طباعة

خلافة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)

 

 

خلافة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)

لمّا قتل الخليفة الثالث أطبقت الاُمّة علي بيعة الإمام علي (عليه السلام) خليفة لها، ولكن الإمام ردّ عليهم بقوله: «دعوني والتمسوا غيري»، ولكنّهم أصروا عليه مراراً وبصورة إجماعية وحينئذ قال: «واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب»[1].

فسارعوا إلى قبول تلك الشروط وبايعوا الإمام على السمع والطاعة ، وكانت المهمّة الاُولى له (عليه السلام) أن يزيل صور الانحراف المختلفة التي طرأت على الحياة الاسلامية، وأن يعود بالاُمة إلى منهج الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ، فنراه(عليه السلام) حدّد صفات ولاة الأمر وموظّفي الدولة بقوله: «أنّه لا ينبغي أن يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وإمامة المسلمين البخيل، فتكون في اموالهم نهمته؛ ولا الجاهل فيضلّهم بجهله ، ولا الجافي فيقطعهم بجفائه ولا الحائِفْ للدُوَلِ فيتخذ قوماً دون قوم؛ ولا المرتشي في الحكم فيُذهب بالحقوق ، ويقف بها دون المقاطع ، ولا المعطّل للسنّة فيُهلك الاُمة»[2].

هذا في الميدان السياسي والاداري ، وأمّا في الميدان الاقتصادي فإنه (عليه السلام) سارع إلى إلغاء طريقة توزيع المال القائمة على التمييز في العطاء، وأبدلها بطريقة المساواة في التوزيع التي قد انتهجها رسول الله (صلى الله عليه وآله). وقد اوضح بأنّ السابقة في الاسلام والتقوى والجهاد وصحبة الرسول (صلى الله عليه وآله) اُمور لا تمنح أصحابها مراتب أو مميّزات في الدنيا، وإنّما لتلك المزايا ثوابها عند الله في الآخرة.

وقد بين (عليه السلام) هذه الاُمور في كلام له تضمّن ما تقدّم ، وجاء في آخره: «... وإذا كان غداً ـ إن شاء الله ـ فاغدوا علينا، فإن عندنا مالاً نقسمه فيكم ولا يتخلّفنَّ أحد منكم عربي ولا عجمي، كان من أهل العطاء أو لم يكن إلاّ حضر إذا كان مسلماً حرّاً».

وهكذا قرن (عليه السلام) القول بالفعل، ولمّا صار الغد دعا كاتبه عبيد الله بن أبي رافع وقال له: ابدأ بالمهاجرين فنادهم ، واعط كل رجل ممّن حضر ثلاثة دنانير ثم ثنّ بالانصار فافعل معهم مثل ذلك، ومن حضر من الناس كلهم: الاحمر والاسود فاصنع به مثل ذلك[3].

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] نهج البلاغة: نص رقم 92.

[2] انظر: نهج البلاغة: الخطبة 131.

[3] انظر في ذلك شرح نهج البلاغة 7: 37 ـ 38.