الإمام عليّ (عليه السلام) في خلافة عمر بن الخطّاب
لقد عهد أبو بكر بالخلافة من بعده لعمر بن الخطاب ، وسكت الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) والمخلصين من الصحابة الأجلاّء وأصحاب الرأي منهم، وصبروا على ذلك بعد ان تبيّن لهم أن أبا بكر وعمر ومَن سلك مسلكهم قد بيّنوا الأمر على نزع سلطان محمّد (صلى الله عليه وآله) من أهل بيته. وهذا ليس بمستغرب من قريش بعد ان وترهم علي بن أبي طالب بقتل صناديدهم يوم بدر واُحد والاحزاب...
فسكت عليّ (عليه السلام) عن حقّه وفي العين قذى وفي الحلق شجا حفظاً على الاسلام والمسلمين. وكان لا يهمه إلاّ مرضاة الله، فكان لا يدّخر وسعاً في إرشاد قومه إلى طريق الخير والسعادة، ولنشر إلى بعض الأعمال التي قام بها الإمام (عليه السلام) زمن الخليفة الثاني:
1ـ ورد إلى بيت مال المسلمين مال كثير من البحرين فقسّمه عمر بين المسلمين ففضل منه شيء، فجمع عمر المهاجرين والأنصار واستفتاهم بأمره قائلاً: ما ترون في فضلٍ فضل عندنا من هذا المال؟ قالوا:
يا أمير المؤمنين! إنّا شغلناك بولاية اُمورنا من أهلك وتجارتك وضيعتك فهو لك فالتفت عمر إلى عليّ قائلاً: ما تقول أنت؟ قال الإمام (عليه السلام) : قد أشاروا عليك. فقال عمر: فقل أنت، قال (عليه السلام): لِمَ تجعل يقينك ظنّاً، ثمّ حدثه بواقعة مشابهة في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم أشار عليه بتوزيعه على الفقراء [1].
2ـ لمّا أراد عمر بن الخطاب أن يغزو الروم سأل الإمام (عليه السلام) عن ذلك فأشار عليه أن لا يقود الجيش بنفسه مبيّناً علّيّة ذلك: «فابعث إليهم رجلاً مجرّباً واحفز معه أهل البلاء والنصيحة ، فإن أظهره الله فذاك ما تحبّ، وإن تكن الاُخرى كنت رداءً للناس ومثابة للمسلمين» [2].
3ـ جاء في تاريخ الطبري عن سعيد بن المسيّب : جمع عمر بن الخطّاب الناس فسألهم من أيّ يوم نكتب التاريخ؟ فقال عليّ (عليه السلام) : من يوم هاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وترك أرض الشرك، ففعله عمر [3].
إلى غير ذلك من الأدوار التي أدّاها أمير المؤمنين (عليه السلام) في خلافة عمر بن الخطّاب.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] كنز العمّال 4: 39؛ عليّ والخلفاء: 83 وغيرهما.
[2] انظر: نهج البلاغة.
[3] تاريخ الطبري 2: 253 ومثله في تاريخ اليعقوبي.