طباعة

شهادة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)

 

 

شهادة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)

لما أخمد أمير المؤمنين (عليه السلام) صوت المارقين واستأصلهم ، هم لاستئناف قتال القاسطين بعد فشل التحكيم، فأمر (عليه السلام) بتجهيز جيشه وتعئبته ، وأعلن الحرب من خلال خطبة له (عليه السلام) في الكوفة، جاء فيها «الجهاد ، الجهاد عباد الله، ألاّ وإنّي معسكر في يومي هذا ، فمن أراد الرواح إلى الله فليخرج» [1].

ثمّ عقد ألوية الحرب، فعقد للحسين (عليه السلام) راية، ولأبي أيوب الانصاري راية، ولقيس بن سعد بن عبادة ثالثة.

وفي هذا الاثناء اجتمع جماعة من الخوارج ومن خصوم عليّ (عليه السلام) في مكّة المكرمة، وخرجوا بقرارات ظالمة خطرة، اخطرها اغتيال أمير المؤمنين (عليه السلام). وقد اُوكل هذا الأمر إلى المجرم عبد الرحمن بن ملجم المرادي شقيق عاقر ناقة صالح[2]، فامتدّت يده الأثيمة إلى عليّ (عليه السلام) فضربه بسيفه وهو ساجد لربّه عند صلاة الفجر، وفي مسجد الكوفة وذلك في صبيحة اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك عام (40هـ).

وبقي الإمام علي (عليه السلام) يعاني من جراحته ثلاثة ايّام، عهد خلالها بالإمامة إلى ولده الحسن السبط (عليه السلام) ليمارس بعده مسؤولية قيادة الاُمّة.

وكان (عليه السلام) طيلة هذه الثلاثة أيّام ـ كما كان طول حياته ـ لهجاً بذكر الله والثناء عليه والتسليم لأمره، وكان يصدر الوصيّة تلو الوصية، مرشداً للخير، دالاً عليه، محذّراً من الهوى والنكوص عن حمل الرسالة الإلهية.

نعم، إنّه (عليه السلام) اغتيل وهو في أفضل ساعة قائماً بين يدي الله خاشعاً في صلاته، وفي أشرف الأيّام، إذ كان صائماً لربّه صبيحة اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك.

وبهذا تبقى جريمة ابن ملجم أشرس جريمة، واكثرها وحشيّة وفظاعة، لأنّها جريمة لم تستهدف رجلاً كباقي الرجال ، إنما استهدفت القيادة الاسلاميّة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل أنّها استهدفت قتل رسالة وتاريخ وحضارة واُمّة بكاملها تتمثل في شخص عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام).

وهكذا يستشهد عليّ (عليه السلام) ، وبشهادته فقدت الاُمّة بطولةً أضحت اُنشودة للناس على مرّ التاريخ؛ وشجاعة شهد بها الاعداء قبل الأولياء؛ وحكمةً لا يعلم بعدها إلاّ الله وزهداً في الدنيا لم يبلغه إلاّ المعصومون؛ وبلاغة كأنّما هي رجع صدى لكتاب الله، وفقهاً وعلماً وحلماً و... و.

فسلام عليك يا أمير المؤمنين يوم ولدت في بيت الله، ويوم استشهدت في محراب الصلاة ، ويوم تبعث حيّاً.

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] نهج البلاغة، خطبة رقم 182.

[2] وضح المقصود.