خاتمةُ المطافِ وانتقال نجم الإمامة العاشر إلى جوار ربِّهِ
بعد أن عهد الإمام الهادي (عليه السلام) إلى ولده الحسن العسكري (عليهما السلام) بالإمامة، فقد سعى به زبانية السوء إلى المتوكل أكثر من مرّة، ولكن الله ينجيه ويخلّف في قلوب مبغضيه الخوف والرعب ويتحول بعضهم إلى منهج الحق الذي يدعو له الإمام (عليه السلام)[1] .
وقد ورد في الفصول المهمة أن استشهاد الإمام الهادي (عليه السلام) وقد سقي السمَّ من خلافة المعتزّ العباسي [2].
بعد أن أمضى الإمام (عليه السلام) ما يقارب اثنتين وأربعين عاماً، قضى منها في المدينة المنورة واحد وعشرين عاما. وأربعة عشر عاماً مع المتوكل، وسبعة أعوام مع المنتصر والمستعين والمعتزّ ـ من خلفاء بني العباس ـ قضاها الإمام (عليه السلام) معهم في سامراء ودُفن (عليه السلام) فيها.
وان الحُكّام العباسيين الثلاثة بعد المتوكل كانوا أقلَّ وطأة في الإجرام من المتوكل. إذ اكتفوا بالإقامة الجبريّة على الإمام الهادي (عليه السلام) . ولم يكن تعاملهم معه (عليه السلام) لنزعةٍ إنسانية في نفوسهم وإنما لضعفهم ولتسلّط الأتراك على مقاليد الاُمور فهم ـ أي الأتراك ـ يعزلون وينصبون ويقتلون كما شاءوا. ومما صنعوا ما فعلوا مع المستعين بالله سنة 251هـ حيث عزلوه وولّوا مكانه المعتزّ بعد ان كان مُعتقلاً مع أخيه المؤيّد.
وقد صوّر أحد الشعراء هذه الفترة بقوله:
خليفة في قفص |
بين وصيف وبَغا |
يقول ماقالا له |
كما تقول البَبغا |
فالخلفاء في هذه الفترة مغلوب على أمرهم ولذا أصبح تعاملهم مع الإمام الهادي (عليه السلام) أقل وحشيَّةً من اسلافهم . وقال المسعودي إنَّ استشهاد الإمام الهادي (عليه السلام) حدث في عهد المعتز بالله.
وورد في أعيان الشيعة ـ كما يقول المسعودي / في إثبات الوصيّة ـ: لقد اجتمع جملةٌ من بني هاشم من الطالبيين والعباسيين مع خلق كثير، ثم خرج ولده الإمام الحسن العسكري حاسر الرأس مشقوق الثياب، وكان في الدار أولاد المتوكل ثم أُخرجت الجنازة من الدار بعد أن صلّى الحسن العسكري على أبيه قبل إخراج الجنازة، وبعد اخراجها صلّى عليها المعتمد، وشهدت سامراء يوماً عظيماً من الأسى عند وفاته (عليه السلام) ودُفن في داره بعد أن عانى من السمِّ الذي دسّه اليه المعتمد، والملتقى يوم الجزاء حينما يأخذ الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) بالقصاص من المجرمين لما أراقوا من دماء عترته الطاهرة.
[1] ـ ج2 ص 476/ سيرة الائمة الاثنى عشر/ هاشم معروف الحسني.
[2] ـ ج2 ص 1074/ الفصول المهمة: لابن الصباغ المالكي وص 362/ تذكرة الخواص : لسبط ابن الجوزي.