وتجاهل أوامره ، وطبَّق أحكاماً غير أحكام الله تعالى ، خَسِر وهلك واستحقّ الذّمَّ والعقاب ، ولو كان سيداً قرشيّاً ، كما جاء في الحديث النّبويّ الشريف .
وهم يعتقدون بأنّ محلّ الثواب والعقاب هو يومُ القيامة الذي يكون فيه الحسابُ والميزانُ والجنّةُ والنّار ، وذلك بعد المرور بعالم القبر والبرزخ وهم يعتقدون بأنّ محلّ الثواب والعقاب هو يومُ القيامة الذي يكون فيه الحسابُ والميزانُ والجنّةُ والنّار ، وذلك بعد المرور بعالم القبر والبرزخ . وأمّا التناسخ الذي يقول به منكرو المعاد فيرفضونه لاستلزامه تكذيب القرآن الكريم والسنّة المطهّرة .
10 ـ ويعتقدون بأنَّ القرآنَ الكريم ، الذي اُنزِلَ على رسول الإسلام محمّد صلّى الله عليه وآله بواسطة جبرئيل الأمين ، ودوَّنَه مجموعةٌ من الصحابة الكبار وفي مقدمتهم عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام) في عهد النبيّ الكريم محمد صلى الله عليه وآله ، وتحت إشرافِه ورعايته ، وبأمره ، وإرشاده ، وحفظوه عن ظهر قلب ، وأتقنوه ، وأحصَوا حروفَه وكلماتِه ، وسورَه وآياته ، وتناقَلوه جيلاً بعد جيل ، هو الذي يَتلُوه المسلمون اليوم بجميع طوائفهم ، آناءَ الليل وأطراف النهار ، من دون زيادة أو نقصان ، أو تحريف ، أَو تغيير ، وللشيعة في هذا المجال مؤلفات مختصَرة ومطولة كثيرة . (راجع كتاب تاريخ القرآن للزنجاني ، والتمهيد في علوم القرآن لمحمد هادي معرفة ، وغيرهما) . .
11 ـ ويعتقدون بأنّ رسول الله محمّداً (صلى الله عليه وآله) لما قَرُب أجلُه نَصَبَ عليَّ بن أبي طالب خليفةً له وإماماً على المسلمين من بعده ، ليقودَهم سياسيّاً ، ويُرشدَهم فكريّاً ، ويعالج مشاكلهم ، ويواصِلَ تربيتهم وتزكيتهم ، وذلك بأمر من الله تعالى في مكان يُدعى (غَدير خُم) ، في آخر سنة من سِنيِّ حياته ، وآخر حجّة من حججه ، وفي جمع هائل من المسلمين الذين حجُّوا معه ، يزيد عددُهم ـ حسب بعض الروايات ـ على مائة ألف شخص . وقد نزلت في هذه المناسبة آيات عديدة(5) .
إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) طلب من الناس مبايعة عليّ (عليه السلام) بالصفق على يده ، فبايعوه و في مقدمتهم كبارالمهاجرين والأنصار ومشاهير الصحابة كما وأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) طلب من الناس مبايعة عليّ (عليه السلام) بالصفق على يده ، فبايعوه و في مقدمتهم كبارالمهاجرين والأنصار ومشاهير الصحابة (راجع الغدير للعلامة الأمِيني نقلاً عن مصادر إسلامية تفسيرية وتاريخية عديدة) .
12ـ ويعتقدون بأنّ الامام ـ بعد رسول الله محمّد (صلى الله عليه وآله) ـ لَمّا كان يجب عليه أن يقوم بما كان يقومُ به النّبيّ (صلى الله عليه وآله) في حياته من القيادة والهداية ، والتربية والتعليم ، وبيان الأحكام ، وحلّ المشاكل الفكرية المستعصية ، ومعالجة الشؤون الاجتماعية المهمّة ، كان لابدَّ له (أي للإمام والخليفة من بعده) من أن يكون بحيث يثق به الناسُ ، وذلك ليقود الأُمّة إلى شاطىء الأمان ، فهو يشارك النبيَّ في المؤهِلات والصِفات ، (ومنها العصمة والعلم الواسع) لأنه يشاركه في الصلاحيات والمسؤُوليات باستثناء تلقّي الوحي ، والنبوّة ، لأنّ النبوّة خُتِمَت بمحمّد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله) فهو خاتم النبيين ، والمرسلين ، ودينه خاتم الأديان ، وشريعته خاتمة الشرائع ، وكتابه آخر الكتب ، ولا نبيّ بعده ، ولا دين بعد دينه ، ولا شريعة بعد شريعته . (وللشيعة في هذا الصعيد مؤلفات عديدة ومتنوعة حجماً وأسلوباً) .
13ـ ويعتقدون بأنّ حاجة الأُمّة إلى القائدِ الرشيدِ ، والوليِّ المعصومِ اقتضت أن لا يُكتفى بنصب عليّ (عليه السلام) وحده للخلافة والإمامة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، بل لابدّ من استمرار حلقات القيادة هذه إلى مدة زمنية طويلة ، إلى أن تترسخ جذور الإسلام وتُحفَظ اُسسُ الشريعة ، وتصان قواعدُها من الأخطار التي هَدّدت وتهدّد كلّ عقيدة إلهية ، وكل نظام ربانيّ ، ولتعطيَ مجموعةُ الأئمة ـ بما يقومون به من أدوار ويَعتقدونَ بأنّ النبيّ محمّد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله) لهذا السبب ولحكمة عليا ، عَيَّنَ بأمر الله تعالى أحدَ عشر إماماً بعد عليّ (عليه السلام) وهم ـ مع عليّ (عليه السلام) ـ الأئمة الإثنا عشر ، الذين وَرَدَت الإشارةُ إلى عددهم ، وقبيلتهم (قريش)
و ممارسات مختلفة في ظروف متنوعة ـ نماذجَ عمليّة وبرامج مناسبة لجميع الحالات التي قد تمرّ بها الأُمّة الإسلاميةُ فيما بعد .
14ـ ويَعتقدونَ بأنّ النبيّ محمّد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله) لهذا السبب ولحكمة عليا ، عَيَّنَ بأمر الله تعالى أحدَ عشر إماماً بعد عليّ (عليه السلام) وهم ـ مع عليّ (عليه السلام) ـ الأئمة الإثنا عشر ، الذين وَرَدَت الإشارةُ إلى عددهم ، وقبيلتهم (قريش) ـ وليس إلى أسمائهم وخصوصياتهم ـ في صحيح البخاري وصحيح مسلم بألفاظ مختلفة ; حيث رويا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أنّ الدين لا يزال ماضياً/ قائماً/ عزيزاً/ منيعاً ما كان فيهم اثناعشر أميراً ، أو خليفة ، كلهم من قريش ، (أو بني هاشم ، كما في بعض الكتب ، وقد جاءت أسماؤهم في غير الصحاح من كتب الفضائل والمناقب والشِعر والأدب) .
و هذه الأحاديث وإن لم تنص على الأئمة الاثني عشر ، وهم عليّ والأحد عشر من ذريّته ، إلاّ أنّها لا تنطبق إلاّ على ما يعتقده الشِيعَةُ الجَعفريةُ ، ولا تفسيرَ صحيحَ لها إلاّ بِقولهم .(راجع: خلفاء النّبي ، للحائري البحراني) .
15ـ ويَعتقِدُ الشيعةُ الجعفريّةُ بأنّ الأئمة الاثني عشر هم:
الإمامُ علي بن أبي طالب (ابنُ عمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصِهرُه على ابنته الزهراء عليها السّلام) .
و الإمامُ الحسن والإمام الحسين (ابنا عليّ وفاطمة ، وسبطا رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) ) .
و الإمامُ زين العابدين عليّ بن الحسين (السجاد) .
و الإمامُ محمّد بن علي (الباقر) .
و الإمامُ جعفر بن محمّد (الصّادِق) .
و الإمامُ موسى بن جعفر (الكاظِم) .
و الإمامُ علي بن موسى (الرِّضا) .
و الإمامُ محمّد بن علي (الجواد التقيّ) .
و الإمامُ علي بن محمّد (الهادي النقيّ) .
و الإمامُ الحسن بن عليّ (العسكريّ) .
و الإمامُ محمّد بن الحسن (المهدي الموعود المنتظر) (عليهم السلام) (6) .
و أَنّ هؤلاء هم أهل البيت الذين نَصَبهم رسولُ الله محمّدٌ (صلى الله عليه وآله) ـ وبأمر الله تعالى ـ قادةً للاُمة الإسلامية ، لعصمتهم ، وطهارتهم من الخطأ والذنب ، ولعلمِهمُ { اتَّقُوا اللهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ } (7) (راجع كتب الحديث والتفسير والفضائل المتّصلة بالصّحاح والمستقلّة عند الفريقين) .
ونظراً للأدلة النقليّة والعقليّة الكثيرة المذكورة في كتب العقيدة ـ يجب اتّباع أهل البيت ، والتزام طريقتهم; لأنها هي الطريقة التى رَسَمها رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) للاُمّة ، واُوصى بسلوكِها والالتزام بها ، في حديث الثقلين المتواتر .
16ـ ويَعتقِدُ الشيعةُ الجعفريّةُ بأنّ هؤلاء الأئمة الأطهار الّذين لم يسجّلِ التاريخُ عليهم زلَّة أو معصية ، في القول والعمل ، قد خدموا ـ بعلومهم الجَمّة ـ الأُمّةَ الإسلامية ، وأغنَوا ثقافتَها بالمعرفة العميقة ، والرؤية الصحيحة في مجال العقيدة ، والشريعة والأخلاق والآداب ، والتفسير والتاريخ ، وبصائر المستقبل . كما رَبَّوا ـ بالاُسلوب القوليّ والعمليّ ـ ثُلّةً من الرِّجال والنِساءِ الأفذاذ الأخيار الأبرار الذين اعترف الجميعُ بِفضلهم وعِلمهم وحُسن سيرتهم .
و يرونَ بأنّهم وإن اُبعِدوا ـ وللأسف ـ عن مَقام القيادة السياسية ـ إلاّ أنّهم أدَّوا رِسالَتهم الفكريّة والاجتماعية خيرَ أداء ، إذ صانوا مبادِئ العقيدة ، وقواعدَ الشريعة من الأخطار .
و لو كانت الأُمّةُ الاسلاميّةُ تفسح لهم المجال بأن يمارسوا الدورَ السياسيّ الذي أعطاهم رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) بأمر الله سبحانه ، لَحَصَلتِ الأمّةُ الإسلاميةُ على سعادتها وعزّتها ، وعظمتها كاملةً ، ولبقيتْ متحدةً ، متفقةً ، متوحدةً ، لاشقاق فيها ، ولا اختلاف ولا نزاع ، ولا صراع ، ولا مذابح ولا مجازر ، ولا ذلّة ولا صغار .
(راجع في هذا المجال كتاب : الإمام الصادق والمذاهب الأربعة لأسد حيدر - والذي يقع في 3 مجلدات - وغيره) .
17ـ ويَعتقدُون بأنّه ـ ولهذا السبب ، ونظراً للأدلة النقليّة والعقليّة الكثيرة المذكورة في كتب العقيدة ـ يجب اتّباع أهل البيت ، والتزام طريقتهم; لأنها هي الطريقة التى رَسَمها رسولُ الله (صلى الله عليه وآله) للاُمّة ، واُوصى بسلوكِها والالتزام بها ، في حديث الثقلين المتواتر حيث قال: «إنّي تاركٌ فيكُمُ الثَقَلينِ كتابَ الله وعترتي أهل بيتي ما إن تَمَسّكتم بهما لَنْ تضِلُّوا أبداً» كما رواه مسلم في صحيحه وغيره من عشرات المحدِّثين والعلماء في جميع القرون الإسلامية (راجع رسالة حديث الثقلين للوشنوي التي صدّق عليها الأزهر الشريف قبل حوالي ثلاثة عقود) .
و قد كان مثل هذا الاستخلاف والوصية أمراً رائجاً في حياة الأنبياء السابقين . (راجع: إثبات الوصية للمسعودي ، وكتب الحديث والتفسير والتاريخ للفريقين) .
18ـ ويَعتقد الشيعةُ الجعفرية بأن على الأمّة الإسلامية ـ أعزّها اللهُ ـ أن تناقشَ وتدرسَ هذه الأمور ، بعيداً عن السَبّ والشتم ، والإيهام والاتهام ، والتهويل والتهريج ، وأنّ على العلماء والمفكرين من جميع الطوائف والفرق الإسلامية أن يجتمعوا في مؤتمرات علمية ، ويدرُسوا بصفاء وإخلاص ، وباُخوة وموضوعيّة ما يقوله إخوانُهم من الشيعة الجعفرية ، وما يقيمونَه من أدلة على نظريّتهم ، في ضوء كتاب الله والصحيح المتواتر من سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، والعقل الحصيف ، والمحاسَبة التاريخية ، والتقييم السياسي والاجتماعي العام في عهدِ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعده .
19ـ ويَعتقدُ الشيعةُ الجعفريّة بأنّ الصحابةَ ، ومن كان حول رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الرجال والنساء ، خَدموا الإسلام ، وبذلوا النَفْسَ والنفيس في سبيل نشره وإقراره ، وأنّ على المسلمين أن يحترموهم ، ويثمنّوا خدماتهم ، ويترضّوا عليهم .
إلاّ أنّ هذا لا يعني أنّ جميعهم عدولٌ بصورة مطلَقة ، وأنّهم فوق أن تُعرض بعضُ مواقفهم وأعمالهم على محكّ النقد ، ذلك لأنّهم بشرٌ يخطئ ويُصيب ، وقد ذكر التاريخ أنّ بعضَهم شذّ عن الطريق حتى في عهد رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) ، بل وصرّح القرآن الكريم بذلك في بعض سوره وآياته مثل سورة المنافقين والأحزاب والحجرات والتحريم والفتح ومحمّد والتوبة .
فلا يعني النقدُ النزيهُ لمواقف بعضهم كفراً ، لأنَّ ملاكَ الإيمان والكفر واضح ، ومحورَهما بيّن وهو إثبات أو نفي التوحيد والرسالة ، والضروريِ والبديهيِ من أمر الدين ، كوجوب الصلاة والصوم والحج وحرمة الخمر والميسر وما شابه ذلك .
نعم ، يجب صيانة اللسان عن السَبّ والشتم وحفظ القلم عن الإسفاف ، فليس ذلك من شأن المسلم المهذَّب ، المتأسي بسيرة خاتم النبيين محمّد (صلى الله عليه وآله) ، ومع ذلك فاِن أكثر الصحابة صالِحُون مُصْلِحُون جَدِيرون بالاحترام ، قمينُون بالإكرام .
على أن إخضاعهم لقواعد الجرح والتعديل إنّما هو للوقوف على السنّة النبوّية الصحيحة الموثوق بهامع العلم بتكاثر الكذب والافتراء على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعده ـ كما يعلم الجميع ، وقد أخبر النبيّ (صلى الله عليه وآله) نفسه بوقوعه ـ وهوماحدى بعلماء من الفريقين كالسيوطي وابن الجوزي وغيرهما إلى تأليف كتب قيمة للفرز بين الأحاديث الصادرة حقّاً عن النبيّ الكريم (صلى الله عليه وآله) وبين الموضوعات والمفتراة عليه .
20ـ والشِيعةُ الجعفريّةُ يعتقدون بوجود الإمام المهديّ المنتظر ، لروايات كثيرة وَرَدت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنّه من وُلد فاطمة ، وأنه تاسع وُلد الحسين عليه السّلام ، وحيث إنّ الوَلَد الثامنَ للحسين عليه السلام هو الإمامُ الحسنُ العسكري وقد تُوفّي عام 260 هجرية ، ولم يكن له إلاّ وَلَدٌ واحد ، اسمُه (محمَّد) فهو الإمامُ المهديُ المكنّى بأبي القاسم(8) ، وقد رآه جمع من ثقات المسلمين وأخبروا بولادته وخصوصياته ، وإمامته والنص عليه من جانب والده ، وقد غاب عن الأنظار بعد خمس سنوات من ولادته ، لأنّ الأعداء أرادوا قتله والقضاء عليه ، ولأنّ الله تعالى ادّخره لإقامة الحكومة الإسلامية العادلة الشاملة في آخر الزمان ، وتطهير الأرض من الظلم والفَساد بعد أن تُملأَ منهما .
و لا غرابة ، كما لا داعي للعَجَبِ ، لطُول عمره; فقد ذكر القرآنُ أنّ المسيح عليه السّلام حيٌّ إلى الآن رغم مرور 2004 سنة على ميلاده المبارك ، وأنّ نوحاً (عليه السلام) عاش بين قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً يدعوهم إلى الله ، وأنّ الخضر (عليه السلام) لايزال موجوداً .
فالله قادرٌ على كل شيء ، ومشيئته ماضية لا رادّ لها ولا دافع ، ألم يقل في شأن النبيّ يونس عليه وعلى نبيِّنا السلام:
{ فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِى بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } (9)؟!
ولقد أقرّ جمعٌ كبير من علماء أهل السنّة الأجلاّء بولادة الإمام المهدي (عليه السلام) ووجوده ، وذكروا اسم والديه وأوصافه مثل:
أ ـ عبدالمؤمن الشبلنجي الشافعي في كتابه: نور الأبصار في مناقب آل بيت النبيّ المختار .
ب ـ ابن حجر الهيتمي المكي الشافعي في كتابه: الصواعق المحرقة حيث قال عنه: أبوالقاسم محمد الحجة وعمره عند وفاة أبيه خمس سنين ، لكن آتاه الله فيها الحكمة ويسمّى القائم المنتظر .
ج ـ القندوزي الحنفي البلخي في كتابه: ينابيع المودة المطبوع في الآستانة بتركيّا أيام الخلافة العثمانية .
هـ ـ السيد محمد صديق حسن القنوجي البخاري في كتابه: الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة ، هذا من المتقدّمين .
ومن المتأخّرين الدكتور مصطفى الرافعي في كتابه: إسلامنا ، حيث تعرض لمسألة الولادة بإسهاب ، وردّ على جميع الإشكالات والاعتراضات الواردة في هذاالمجال .
21 ـ والشيعةُ الجعفريةُ يُصَلّون ويَصُومون ويزكُّون ويُخمِّسون أموالَهم ، ويحجُّون إلى بيت الله الحرام بمكّة المكرّمة ، ويؤدُّون مناسك العمرة والحج في العمر مرّةً وجوباً ، وأكثر من ذلك ، استحباباً ، ويأمُرون بالمعروف ويَنهَون عن المنكر ، ويَتولّونَ أولياء الله ، وأولياء نبيّه ، ويُعادُون أعداء الله وأعداء نبيّه ، ويجاهدُون في سبيل الله كلَّ كافر أو مشرك يعلنُ الحرب على الإسلام ، وكلّ متآمر على الأمّة الإسلاميّة ، ويُجرُون نشاطاتِهم الاقتصاديّة والاجتماعيّة والعائلية كالتجارة
وحيث إنّ العبادة ومقدّماتها في الإسلام موقوفةٌ على أمر الشرع المقدس وإذنِه ، . . . لذلك لا يمكن الزيادة والنقصان في العبادات ، بل في كل أمور الشرع بالرأي الشخصي .
والإجارة والنّكاحِ والطلاق والإرث والتربية والرضاع والحجاب وغيرها وفقاً لأحكام الإسلام الحنيف ، آخِذين هذه الأحكام ـ عن طريق الاجتهاد الذي يقوم به فقهاؤُهم الأتقياء الورِعون ـ من الكتاب والسنّة الصحيحة ، وأحاديث أهل البيت الثابتة ، والعقل وإجماع العلماء .
22ـ ويرون أنّ لكل فريضة من الفرائض اليوميّة وقتاً معيّناً ، وأنّ أوقات الصلوات اليوميّة هي خمسة: (الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء) وأنّ الأفضل هو الإتيانُ بكلّ صلاة في وقتها الخاص ، إلاّ أنّهم يَجمعون بين صلاتي الظهر و العصر ، وبين صلاتي المغرب والعشاء; لأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) جَمعَ بينهما من دون عذر ولا مرض ولا مطر ولا سَفر ـ كما في صحيح مسلم وغيره ـ تخفيفاً على الأمّة ، وتسهيلاً عليها ، وهو أمر طبيعي في عصرنا الحاضر .
23ـ ويُؤذِّنون كما يؤذّنُ سائرُ المسلمين إلاّ أنّهم يأتون ـ بعد:
كما أنّهم لا يضعون يدهم اليمنى على اليد اليُسرى في الصلاة; لأنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) لم يفعل ذلك ، ولأنه لم يثبت ذلك بالنص القاطع الصريح ، ولهذا لا تفعله المالكية أيضاً (حيَّ على الفلاح) ـ بجملة (حيَّ على خيرِ العَمَل) لأنّها كانت في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وإنما حذفها ـ اجتهاداً ـ عمرُ بن الخطاب بحجة أنها تصرِفُ المسلمين عن الجهاد ، إذا عرفوا أنّ الصلاة هي خير العمل (كما صرح بذلك العلامّة القوشجي الأشعري في كتابه شرح تجريد الاعتقاد ، وجاء في المصنَّف للكندي وكنز العمّال للمتقي الهندي وغيرهم) . بينما أضافَ عمرُ بن الخطاب عبارة (الصَّلاةُ خيرٌ من النوم) ، والحال أنها لم تكن في زمن النّبي (صلى الله عليه وآله) . (راجع كتب الحديث والتاريخ) .
وحيث إنّ العبادة ومقدّماتها في الإسلام موقوفةٌ على أمر الشرع المقدس وإذنِه ، بمعنى أنه يجب أن يستند كل شيء فيها إلى نص خاص أو عام من الكتاب والسنّة ، وإلاّ كان بدعة مرفوضة ومردودة على صاحبها . . . لذلك لا يمكن الزيادة والنقصان في العبادات ، بل في كل أمور الشرع بالرأي الشخصي .
وأمّا ما يضيفُه الشيعةُ الجعفريّةُ بعد (أشهَد أنّ محمّداً رسولُ الله) إذ يقولون: (أشهدُ أنَّ عليّاً وليُّ الله) ، فهو لِروايات وَرَدت عن رسول الله وأهل البيت صلوات الله عليهم ، تصرّح بأنّه ما ذكرت جملة (محمّد رسول الله )أو كُتِبت على باب الجنة إلاّ وأردفت بجملة: (عليّ وليّ الله) ، وهي جملة تنبيء عن أنّ الشيعة لا يقولون بنبوّة علي (عليه السلام) ، فضلاً عن القول باُلوهيته وربوبيّته والعياذ بالله .
فلذلك جاز ذكرُها إلى جانب الشهادتين رجاء أن تكون مطلوبةً من قِبل الله تعالى ، ولا يؤتى بها بقصد الجزئية أو الوجوب وهذا هو ماعليه الأغلبية الساحقة من فقهاء الشيعة الجعفرية .
و لهذا فإنّ هذه الزيادة التي يُؤتى بها لا بقصد الجزئية كما قلنا ، لا تُعدّ من قبيل ما لا أصل له في الشرع فلا تكون بدعةً .
24ـ ويسجدون على التراب (والصعيد) أو على الحصى ، أو على الصخر وغير ذلك من أجزاء الأرض ونباتها (كالحصير) دون الفراش والقماش والمأكول والحليّ ، لروايات كثيرة وردت في كتب الشيعة والسنّة بأنّ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله) كان من دأبه السجود على التراب أو الأرض ، بل ويأمر المسلمين بذلك ، ومن ذلك أنّ بلالاً سَجَد ذات يوم على كور عمامته اتقاء الحرّ اللافح ، فأزال النبيُّ (صلى الله عليه وآله) بيده عمامة بلال من جبينه وقال: ترّب جبينك يا بلال .
وذكر مثل هذا لصهيب ولرباح ، اذ قال : تَرِّبْ وجهك يا صهيب وتَرِّبْ وجهك يا رباح (راجع البخاري ، وكنز العمال ، والمصنف لعبدالرزاق الصنعاني ، والسجود على الأرض لكاشف الغطاء) .
و لأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال ـ كما في صحيح البخاري وغيره ـ: «جُعِلَتْ لي الأرضُ مَسجداً وطهوراً» .
و لأنّ السجود على التراب ووضع الجبين عند السجدة على الأرض هو الأنسب للسجود أمام الله ، لأنه أدعى للخشوع وأَقربُ إلى الخضوع أمام المعبود ، كما أنه يُذكِّرُ الانسانَ بأصله ومعدنه ، أليس قال الله تعالى: { مِنْها خَلَقْناكُمْ وفِيها نُعِيدُكُمْ ومِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى } (10)؟!
و إنّ السجودَ غايةُ الخضوع ، وغاية الخضوع لا تتحقّق بالسجود على السجّاد والفراش ، والقماش والجواهر الثمينة ، إنما تتحقق بوضع أشرف موضع في البَدَن وهو الجَبين على أرخص شيء وهو التراب (راجع :اليواقيت والجواهر للشّعرانى الأنصاري المصري من علماء القرن العاشر) .
نَعم ، لابدَّ أن يكونَ الترابُ طاهراً ، ولهذا يحمل الشيعةُ معهم قطعة من الطِّين (وهو التراب الملتزق بعضه ببعض) للتأكّدِ من طهارته .
ورُبَما يكون هذا الطين مأخوذاً من أرض مباركة كأرضِ كربلاء التي استُشهِدَ فيها الإمامُ الحسين سبطُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) تبرُّكاً ، كما كان بعض الصَّحابة يأخُذون من حصى مكّة للسُجود عليها في أسفارهم ، تبرّكاً (راجع المصنف للصنعاني) .
و لكن لا يُصِرُّ الشيعةُ الجعفريّة على هذا ، ولايلتزمون به دائماً ، بل يَسجُدون على أيّ صخرة نظيفة طاهرة مثل بلاط المسجد النبويّ الشريف ، وبلاط المسجد الحرام بلا إشكال ولاتردُّد .
كما أنّهم لا يضعون يدهم اليمنى على اليد اليُسرى في الصلاة; لأنّ النّبي (صلى الله عليه وآله) لم يفعل ذلك ، ولأنه لم يثبت ذلك بالنص القاطع الصريح ، ولهذا لا تفعله المالكية أيضاً(راجع البخاري ومسلم وسنن البيهقي ، ولمعرفة رأي المالكية راجع بداية المجتهد لابن رشد القرطبي المالكي وغيره) .
25ـ ويَتوضّأ الشيعة الجعفريّة بغسل أيديهم من المرافق إلى رؤُوس الأصابع لا العكس ، لأنّهم أخذوا كيفية الوُضوء من أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وهم أخذوه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم أدرى من غيرهم بماكان يفعلُه جَدُّهم، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يفعل هكذا ، وقد فسَّروا «إلى» في آية الوضوء بـ «مع» ، كما فعل ذلك الشافعي الصغير في كتابه: (نهاية المحتاج) .
كما أنّهم يمسَحون أرجلَهم ورؤوسَهم ولا يغسلونها في الوضوء لنفس السبب الذي ذكرناه ، ولأنَّ ابن عباس قال: الوضوء غَسلتان ومسحتان ، أو مَغسولان ومَمسوحان ، (راجع السنن والمسانيد ، وراجع تفسير الفخر الرازي عند تفسير آية الوضوء) .
26ـ ويقولون بجواز زواج المتعة لنصّ القرآن الكريم به إذ قال: { فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } (11) ، ولأنه فَعَلَه المسلمون في عهد رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) وفعَله صحابتُه إلى منتصفِ عهد خلافة عمر بن الخطاب ، وهو زواجٌ شرعيٌ يشارك الزواجَ الدائم في:
أ ـ أن تكون المرأةُ غيرَ ذات بعل ، وفي إجراء الصيغة المتكوِّنة من الإيجاب من جانب المرأة والقبولِ من جانب الرجل .
ب ـ وفي وجوب إعطاء مال إلى المرأة يسمّى في الدائم: المَهر ، وفي المتعة: الأَجر ، بنص القرآن كما مرّ أعلاه .
د ـ وفي وجوب اتخاذ العدّة من جانب المرأة بعد حصول انفصال الزوج عن الزوجة .
هـ ـ وفي وجوب العِدّة بعد المفارقة، وإلتحاق الوَلَد بالوالد ، ووجوب أن يكون الزوجواحداًلا أكثر.
و ـ وفي التوارث بين الوَلَد والوالد ، والولد والوالدة وبالعكس أيضاً .
و يفارق الزواجَ الدائمَ في تعيين مدة في الزواج المؤقَّت وفي عدم وجوب النفقة و القسمة على الزوج للزوجة ، وعدم التوارث بين وبالمناسبة ، فإنّ الشيعة الإمامية ـ انطلاقاً من الكتاب والسنّة وتعاليم وتوصيات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ـ يكِنّون كل احترام للمرأة ، ويقيمون لها وزناً كبيراً
الزوجين ، وعدم الحاجة إلى الطلاق من أجل الانفصال ، بل يكفي انقضاء المدّة المقررة أو التنازل عن بقية المدة المذكورة في نص العقد لها .
و حكمة تشريع هذا النمط من الزواج هي الاستجابة المشروعة والمشروطة لحاجة الرجال والنساء الجنسيّة لمن لا يستطيع القيام بكل لوازم الزواج الدائم ، أو حُرِم من الزوجة ، لوفاة أو سبب آخر وبالعكس ، مع إرادة العيش بكرامة وشرف ، وبالتالي فالمتعة في الدرجة الأولى حلٌّ لمعضلة اجتماعية خطيرة ، ولمنع وقوع المجتمع الإسلامي في مستنقع الفساد والإباحية .
و قد يستفاد منها لأغراض التعارف المشروع قبل الزواج ، وهو بالتالي يمنع من اللقاء الحرام ، والزنا ، والكبت الجنسي أو استخدام الأمور الأخرى المحرّمة كالاستمناء بالنسبة لمن لا يُطيق الصبرَ على زوجة
واحدة ، أو لا يمكنه إدارة زوجة ـ أو أكثر من زوجة ـ اقتصادياً ومعيشياً وفى نفس الوقت لايريد الحرام .
و على كلّ حال ، فإنّ هذا الزواج يستند إلى الكتاب والسنّة ، وعمِل الصحابةُ به ردحاً من الزمن ، ولو كان زنا لكان معناه أنّ القرآن والنّبي والصحابة قد أحلّوا الزِّنا وارتكب فاعله الزنا مدّة من الزمن ، والعياذ بالله .
هذا مضافاً إلى أنّ نسخه لا يستند إلى الكتاب والسنّة ، ولم يقمْ عليه دليل قاطع وصريح(12) .
على أنّ الشيعة الإمامية وإن كانوا يبيحون ويحلّون هذا النوع من النكاح المشرَّع والمشروع بنص الكتاب والسنّة إلاّ أنّهم يرجّحون النكاح الدائم وإقامة العائلة لكونها أساس المجتمع القويّ السّليم ، ولا يميلون إلى الزواج المؤقت المسمى في الشريعة بالمتعة مع كونها ـ كما قلنا ـ حلالاً مشروعاً .
وبالمناسبة ، فإنّ الشيعة الإمامية ـ انطلاقاً من الكتاب والسنّة وتعاليم وتوصيات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ـ يكِنّون كل احترام للمرأة ، ويقيمون لها وزناً كبيراً ، ولهم في مجال مكانة المرأة وشؤونها وحقوقها وبخاصة في صعيد التعامل الأخلاقي معها والمِلكية والنكاح والطلاق والحضانة والرضاع والعبادات والمعاملات أحكام رائعة وجديرة بالاهتمام في روايات أئمتهم وفقههم .
27ـ ويحرّم الشيعةُ الجعفرية: الزنا ، واللِّواط ، والرّبا ، وقتلَ النفس المحترمة ، وشرب الخمر ، والقمار ، والغدر ، والمكر ، والغِشّ والخديعة ، والاحتكار ، والتطفيف ، والغصب ، والسرقة ، والخيانة ، والغِلّ ، والغِناء والرقص ، والقذف ، والتهمة ، والنميمة والفساد ، وإيذاء المؤمن ، والغيبة ، والسبّ والفحش ، والكِذب والبهتان وغير ذلك من الكبائر والصغائر ، ويحاولون ـ دائماً ـ الابتعاد عنها ، وتجنّبها ما أمكن . ويسعون جهدَهم لمنعها في المجتمع بالوسائل المختلفة كتأليف ونشر الكتب والكراسات الأخلاقية والتربوية ، وإقامة المجالس والمحاضرات ، وخطب الجمعة و . . . .
28ـ ويهتمّون بفضائل الأخلاق ومكارمها ، ويعشقون المواعظ ، ويُبادرون إلى استماعها ، ويعقِدون لذلك المجالسَ والحلقات في البيوت والمساجد والساحات ، في المواسم والمناسبات رَغبةً في الاتّعاظ ، ومن هنا يهتمُّون بأدعية جليلةِ الفائدة ، عظيمةِ المحتوى ، وردت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرين من أهل بيته مثل: دعاء كُمَيْل ، ودعاء أبي حمزة ، ودعاءالسمات ، ودعاءالجوشن الكبير(13) ، ودعاء مكارم الأخلاق ، ودعاء الافتتاح (الذي يُقرأ في شهر رمضان) وهم يقرأون هذه الأدعية والمناجيات الرفيعة المضامين في خشوع وروحانية ، وفي حالة خاصة من البكاء والضَّراعة ، لأنها توجب تهذيب نفوسهم ، وتقربهم إلى الله (وهذه الأدعية موجودةٌ في موسوعة تحت عنوان موسوعة الأَدعية الجامعة صدرت مؤخراً ، كما هي موجودة كذلك في كتب الأدعية المتداولة بينهم والمعروفة في أوساطهم) .
29ـ وهُم يَهتمُّون بقبُور ومراقد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، والأئمة من أهل بيته المطهرين وذريّته الطيّبين المدفونين في البقيع ، بالمدينة المنورة حيث مرقد الإمام الحسن المجتبى ، والإمام زين العابدين ، والإمام محمد الباقر ، والإمام جعفر الصادق (عليهم السلام) .
و في النّجف الأشرف حيث مرقد الإمام عليّ (عليه السلام) .
وكربلاء حيث مرقد الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) وإخوته وأبنائه وأبناء عمومته ، وأصحابه الذين استشهدوا معه يوم عاشوراء .
وفي سامراء حيث مرقد الإمام الهادي والعسكري (عليهما السلام) .
وفي الكاظمية حيث مرقد الإمامين الجواد والكاظم (عليهما السلام) وكل ذلك بالعراق .
وفي مدينة مشهد بإيران حيث مرقد الإمام الرضا (عليه السلام) .
وفي قم ، وشيراز حيث مراقد أبنائهم وبناتهم ، وفي دمشق حيث مرقد بطلة كربلاء السيدة زينب .
وفي القاهرة حيث مرقد السيدة نفيسة (وهي من كرائم أهل البيت) .
وذلك احتراماً لرسولِ الله (صلى الله عليه وآله) ، لأنّ الرجلَ يُحفَظ في وُلده ، وتكريم ذرية الرّجُل تكريم له ، ولأنَّ القرآن الكريم مدح آل عمران ، وآل يس وآل إبراهيم وآل يعقوب وأشاد بهم ، وكان بعضهم غير أنبياء ، وقال: { ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْض } (14) .
و لأنّ القرآن لم يعترضْ على مَن قالوا: { لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً } (15) أي لَنبنِيَنَّ ونقيمَنَّ على مراقد أصحاب الكهف مسجداً ، لِيُعْبَدَ الله إلى جانبهم ، ولم يصف عملهم بالشِّرك ، لأنّ المسلم المؤمنَ يركع ويسجُد لله ويعبده وحده ، وإنما يأتي بذلك إلى جانب ضريح هؤلاء الأولياء المطهَّرين الطيبين لتقدّس المكان بهم ، كما حصلت لمقام ابراهيم قداسةٌ وكرامةٌ فقال الله تعالى: { وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلّى } (16) .
فليسَ من صلّى خلف المقام يكون قد عَبَدَ المقامَ ، ولا من تعبّد الله بالسعي بين الصفا والمروة يكون قد عبد الجبلين ، إنما اختار الله لعبادته مكاناً مباركاً مُقدّساً ينتسب إلى الله نفسه في المآل ، فإنّ للأيام والأمكنة قداسة كيوم عرفة ، وأرض منى ، وأرض عرفات ، وسبب قداستها هو انتسابها إلى الله تعالى .
واليومَ إذ تتعرّض الأُمّة الإسلاميّة لأبشع حملة ضدّ كيانها ، وعقيدتها ولأشرس هجمة ضدّ وحدتها ، من خلال إيجاد الخلل في تعايشها المذهبي ، والاجتهادي .
30ـ ولهذا السَّبَبِ أيضاً ، يهتمُّ الشيعةُ الجعفريّةُ ـ كغيرهم من المسلِمين الواعين المدرِكين لشأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بزيارة مراقدِ أهل البيت عليهم السلام ، تكريماً لهم ، ولأخذ العبرةِ منهم وتجديداً للعهد معهم وتأكيداً للقيم التي جاهدوا من أجلها ، واستشهدوا للحفاظ عليها ، لأنّ الزوار لهذه المراقد يذكرون في هذه الزيارات فضائل أصحابها ، وجهادهم وإقامتهم للصلاة وإيتاءهم للزكاة ، وما تحمّلوا في طريق ذلك من الأذى والعذاب ، مضافاً إلى مشاطرة النبيّ الكريم ـ بهذا التعاطف مع ذريته المظلومين ـ حُزْنَهُ (صلى الله عليه وآله) عليهم .
أليس هو القائل في قضية استشهاد حمزة: «ولكنَّ حمزةَ لا بواكي له» (كما في كتب التاريخ والسيرة)؟
وأليس هو بكى في موت إبراهيم ولده العزيز؟
وأليس كان يقصد البقيعَ لزيارة القبور؟
وأليس هو القائل: «زوروا القبور فإنها تذكّرُكُمْ بالآخرة»(17)؟
نعم ، إنّ زيارة قبور الأئمّة من أهل البيت النبوىّ وما يُذكَر فيها من سيرتهم ومواقفهم الجهادية تذكِّر الأجيالَ اللاحقة بما قدّمه أولئك العظماءُ في سبيل الإسلام والمسلمين من تضحيات جِسام ، كما وتزرع فيهم روحَ الشَّجاعة والبَسالة والإيثار والشهادة في سبيل الله .
إنّه عَمَلٌ إنسانيٌّ حضاريٌّ عقلائيٌّ ، فالأُمم تخلّد عظماءَها ، ومؤسّسي حضاراتها ، وتحيي مناسباتهم بكلّ شكل ولون ، لأنَّ ذلك يبعث على الافتخار والاعتزار بقيمهم ، ويزيد من التفاف الأمم حولها وحول قيمها .
وهذا هو نفس ماأراده القرآن عندما أشاد في آياته بمواقف الأنبياء والأولياء والصالحين وذكر قصصهم .
31ـ والشيعة الجعفريّة يَستشفِعُون برسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته المطهرين ويتوسَّلون بهم إلى الله تعالى ، لمغفرة الذنوب ، وقضاء الحوائج ، وشفاءِ المرضى ، لأنّ القرآن هو الذي سَمَح بذلك بل دعى إليه ، حيث قال: { وَلَوْأَنَّهُمْ إِذْظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ واسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوّاباً رَحِيماً } (18) .
و قال: { وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى } (19) وهو مقام الشفاعة .
فكيف يُعقَل أن يُعطيَ الله لنبيّه الكريم مقام الشفاعة للمذنبين ، ويعطيه مقامَ الوسيلة لذوي الحاجات ثم يمنع الناسَ من طَلَب الشفاعة منه ، أو يحرم النبيَّ من الاستفاده من هذا المقام؟!
أليس الله تعالى حكى عن أولاد يعقوب أنّهم طلبُوا الشفاعة من والدهم وقالوا له: { يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنّا كُنّا خاطِئِينَ } (20) فلم يعترض عليهم ذلك النبيُ الكريمُ المعصومُ بل قال: { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ } ؟
و لا يمكن لأحد أن يدّعي أنّ النبيَّ والأئمة صلوات الله عليهم أمواتٌ ، فطلَبُ الدعاء منهم لا يفيد ، وذلك لأنّ الأنبياءَ أحياء وخاصّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، الذي قال عنه سبحانه: { وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } (21) أي شاهداً .
و قال: { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ ورَسُولُهُ والْمُؤْمِنُونَ } (22) .
و هذه الآية جاريةٌ ومستمرةٌ إلى يوم القيامة جريانَ الشمس والقمر ، واستمرار الليل والنهار .
و أيضاً لأنّ النّبي والأئمة من أهل بيته شهداء ، والشهداء أحياء ، كما قال الله تعالى أكثر من مرة في كتابه العزيز .
32ـ والشيعة الجعفريّةُ يحتفلون بمواليد النبيّ والأُئمة من أهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين ، ويقيمون المآتم في وفياتهم ، ذاكِرين فيها فضائلَهم ومناقبَهم ومواقِفَهم الرشيدةَ ، التي وَرَدت بالنَقل الصّحيح تبعاً للقرآن الذي ذكر مناقب النبيّ (صلى الله عليه وآله) وغيره من الرسل ، وأشادَ بها ، ولَفَتَ الأنظارَ إليها للإتّساء والاقتداء ، وللاعتبار والاهتداء .
الشيعة الجعفريّةُ يحتفلون بمواليد النبيّ والأُئمة من أهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين ، ويقيمون المآتم في وفياتهم ، ذاكِرين فيها فضائلَهم ومناقبَهم ومواقِفَهم الرشيدةَ ، التي وَرَدت بالنَقل الصّحيح تبعاً للقرآن الذي ذكر مناقب النبيّ (صلى الله عليه وآله) وغيره من الرسل نعم ، يتجنَّبُ الشيعةُ الجعفريّةُ في هذه الاحتفالات الأفعالَ المحرَّمة ، كالاختلاط المحرَّم بين الرّجال والنّساء وأكلِ المحرّم وشربه ، والغُلوّ في المدح والثَّناء(23) ، وغيرها من التصرّفات التي تتنافى وروحَ الشريعة الإسلاميّة المقدَّسة ، وتتجاوز حدودَها المسلَّمة ، أو لا تنطبق عليها آيةٌ أو رواية صحيحة ، أو قاعدةٌ كليّةٌ مستنبطةٌ من الكتاب والسنّة بالاستنباط الصحيح .
33ـ ويستفيدُ الشيعةُ الجعفريةُ من كُتب تَحتوي على أحاديثِ الرَّسول الأكرم وأهل بيته المطهَّرين صَلَواتُ الله عليهم أجمعين مثل: «الكافي» لِثقة الإسلام الكُليني ، و«من لا يَحْضُرهُ الفقيهُ» للشيخ الصَّدوق ، و«الاستبصار» و«التهذيبِ» للشيخ الطوسيّ ، وهي كُتبٌ قيّمة في مجال الحديث .
وهذه الكتب ، وإن احتوت على أحاديث صحيحة إلاّ أنّها ـ رغم ذلك ـ لم يُطلِق عليها أصحابُها ومؤلّفِوُها ولا الشيعة الجعفريّةُ عنوان: الصحيح ، ولهذا لا يلتزم الفقهاءُ الشيعةُ بصحة جميع أحاديثها ، بل يأخذون ما تثبت عندهم صحتُه منها ، ويتركون مالا يرونه صحيحاً ، أو حَسَناً ، أو مما يمكن الأخذ به حسبَ تعابير علم الدراية والرّجال وقواعد علم الحديث .
34ـ كما يستفيدونَ ـ في مجالِ العقيدة والفقهِ والدعاء والأخلاق ـ من كتب اُخرى رُويت فيها رواياتٌ متنوعةٌ عن الأئمة الطاهرين مثل كتاب: «نهج البلاغة» الذي ألفه السيد الرضيّ رحمه الله من: خطب الإمام علي (عليه السلام) ورسائلِه وحِكَمِه القصار .
و مثل رسالة «الحقوق» و«الصحيفة السجادية» للإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السّلام ، والصحيفة العَلَوية للإمام علي (عليه السلام) ، و«عيون أخبار الرضا» ، والتوحيد ، والخصال ، وعلل الشرائع ، ومعاني الأخبار للشيخ الصدوق (رحمه الله) .
35ـ وربما استنَد الشيعةُ الجعفرية إلى أحاديث صحيحة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وَرَدت في مصادر إخوانهم من أهل السنّة والجماعة في مختلف المجالات من دون تعصُّب ، أو تزمّت ، وتشهدُ بذلك مؤلفاتُهم قديماً وحديثاً ، حيث وردت فيها أحاديث من صحابة النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأزواجه ومشاهير الصحابة وكبار الرواة كأبي هريرة وأنس وغيرهما ، بشرط صحّته وعدم معارضته للقرآن والأثر الصحيح ، والعقل الحصيف واجماع العلماء .
36ـ يَرى الشيعةُ الجعفريّةُ بأنّ ما لحق بالمسلمين قديماً وحديثاً من الِمحَن والويلات ما كان إلاّ نتيجة أمرين هما:
أوّلا: تجاهُل أهلِ البيت (عليهم السلام) كقادة مؤهَّلين للقيادة ، وتجاهل إرشاداتِهم وتعاليمهم ، وبخاصة تفسيرهم للقرآن الكريم .
و ثانياً: التفرّق والتشتت والاختلاف والتنازع بين المذاهب والفِرَق الإسلامية .
و لهذا يسعى الشيعةُ الجعفرية دائماً إلى توحيد صفوف الأمّة الإسلامية ، ويمدّون يد المحبّة والاُخوة إلى الجميع ، محترِمين اجتهادات علماء تلك الفرق والمذاهب ، وأحكامها .
و في هذا السبيل ، دأبَ علماء الشيعة الجعفرية منذ القرون الإسلامية الاُولى على ذكرِ آراء الفقهاء غير الشيعة في مؤلّفاتهم الفقهيّة والتفسيرية والكلامية مثل: «الخلاف» في مجال الفقه ، للشيخ الطوسي ، و«مجمع البيان» في مجال التفسير ، للطبرسي ، والذي مدحه أبرز علماء الأزهر .
و مثل «تجريد الاعتقاد» لنصير الدين الطوسي في مجال العقيدة ، والذي قام بشرحه علاء الدّين القوشجي الأَشعري .
37ـ ويرى علماءُ الشيعةِ الجعفرية البارزون ضرورةَ الحِوار بين علماءِ المذاهب الإسلاميّة المختلفة في مجالات الفقهِ والعقيدة والتاريخ ، والتفاهم في قضايا المسلمين المعاصرة ، والاجتناب عن التراشق بالتُّهم ، وتسميم الأجواء بالسّباب ، حتى تتهيّأ أرضيةٌ مناسبةٌ لإيجادِ تقارب منطقيٍّ بين فصائل الأمّة الإسلامية وشرائحها المتعدّدة ، لسدّ الطريق على أعداءِ الإسلام والمسلمين ، الذين يَبحثون عن الثَغَرات لتوجيه ضربة قاضية إلى كافة المسلمين ، من دون استثناء .
و في هذا السّياق لا يُكفّرُ الشيعةُ الجعفريةُ أحداً من أهلِ القِبلة قطّ ، مهما كان مذهَبَه الفقهي ومنحاه العقيدي إلاّ ماأجمع المسلمون على تكفيره ، ولا يُعادونهم ، ولا يسمحون بالتآمر عليهم ، ويحترمون اجتهادات الفِرَق والمذاهب الإسلاميّة ويرون عَمَلَ من يَنتقل من مذهبه إلى مذهب الشيعة الجعفرية الإمامية مُجزياً ومُسقطاً للتكليف ومُبرِءاً للذمّة ، اذا كان قد عمل وفْق مذهبه في الصلاة والصيام والحج والزكاة والنكاح والطلاق والبيع والشراء وغيرها ، فلا يجب عليه قضاءُ مافات من هذه الفرائض ، كما لا يجب عليه تجديد صيغة النكاح أو الطلاق مادام أجراهما وفق المختار من مذهبه .
و هم يتعايشون مع إخوانهم المسلمين في كل مكان كما لو كانوا إخوةً وأقارب .
نعم ، لا يوافقون المذاهبَ الاستعماريّة كالبهائية والبابيّة والقاديانيّة وما شاكل ذلك ، بل يخالفونها ويحاربونها ويحرّمون الانتماء إليها .
وإذا كان الشيعة - أحياناً وليس دائماً - يستخدمون التقية ، وهي تعني كتمان ماهم عليه من المذهب والمعتقد ، وهو أمرٌ مشروع بنص القرآن الكريم ومعمولٌ به بين المذاهب الإسلامية في ظروف الصراع الطائفي الحاد ، فهو لأحد عاملين:
أحدهما: الحفاظ على أنفسهم ودمائهم حتى لاتذهب هدراً .
وثانيهما: الحفاظ على وحدة المسلمين وعدم تعرضها للتصدّع .
ويرى علماءُ الشيعةِ الجعفرية البارزون ضرورةَ الحِوار بين علماءِ المذاهب الإسلاميّة المختلفة في مجالات الفقهِ والعقيدة والتاريخ ، والتفاهم في قضايا المسلمين المعاصرة ، والاجتناب عن التراشق بالتُّهم ، وتسميم الأجواء بالسّباب
38ـ ويرى الشيعة الجعفرية أنّ من أسباب تأخّر المسلمين اليوم ، هو التخلّف الفكريُّ والثقافيُّ والعلميُّ والتكنولوجي ، وأنّ العلاج يكمُن في توعِية المسلمين رجالاً ونساءاً ، ورَفْعِ مستواهم الفكري والثقافي والعلميّ بإيجاد المراكز العلمية كالجامعات والمعاهد ، والإستفادة من مُعطيات العلمِ الحديث في رفع المشاكل الاقتصادية ، والعِمرانية ، والصِناعية ، وزرع الثقة في نفوس أبناء الأمّة لِدفعهم إلى ميادين العمل ، والنشاط إلى أن يتحققَ الاكتفاءُ الذاتيُّ ، ويُقضى على حالة التبعيّة والذيليّة للأجانب .
و لهذا أسَّس الشيعةُ الجعفريةُ ، أينما حلّوا ونزلوا ، مراكز علميّة وتعليميّة ، وأقامُوا معاهد لتخريج اختصاصيّين في مختلف العلوم . كما انخرطوا في الجامعاتِ والمعاهد في كل بَلَد ، وتخرَّج منهم علماءُ وفنيّون في مختلف الأصعدة الحيويّة قدنالوا مراكز علمية متقدمة .
39ـ يرتبط الشيعةُ الجعفريةُ بعلمائِهم وفقهائِهم عن طريق ما يسمّى بينهم بالتقليد في الأحكام ، فإليهم يرجعون في مشكلاتهم الفقهيّة ، ويعملون في جميع مجالات حياتهم طبقاً لآراء الفقهاء ، لأنّ الفقهاء ـ في عقيدتهم ـ وكلاء آخر الأئمةِ الطاهرين ونوّابه العامّين ، وحيث إنّ علماءهم وفقهاءهم لا يعتمدون في معايشهم واقتصادهم على الدّول والحكومات ، لهذا يحظَون بثقة كبيرة وعالية من قبَل أبناء هذه الطائفة الكبرى .
و تؤمِّنُ الحوزاتُ العلميةُ الدينيةُ ـ وهي مراكز لتخريج الفقهاء ـ حاجاتها الاقتصادية من أموال الخمس والزكاة التي يدفعها الناس إلى الفقهاء رغبةً وطواعيةً ، وكوظيفة شرعية مثل الصلاة والصيام .
ولوجوب دفع الخمس عند الشيعة الإمامية من أرباح المكاسب أدلة واضحة ورد قسم منها في جملة من الصحاح والسنن أيضاً (راجع كتب مبحث الخمس الاستدلالي عند فقهاء الشيعة) .
40ـ يرى الشيعةُ الجعفريةُ أنَّ من حق المسلمين أن يتمتعوا بحكومات إسلامية تعمل وفق الكتابِ والسنّة ، وتحفظُ حقوق المسلمين ، وتقيمُ علاقات عادلة وسليمة مع الدُّول الاُخرى ، وتحرس حدودها ، وتضمن استقلال المسلمين ثقافياً ، واقتصادياً وسياسياً ، ليكون المسلمون أعزّاء كما أراد الله لهم إذ قال تعالى: { وَلِلّهِ الْعِزَّةُ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ } (24) .
و قال تعالى: { وَلا تَهِنُوا ولا تَحْزَنُوا وأَنْتُمُ اْلأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (25) .
ويرى الشيعة أنّ الإسلام ـ بوصفه الدين الكامل والجامع ـ يحتوي على منهج دقيق لنظام الحكم ، وأنّ على علماء الأمّة الإسلامية العظيمة أن يجتمعوا ويتباحثوا فيما بينهم لاستجلاء الصورة الكاملة لهذا المنهج ، وهذا النظام ، ليُخرِجوا هذه الأمّة من الحيرة ومن دوامة المشاكل التي لا تنتهي ، والله الناصر والمعين .
{ إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ ويُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ } .
هذه أبرز الخطوط في مجال العقيدة والشريعة عند الشيعة الإمامية المسمّاة بالجعفريّة أيضاً .
وهذه الطائفة اليوم يعيش أبناؤها إلى جانب إخوتهم المسلمين في جميع البلاد الإسلامية ، وهي حريصة على الحفاظ على كيان المسلمين وعزّتهم ، ومستعدة لبذل النفس والنفيس في هذا السبيل .
_________________________________________________
(1) البيّنة ، الآية 7 .
(2) المائدة ، الآية 2 .
(3) مسند أحمد 1 : 215 .
(4) البخاري ، كتاب الأدب: 27 .
(5) هذه الآيات هي: قوله تعالى في آية التبليغ : { يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُ نْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ واللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ } . (المائدة : 67)
و قوله تعالى في آية الإكمال: { اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ اْلإِسْلامَ دِيناً } (المائدة : 3)
و قوله تعالى: { اَلْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ واخْشَوْنِ } (المائدة : 3)
و قوله تعالى: { سَئَلَ سائِلٌ بِعَذاب واقِع * لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ } (المعارج : 2) .
(6) وقد أنشأ أدباء أفذاذ من غير الشيعة ـ من العرب والعجم ـ قصائد مفصّلة حَوَت أسماء الأئمة الاثني عشر كاملة كالحصكفي وابن طولون والفضل بن روزبهان والجامي والعطار النيشابوري والمولوي ، وهم من الأحناف والشوافع وغيرهم ، نذكر من باب النموذج قصيدتين منها: الاولى: للحصكفي الحنفي ، وهو من علماءِ القرن السادس الهجري ، يقول فيها:
حيدرةٌ والحسنان بعدهُ ***ثمَّ عليُّ وابنه محمدُ
و جعفرُ الصادق وابنُ جعفر ***موسى ، ويتلوهُ عليُّ السيدُ
أعني الرضا ثم ابنُه محمدُ***ثم عليٌّ وابنُه المسدّدُ
الحسنُ التالي ويتلو تلوهُ***محمدُ بن الحسن المعتقدُ
قومٌ هُمُ أئمتي وسادتي***و إن لَحاني مَعشرٌ وفَنّدوا
أئمةٌ أكرِمْ بهمْ أئمةً***أسماؤهم مسرودةٌ لا تُطردُ
هم حججُ الله على عباده***و هم إليه منهجٌ ومقصدُ
همُ النهارَ صُوَّم لِربِّهم***و في الدَياجي رُكّعٌ وسجّدُ
الثانية: وهي لشمس الدين محمد بن طولون من علماءِ القرنِ العاشر الهجري ، وهو يقول فيها:
عليكَ بالأئمة الاثني عشرْ***من آل بيت المصطفى خيرِ البشرْ
أبوتراب حَسَنٌ حُسينُ
و بغضُ زين العابدين شَينُ***محمدُ الباقرُ كم علم درى
والصادقُ ادعُ جعفراً بين الورى***موسى هو الكاظمُ وابنُه عليُ
لَقِّبْهُ بالرضا وقدرهُ عليّ***محمدُ التقيُّ قلبُهُ معمورُ
عليٌّ النّقيُّ دُرُّهُ منثورُ***والعسكريُّ الحسنُ المطهَّرُ
محمدُ المهديُّ سوفَ يظهرُ راجع كتاب: الأئمة الاثناعشر ، تأليف مؤرخ دمشق شمس الدين محمدبن طولون المتوفى سنة 953 هجرية ، تحقيق: الدكتور صلاح الدين المنجّد . طبعة بيروت .
(7) التوبة ، الآية 119 .
(8) وفي الصحاح وغيرها من مؤلفات الفريقين أنّ النّبيّ (صلى الله عليه وآله) قال: «سيظهَر في آخِر الزمان رجلٌ من ذريّتي اسمه اسمي وكنيتهُ كنيتي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بَعد أن مُلِئَت ظلماً وجوراً» .
(9) الصافات ، الآية 143 ـ 144 .
(10) طه ، الآية 55 .
(11) النساء ، الآية 24 .
(12) راجع كلّ أحاديث المتعة في الصحاح والسنن والمسانيد المعتبرة عند المذاهب الإسلامية المختلفة .
(13) وهو يضمُّ ألفَ إسم من أسماء الله في نَسَق رائع ومؤثِّر .
(14) آل عمران ، الآية 34 .
(15) الكهف ، الآية 21 .
(16) البقرة ، الآية 125 .
(17) شفاء السقام للسبكي الشافعي ص107 ، ومثله في سنن ابن ماجة 1: 117 .
(18) النساء ، الآية 64 .
(19) الضحى ، الآية 5 .
(20) يوسف ، الآية 97 .
(21) البقرة ، الآية 143 .
(22) التوبة ، الآية 105 .
(23) والغلوّ هو رفع إنسان إلى مستَوى الاُلوهيّة أو الربُوبيّة ، أو اعتقاد أنه يفعل شيئاً مّا مستقلاًّ عن المشيئة الإلهيّة وإذن الله تعالى ، كما يفعل النصارى واليهود في حق أنبيائهم .
(24) المنافقون ، الآية 8 .
(25) آل عمران ، الآية 139 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page