• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شبهات حول مفاد لفظة المولى‏

{  شبهات حول مفاد لفظة المولى‏ }

    {  الشبهة الاُولى‏ للرازي: عدم مجي‏ء المولى‏ بمعنى الأولى‏ }

 أقبل الرازي يتتعتع[1] ويتلعثم[2] بشُبَهٍ يبتلعها طوراً، ويجترّها تارةً، وأخذ يصعِّد ويصوِّب في الإتيان بالشُّبه بصورةٍ مكبَّرة، فقال بعد نقله معنى الأولى‏ عن جماعة ما نصّه:

 قال تعالى‏: «  مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئسَ الْمَصير »[3]، وفي لفظ ( المولى‏ ) هاهُنا أقوال:

 أحدها: قال ابن عبّاس: مولاكم ؛ أي مصيركم، وتحقيقه: أنَّ المولى‏ موضع الوليّ وهو القرب، فالمعنى‏: أنَّ النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه.

 والثاني: قال الكلبي: يعني أَولى‏ بكم، وهو قول الزجّاج والفرّاء وأبي عبيدة.

 واعلم أنَّ هذا الذي قالوه معنىً، وليس بتفسير اللفظ ؛ لأ نّه لو كان ( مولى ) و ( أَولى‏ ) بمعنىً واحد في اللغة لصحّ استعمال كلِّ واحد منهما في مكان الآخر، فكان يجب أن [  يصح أن ][4] يقال: هذا مولىً من فلان [  كما يقال هذا أَولى‏ من فلان، ويصح أن يقال: هذا أَولى‏ فلان كما يقال: هذا مولى‏ فلان ][5] ، ولمّا بطل ذلك علمنا أنَّ الذي قالوه معنىً، وليس بتفسير.

 وإنَّما نبّهنا على‏ هذه الدقيقة ؛ لأنّ الشريف المرتضى‏ - لمّا تمسّك في إمامة عليّ بقوله عليه السلام: « من كنتُ مولاه فعليّ مولاه » - قال: أحد معاني ( مولى ) أ نَّه ( أَولى‏ )، واحتجَّ في ذلك بأقوال أئمّة اللغة في تفسير هذه الآية بأنَّ ( مولىً ) معناه ( أَولى‏ ) وإذا ثبت أنَّ اللفظ محتمِلٌ له وجب حمله عليه ؛ لأنَّ ما عداه إمّا بيِّن الثبوت ككونه ابن العمّ[6]والناصر، أو بيّن الانتفاء كالمُعتِق والمُعتَق، فيكون على التقدير الأوّل عبثاً، وعلى التقدير الثاني كذباً.

 وأمّا نحن فقد بينّا بالدليل أنَّ قول هؤلاء في هذا الموضع معنىً لا تفسير، وحينئذٍ يسقط الاستدلال به. تفسير الرازي[7].

 وقال في نهاية العقول: إنَّ المولى‏ لو كان يجي‏ء بمعنى ( الأَولى‏ ) لصحّ أن يقرن بأحدهما كلّ ما يصحُّ قرنه بالآخر، لكنّه ليس كذلك، فامتنع كون المولى‏ بمعنى الأَولى‏.

 بيان الشرطيّة: أنَّ تصرّف الواضع ليس إلّا في وضع الألفاظ المفردة للمعاني المفردة، فأمّا ضمُّ بعض تلك الألفاظ إلى البعض بعد صيرورة كلِّ واحد منهما موضوعاً لمعناه المفرد فذلك أمر عقليّ، مثلاً إذا قلنا: الإنسان حيوان فإفادة لفظ الإنسان للحقيقة المخصوصة بالوضع، وإفادة لفظ الحيوان للحقيقة المخصوصة أيضاً بالوضع، فأمّا نسبة الحيوان إلى الإنسان - بعد المساعدة على‏ كون كلِّ واحد من هاتين اللفظتين موضوعة للمعنى المخصوص - فذلك بالعقل لا بالوضع، وإذا ثبت ذلك فلفظة ( الأَولى‏ ) إذا كانت موضوعةً لمعنىً ولفظة ( من ) موضوعة لمعنىً آخر، فصحّة دخول أحدهما على الآخر لا تكون بالوضع بل بالعقل.

 وإذا ثبت ذلك، فلو كان المفهوم من لفظة ( الأَولى‏ ) بتمامه من غير زيادة ولا نقصان هو المفهوم من لفظة ( المولى‏ )، والعقل حكَمَ بصحّة اقتران المفهوم من لفظة ( من ) بالمفهوم من لفظة ( الأَولى‏ )، وجب صحّة اقترانه أيضاً بالمفهوم من لفظة ( المولى‏ ) ؛ لأنّ صحّة ذلك الاقتران ليست بين اللفظين، بل بين مفهوميهما.

 بيان أ نَّه ليس كلُّ ما يصحّ دخوله على‏ أحدهما صحّ دخوله على‏ الآخر: إنَّه لا يقال: هو مولىً من فلان ، ويصحّ أن يقال: هو مولىً، وهما مولَيان، ولا يصحّ أن يقال: هو أَولى - بدون من - وهما أَوليان. وتقول: هو مولى الرجل ومولى‏ زيد، ولا تقول: هو أَولى‏ الرجل وأَولى‏ زيد. وتقول: هما أَولى‏ رجلين وهم أَولى‏ رجال، ولا تقول: هما مولى‏ رجلين، ولا هم مولى‏ رجال، ويقال: هو مولاه ومولاك، ولا يقال: هو أولاه وأولاك. لا يقال: أليس يقال: ما أَولاه ! لأ نّا نقول: ذاك أفعل التعجّب، لا أفعل التفضيل، على‏ أنَّ ذاك فعل، وهذا اسم، والضمير هناك منصوب، وهنا مجرورٌ، فثبت أ نَّه لا يجوز حمل المولى‏ على الأَولى‏. انتهى‏.

    {  وجوه ضعف كلام الرازي }

 {  الوجه الأوّل: }

 وإن تعجب فعجب أن يعزب عن الرازي اختلاف الأحوال في المشتقّات لزوماً وتعديةً بحسب صِيَغها المختلفة. إنَّ اتحاد المعنى‏ أو الترادف بين الألفاظ إنَّما يقع في جوهريّات المعاني، لا عوارضها الحادثة من أنحاء التركيب وتصاريف الألفاظ وصيغها، فالاختلاف الحاصل بين ( المولى‏ ) و ( الأَولى‏ ) - بلزوم مصاحبة الثاني للباء وتجرّد الأوّل منه - إنَّما حصل من ناحية صيغة ( أفعل ) من هذه المادّة، كما أنَّ مصاحبة ( من ) هي مقتضى‏ تلك الصيغة مطلقاً. إذن فمفاد ( فلانٌ أَولى‏ بفلان ) و ( فلانٌ مولى‏ فلان ) واحدٌ، حيث يراد به الأولى‏ به من غيره، كما أنَّ ( أفعل ) بنفسه يستعمل مضافاً إلى المثنّى‏ والجمع أو ضميرهما بغير أداة فيقال: زيد أفضل الرجلين أو أفضلهما، وأفضل القوم أو أفضلهم، ولا يستعمل كذلك إذا كان ما بعده مفرداً، فلا يقال: زيد أفضل عمرو، وإنَّما هو أفضل منه، ولا يرتاب عاقل في اتّحاد المعنى‏ في الجميع، وهكذا الحال في بقيّة صيغ ( أفعل ) كأعلم وأشجع وأحسن وأسمح وأجمل إلى‏ نظائرها.

 قال خالد بن عبداللَّه الأزهري في باب التفضيل من كتابه التصريح: إنَّ صحّة وقوع المرادف موقع مرادفه إنَّما يكون إذا لم يمنع من ذلك مانعٌ، وهاهنا منع مانع، وهو الاستعمال، فإنَّ اسم التفضيل لا يصاحب من حروف الجرّ إلّا ( من ) خاصّة، وقد تُحذَف مع مجرورها للعلم بها نحو «  والآخِرَةُ خَيْرٌ وأَبْقى‏ »[8].

 {  الوجه الثاني: }

 على‏ أنَّ ما تشبّث به الرازي يطّرد في غير واحد من معاني المولى التي ذكرها هو وغيره.

 منها: ما اختاره معنىً للحديث وهو ( الناصر )، فلم يستعمل هو مولى‏ دين اللَّه مكان ناصره، ولا قال عيسى‏ - على‏ نبيِّنا وآله وعليه السلام -: من مواليَّ إلى اللَّه ؟ مكان قوله: «  مَن أَنْصاري إلى اللَّهِ »[9] ؟ ولا قال الحواريّون: نحن موالي اللَّه، بدل قولهم: «  نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ ».

 ومنها: الوليُّ، فيقال للمؤمن: هو وليُّ اللَّه، ولم يرد من اللغة مولاه، ويقال: أللَّه وليُّ المؤمنين ومولاهم، كما نصَّ به الراغب في مفرداته[10].

 وهلمّ معي إلى‏ أحد معاني ( المولى ) المتّفق على‏ إثباته وهو المنعم عليه، فإنّك تجده مخالفاً لأصله في مصاحبة ( على‏ ) فيجب على الرازي أن يمنعه إلّا أن يقول: إنَّ مجموع اللفظ وأداته هو معنى المولى‏ لكن ينكمش منه في الأَولى‏ به لأمر ما دبّره بليل.

 { الوجه الثالث: }

 وهذه الحالة مطّردة في تفسير الألفاظ والمشتقّات وكثير من المترادفات على‏ فرض ثبوت الترادف، فيقال: أجحف به وجحفه، أكبّ لوجهه وكبّه اللَّه، أحرس به وحرسه، زريت عليه زرياً وأزريت به، نسأ اللَّه في أجله وأنسأ أجله، رفقت به وأرفقته، خرجت به وأخرجته، غفلت عنه وأغفلته، أبذيت القوم وبذوت عليهم، أشلتُ الحجر وشلتُ به. كما يقال: رأمت الناقة ولدها أي عطفت عليه، اختتأ له أي خدعه، صلّى‏ عليه أي دعا له، خنقته العبرة أي غصّ بالبكاء، احتنك الجراد الأرض، وفي القرآن «  لَأَحْتَنِكَنَّ ذرِّيَّته »[11] ؛ أي أستولي عليها وأستوليَنّ عليهم، ويقال: استولى‏ عليه ؛ أي غلبه وتمكّن منه، وكلّها بمعنىً واحد، ويقال: أجحف فلان بعبده أي كلّفه ما لا يُطاق.

 وقال شاه صاحب[12] في الحديث: إنَّ ( أَولى‏ ) في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: « ألستُ أَولى‏ بالمؤمنين من أنفسهم » مشتقٌّ من الولاية بمعنى الحبّ. انتهى‏. فيقال: أَولى‏ بالمؤمنين ؛ أي أحبّ إليهم، ويقال: بصر به ونظر إليه ورآه، وكلّها واحدٌ.

 وأنت تجد هذا الاختلاف يطّرد في جلّ الألفاظ المترادفة التي جمعها الرمّاني - المتوفّى‏ ( 384 ) - في تأليف مفرد في ( 45 ) صحيفة - طبع مصر ( 1321 ) - ولم ينكر أحدٌ من اللغويّين شيئاً من ذلك لمحض اختلاف الكيفيّة في أداة الصحبة، كما لم ينكروا بسائر الاختلافات الواردة من التركيب، فإنّه يقال: عندي درهمٌ غير جيّد، ولم يجُز: عندي درهمٌ إلّا جيِّد، ويقال: إنَّك عالمٌ، ولا يقال: إنَّ أنت عالم، ويدخل ( إلى‏ ) على المضمر، دون حتى‏ مع وحدة المعنى‏، ولاحظ ( أم ) و( أو ) فإنّهما للترديد، ويفرقان في التركيب بأربعة أوجه، وكذلك هل والهمزة، فإنّهما للاستفهام، ويفرقان بعشرة فوارق، و( أيّان ) و( حتى‏ ) مع اتِّحادهما في المعنى‏ يفرقان بثلاث، و( كم ) و( كأيّن ) بمعنىً واحد، ويفرقان بخمسة، و( أيّ ) و( من ) يفرقان بستّة مع اتحادهما، و( عند ) و( لَدُن ) و( لدي ) مع وحدة المعنى‏ فيها تفرق بستّة أوجه.

 ولعلّ إلى‏ هذا التهافت الواضح في كلام الرازي أشار نظام الدين النيسابوري في تفسيره[13] بعد نقل محصّل كلامه إلى‏ قوله: وحينئذٍ يسقط الاستدلال به، فقال: قلت: في هذا الإسقاط بحث لا يخفى‏.

 {  الوجه الرابع: }

 لم تكن هذه الشبهة الرازيّة الداحضة بالتي تخفى‏ على العرب والعلماء، لكنّهم عرفوها قبل الرازي وبعده، وما عرفوها إلّا في مَدحرة[14] البطلان، ولذلك تراها لم تزحزحهم عن القول بمجي‏ء ( المولى‏ ) بمعنى ( الأَولى‏ ).

 قال التفتازاني في شرح المقاصد[15]، والقَوْشَجي في شرح التجريد[16]ولفظهماواحد:

 إنَّ المولى‏ قد يراد به {  المُعتِق و} المُعتَق والحليف والجار وابن العمّ والناصر والأَولى‏ بالتصرّف، قال اللَّه تعالى‏: «  مأَواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ » ؛ أي أوَلى‏ بكم، ذكره أبو عبيدة، وقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: « أيّما امرأة نُكِحت بغير إذن مولاها... » ؛ أي الأَولى‏ بها والمالك لتدبير أمرها، ومثله في الشعر كثير.

 وبالجملة: استعمال ( المولى‏ ) بمعنى المتولّي والمالك للأمر والأَولى‏ بالتصرّف شائعٌ في كلام العرب، منقول عن كثير من أئمّة اللغة، والمراد أ نَّه اسمٌ لهذا المعنى‏، لا صفة بمنزلة الأَولى‏ ؛ ليُعترَض بأنّه ليس من صيغة {  اسم }[17] التفضيل وأ نَّه لا يستعمل استعماله. انتهى‏.

 ذكرا ذلك عند تقريب الاستدلال بالحديث على الإمامة ثمّ طفقا يردّانه من شتّى النواحي، عدا هذه الناحية، فأبقياها مقبولةً عندهما، كما أنَّ الشريف الجرجاني في شرح المواقف حذا حذوهما في القبول، وزاد بأ نّه ردّ بذلك مناقشة القاضي عضد بأنّ ( مفعلاً ) بمعنى‏ ( أفعل ) لم يذكره أحدٌ، فقال:

 أُجيب عنه بأنّ المولى‏ بمعنى المتولّي والمالك للأمر والأَولى‏ بالتصرّف شائع في كلام العرب منقول من أئمّة اللغة، قال أبو عبيدة: «  هِيَ مَوْلاكُمْ »  أي أَولى‏ بكم، وقال عليه السلام: « أيّما امرأةٍ نُكحت بغير إذن مولاها... » ؛ أي الأَولى‏ بها والمالك لتدبير أمرها[18]. انتهى‏.

 وابن حجر في الصواعق[19] على‏ تصلّبه في ردّ الاستدلال بالحديث سلّم مجي‏ء المولى‏ بمعنى الأَولى‏ بالشي‏ء، لكنّه ناقش في متعلّق الأولويّة في أ نَّه هل هي عامّة الأُمور، أو أنَّها الأَولويّة من بعض النواحي ؟ واختار الأخير، ونسب فهم هذا المعنى‏ من الحديث إلى الشيخين أبي بكر وعمر في قولهما: أمسيت مولى‏ كلِّ مؤمن ومؤمنة، وحكاه عنه الشيخ عبدالحقّ في لمعاته[20]، وكذا حذا حذوه الشيخ شهاب الدين أحمد ابن عبدالقادر الشافعي في ذخيرة المآل[21]، فقال:

 التولّي: الولاية، وهو الصديق والناصر، أو الأولى‏ بالاتّباع والقرب منه، كقوله تعالى‏: «  إِنَّ أَوْلى‏ النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ »[22]، وهذا الذي فهمه عمر رضى الله عنه من الحديث، فإنّه لمّا سمعه قال: هنيئاً يا بن أبي طالب أمسيتَ وليَّ كلِّ مؤمن ومؤمنة. انتهى‏.

 وسبق عن الأنباري في مشكل القرآن: أنَّ للمولى‏ ثمانية معانٍ، أحدها: الأَولى‏ بالشي‏ء، وحكاه الرازي عنه وعن أبي عبيدة، فقال في نهاية العقول:

 لا نُسلّم أنَّ كلّ من قال:إنَّ لفظة ( المولى‏ ) محتملةٌ للأَولى‏ قال بدلالة الحديث على‏ إمامة عليٍّ رضى الله عنه. أليس أنَّ أبا عبيدة وابن الأنباري حكما بأنّ لفظة ( المولى‏ ) للأَولى‏ مع كونهما قائلين[23] بإمامة أبي بكر رضى الله عنه ؟

 ونقل الشريف المرتضى[24] عن أبي العبّاس المبرّد: أنَّ أصل تأويل الوليّ ؛ أي الذي هو أَولى‏ وأحقّ، ومثله المولى‏.

 وقال أبو نصر الفارابي الجوهري المتوفّى‏ ( 393 ) في صحاح اللغة[25] مادّة ( ولي ) في قول لبيد: إنَّه يريد أَولى‏ موضع أن يكون فيه الخوف.

 وأبو زكريا الخطيب التبريزي في شرح ديوان الحماسة[26] في قول جعفر بن عُلْبة الحارثي:

 

 ألَهْفَى‏ بِقُرَّى‏ سَحْبَلٍ[27] حين أجْلَبَتْ‏

عَلَينا الوَلايا والعدُوُّ المُباسِلُ‏

 

 عدّ من وجوه معاني المولى الثمانية[28] الوليّ والأَولى‏ بالشي‏ء، وعن عمر بن عبدالرحمن الفارسي القزويني في كشف الكشّاف في بيت لبيد: أنَّ مولى المخافة ؛ أي أولى‏ وأحرى‏ بأن يكون فيه الخوف. وعدّ سبط ابن الجوزي في التذكرة[29] ذلك من معاني المولى العشرة المستندة إلى‏ علماء العربيّة، ومثله ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول[30]، وذكر الأَولى‏ في طليعة المعاني التي جاء بها الكتاب، وتبعه الشبلنجي في نور الأبصار[31]، وأسند ذلك إلى العلماء، وقال شارحا المعلّقات السبع[32] -  عبدالرحيم ابن عبدالكريم، ورشيد النبيّ  - في بيت لبيد: إنَّه أراد ب ( وليّ المخافة ) الأَولى‏ بها.

 وبذلك كلّه تعرف حال ما أسنده صاحب « التحفة الاثنا عشريّة »[33] إلى‏ أهل العربيّة قاطبة من إنكار استعمال ( المولى‏ ) بمعنى ( الأَولى‏ بالشي‏ء ). أَوَ يحسبُ الرجل أنَّ من ذكرناهم من أئمّة الأدب الفارسي ؟ أو أنَّهم لم يقفوا على‏ موارد لغة العرب، كما وقف عليها الشاه صاحب الهندي ؟ وليس الحَكَم في ذلك إلّا ضميرك الحرّ.

 {  الوجه الخامس: }

 مضافاً إلى‏ أنَّ إنكار الرازي عدم استعمال ( أَولى‏ ) مضافاً، ممنوع على إطلاقه ؛ لما عرفت من إضافته إلى المثنّى‏ والمجموع، وجاءت في السنّة إضافته إلى النكرة، ففي صحيح البخاري [34]بأسانيد جمّة قد اتّفق فيها اللفظ عن ابن عبّاس عن رسول اللَّه‏صلى الله عليه وآله وسلم قال: « ألحقوا الفرائض بأهلها فما تركت الفرائض فلأَولى‏ رجل ذكر ». ورواه مسلم في صحيحه[35]، وفيما أخرجه أحمد في المسند[36]: « فلأَولى‏ ذكر »، وفي {  موضع آخر  }« فلأَولى‏ رجل ذكر »، وفي نهاية ابن الأثير[37]: « لأَولى‏ رجل ذكر ».

 {  الوجه السادس: }

 ويعرب عمّا نرتئيه في حديث الغدير ما يماثله في سياقه جدّاً عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: « ما من مؤمن إلّا أنا أَولى الناس به في الدنيا والآخرة ؛ إقرأوا إن شئتم: «  النَّبِيُّ أَوْلَى‏ بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ »[38] فأيّما مؤمنٍ ترك مالاً فلْيرثه عصبته من كانوا، فإن ترك دَيناً أو ضياعاً فليأتني وأنا مولاه ». أخرجه البخاري في صحيحه[39]، وأخرجه مسلم في صحيحه[40] بلفظ: « إن على الأرض من مؤمنٍ إلّا أنا أَولى‏ الناس به، فأيُّكم ما ترك دَيناً أو ضياعاً فأنا مولاه ».

 

    {  الشبهة الثانية للرازي: عدم ذكر أئمة اللغة مجي‏ء مفعل بمعنى‏ أفعل }

 وللرازي كلمة أُخرى‏ صعّد فيها وصوّب، فحسب في كتابه نهاية العقول أنَّ أحداً من أئمّة النحو واللغة لم يذكر مجي‏ء ( مفعل ) الموضوع للحدثان أو الزمان أو المكان بمعنى‏ ( أفعل ) الموضوع لإفادة التفضيل.

 { الجواب الأوّل عنها: }

 وأنت إذا عرفت ما تلوناه لك من النصوص على‏ مجي‏ء ( مولى‏ ) بمعنى ( الأَولى‏ بالشي‏ء )، علمت الوهن في إطلاق ما يقوله هو ومن تبعه، كالقاضي عضد الإيجي في المواقف[41]، وشاه صاحب الهندي في « التحفة الاثنا عشريّة »[42] والكابلي في الصواقع، وعبدالحقّ الدهلوي في لمعاته، والقاضي {  ثناء } اللَّه الپاني‏پتي في سيفه المسلول، وفيهم من بالغ في النكير حتى‏ أسند ذلك إلى‏ إنكار أهل العربية، وأنت تعلم أنَّ أساس الشبهة من الرازي ولم يسندها إلى‏ غيره، وقلّده اُولئك عمىً، مهما وجدوا طعناً في دلالة الحديث على‏ ما ترتئيه الإماميّة.

 أنا لا ألوم القوم على‏ عدم وقوفهم على‏ كلمات أهل اللغة واستعمالات العرب لألفاظها ؛ فإنّهم بعداء عن الفنِّ، بعداء عن العربيّة، فمن رازيٍّ إلى إيجيٍّ، ومن هنديٍّ إلى‏ كابليٍّ، ومن دهلويٍّ إلى‏ پاني پتيٍّ، وأين هؤلاء من العرب الأقحاح ؟ وأين هم من العربية ؟ نعم حَنَّ قِدحٌ ليس منها[43]، وإذا اختلط الحابل بالنابل طَفِق يحكّم في لغة العرب من ليس منها في حِلٍّ ولا مرتَحَلٍ.

 

 إذا ما فُصِّلتْ عليا قريشٍ‏

فلا في العِيرِ أنت ولا النفير

 

 أوَما كان الذين نصّوا بأنّ لفظ ( المولى‏ ) قد يأتي بمعنى الأَولى‏ بالشي‏ء أعرف بمواقع اللغة من هذا الذي يخبط فيها خبط عشواء ؟ كيف لا، وفيهم من هو من مصادر اللغة، وأئمّة الأدب، وحُذّاق العربيّة. وهم مراجع التفسير، أوليس في مصارحتهم هذه حجّة قاطعة على‏ أنَّ ( مَفعلاً ) يأتي بمعنى‏ ( أفعل ) في الجملة ؟ إذن فما المبرِّر لذلك الإنكار المطلق ؟ نعم، لأمرٍ ما جَدَعَ قَصيرٌ أنفَه !

 وحَسبُ الرازي مبتدع هذه السفسطة قولُ أبي الوليد ابن الشِّحْنة الحنفي الحلبي في روض المناظر[44] في حوادث سنة ستّ وستّمئة: من أنَّ الرازي كانت له اليد الطولى‏ في العلوم خلا العربيّة، وقال أبو حيّان في تفسيره[45] بعد نقل كلام الرازي: إنَّ تفسيره خارجٌ عن مناحي كلام العرب ومقاصدها، وهو في أكثره شبيهٌ بكلام الذين يُسمّون أنفسهم حكماء.

 وقال الشوكاني في تفسيره في قوله تعالى‏: «  لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ»[46].

  وللرازي في هذا الموضع إشكالات باردة جدّاً لا تستحقّ أن تُذكر في تفسير كلام اللَّه عزَّ وجلَّ، والجواب عليها يظهر للمقصّر فضلاً عن الكامل[47].

 { الجواب الثاني: }

 ثمّ إنَّ الدلالة على الزمان والمكان في ( مَفعل ) كالدلالة على التفضيل في ( أفعل ) وكخاصّة كلٍّ من المشتقّات من عوارض الهيئات لا من جوهريّات الموادّ، وذلك أمر غالبيّ يُسار معه على القياس ما لم يرد خلافه عن العرب، وأمّا عند ذلك فإنّهم المحكّمون في معاني ألفاظهم.

 { الجواب الثالث: }

 ولو صفا للرازي اختصاص ( المولى‏ ) بالحدثان أو الواقع منه في الزمان أو المكان لوجب عليه أن ينكر مجيئه بمعنى الفاعل والمفعول وفعيل، وهاهو يصرّح بإتيانه بمعنى الناصر والمعتِق -  بالكسر  - والمعتَق -  بالفتح  - والحليف. وقد صافقه على ذلك جميع أهل العربيّة وَهَتَفَ الكلُّ بمجي‏ء ( المولى‏ ) بمعنى ( الوليّ )، وذكر غير واحد من معانيه: الشريك، والقريب، والمحبّ، والعتيق، والعقيد، والمالك، والمليك. على‏ أنَّ من يذكر الأَولى‏ في معاني المولى‏، وهم الجماهير ممن يُحتجُّ بأقوالهم، لا يعنون أ نَّه صفة له حتى‏ يناقش بأنّ معنى التفضيل خارج عن مفاد ( المولى‏ ) مزيدٌ عليه فلا يتّفقان، وإنَّما يريدون أ نَّه اسم لذلك المعنى‏، إذن فلا شي‏ء يفتُّ في عضدهم.

 {  الجواب الرابع: }

 وهبْ أنَّ الرازي ومن لفّ لفّه لم يقفوا على‏ نظير هذا الاستعمال في غير المولى‏، فإنّ ذلك لا يوجب إنكاره فيه بعد ما عرفته من النصوص، فكم في لغة العرب من استعمال مخصوص بمادّة واحدة، فمنها: كلمة ( عجاف ) جمع ( أعجف )، فلم يجمع أفعل على‏ فِعال إلّا في هذه المادّة كما نصّ عليه الجوهري في الصحاح[48]، والرازي نفسه في التفسير[49]، والسيوطي في المزهر[50]، وقد جاء بالقرآن الكريم: «  وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى‏ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ »[51]. ومنه شعر العرب في مدح سيِّد مضر هاشم بن عبد مناف:

 

 عمرو العُلى‏ هشم الثريدَ لقومه‏

ورجالُ مكّةَ مُسنتونَ عِجافُ‏

 

 ومنها: أنَّ ما كان على‏ فعَلتُ - مفتوح العين - من ذوات التضعيف متعدِّياً مثل ( رَدَدْتُ وعَدَدْتُ ) يكون المضارع منه مضموم العين إلّا ثلاثة أحرف تأتي مضمومة ومكسورة وهي: شَدَّ، ونَمَّ، وعَلَّ، وزاد بعضٌ: بَثَّ. أدب الكاتب[52].

 ومنها: أنَّ ضمير المثنّى‏ والمجموع لا يظهر في شي‏ء من أسماء الأفعال ك ( صه ومه ) إلّا: ( ها ) بمعنى‏ خذ فيقال: هاؤما، وهاؤم، وهاؤنّ، وفي الذكر الحكيم قوله سبحانه: «  هَآؤُمُ اقْرَؤاْ كِتَابِيَهْ »[53]. راجع التذكرة لابن هشام، والأشباه والنظائر للسيوطي[54].

 ومنها: أنَّ القياس المطّرد في مصدر تَفَاعَل هو التفاعُل بضمِّ العين إلّا في مادّة التفاوت، فذكر الجوهري فيها ضمّ الواو أوّلاً، ثمّ نقل عن ابن السكِّيت عن الكلابيّين فتحه، وعن العنبري كسره، وحُكي عن أبي زيد الفتح والكسر، كما في أدب الكاتب[55]، ونقل السيوطي في المزهر[56]: الحركات الثلاث.

 ومنها: أنَّ المطّرد في مضارع ( فَعَلَ ) - بفتح العين - الذي مضارعه ( يفعِل ) -  بكسره - أ نَّه لا يستعمل مضموم العين إلّا في ( وجَد )، فإنَّ العامريّين ضمّوا عينه، كما في الصحاح[57]، وقال شاعرهم لبيد:

 

 لو شئتِ قد نَقَعَ الفؤاد بشربةٍ

{  تدعُ } الصواديَ لا يجُدنَ غليلا[58]

 وصرّح به ابن قتيبة في أدب الكاتب[59]، والفيروزآبادي في القاموس[60].

 وفي المزهر[61] عن ابن خالويه في شرح الدريديّة أ نَّه قال: ليس في كلام العرب فَعَل يفعُل ممّا فاؤه واو إلّا حرفٌ واحد وَجَدَ يَجُدُ.

 ومنها: أنَّ اسم الفاعل من ( أفعل ) لم يأتِ على‏ فاعل إلّا ( أبقل )، و( أورس )، و( أيفع ) فيقال: ( أَبْقَل الموضع فهو باقل ) و(أوْرسَ الشجر فهو وارس ) و (أيفعَ الغلام فهو يافع ) كذا في المزهر[62]، وفي الصحاح[63]: بلد عاشب ولا يقال في ماضيه إلّا: أعشبت الأرض.

 ومنها: أنَّ اسم المفعول من أفعل لم يأتِ على‏ فاعل إلّا في حرف واحد، وهو قول العرب: أسأمت الماشية في المرعى‏ فهي سائمة. ولم يقولوا: مُسئمة. قال تعالى‏: « فِيهِ تُسِيمون »[64] من أسام يسيم. ذكره السيوطي في المزهر[65].

 وتجد كثيراً من أمثال هذه من النوادر في المخصّص لابن سِيدَه، ولسان العرب، وذكر السيوطي في المزهر ( ج‏2 ) منها أربعين صحيفة.

 

    {  تهجّم الرازي على أ ئمة اللغة }

 هناك للرازي جوابٌ عن هذه كلِّها يكشف عن سوأة نفسه، قال في نهاية العقول:

 وأمّا الذي نقلوا عن أئمّة اللغة: من أنَّ ( المولى‏ ) بمعنى ( الأَولى‏ )، فلا حجّة لهم ؛ إذ أمثال هذا النقل لا يصلح أن يحتجَّ به في إثبات اللغة، فنقول: إنَّ أبا عبيدة وإن قال في قوله تعالى‏: «  مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ » ؛ معناه هي أولى‏ بكم، وذكر هذا - أيضاً - الأخفش، والزجّاج، وعليّ بن عيسى‏، واستشهدوا ببيت لبيد، ولكن ذلك تساهل من هؤلاء الأئمّة، لا تحقيق ؛ لأنّ الأكابر من النقلةمثل الخليل وأضرابه لم يذكروه إلّا في تفسير هذه الآية أو آية أُخرى‏ مرسلاً غير مسند، ولم يذكروه في الكتب الأصليّة من اللغة. انتهى‏.

 { الجواب عنه: }

 ليت شعري من ذا الذي أخبر الرازي أنَّ ذلك تساهل من هؤلاء الأئمّة لا تحقيق ؟ وهل يطّرد عنده قوله في كلِّ ما نقل عنهم من المعاني اللغويّة، أو أنَّ له مع لفظ ( المولى‏ ) حساباً آخر ؟ وهل على اللغويِّ إذا أثبت معنىً إلّا الاستشهاد ببيت للعرب، أو آية من القرآن الكريم ؟ وقد فعلوه.

 وكيف تخذ عدم ذكر الخليل وأضرابه حجّةً على التسامح، بعد بيان نقله عن أئمّة اللغة ؟ وليس من شرط اللغة أن يكون المعنى‏ مذكوراً في جميع الكتب، وهل الرازي يقتصر فيها على‏ كتاب العين وأضرابه ؟

 ومن ذا الذي شرط في نقل اللغة عنعنة الإسناد ؟ وهل هو إلّا ركونٌ إلى‏ بيت شعر، أو آية كريمة، أو سنّة ثابتة، أو استعمال مسموع ؟ وهل يجد الرازي خيراً من هؤلاء لتلقّي هاتيك كلِّها ؟ وما باله لا يقول مثل قوله هنا إذا جاءه أحد من القوم بمعنىً من المعاني العربيّة ؟ أقول: لأنّ له في المقام مرمىً لا يعدوه.

 وهل يشترط الرجل في ثبوت المعنى اللغويِّ وجوده في المعاجم اللغويّة فحسب ؟ بحيث لا يقيم له وزناً إذا ذُكر في تفسير آية، أو معنى‏ حديث، أو حلّ بيت من الشعر، ونحن نرى العلماء يعتمدون في اللغة على‏ قول أيِّ ضليع في العربيّة حتى‏ الجارية الأعرابيّة[66]، ولا يشترط عند الأكثر بشي‏ء من الإيمان والعدالة والبلوغ، فهذا القسطلاني يقول في شرح البخاري[67]: قول الشافعي نفسه حجّة في اللغة. وقال السيوطي في المزهر[68]: حُكم نقل واحد من أهل اللغة القبول. وحكى‏ في  {موضع آخر } عن الأنباري قبول نقل العدل الواحد، ولا يشترط أن يوافقه غيره في النقل، وفي {  موضع آخر } بقول شيخ أو عربيّ يثبت اللغة، وحكى‏ في {  موضع آخر  }عن الخصائص لابن جنّي قوله:

 من قال: إنَّ اللغة لا تُعرف إلّا نقلاً فقد أخطأ، فإنّها قد تعلم بالقرائن أيضاً. فإنّ الرجل إذا سمع قول الشاعر[69]:

 

 قومٌ إذا الشرُّ أبدى‏ ناجذَيهِ[70] لهمْ‏

طاروا إليه زُرافاتٍ ووُحدانا

 

 يعلم أنَّ الزرافات بمعنى الجماعات.

 وذكر أيضاً ثبوت اللغة بالقرينة وبقول شاعر عربيّ، فهذه المصادر كلّها موجودةٌ في لفظ ( المولى‏ ) غير أنَّ الرازي لا يعلم أنَّ اللغة بماذا تثبت، ولذلك تراه يتلجلج ويُرعد ويُبرق من غير جدوى‏ أو عائدة، ولا أحسبه يحيرُ جواباً عن واحد من الأسئلة التي وجّهناها إليه.

 وكأ نّه في احتجاجه بخلوِّ كتاب العين عن ذلك نسي أو تناسى‏ ما لهج به في المحصول[71] من إطباق الجمهور من أهل اللغة على القدح في كتاب العين كما نقله عنه السيوطي في المزهر[72].

 وأنا لا أدري ما المراد من الكتب الأصليّة من اللغة ؟ ومن الذي خصّ هذا الاسم بالمعاجم التي يقصد فيها سرد الألفاظ وتطبيقها على‏ معانيها في مقام الحجّيّة، وأخرج عنها ما أُ لِّف في غريب القرآن أو الحديث أو الأدب العربي ؟

 وهل نيّة أرباب المعاجم دخيلة في صحة الاحتجاج بها، أو أنَّ لغةَ أرباب الكتب وتضلّعهم في الفنّ وتحرِّيهم موارد استعمال العرب هي التي تكسبها الحجّيّة ؟ وهذه كلّها موجودة في كتب الأئمّة والأعلام الذين نُقل عنهم مجي‏ء ( المولى‏ ) بمعنى ( الأَولى‏ ).

 

    {  الشبهة الثالثة للدهلوي: عدم مجي‏ء مفعل بمعنى‏ فعيل }

 هلمّ معي إلى‏ صخبٍ وهياجٍ تهجّم بهما على العربيّة -  ومن العزيز على العروبة والعرب ذلك  - الشاه وليُّ اللَّه [73]صاحب الهندي في تحفته الاثني عشرية[74]، فحسب في ردّ دلالة الحديث أنَّها لا تتمّ إلّا بمجي‏ء ( المولى‏ ) بمعنى ( الوليّ ) وأنَّ ( مَفعلاً ) لم يأت بمعنى‏ ( فعيل ) يريد به دحض ما نصّ عليه أهل اللغة من مجي‏ء ( المولى‏ ) بمعنى ( الوليّ ) الذي يراد به وليّ الأمر كما [  جاء ] وليّ المرأة، ووليّ اليتيم، ووليّ العبد، وولاية السلطان، ووليّ العهد لمن يقيِّضه الملك عاهل مملكته بعده.

 {  الجواب عنها: }

 نعم عزب عن الدهلوي قول الفرّاء المتوفّى‏ ( 207 ) في معاني القرآن[75] وأبي العبّاس المبرّد: بأنّ الوليّ والمولى‏ في لغة العرب واحد، وذهل عن إطباق أئمّة اللغة على‏ هذا، وعدِّهم الوليّ من معاني المولى‏ في معاجم اللغة وغيرها، كما في مشكل القرآن للأنباري، والكشف والبيان[76] للثعلبي في قوله تعالى‏: «  أنْتَ مَوْلانا»[77]، والصحاح للجوهري[78]، وغريب القرآن للسجستاني[79]، وقاموس الفيروزآبادي[80]، والوسيط للواحدي[81]، وتفسير القرطبي[82]، ونهاية ابن الأثير[83] وقال: ومنه قول عمر لعليّ: أصبحتَ مولى‏ كلِّ مؤمن، وتاج العروس[84]، واستشهد بقوله تعالى‏: « بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الكافِرينَ لا مَوْلى‏ لَهُمْ »[85]، وبقوله صلى الله عليه وآله وسلم: « وَأيُّما امرأة نُكحت بغير إذن مولاها... »، وبحديث الغدير: « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه »[86].

 

    {  الأمر الثاني: } نظرة في معاني المولى‏ {  وأ نّها بين ما لا يمكن إرادته في هذا الحديث وبين ما لا تنافي بينه وبين الأولى‏ بالشي‏ء }

 ذكر علماء اللغة من معاني المولى‏: السيّد غير المالك والمُعتِق، كما ذكروا من معاني الوليِّ: الأمير والسلطان، مع إطباقهم على اتّحاد معنى الوليّ والمولى‏، وكلٌّ من المعنيين لا يبارح معنى الأولويّة بالأمر، فالأمير أولى‏ من الرعيّة في تخطيط الأنظمة الراجعة إلى‏ جامعتهم، وبإجراء الطقوس المتكفِّلة لتهذيب أفرادهم، وكبح[87] عادية كلٍّ منهم عن الآخر، وكذلك السيِّد أولى‏ ممّن يسوده بالتصرّف في شؤونهم. وتختلف دائرة هذين الوصفين سعةً وضيقاً باختلاف مقادير الإمارة والسيادة، فهي في والي المدينة أوسع منها في رؤساء الدواوين، وأوسع من ذلك في ولاة الأقطار، ويفوق الجميع ما في الملوك والسلاطين، ومنتهى السعة في نبيٍّ مبعوث على العالم كلّه وخليفةٍ يخلفُهُ على‏ ما جاء به من نواميس وطقوس.

 ونحن إذا غاضينا القوم على‏ مجي‏ء ( الأَولى‏ بالشي‏ء ) من معاني ( المولى‏ ) فلا نغاضيهم على‏ مجيئه بهذين المعنيين، وأ نَّه لا ينطبق في الحديث إلّا على‏ أرقى المعاني وأوسع الدوائر، بعد أن علمنا أنَّ شيئاً من معاني ( المولى ) المنتهية إلى‏ سبعة وعشرين معنىً لا يمكن إرادته في الحديث إلّا ما يطابقهما من المعاني، ألا وهي:

 1 - الربّ، 2 - العمّ، 3 - ابن العمّ، 4 - الابن، 5 - ابن الاُخت، 6 - المعتِق، 7  - المعتَق، 8 - العبد، 9 - المالك[88]، 10 - التابع، 11 - المنعَم عليه، 12 - الشريك، 13  - الحليف، 14 - الصاحب، 15 - الجار، 16 - النزيل، 17 - الصهر، 18  - القريب، 19  - المنعِم، 20 - العقيد، 21 - الوليّ، 22 - الأَولى‏ بالشي‏ء، 23 - السيّد غير المالك والمعتِق، 24 - المحبّ، 25 - الناصر، 26 - المتصرِّف في الأمر، 27 - المتولّي في الأمر.

 فالمعنى الأوّل: يلزم من إرادته الكفر ؛ إذ لا ربّ للعالمين سوى اللَّه.

 وأمّا الثاني والثالث إلى الرابع عشر: فيلزم من إرادة شي‏ء منها في الحديث الكذب، فإنَّ النبيّ عمُّ أولاد أخيه إن كان له أخ، وأمير المؤمنين ابن عمّ أبيهم، وهو صلى الله عليه وآله وسلم ابن عبداللَّه، وأمير المؤمنين ابن أخيه أبي طالب. ومن الواضح اختلاف أُ مّهما في النسب فخُؤولة كلّ منهما غير خؤولة الآخر، فليس هو عليه السلام بابن أُخت لمن كان صلى الله عليه وآله وسلم ابن أُخته. وأنت جدُّ عليم بأنّ من أعتقه رسول اللَّه لم يُعتقه أمير المؤمنين مرّةً اُخرى‏. وأنَّ كلّاً منهما سيِّد الأحرار من الأوّلين والآخرين، فلم يكونا معتَقين لأيّ ابن اُنثى‏.

 واعطف عليه العبد في السخافة والشناعة.

 ومن المعلوم أنَّ الوصيّ -  صلوات اللَّه عليه  - لم يملك مماليك رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يمكن إرادة المالك منه.

 ولم يكن النبيّ تابعاً لأيّ أحد غير مُرسله جلّت عظمته، فلا معنى‏ لهتافه بين الملأ بأنّ من هو تابعه فَعليٌّ تابعٌ له.

 ولم يكن على‏ رسول اللَّه لأيِّ أحد من نعمة، بل له المِنن والنعم على الناس أجمعين، فلا يستقيم المعنى‏ بإرادة المنعَم عليه.

 {  وأمّا الشريك ف } ما كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يشارك أحداً في تجارة أو غيرها حتى‏ يكون وصيّه مشاركاً له أيضاً، على‏ أ نَّه معدود من التافهات إن تحقّقت هناك شراكة. وتجارته لأُمّ المؤمنين خديجة قبل البعثة كانت عملاً لها لا شراكة معها، ولو سلّمناها فالوصيّ - سلام اللَّه عليه - لم يكن معه في سفره، ولا له دخلٌ في تجارته.

 {  وأمّا الحليف ف } لم يكن نبيُّ العظمة محالفاً لأحد ليعتزَّ به، وإنَّما العزّة للَّه ولرسوله وللمؤمنين، وقد اعتزّ به المسلمون أجمع، إذن فكيف يمكن قصده في المقام ؟ وعلى‏ فرض ثبوته فلا ملازمة بينهما.

 وأمّا الصاحب والجار والنزيل والصهر والقريب: - سواء أُريد منه قُربى الرحم أو قرب المكان - فلا يمكن إرادة شي‏ء من هذه المعاني لسخافتها، لا سيّما في ذلك المحتشد الرهيب في أثناء المسير، ورمضاء الهجير، وقد أمر صلى الله عليه وآله وسلم بحبس المقدّم في السير، ومنع التالي منه في محلّ ليس بمنزل له، غير أنَّ الوحيَ الإلهيّ - المشفوع بما يشبه التهديد إن لم يبلِّغ - حبَسه هنالك، فيكون صلى الله عليه وآله وسلم قد عقد هذا المحتفَل والناس قد أنهكهم وعثاء السفر، وحرُّ الهجير، وحراجةُ الموقف حتى‏ إنَّ أحدهم لَيضع رداءه تحت قدميه، فيرقى‏ هنالك منبر الأحداج[89]، ويُعلمهم عن اللَّه تعالى‏ أنَّ نفسه نُعِيت إليه، وهو مهتمٌّ بتبليغ أمر يخاف فوات وقته بانتهاء أيّامه، وأنَّ له الأهمّية الكبرى‏ في الدين والدنيا، فيخبرهم عن ربِّه باُمور ليس للإشادة بها أيّ قيمة، وهي أنَّ من كان هو صلى الله عليه وآله وسلم مصطحباً أو جاراً أو مصاهراً له أو نزيلاً عنده أو قريباً منه بأيّ المعنيين فعليٌّ كذلك، لا ها اللَّه لا نحتمل هذا في أحد من أهل الحلوم الخائرة[90]، والعقليّات الضعيفة، فضلاً عن العقل الأوّل، والإنسان الكامل.. نبيّ الحكمة، وخطيب البلاغة، فمن الإفك الشائن أن يُعزى‏ إلى‏ نبيّ الإسلام إرادة شي‏ء منها، وعلى‏ تقدير إرادة شي‏ء منها فأيّ فضيلةٍ فيها لأمير المؤمنين عليه السلام حتى‏ يُبَخْبَخ[91] ويُهنَّأبها، ويفضّلها سعد بن أبي وقّاص في حديثه[92] على‏ حُمر النَّعَم لو كانت، أو تكون أحبّ إليه من الدنيا وما فيها، عمّر فيها مثل عمر نوح.

 وأمّا المُنعِم: فلا ملازمة في أن يكون كلُّ من أنعم عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يكون أمير المؤمنين عليه السلام مُنعِماً عليه أيضاً بل من الضروريِّ خلافه، إلّا أن يراد أنَّ من كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم منعماً عليه بالدين والهدى‏ والتهذيب والإرشاد والعزّة في الدنيا والنجاة في الآخرة فعليّ عليه السلام منعِمٌ عليه بذلك كلِّه ؛ لأ نَّه القائم مقامه، والصادع عنه، وحافظ شرعه، ومبلِّغ دينه، ولذلك أكمل اللَّه به الدين، وأتمّ النعمة بذلك الهتاف المبين، فهو -  حينئذٍ - لا يبارح معنى الإمامة الذي نتحرّاه، ويساوق المعاني التي نحاول إثباتها فحسب.

 وأمّا العقيد: فلا بدّ أن يراد به المعاقدة والمعاهدة مع بعض القبائل للمهادنة أو النصرة، فلا معنى‏ لكون أمير المؤمنين عليه السلام كذلك إلّا أ نَّه تبعٌ له في كلِّ أفعاله وتروكه، فيساوقه حينئذٍ المسلمون أجمع، ولا معنى‏ لتخصيصه بالذكر مع ذلك الاهتمام الموصوف، إلّا أن يُراد أنَّ لعليٍّ عليه السلام دخلاً في تلك المعاهدات التي عقدها رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لتنظيم السلطنة الإسلاميّة، وكلاءة الدولة عن التلاشي بالقلاقل والحرج، فله التدخّل فيها كنفسه صلى الله عليه وآله وسلم وإن أمكن إرادة معاقدة الأوصاف والفضائل، كما يقال: عقيد الكرم، وعقيد الفضل ؛ أي كريم وفاضل، ولو بتمحّل لا يقبله الذوق العربيّ، فيقصد أنَّ من كنتُ عقيد الفضائل عنده فليعتقد في عليٍّ مثله، فهو والحالة هذه مقارب لما نرتئيه من المعنى‏، وأقرب المعاني أن يراد به العهود التي عاهدها صلى الله عليه وآله وسلم مع من بايعه من المسلمين على اعتناق دينه، والسعي وراء صالحه، والذبّ عنه، فلا مانع أن يراد من اللفظ والحالة هذه، فإنّه عبارة أُخرى‏ عن أن يقول: إنَّه خليفتي والإمام من بعدي.

 {  وأ مّا } المُحبّ والناصر: {  ف }  -على‏ فرض إرادة هذين المعنيين لا يخلو إمّا أن يُراد بالكلام حث الناس على‏ محبّته ونصرته بما أ نَّه من المؤمنين به والذابّين عنه، أو أمْرُه عليه السلام بمحبّتهم ونصرتهم. وعلى‏ كلٍّ فالجملة إمّا إخباريّة أو إنشائيّة.

 فالاحتمال الأوّل: وهو الإخبار بوجوب حبِّه على المؤمنين فممّا لا طائل تحته، وليس بأمر مجهول عندهم لم يسبقه التبليغ حتى‏ يؤمر به في تلك الساعة ويناط التواني عنه بعدم تبليغ شي‏ء من الرسالة كما في نصِّ الذكر الحكيم، فيحبس له الجماهير، ويعقد له ذلك المنتدى الرهيب، في موقف حرج لا قرار به، ثمّ يكمل به الدين، وتتمّ به النعمة، ويرضى الربّ، كأنّه قد أتى‏ بشي‏ء جديد، وشرّع ما لم يكن وما لايعلمه المسلمون، ثمّ يهنِّئه من هنّأه بأصبحت مولاي ومولى‏ كلِّ مؤمن ومؤمنة، مؤذناً بحدوث أمر عظيم فيه لم يعلمه القائل قبل ذلك الحين، كيف ؟ وهم يتلون في‏آناء الليل وأطراف النهار قوله سبحانه: «  وَالْمُؤمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ »[93]، وقوله تعالى‏: «  إِنَّما الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ »[94] مشعراً بلزوم التوادد بينهم كما يكون بين الأخوين، نُجلّ نبيّنا الأعظم عن تبليغ تافه مثله، ونُقدِّس إلهنا الحكيم عن عبث يشبهه.

 والثاني: وهو إنشاء وجوب حبّه ونصرته بقوله ذلك، وهو لا يقلُّ عن المحتمل الأوّل في التفاهة، فإنّه لم يكن هناك أمرٌ لم يُنشأ وحكمٌ لم يُشرّع حتى‏ يحتاج إلى‏ بيانه الإنشائي كما عرفت. على‏ أنَّ حقّ المقام على‏ هذين الوجهين أن يقول صلى الله عليه وآله وسلم: من كان مولاي فهو مولى‏ عليٍّ أي محبّه وناصره، فهذان الاحتمالان خارجان عن مفاد اللفظ. ولعلّ سبط ابن الجوزي نظر إلى‏ هذا المعنى‏، وقال في تذكرته[95]: لم يجز حمل لفظ المولى‏ في هذا الحديث على الناصر. وسيأتي لفظه بتمامه[96].

 على‏ أنَّ وجوب المحبّة والمناصرة على‏ هذين الوجهين غير مختصّ بأميرالمؤمنين عليه السلام وإنَّما هو شرع سواء بين المسلمين أجمع، فما وجه تخصيصه به والاهتمام بأمره ؟ وإن أُريد محبّة أو نصرة مخصوصة له تربو على‏ درجة الرعيّة كوجوب المتابعة، وامتثال الأوامر، والتسليم له، فهو معنى الحجّية والإمامة، لا سيّما بعد مقارنتها بما هو مثلها في النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: « من كنت مولاه »، والتفكيك بينهما في سياق واحد إبطال للكلام.

 والثالث: وهو إخباره بوجوب حبّهم أو نصرتهم عليه، فكان الواجب - عندئذٍ - إخباره صلى الله عليه وآله وسلم عليّاً عليه السلام والتأكيد عليه بذلك، لا إلقاء القول به على السامعين.

 {  والرابع: } وكذلك إنشاء الوجوب عليه وهو المحتمل الرابع، فكان صلى الله عليه وآله وسلم في‏غنىً عن ذلك الاهتمام وإلقاء الخطبة واستسماع الناس والمناشدة في التبليغ، إلّا أن يريد جلب عواطف الملأ وتشديد حبّهم له عليه السلام إذا علموا أ نَّه محبّهم أو ناصرهم ليتّبعوه، ولا يُخالفوا له أمراً، ولا يردّوا له قولاً.

 وبتصديره صلى الله عليه وآله وسلم الكلام بقوله: « من كنت مولاه » نعلم أ نَّه على‏ هذا التقدير لا يُريد من المحبّة أو النصرة إلّا ما هو على الحدّ الذي فيه صلى الله عليه وآله وسلم منهما، فإنَّ حبّه ونصرته لأُمّته ليس كمثلهما في أفراد المؤمنين، وإنَّما هو صلى الله عليه وآله وسلم يحبّ أُمّته فينصرهم، بما أ نَّه زعيم دينهم ودنياهم، ومالك أمرهم وكالئ حوزتهم، وحافظ كيانهم، وأولى‏ بهم من أنفسهم، فإنّه لو لم يفعل بهم ذلك لأجفلتهم الذئاب العادية، وانتَأَشتْهم[97] الوحوش الكواسر، ومُدّت إليهم الأيدي من كلِّ صَوب وحَدب، فمن غارات تُشَنّ، وأموال تُباح، ونفوس تُزهَق، وحُرمات تُهتَك، فينتقض غرض المولى‏ من بثِّ الدعوة، وبسط أديم الدين، ورفع كلمة اللَّه العليا، بتفرّق هاتيك الجامعة، فمن كان في المحبّة والنصرة على‏ هذا الحدّ فهو خليفة اللَّه في أرضه وخليفة رسوله، والمعنى‏ على‏ هذا الفرض لا يحتمل غير ما قلناه[98].

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] التعتعة في الكلام: أن يعيا بكلامه ويتردد من حَصْرٍ أو عِيٍّ. لسان العرب 2: 36 (مادة تعع ).

    ( السبطين )

 

[2] لعثم: تلعثم عن الأمر نكل وتمكّث. لسان العرب 12: 289 (مادة لعثم ). ( السبطين )

[3] الحديد: 15. ( السبطين )

[4]

[5] 1) و (2) الزيادة من المصدر.

[6] هذه غفلة عجيبة، وسيُوافيك أنَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان ابن عمّ جعفر وعقيل وطالب وآل أبي طالب كلّهم، ولم يكن أمير المؤمنين ابن عمّ لهم، فإنّه كان أخاهم، فهذا ممّا يلزم منه الكذب لو أُريد من لفظ ( المولى‏ )، لا ممّا هو بيّن الثبوت. ( الأميني )

[7] التفسير الكبير 8: 93 [  29: 227 ]. ( الأميني )

[8] الأعلى‏: 17.

[9] الصف: 14.

[10] المفردات في غريب القرآن: ص‏555 [  ص‏533 ]. ( الأميني )

[11] الإسراء: 62.

[12] هو عبدالعزيز بن أحمد بن عبدالرحيم العمري الفاروقي الدهلوي والملقّب ب (سراج الهند ) ويُعرف أيضاً بشاه صاحب الهندي ( ت/1239 ه )، وقوله هذا أورده في « التحفة الاثنا عشرية »: ص‏209، وستأتي الإشارة إليه تحت عنوان الشبهة الثانية للرازي: ص‏119، وفي الشبهة الثالثة للدهلوي: ص‏127. ( السبطين )

[13] غرائب القرآن 27: 133 {  6: 256 }.

[14] دحر دُحُوراً مَدْحَرَة أي أبعده ودفعه. لسان العرب 4: 298 ( مادة دحر ). والمعنى المراد هنا: في هاوية البطلان. ( السبطين )

[15] شرح المقاصد: ص‏289 [  5: 273 ]. ( الأميني )

[16] شرح التجريد: ص‏477.

[17] التصحيح من مصدري النقل. ( السبطين )

[18] حاشية السيالكوتي على‏ شرح المواقف 8: 361.

[19] الصواعق المحرقة: ص‏24 [  ص‏44 ]، {  ص:  67 ط. الثالثة 1414 ه ، دار الكتب العلمية بتحقيقهم - بيروت }. ( الأميني )

[20] اللمعات يعني به: أشعة اللمعات في شرح المشكاة عربي وفارسي للشيخ عبدالحق بن سيف الدين، أبو محمد الدهلوي الحنفي المتخلص بحقي ( ت/1052 ه ). ( السبطين )

[21] ذخيرة المآل في شرح عقد جواهر اللآل في فضائل الآل، مخطوط وهو شرح اُرجوزة من نظم المؤلّف نفسه سمّاها « جواهر اللآل ». والمؤلّف هو أحمد بن عبدالقادر بن بكري العجيلي الحفظي ( ت/1233  ه )، مؤرخ. أديب. متفقّه من أهل عسير. ( السبطين )

[22] آل عمران: 68.

[23] لا يهمّنا ما يرتئيه في الإمامة، وإنَّما الغرض تنصيصهما بمعنى اللفظ اللغوي. ( الأميني )

[24] الشافي في الإمامة 2: 219.

[25] الصحاح 2: 564 [  6: 2529 ]. ( الأميني )

[26] شرح ديوان الحماسة 1: 22 [  1: 9 ]. ( الأميني )

[27] سحبل: موضع في ديار بني الحارث بن كعب. معجم البلدان 3: 194. {  وسحبل في اللغة: الضخم العريض الواسع. لسان العرب 6: 185 ( مادة سحبل ) }.

[28] وهي: العبد، والسيّد، وابن‏العمّ، والصهر، والجار،والحليف، والوليّ، والأَولى‏بالشي‏ء. ( الأميني )

[29] تذكرة الخواص: ص‏19 [  ص‏31 - 32 ]. ( الأميني )

[30] مطالب السؤول: ص‏16. ( الأميني )

[31] نور الأبصار: ص‏78 [  ص‏160 ]. ( الأميني )

[32] شرح المعلّقات السبع: ص‏54.

[33] التحفة الاثنا عشريّة: ص‏209. {  وصاحب التحفة مرّت ترجمته قبل قليل في الوجه الثالث }.

[34] صحيح البخاري 10: 7، 9، 10، 13 [  6: 2476 ح‏6351، ص‏2477 ح‏6354، ص‏2478 ح ‏6356، ص‏2480 ح‏6365 ]. ( الأميني )

[35] صحيح مسلم 2: 2 [  3: 425 ح‏3 كتاب الفرائض ]. ( الأميني )

[36] مسند أحمد 1: 313، 325 [  1: 515 ح‏2857، ص‏534 ح‏2986 ]. ( الأميني )

[37] النهاية في غريب الحديث والأثر 2: 49 [  5: 229 ]، {  وفيه: فَلِأَولى‏ }. ( الأميني )

[38] الأحزاب: 6. ( السبطين )

[39] صحيح البخاري 7: 190 [  4: 1795 ح‏4503 ]. ( الأميني )

[40] صحيح مسلم 2: 4 [  3: 430 ح‏15 كتاب الفرائض ]. ( الأميني )

[41] المواقف: ص‏405.

[42] التحفة الاثنا عشرية: ص‏209.

[43] مثل يُضرَب لمن يتمدّح بما لا يوجد فيه. مجمع الأمثال 1: 341 رقم‏1018.

[44] روض المناظر 2: 199.

[45] تفسير أبي حيّان {  البحر المحيط } 4: 149. ( الأميني )

[46] القصص: 25. ( الأميني )

[47] فتح القدير 4: 163 [  4: 168 ]. ( الأميني )

[48] الصحاح 4: 1399.

[49] التفسير الكبير 18: 147.

[50] المزهر في علوم اللغة 2: 63 [  2: 116 ]. ( الأميني )

[51] يوسف: 43. ( الأميني )

[52] أدب الكاتب: ص‏361 [  ص‏369 {  وفيه: بَتَّ } ]. ( الأميني )

[53] الحاقّة: 19.

[54] الأشباه والنظائر في النحو 2: 113.

[55] أدب الكاتب: ص‏593 [  ص‏510 ]. ( الأميني )

[56] المُزهر في علوم اللغة 2: 39 [  2: 81 ]. ( الأميني )

[57] الصحاح 2: 547 {  وفيه: أنَّ البيت للبيد }.

[58] البيت لجرير وليس للبيد. وهو الثاني من قصيدة له مطلعها:

    لم أَرَ مثلَكِ يا أُمام خليلاأنأى‏ بحاجتنا وأحسن قيلا

 راجع ديوان جرير رقم القصيدة 213.

 {  ديوان جرير ص‏500 فالقصيدة في أصل الديوان من عشرين بيتاً، والبيت الثاني فيها كالآتي:

    لَوْ شئتِ قَدْ نَقَعَ الفُؤادُ بَمشرَبٍ‏يَدَعُ الحَوَالِمَ لا يَجِدْنَ غَليلا

 وراجع ذيل ديوان لبيد: ص‏284، ففيه الأبيات الثلاثة الاُول من القصيدة مع اختلاف في بعض ألفاظها، والاختلاف في نسبتها أيضاً.

 والبيت أورده ابن منظور في لسان العرب 14: 266 ( مادة نقع ) ونسبه إلى جرير، ثم في 15: 218 (مادة وجد ) ونسبه إلى لبيد، ونقل قول ابن برّي من أنّ الشعر لجرير وليس للبيد، كما زعم }.

 

[59] أدب الكاتب: ص‏361 [  ص‏369 ]. ( الأميني )

[60] القاموس المحيط 1: 343 [  ص‏413 ]. ( الأميني )

[61] المزهر في علوم اللغة 2: 49 [  2: 93 ]. ( الأميني )

[62] المصدر السابق 2: 40 [  2: 76 ]. ( الأميني )

[63] الصحاح 1: 182.

[64] النحل: 10.

[65] المزهر في علوم اللغة 2: 47 [  2: 88 ]. ( الأميني )

[66] راجع المزهر 1: 83، 84 [  1: 139 ]. ( الأميني )

[67] إرشاد الساري 7: 75 [  10: 157 ]. ( الأميني )

[68] المزهر في علوم اللغة 1: 77 [  1: 129 ]، 1: 83 [  1: 138 ]، 1: 87 [  1: 144 ]، 1: 27 [  1: 59 ]. ( الأميني )

[69] البيت للشاعر قُرَيط بن أُنَيف العنبري، وهو من أُولى قصائد الحماسة التي أوردها أبو تمام الطائي في ديوانه. ( السبطين )

[70] النواجذ: الأضراس. وقيل أيضاً: السِنُّ بين الناب والضِرْس. لسان العرب 14: 50 ( مادة نجذ )، مجمل اللغة: ص‏687. ( السبطين )

[71] المحصول في علم الاُصول 1: 195.

[72] المزهر في علوم اللغة 1: 47، 48 [  1: 79 ]. ( الأميني )

[73] شاه وليُّ اللَّه هو الأب أحمد بن عبدالرحيم، وشاه صاحب الهندي الدهلوي هو الابن عبد  العزيز ابن أحمد الملقَّب ب ( سراج الهند ) صاحب « التحفة الاثنا عشرية »، فلاحظ. ( السبطين )

[74] التحفة الاثنا عشرية: ص‏209.

[75] معاني القرآن 2: 161.

[76] الكشف والبيان: الورقة 92.

[77] البقرة: 286.

[78] الصحاح 2: 564 [  6: 2529 ]. ( الأميني )

[79] غريب القرآن: ص‏154 [  ص‏311 ]، {  وفي طبعة دار المعرفة 1990م المسمّى‏ فيها بنزهة القلوب في تفسير غريب القرآن العزيز: ص‏397 }. ( الأميني )

[80] القاموس المحيط 4: 401 [  ص‏1732 ]. ( الأميني )

[81] الوسيط في تفسير القرآن المجيد 1: 410، 4: 122. ( السبطين )

[82] الجامع لأحكام القرآن 3: 431 [  16: 155 ]. ( الأميني )

[83] النهاية في غريب الحديث والأثر 4: 246 [  5: 228 ]. ( الأميني )

[84] تاج العروس 10: 399. ( الأميني )

[85] محمد: 11.

[86] لا يسعنا ذكر المصادر كلّها أو جلّها لكثرتها جدّاً ولا يهمّنا مثل هذا التافه. ( الأميني )

[87] الكبح: كَبَحَ الدابة أي جذبها إليه باللجام. لسان العرب 12: 10 ( مادة كبح ). ( السبطين )

[88] في صحيح البخاري 7: 57 [  4: 1671 ]: المليك. وقال القسطلاني في شرح الصحيح 7: 77 [  10: 160 ]: المولى المليك ؛ لأ نّه يلي اُمور الناس. وشرحه كذلك أبو محمد العيني في عمدة القاري [  18: 170 ]، وكذا قال لفظيّاً العدوي الحمزاوي في النور الساري [  7: 57  ].( الأميني )

[89] الأحداج: جمع حِدْج وهو الحِمْل والمركب الذي تركب فيه النساء على البعير كالَهَوْدج. المعجم الوسيط 1: 160، المنجد: ص‏121. ( السبطين )

[90] الحُلُوم: واحدها حِلْم وهي العقول. والخائرة: الضعيفة أو الفاترة أو المرتخية. المعجم الوسيط 1:  195 و 261، المنجد: ص‏150 و 198.

[91] أي يقال له: بخٍ بخٍ.

[92] راجع تفصيل حديث سعد بجميع طرق أسانيده وألفاظه، ومن أخرجه من الحفّاظ والأئمة في الغدير 1: 38 - 42 الطبعة المتداولة و 1: 94  -  102 الطبعة المحقّقة، وإليك ملخّص بعضها:

 أخرج الحافظ ابن ماجه في سننه 1: 45 ح‏121 بإسناده عن سعد بن أبي وقاص، قال: قدم معاوية في بعض حجّاته، فدخل عليه سعد فذكروا عليّاً، فنال منه، فغضب سعد، وقال: تقول هذا لرجل سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول: « من كنت مولاه فعليّ مولاه »....

 والنسائي في السنن الكبرى‏ 5: 107 ح‏8399 بإسناد صحيح عن سعد أيضاً، قال: أمر معاوية سعداً، فقال: ما منعك أن تسبّ أبا تراب ؟ قال: أما ذكرت ثلاثاً قالهن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فلن أسبّه رحمه الله لأن تكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ من حمر النعم....

 واستدرك الحاكم النيسابوري على الصحيحين في مستدركه 3: 126 ح‏4601 بإسناده، أن رجلاً قال لسعد: إنَّ عليّاً يقع فيك أ نّك تخلّفت عنه، فقال سعد: واللَّه إنَّه لرأي رأيته، وأخطأ رأيي، إنَّ عليّ بن أبي طالب أُعطي ثلاثاً لأن أكون أُعطيتُ إحداهن أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها، لقد قال له رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم يوم غدير خم بعد حمد اللَّه والثناء عليه: « هل تعلمون أنّي أولى‏ بالمؤمنين » ؟ قلنا: نعم. قال: « اللّهمَّ من كنت مولاه فعليّ مولاه، وال من والاه وعاد من عاداه ».

 وأفرد الإمام أبوبكر بن أبي عاصم في السنّة 2: 903  -  915 باباً في حديث « من كنت مولاه فعليّ مولاه »، الأحاديث 1388  -  1413.

 كما أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح 5: 591 ح‏3713، وقال: حديث حسن صحيح. وراجع أيضاً: كفاية الطالب للكنجي الشافعي: ص‏62 و 287، مسند البزّار 4: 41 ح‏1203، مصنّف ابن أبي شيبة 7: 495 - 499 كتاب 31 باب 18 ح‏9، 10، 15، 28، 29.( السبطين )

 

[93] التوبة: 71.

[94] الحجرات: 10.

[95] تذكرة الخواص: ص‏19 [  ص‏32 ]. ( الأميني )

[96] راجع: ص‏143 و 174. ( السبطين )

[97] انتَأَشَتْهم: تناوشتهم وبطشت بهم. لسان العرب 14: 6 ( مادة نأش ). ( السبطين )

[98] بل إنّ ذيل الحديث في بعض ألفاظه والذي وصفه الحافظ الذهبي بأنها زيادة قويّة الإسناد لهي خير مفصح عن عدم إرادة ذينك المعنيين (المحب والناصر) معنىً للمولى‏، والزيادة هي « اللّهم والِ من والاه وعاد من عاداه،وأحبّ من أحبّه وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره واخذل من خذله ». ( السبطين )


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page