طباعة

الإمام (عليه السلام) وقصّة الشورى

 

 

الإمام (عليه السلام) وقصّة الشورى

اتّفق المؤرّخون على أنّ عمر بن الخطّاب مات على أثر طعنة أبي لؤلؤة غلام المغيرة ابن شعبة، وقبل موته اُشير أن يستخلف ، فقال: إن استخلف فلقد استخلف من هو خير منّي وإن أترك فقد ترك من هو خير منّي. إشارة إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأبي بكر.

وبعد حوار وتفكير طويلين قال: إنّ رسول الله مات وهو راضٍ عن هؤلاء الستّة من قريش علي وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقاص والزبير وعبد الرحمن بن عوف، وقد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختاروا لأنفسهم ، ثمّ أمر بإدخالهم عليه فاُدخلوا وتكلّم معهم وبيّن ما فيهم وأخبرهم بما في أنفسهم، فوصف عثمان بأقبح الصفات ونسب اليه مالم ينسبه لأحد من الستّة ، ومع ذلك فقد اختاره للخلافة باسم الشورى، ووصف عليّاً بأنّه لو تولاّها لحملهم على الحقّ الواضح والمحجّة البيضاء، ومع ذلك فقد وضع في طريقه العراقيل والصعاب، ومهّدها لعثمان. وما إن مات عمر اجتمع الشورى الستّة وأخرج طلحة نفسه منها ووهب حقّه لعثمان كرهاً منه لعليّ بن أبي طالب على حدّ تعبير أحد المؤرخين، ووهب الزبير حقّه لابن خاله عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ووهب سعد بن أبي وقاص حقّه لعبد الرحمن بن عوف، وبعدها جعل عبد الرحمن بن عوف شروطاً لمن يتولاّها وأخرج نفسه منها، وكان أحد هذه الشروط: العمل بسيرة الشيخين، فقبلها عثمان ورفضها الإمام عليّ (عليه السلام)، وبهذا بويع لعثمان خليفة للمسلمين. وقد أشار أمير المؤمنين إلى هذه الحوادث في الخطبة المعروفة بـ«الشقشقية» حيث ورد فيها:

حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم فيالله وللشورى متى اعترض الريب فيَّ مع الأول منهم حتّى صرت اُقرن إلى هذه النظائر[1].

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] انظر: شرح النهج 1: 187 وما بعدها؛ تاريخ الطبري 4: 230.