شخصيّة الإمام علي الهادي (عليه السلام)
الأئمة الهداة امتداد لشخصيّة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) من حيث الزُهد والتقوى وإخراج الناس من الضلالة إلى الهُدى بِسماتٍ خلقيّة وعقائدية فاقوا غيرهم بها، وأسدلوا ستاراً من الحفاظ والسريّة على مسيرتهم للحفاظ على نهج الرسالة وحياة أصحابهم. ومنهم الإمام علي الهادي (عليه السلام) في مواجهاته للسلطة الطاغية ومواقفها العدائية. والتي حاولت السلطة من خلال مكرها ومكائدها أن تقرّب الأئمة من البلاط لسببين:
الأول: ان يكون الأئمة وأصحابُهم تحت رقابتها لكي تشلَّ نشاطهم.
والثاني: كي تظهر للناس أنها على صلة بعترة الرسول (صلى الله عليه وآله) وابنائه حتى يكون لها المبرر للقضاء على الثورات التي تقوم بوجهها.
وما كتاب المتوكل العباسي إلى الإمام الهادي (عليه السلام) إلاّ احد وسائل المكر والتضليل حيث يقول المتوكل في كتابه للامام.
بسم الله الرحمن الرحيم
أمّا بعد: فإن أمير المؤمنين عارف بقدرك، راعٍ لقرابتك، موجب لحقّك مؤثر لك ولأهل بيتك لما فيه صلاحك وصلاح حالهم، وهو يبتغي بذلك مرضاة الله وأداء ما افترضه عليه فيكَ. وأمير المؤمنين مشتاقٌ اليك ويُحِبّ إحداث العهد بقربك والتيمّن بالنظر إلى طلعتك المباركة، فإن نشطت لزيارته والمقام عنده ما أحببت أنت ومَن إخترته مِن أهل بيتك وحرمِك وخدمِك ترحل إلينا إذا شئت ، ويكون يحيى بن هرثمة ومَن معهُ في خدمِتك وطاعِتك والأمرُ اليك.
ولكن الحقيقة غير هذا فان يحيى بن أكثم فتّش بيتَ الإمام ولم يجد فيه إلاّ المصاحف وكتب العلم، ولما وصل مع الإمام إلى بغداد [1] ورآه واليها إسحاق الطاهري قال: وبذا تحقق كذب المنافقين بشأنه ، ولكن حقد المتوكل لم يتغيّر. بالرغم مِن أنّ شخصية الإمام (عليه السلام) المتّسِمة بالزُهد والتقوى أعطت للناس انعكاساً عن علو منزلته وتقواه وقربه من الله بالعطف على الأرامل والمساكين ـ وهذه سيرة ابائه (عليهم السلام) ـ ثم يرد دعاؤُه المشهور «الهي مُسيىءٌ قد ورد، وفقير قد قصد لا تُخيب مسعاه وارحمه واغفر له خطأه». وقد اضطرّت السلطة العباسية إلى الإعتراف بفضله (عليه السلام) وسمو خُلقِه مما أدّى إلى فشل وشاية المنافقين بشأنه [2].
[1] ـ وقال اسحاق الطاهري لابن هرثمة: يا يحيى إن هذا الرجل ـ يعني الإمام ـ جدُّه رسول الله ، والمتوكل تعلم من هو؟ فإذا حرّضته على قتله كان رسول الله خصمك يوم القيامة.
[2] ـ ص 209/ قبسات من سيرة القادة/ م المنظمة العالمية للحوزات.
