مسير الإمام علي (عليه السلام) إلى البصرة
توالت أنباء الفتنة العمياء التي خطّط لها المناوِئون العصاة أمثال طلحة والزبير وعائشة ومن تابعهم، وكانت تصل تلك الأنباء إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي كان يتجهّز للمسير إلى الشام بعد أن أعلن معاوية بن أبي سفيان العصيان فيها بالرغم من مراسلة الإمام له ومحاولته اقناعه بشتى الطرق، ولكن دون جدوى. فبعد أن كان الإمام (عليه السلام) قد ندب الناس للتوجّه نحو الشام لكنّه حوّل وجهة مسيره نحو البصرة التي استفحل فيها الشرّ واضطرب حبل الأمن فيها.
ثم أنّه (عليه السلام) دعا وجوه أهل المدينة وخطبهم قائلاً: «إنّ آخرهذا الأمر لا يصلح إلاّ بما صلح أوّله فانصروا الله ينصركم ويصلح لكم أمركم».
لكنّهم تثاقلوا، فلمّا رأى زياد بن حنظلة تثاقل الناس انتدب إلى عليّ وقال: من تثاقل عنك، فإنّا نخفّ معك، فنقاتل دونك.
ثم قام رجلان صالحان من الأنصار وهما أبو الهيثم بن التيهان وحزيمة بن ثابت ذو الشهادتين. وكذا قام ابو قتادة الأنصاري وقال: يا أمير المؤمنين إن رسول الله قلّدني هذا السيف وقد أغمدته زماناً وقد حان تجريده على هؤلاء القوم الظالمين.
فلمّا تهيّأ أهل المدينة مع الإمام سار (عليه السلام) من المدينة في تعبيته التي تعبّأها لأهل الشام آخر شهرربيع الثاني سنة ستّ وثلاثين ، واستخلف على المدينة سهل بن حنيف وعلى مكّة قثم بن العبّاس.
ثمّ أنّ عدي بن حاتم الطائي استأذن الإمام (عليه السلام) باستنفار قومه قبيلة طي، فأذن له الإمام فذهب إليهم ودعاهم فأستجابوا له. وكذلك استاذن زفر بن زيد الإمام باستنفار قبيلته بني أسد فأذن له الإمام (عليه السلام) ، فجاءهم وكلّمهم، فسار معه من أسد جماعة ليست كجماعة طي [1] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] انظر في ذلك: الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1: 57 ـ 59؛ الإصابة لابن حجر العسقلاني 1: 426.