• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في بيان قتال أهل الشام أيام صفين وهم القاسطون

في بيان قتال أهل الشام أيام صفين وهم القاسطون

224 ـ أخبرنا سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني، حدثنا الحسين بن الحكم الحبري، حدثنا اسماعيل بن أبان، حدثنا اسحاق ابن ابراهيم الإزدي عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، فقلنا: يا رسول الله أمرتنا بقتال هؤلاء، فمع من؟ قال: مع علي بن أبي طالب، معه يقتل عمار بن ياسر.

___________________________________

اسد الغابة لابن الاثير 4: 32 ـ ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه السلام 3: 212.

225 ـ وأخبرنا أبو منصور شهردار هذا أخبرنا أبو الفتح عبدوس هذا كتابة، أخبرنا الامام أبو بكر أحمد بن اسحاق الفقيه، حدثنا الحسن بن علي، حدثنا زكريا بن الخزاز المقري، حدثنى اسماعيل بن عباد المقري، حدثنا شريك، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فأتى منزل ام سلمة، فجاء علي فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا والله قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بعدي.

___________________________________

تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 3: 206.

226 ـ وأخبرني أبو منصور شهردار هذا كتابة، أخبرني أبو الفتح عبدوس هذا كتابة، حدثنا أبو بكر محمد بن بالويه، حدثنا الحسن بن علي ين شبيب المعمري، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا سلمة بن الفضل، قال حدثني أبو زيد الاحول، عن عتاب بن ثعلبة قال: حدثني أبو أيوب الانصاري في خلافة عمر بن الخطاب قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع علي بن أبي طالب عليه السلام.

___________________________________

مستدرك الصحيحين 3: 139 ـ تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه السلام 3: 213.

227 ـ وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي،

أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السبعى النيسابوري بها، حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا ابراهيم بن مرزوق، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا شعبة، عن خالد الحذاء، عن سعيد بن أبي الحسن، عن امه، عن ام سلمة: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية.

___________________________________

صحيح مسلم الجزء الثامن ـ: 186.

228 ـ وبهذا الأسناد عن إبراهيم بن مرزوق هذا، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبة، عن خالد الحذاء، عن الحسن بن أبي الحسن، عن امه، عن ام سلمة: ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية

___________________________________

صحيح مسلم الجزء الثامن ـ: 186. أخرجه مسلم في الصحيح.

229 ـ وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو عبد الله ابن بطة الاصبهاني، حدثنا الحسن بن الجهم، حدثنا الحسين بن الفرج، حدثنا محمد بن عمرو ـ هو الواقدي ـ حدثني عبد الله بن الحارث، عن أبيه، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً، وشهد صفين وقال لا اصلي ابداً

___________________________________

أي لا اصلي خلف امام حتى يتبين الإمام. هكذا في المخطوطات وروى ابن سعد في طبقاته ج 3 ص 259 هكذا: أنا لا أصل أبداً.. فلما قتل عمار.. قال خزيمة: قد بانت لي الضلالة وهكذا أيضاً رواه ابن الاثير في اسد الغابة 4: 47. حتى يقتل عمار، فأنظر من يقتله فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: تقتله الفئة الباغية، قال: فلما قتل عمار، قال خزيمة: قد جازت لي الصلاة، ثم اقترب فقاتل حتى قتل، وكان الذي قتل عماراً ابو عادية المزني طعنه برمح فسقط وكان يومئذ يقاتل وهو إبن أربع وتسعين سنة، فلما وقع اكب عليه رجل آخر فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان كلاهما يقول: أنا قتلته،

فقال عمرو بن العاص: والله ان تختصمان إلا في النار، فسمعها منه معاوية فلما انصرف الرجلان، قال معاوية لعمرو: ما رأيت مثل ما صنعت، قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهما: انكما لتختصمان في النار، فقال عمرو: وهو والله ذاك والله انك لتعلمه ولو ددت اني مت قبل هذا بعشرين سنة.

___________________________________

مستدرك الصحيحين 3: 385 ورواه ابن الاثير في اسد الغابة 4: 474 والطبقات الكبرى لابن سعد 3: 259. وهذا كلام قالته عائشة أيضا بعد حرب الجمل ـ انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1: 264.

230 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو الحسن علي ابن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد، حدثني محمد بن اسحاق الصفار، حدثني وهب ـ هو بن بقية،-

___________________________________

في |ر|: "خ ل": منبه. حدثني خالد يعني ـ ابن عبد الله ـ عن خالد الحذاء، عن عكرمة: أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله بن عباس: انطلقا |إلى| ابى سعيد فاسمعا من حديثه، فأتيناه فإذا هو في حائط له، فلما رآنا جاء فاخذ ردائه ثم قعد فأنشا يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد قال: كنا نحمل لبنة لبنة، وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي صلى الله عليه وآله فجعل ينفض التراب عن رأس عمار ويقول: يا عمار الا تحمل كما يحمل أصحابك؟ قال: اني أريد الأجر من الله عزوجل قال فجعل ينفض التراب عنه ويقول: ويحك تقتلك الفئة الباغية، تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار، قال عمار: أعوذ بالرحمان ـ أظنه قال من الفتن ـ.

___________________________________

صحيح البخاري الجزء الأول ص 3 باب التعاون في بناء المسجد ـ الطبقات الكبرى لابن سعد 3: 252 و252 ـ والحديث أيضاً في الجزء الرابع منه ص 21 باب مسح الغبار عن الناس.

قال أحمد بن الحسين البيهقي هذا حديث صحيح على شرط البخاري.

231 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار،

حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن اسحاق، قال حدثني بريدة بن سفيان، عن محمد بن كعب: أن كاتب رسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الصلح، كان علي بن أبي طالب عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو، فجعل على يتلكأ ويابى إلا أن يكتب: 'محمد رسول الله' فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اكتب فان لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد، فكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو.

___________________________________

شرح النهج لابن أبي الحديد 2: 232 و233 من الطبقة الثالثة باختلاف يسير.

232 ـ قال رضي الله عنه: وروى السيد أبو طالب باسناده عن علقمة والاسود قالا: أتينا أبا أيوب الانصاري فقلنا: يا أبا أيوب، ان الله أكرمك بنبيه صلى الله عليه وآله إذ أوحى إلى راحلته فبركت على بابك، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله ضيفا لك، فضيلة الله فضلك بها، فاخبرنا عن مخرجك مع علي بن أبي طالب عليه السلام، قال أبو أيوب: فاني أقسم لكما: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا البيت الذي أنتما فيه، وما فيه غير رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي جالس عن يمينه، وأنا جالس عن يساره، وأنس بن مالك قائم بين يديه، إذ تحرك الباب فقال صلى الله عليه وآله: انظر من بالباب؟ فخرج أنس فنظر فقال: هذا عمار بن ياسر، فقال صلى الله عليه وآله: افتح لعمار الطيب المطيب، ففتح أنس ودخل عمار فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله، فرحب به ثم قال لعمار: انه سيكون في امتي من بعدي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم وحتى يقتل بعضهم بعضا وحتى يبرأ بعضهم من بعض، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب، وان سلك الناس كلهم وادياً وسلك علي وادياً، فاسلك وادى علي وخل عن الناس، ان عليا لا يردك عن هدى،

ولا يدلك على ردى، يا عمار طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله.

___________________________________

حديث مشهور وله مصادر كثيرة منها: تاريخ الخطيب البغدادي 3: 186، تاريخ ابن عساكر ترجمه الإمام علي عليه السلام 3: 214 وفرائد السمطين للجويني 1: 178.

قال رضي الله عنه: يقال فيه هنات وهنوات وهنيات: خصال سوء قال لبيد: إن البرى من الهنات سعيد.

الآثار:

233 ـ أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي ـ فيما كتب الي من همدان ـ أخبرنا الشيخ العالم محيى السنة أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، أخبرنا أبو الحسين

___________________________________

في |و|: أبو الحسن. محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي بقنطرة بردان،

___________________________________

قنطرة البردان، بفتح الباء والراء: محلة ببغداد، بناها رجل يقال له السرى بن الحطم صاحب الحطمية قرية قرب بغداد ـ معجم البلدان. حدثنا محمد بن سعيد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي، حدثني عمى عمرو بن عطية بن سعد، عن أخيه الحسن بن عطية، حدثني جدى سعد بن عبادة، عن علي عليه السلام، قال: أمرت بقتال ثلاثة، القاسطين والناكثين والمارقين، فأما القاسطون فاهل الشام، وأما الناكثون فذكرناهم، وأما المارقون فاهل النهروان ـ يعنى الحرورية.

___________________________________

رواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه السلام 3: 202 واورده البلاذري في انساب الاشراف 2: 138 عن علقمة وروى أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 2: 858 قطعة من الحديث.

234 ـ وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو عمر عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي، حدثنا وهب بن جرير وأبو الوليد، عن شعبة، عن عمرو بن مرة قال: سمعت عبد الله بن سلمة يقول: رأيت عمار

بن ياسر يوم صفين شيخا آدما طويلا، آخذ الحربة بيده ويده ترعد قال: والذي نفسي بيده لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاث مرات، وهذه الرابعة، والذي نفسي بيده لو ضربوا بنا حتى يبلغوا |بنا| سعفات هجر لعرفنا ان مسلحتنا على الحق وانهم على الضلالة.

___________________________________

حديث مشهور رواه جمع من الحفاظ منهم: ابن سعد في الطبقات 3: 258 و259 ـ الحاكم في المستدرك 2: 148 ـ أحمد في المسند 6: 289.

235 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله مكي بن بندار الزنجاني ببغداد، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن رجاء الحنفي بمصر، حدثنا هارون بن محمد بن أبي الهيدام العسقلاني، حدثنا عثمان بن طالوت بن عباد الجحدري، حدثنى بشر بن أبي عمرو بن العلا، حدثني أبي، حدثني الذيال بن حرملة قال: سمعت صعصعة بن صوحان يقول: لما عقد علي بن أبي طالب عليه السلام أخرج لواء رسول الله صلى الله عليه وآله ولم ير ذلك اللواء مذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله فعقده، ودعا قيس بن سعد بن عبادة فدفعه إليه واجتمعت الأنصار وأهل بدر، فلما نظروا إلى لواء رسول الله صلى الله عليه وآله بكوا فانشأ قيس بن سعد بن عبادة 'رض' يقول:

هذا اللـواء الذي كنــا نحف بــه++

دون النبــي وجبريــل لنـا مدد

ما ضر من كانت الانصــار عيبتـه++

أن لا يكون لهم من غيرهم عضد

___________________________________

وقعة صفين لنصر بن مزاحم: 453، والابيات هذه جاءت في اسد الغابة 4: 216.

236 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا محمد بن مصفى، حدثني يحيى بن سعيد، عن يحيى ابي معشر، عن محمد بن قيس، عن ابن عمارة، عن خزيمة بن ثابت قال: ما زال جدى كافاً سلاحه حتى

قتل عمار بصفين، فسل سيفه فقاتل حتى قتل.

قال أحمد بن الحسين البيهقي: لما قتل عمار بصفين، اقتتل

___________________________________

في |ر|: "خ ل": قاتل. أمير المؤمنين علي عليه السلام فيما زعم أهل التواريخ قتالاً شديداً وقتل من عدوه ليلة الهرير ناس كثير، واتصلت الحرب بينهم حتى ولى اكثر أهل الشام أدبارهم، فجعل معاوية ومن بقى معه مصاحفهم على رؤوس أرماحهم

___________________________________

ارماح: جمع رمح ويأتي جمعه على رماح أيضاً. وقالوا: نحن ندعوكم إلى كتاب الله عزوجل وكان ذلك منهم مكراً وحيلة، ليمسك أصحاب علي عن قتالهم فكان الأمر كما ظنوا واشاروا إلى علي عليه السلام بترك القتال.

___________________________________

وقعة صفين ـ: 476 وما بعدها.

237 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا السيد ابو الحسن محمد بن الحسين العلوي، أخبرنا أبو الأحرز محمد بن عمر بن جميل، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثنا عبد الله بن يونس بن بكير، حدثنا أبي، عن الأعمش، حدثني من رأى عليا عليه السلام يوم صفين: يصفق بيديه ويعض عليهما فقال: يا عجبا أعصى ويطاع معاوية!.

___________________________________

وقعة صفين ـ لنصر بن مزاحم: 388.

238 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرني الحاكم أبو عبد الله الحافظ في التاريخ، قال: سمعت أبا عثمان سعيد بن نصر الاندلسي يقول: سمعت أبا علي اسماعيل بن محمد الصفار يقول: سمعت أحمد بن عبيد بن ناصح يقول: سمعت أبا عبيد

___________________________________

في |و| ـ أبا عبد الله. يحدث عن أبي سنان العجلي قال: قال ابن عباس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب: ابعثنى إلى معاوية بن أبي سفيان بينك وبينه فوالله لافتلن له حبلا لا ينقطع وسطه ولا ينقضى طرفه، فقال علي: لست من مكرك ومكر معاوية في شيء،

والله لا اعطي معاوية إلا السيف حتى يغلب الحق الباطل، قال ابن عباس: أو غير هذا، قال كيف؟ قال |ابن عباس|: أنه يطاع ولا يعصى وانت عن قليل تعصى ولا تطاع، قال فلما جعل اهل العراق يختلفون على علي عليه السلام قال: لله در ابن عباس انه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق.

239 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا سعيد ابن أسد، حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: قطع يوم صفين أربعون الف قصبة، فوضعت كل قصبة على قتيل فنفدت القصبه

___________________________________

في |و| القصب. ولم تحص القتلى.

قال يعقوب وروى حماد بن زيد، عن هشام، عن ابن سيرين قال: بلغ القتلى يوم صفين سبعين الفا، فما قدروا على ان يعدوهم إلا بالقصب.

240 ـ وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرني أبو عمرو بن السماك، حدثنا حنبل بن إسحاق، حدثنا يعلى بن أسد، حدثنا حاتم بن وردان، حدثني علي بن زيد، حدثني رجل من بني سعد قال: كنت واقفاً إلى جنب الأحنف بصفين، والأحنف إلى جنب عمار، فقال عمار: حدثنى خليلي: ان آخر زادك من الدنيا ضيحة لبن، قال فبينا نحن وقوف إذ سطع الغبار وقالوا: جاء أهل الشام فقام السقاة يسقون الناس، فجاءت جارية معها قدح فناولته عماراً، فشرب وأعطى الاحنف فضله فشرب الاحنف وناولني فضله فإذا هو لبن، فأصغيت إلى الأحنف فقلت: ان كان صاحبك صادقا ليقتلن الآن قال قال وغشينا الناس فسمعته يقول: الجنة.

الجنة تحت الأسنة++

اليوم القى الاحبة

محمّداً وحزبه++

فكان آخر العهد منه.

___________________________________

الامامة والسياسة 1: 126.

قال 'رضي الله عنه': الضيح والضياح: اللبن الرقيق.

وروى ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ارسل إلى معاوية رسله الطرماح وجرير بن عبد الله البجلي وغيرهما قبل مسيره إلى صفين، وكتب إليه مرة بعد اخرى يحتج عليه ببيعة أهل الحرمين له وسوابقه في الإسلام، لئلا يكون بين أهل العراق وأهل الشام محاربة، ومعاوية يعتل بدم عثمان ويستغوى بذلك جهال الشام واجلاف العرب ويستميل طلبة الدنيا بالاموال والولايات، وكان يشاور في اثناء ذلك ثقاته وأهل مودته وعشيرته في قتال علي رضي الله عنه فقال له أخوه عتبة: هذا أمر عظيم لا يتم الا بعمرو ابن العاص فانه قريع زمانه في الدهاء والمكر، يخدع ولا يخدع، وقلوب أهل الشام مائلة إليه، فقال معاوية: صدقت والله، ولكنه يحب عليا فأخاف ان لا يجيئنى، فقال: اخدعه بالاموال ومصر، فكتب إليه معاوية:

من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفان، امام المسلمين وخليفة رسول رب العالمين ذي النورين ختن المصطفى على ابنتيه وصاحب جيش العسرة وبئر رومة، المعدوم الناصر، الكثير الخاذل، المحصور في منزله، المقتول عطشاً وظلماً في محرابه، المعذب بأسياف الفسقة، إلى عمرو بن العاص، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وثقته وأمير عسكره بذات السلاسل، المعظم رأيه، المفخم تدبيره.

أما بعد لن يخفى عليك احتراق قلوب المؤمنين وما اصيبوا به من الفجيعة بقتل عثمان وما ارتكب به جاره حسدا وبغيا بامتناعه من نصرته وخذلانه إياه واشلائه

___________________________________

الإشلاء: الاغراء. يقال أشلى الكلب على الصيد وهو مأخوذ من الشلو، لأن المراد به التسليط على أشلاء الصيد وهي اعضاؤه. والغاغة: الكثير المختلط من الناس. الغاغة عليه حتى قتلوه في محرابه، فيالها من مصيبة

عمّت جميع المسلمين وفرضت عليهم طلب دمه من قتلته، وانا أدعوك إلى الحظ الأجزل من الثواب والنصيب الأوفر من حسن المآب بقتال من آوى قتلة عثمان.

فكتب إليه عمرو: من عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى معاوية بن أبي سفيان.

اما بعد فقد وصل كتابك فقراته وفهمته، فأما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي والتهور في الضلالة معك، وإعانتي إياك على الباطل واختراط السيف على وجه علي وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيه ووارثه، وقاضي دينه ومنجز وعده، وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنة، وأبو السبطين: الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، فلن يكون، واماما قلت إنك لخليفة عثمان، فقد صدقت ولكن تبين اليوم عزلك عن خلافته وقد بويع لغيره فزالت خلافتك، وأماما عظمتني ونسبتني إليه من صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وانى صاحب جيشه فلا أغتر بالتزكية ولا أميل بها عن الملة، وأما ما نسبت أبا الحسن أخا رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيه إلى الحسد والبغى على عثمان وسميت الصحابة فسقة، وزعمت أنه اشلاهم على قتله، فهذا كذب وغواية.

ويحك يا معاوية، أما علمت أن أبا حسن بذل نفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وبات على فراشه وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هو مني وأنا منه، وهو منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدى، وقد قال فيه يوم غدير خم: ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وهو الذي قال فيه عليه السلام يوم خيبر: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، وهو الذي

قال عليه السلام فيه يوم الطير: اللهم آتني بأحب خلقك اليك، فلما دخل إليه قال إلي وإلي. وقد قال فيه يوم بني النضير: على امام البررة وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله. وقد قال فيه: علي وليكم بعدي. واكد القول علي وعليك وعلى جميع المسلمين وقال: اني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، وقد قال: أنا مدينة العلم وعليّ بابها.

وقد علمت يا معاوية ما انزل الله تعالى في كتابه من الآيات المتلوات في فضائله التي لا يشركه فيها أحد كقوله تعالى: 'يوفون بالنذر ويخافون'

___________________________________

الانسان: 7. |وقوله تعالى|: 'إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون'.

___________________________________

هود: 17. |وقوله تعالى| 'أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه'

___________________________________

الشورى: 23. |وقوله تعالى|: 'رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه'

___________________________________

المائدة: 55. وقد قال تعالى لرسوله: 'قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى'

___________________________________

الاحزاب: 23.

وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أما ترضى أن يكون سلمك سلمى، وحربك حربي، وتكون أخي ووليي في الدنيا والآخرة، يا أبا الحسن من أحبك فقد أحبني، ومن أبغضك فقد ابغضني، ومن أحبك ادخله الله الجنة، ومن أبغضك ادخله الله النار، وكتابك يا معاوية الذي هذا جوابه ليس مما ينخدع به من له عقل أو دين والسلام.

ثم كتب إليه معاوية يعرض عليه الاموال والولايات وكتب في آخر كتابه:

جهلت ولم تعلم محلك عندنــا++

فأرسلت شيئاً من خطاب وما تدرى

فثق بالذي عندي لك اليوم آنفـا++

من العـز والاكـرام والجاه والقدر

فاكتب عهداً

___________________________________

في |و| ـ عقداً. ترتضيه مؤكداً++

واشفعه

___________________________________

في |ر| اسفعه. بالبـذل منــي وبالبر

فكتب عمرو:

أبي القلب منــي ان اخادع بالمكــر++

بقتــل ابن عفــان أجر إلى الكفــر

وانـي لعمــرو ذو دهـاء وفطنــة++

ولست أبيــع الديـن بالريح والدفر

___________________________________

في |و|: بالريح والوفر ـ والدفر: النتن.

فلو كنـت ذا رأى وعقــل وفطنــة++

لقلت لهذا الشيخ ان خـاض في الأمر

___________________________________

في |ر|: ان جاض في الامر، وفي |و|: ان خاض لى الامر.

تحيــة مـنـشـور جليـل مكــرم++

بخط صحيــح ذي بيــان على مصر

اليس صغيــراً ملك مصــر ببيعـة++

هي العار في الدنيا على العقب من عمرو

فــان كنت ذا ميل شديد إلــى العلى++

وإمـرة اهــل الديـن مثــل ابي بكر

فاشرك أخــا رأى وحــزم وحيلـة++

معــاوى في أمر جليــل لذي الذكـر

فان دواء الليث صعب علــى الـورى++

وان غــاب عمرو زيـد شـراً إلى شر

فكتب معاوية منشور مصر ونفذه إليه، وبقي عمرو متفكراً، لا يدرى ما يصنع، حتى ذهب عنه النوم وقال:

تطــاول ليلى بالهموم الطوارق++

وصافحت من دهري وجوه البوائق

أأخدعــه والخدع فيـه سجيـة++

أم اعطيـه من نفسي نصيحة وامق

أم اقعد في بيتي وفي ذاك راحـة++

لشيخ يخـاف الموت في كل شارق

فلما اصبح دعا مولاه وردان ـ وكان عاقلا ـ فشاوره في ذلك، فقال وردان: ان مع علي آخرة ولا دنيا معه، وهي التي تبقى لك، وتبقى لها، وان مع معاوية دنيا ولا آخرة معه وهي التي لا تبقى على أحد فانظر لنفسك أيهما تختار، فتبسم عمرو وقال:

يا قاتل الله وردانا وفطنتــه++

لقد أصاب الذي في القلب وردان

لما تعرضت الدنيـا عرضت لهــا++

بحرص نفسـي وفي الاطباع ادهان

نفس تعف واخـرى الحرص يمنعها++

والمــرأ يأكل تبنـاً وهو غرثان

أما علــي فديــن ليـس تشركـه++

دنيــا وذاك لــه دنيـا وسلطان

فاخترت من طمعي دنيا على بصري++

وما معــي بالـذي أختار برهان

أنى لاعــرف ما فيهـا وأبصــره++

وفي أيضــاً لمـا أهواه الوان

___________________________________

في |ر|: كما اهواه.

لكن نفسي تحب العيـش في شـرف++

وليـس يرضى بذل النفس انسان

ثم إن عمراً رحل إلى معاوية فمنعه ابنه عبد الله ووردان، فلم يمتنع فلما بلغ مفرق الطرق: طريق العراق وطريق الشام، قال له وردان: طريق العراق، طريق الآخرة، وطريق الشام طريق الدنيا، فايهما تسلك؟ قال طريق الشام.

___________________________________

وقعة صفين: 34 وما بعدها.

'قال رضي الله عنه': كتب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قبل نهضته إلى صفين إلى معاوية لأخذ الحجة عليه.

أما بعد: انه لزمتك بيعتى بالمدينة وأنت بالشام، لانه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بويعوا عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب ان يرد، وانما الشورى للمهاجرين والانصار، فإذا اجتمعوا على رجل فسموه اماماً، كان ذلك

___________________________________

في |و|: فان ذلك. رضى الله، فان خرج من أمرهم خارج ردوه إلى ما خرج منه فان أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى واصلاه جهنم وساءت مصيراً.

وان طلحة والزبير بايعانى ثم نقضا بيعتي وكان نقضهما كردهما فجاهدتهما على ذلك بعد ما اعذرت وحتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون، فأدخل يا معاوية فيما دخل فيه المسلمون فان أحب الامور الي فيك العافية وان لا تعرض للبلاء فان تعرضت للبلاء قاتلتك واستعنت عليك

الله، وقد اكثرت |الجدال| في قتلة عثمان، فأدخل فيما دخل فيه الناس، ثم حاكم القوم إلي احملك واياهم على كتاب الله فاما تلك التي تريدها فهى خدعة الصبي على اللبن، ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لتجدني ابرأ قريش من دم عثمان، واعلم انك من الطلقاء الذين لا تحل لهم الخلافة، ولا تعرض فيهم الشورى، وقد بعثت اليك والى من قبلك جرير بن عبد الله وهو من أهل الإيمان والهجرة، فبايع ولا قوة إلا بالله.

___________________________________

نهج البلاغة ـ كتاب رقم 8 مع اختلاف في آخر الرواية ـ وقعة صفين ص 29 ـ الامامة والسياسة 1: 93.

'قال رضي الله عنه' روى أن أهل الشام سبقوا إلى مشرعة الفرات ومنعوا أصحاب علي الماء وكان علي رضي الله عنه وأصحابه يشربون من ماء آسن حتى فشا فيهم السقم وكان علي 'رض' يدارى أهل الشام ويلاطفهم فلا يبدأهم بالقتال ويحتج عليهم مرة بعد اخرى وهم مصرون على منعهم الماء.

وكتب معاوية إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام:

أما بعد فلو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت بريء من دم عثمان كنت كأبي بكر وعمر وعثمان ولكنك أغريت بعثمان المهاجرين والأنصار، وخذلت عنه الأنصار حتى أطاعك الجاهل وتقوى بك الضعيف وقد عزم أهل الشام على قتالك، اللهم إلا أن تدفع إليهم قتلة عثمان فيكفوا عنك وتجعل الامر شورى بين المسلمين ويكون الشورى لاهل الشام، لا لأهل الحجاز، فأما فضلك في الإسلام وسابقتك وقرابتك برسول الله صلى الله عليه وآله وموضعك في قريش فلا ادفعه، وفي آخر الكتاب ابيات:

أرى الشام تكره أهل العراق++

وأهل العراق لهم كارهونـا

وكــل لصاحبــه مبغض++

يرى كل ما كان من ذاك دينا

إذا مــا رمونــا رمينـاهم++

ودناهم مثل ما يقرضونــا

___________________________________

دناهم: من الدين وهو القرض، يقرضونا من الاقراض وقد حذف نون الرفع وهو وجه جائز في العربية.

وقالوا علــي امــام لنــا++

فقلنا رضينـا ابن هند رضينا

وقالوا نــرى ان تدينوا لـه++

فقلنــا لهـم لا نرى ان ندينا

وكل يسـر بمــا عنــده++

يرى غث ما في يديه سمينا

___________________________________

الامامة والسياسة 1: 101 ـ والابيات في وقعة صفين: 56.

فامر علي عليه السلام ان يكتب عبد الله بن الحر

___________________________________

وفي |ر|: عبد الله الحر. جوابه.

فكتب: من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان، اما بعد؛ فقد أتانى كتاب امرئ ليس له بصر يهديه، ولا قائد يرشده، دعاه الهوى فاجابه، وقاده |الضلال| فاتبعه، زعمت ان خطيئتي في عثمان افسدت عليك بيعتى ولعمري ما كنت إلا كواحد من المهاجرين، وأوردت كما اوردوا، واصدرت كما اصدروا، وما امرت امراً يلزمني خطأ ولا كنت مع القوم.

واما قولك ان أهل الشام يحكمون في الشورى، فمن في الشام تحل له الخلافة والحكم على المسلمين، فإن سميت احداً منهم كذبك المهاجرون والانصار.

واما قولك ان لي في الاسلام فضلا وسابقة وقرابة وأنت لا تدفع ذلك، فلو قدرت واستطعت دفعه لفعلت، واجاب عن شعره عبد الله بن أبي رافع:

دعن يا معاوئ ما لن يكونا++

وقتلة عثمان إذ تدعونــا

اتاكم علي باهـل الحجـاز++

وأهـل العراق فما تصنعونا

على كل جـرداء خيفانـة++

واجـرد شهـب يقر العيونا

عليها فوارس من شيعـة++

كأسد العرين تحامى العرينا

يرون الطعــان خلال العجاج++

وضرب الفوارس في النقع دينا

هم هزموا الجمع جمع الزبيـر++

وطلـح وغيرهـم الناكثينــا

فان تكرهوا الملك ملك العـراق++

فقـد كره القــوم ما تكرهونا

فقل للمضلــل مـن وائــل++

ومن جعــل الغث يوماً سمينا

جعلت ابن هنــد واشياعــه++

نظيــر علــي اما تستحونا

علي ولــي الحبيب المجيــد++

وحب النبــي من العالمينا

___________________________________

الحب بكسر الأول: المحب والمحبوب. "المنجد"، وقعة صفين ص 57 والامامة والسياسة 1: 102.

ودفع كتابه إلى الاصبغ بن نباتة التميمي ليوصله إليه، قال الاصبغ: دخلت على معاوية وهو جالس على نطع من الأدم متكياً على وسادتين خضراوين، عن يمينه عمرو بن العاص وحوشب وذو الكلاع، وعن يساره أخوه عتبة وابن عامر بن كريز والوليد بن عقبة وعبد الرحمان بن خالد وشرحبيل بن السمط، وبين يديه أبو هريرة وأبو الدرداء والنعمان بن بشير وأبو امامة الباهلي، فلما قرأ الكتاب قال: ان علياً لا يدفع الينا قتلة عثمان، فقلت له: يا معاوية لا تعتل بدم عثمان، فانك تطلب الملك والسلطان، ولو كنت اردت نصرته حياً لنصرته ولكنك تربصت به لتجعل ذلك سببا إلى وصولك إلى الملك، فغضب من |كلامي| فاردت ان يزيد غضبه فقلت لابي هريرة: يا صاحب رسول الله انى احلفك بالله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، وبحق حبيبه المصطفى عليه السلام ألا أخبرتني اشهدث غدير خم؟ قال: بلى شهدته، قلت فما سمعته |يقول| في علي؟ قال: سمعته يقول: من كنت مولاه فعلى مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله، قلت له: فإذا أنت واليت عدوه وعاديت وليه، فتنفس أبو هريرة الصعداء وقال: 'إنا لله وانا إليه راجعون' فتغير معاوية عن

حاله وغضب وقال: كف عن كلامك، فلا تستطيع ان تخدع أهل الشام بالكلام عن طلب دم عثمان، فانه قتل مظلوماً في حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وعند صاحبك قتلة عثمان، اغراهم به حتى قتلوه، فهم انصاره ويده وعضده، وما كان عثمان |ل| يهدر دمه، فقال معاوية بن خديج الكندي وذو الكلاع وحوشب ومن معه: والله لننصرنك يا معاوية بطلب دمه حتى يحصل مرادنا، أو نقتل عن آخرنا فاقبلت إلى معاوية وقلت:

معــاوى لله من خلقــه++

عبــاد قلوبهم قاسيــة

وقلبك من شر تلك القلوب++

وليس المطيعة كالعاصية

دع ابن خديج ودع حوشباً++

وذا كلع واقبل العافيــة

فلم يصبر معاوية أن اتم الشعر بل غضب وصاح علي قال: ليت شعري اجئت رسولا أم مشنعا؟ فانصرفت

___________________________________

في |و| فانصرف. فارسل علي إلى معاوية عبد الله بن بديل الخزاعي ـ وهو الذي فتح اصبهان في أيام عمر ـ وقال له يقول علي: لو كنت سبقتك إلى الماء لما منعتكه، وان منعك الماء محرم عليك، فدع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ليشربوا ويسقوا حتى ننظر إلى ما يؤول امرنا، فان القتال شديد فلا نبدأ في الشهر الحرام، فأتاه عبد الله برسالته فأصر وقال: قل له يدفع إلي قتلة عثمان اقتلهم، فقال له عبد الله: أتظن يا معاوية ان علياً عليه السلام عجز عن أخذ الماء؟ ولكنه يحتج عليك وقلت:

معاوى قد كنت رخـو الخنـاق++

فالقحـت حرباً تضيق الخناقا

تشيب النواهـد قبــل المشيب++

متــى ما تذقهـا تذم الذواقا

فــان تكــن الشام قد اصفقت++

عليــك ابن هند فان العراقا

اجـاب عليــاً إلـى دعــوة++

تعــز الهـدى وتذل النفاقا

فنحـن فوارس يـوم الزبيــر++

وطلحة إذ أبدت الحرب ساقا

ودارت رحاها علـى قطبهـا++

ودارت كـؤوس المنايا دهاقا

خضبنا الرماح وبيض السيوف++

وكــان النزال وكان اعتناقا

فانتـم صبــاح غـد مثلهـم++

فبــزل الجمـال تبذ الحقاقا

قال رضي الله عنه: الخيفانة واحد الخيفان وهي الجرارة يشبه بها الفرس في خفتها. قال امرؤ القيس:

واركب في الروع خيفانة++

كسا وجهها سعف منتشر

أراد بالسعف وهو غصون النخل شعرها المنسدل على وجهها، أي أركب جرارة، أراد فرسه.

وكتبت في بعض حواشي كتاب من كتبي مما أملاه علي جار الله العلامة فخر خوارزم: خيفان ان لم يكن من الخوف فهو من الخيف، ومعنى الخوف فيه ظاهر، ويقال: اصفقوا بأمر واحد واصفقوا عليه: اجتمعوا عليه، واصفقت يده بكذا إذا صادقته، وهذه صفقة مباركة وهو ضرب اليد على اليد في البيع والبيعة، وصفقت رأسه صفقة: ضربته، وصفقت به الارض وصفقت الريح الأغصان فاصتفقت وصفقتها، ورجل صفاق: آفاق متصرف في النواحي، وصفق الشراب: حوله من إناء إلى إناء، والبازل السن التي تطلع في السنة التاسعة من البعير، وصاحبها بازل، ذكراً كان أو انثى، وبزل ناب البعير: شق لحمه حتى طلع، وبزل الجمل بزولا، وإبل بزل وبوازل، وقولهم بزل الرأى: استحكم، وامر بازل لا يكفيه إلا امرئ قارح، مجاز ما ذكرنا ويقال بذفلان أصحابه: غلبهم قال النابغة الجعدي:

يبـذ الجيـاد بتقريبــه++

ويأوى إلى حقة

___________________________________

في الأصلين 'حضر' وهو تصحيف والصحيح ما اثبتناه، يؤيده تفسير المؤلف لفظة 'الحقة' ولم تكن موجودة في موضع آخر. ملهب

أي ذي لهب، والحقة هي التي أتت عليها ثلاث سنين عند أهل الفقه، وعند أهل اللغة هي التي أتت عليها أربع سنين.

'قال رضي الله عنه': |وانصرف عبد الله بن بديل الخزاعي إلى علي عليه السلام وأخبره بخبره| وشكا الناس إلى علي عليه السلام العطش، فقال علي عليه السلام: ان سفك الدماء عظيم قبل ان يحتج عليهم مرة بعد اخرى، وبعث بجماعة من الانصاريين وغيرهم إلى معاوية ليحتجوا عليه فأتوه وكلموه وبالغوا في ذلك وقالوا: يا معاوية جدبه تفضلا قبل أن نأخذه قهراً. فقال: غداً يأتيكم رسولي بما يبدو لى، فاصبح القوم في عطش شديد، فأتوا علياً عليه السلام واخبروه بذلك، فارسل إلى معاوية عشرة من أصحابه ليكلموه في الماء، فقال معاوية لقومه: ما تقولون في هذا؟ فأول من تكلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط وقال لمعاوية: اقتلهم عطشا ولا ترحمهم كما لم يرحموا عثمان، وكذلك أبو الأعور قال ذلك، وحبيب بن مسلمة وبسر بن أرطاة وقال سليل الشاعر:

اسمع اليوم ما يقول سليل++

ان قولي قول له تأويـل

امنع الماء من صحاب علي++

لا يذوقوه والذليل ذليل

___________________________________

وقعة صفين: 162.

وقال عمرو بن العاص: ويحكم أترون علياً يموت عطشا ومعه أطراف الأسنة وافاعي العراق وعامة المهاجرين والانصار، والله ليطيرن قحاف

___________________________________

قحاف: جمع قحف وقد مضى معناه قريباً. الرؤوس عن جماجمها قبل ذلك فخل بين القوم وبين الماء، وارض بالموادعة أيها الرجل إلى انسلاخ المحرم ولا تعجل إلى الشر فإن مستطعمه وخيم غير لذيذ، فأبى وقال: هذا أول الظفر، فلا سقى الله أبا سفيان بن حرب من حوض النبي صلى الله عليه وآله ان يشربوا منه قطرة إلا أن يغلبوني عليه، فقام إلى معاوية رجل من أهل الشام من رؤساء الازد يقال له فياض بن الحارث بن عمرو بن قرة الأزدي وقال: يا معاوية والله ما انصفت القوم ولو كان هؤلاء من الروم أو الترك وطلبوك الماء، لوجب أن تسقيهم ثم تحاربهم،

فكيف وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله البدريون والمهاجرون والانصار وابناؤهم، وفيهم ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وأخوه وصاحب سره وحبيبه وختنه، أفلا تتقى الله يا معاوية، أما والله لو سبقوكم إلى الماء لسقوكم منه، وهذا والله أول الجور وكان هذا الرجل صديقا لعمرو بن العاص، فأغلظ له معاوية وقال لعمرو: اكفني صديقك فاتاه عمرو فاغلظ له، فقال الرجل:

لعمر ابي معاوية بن حرب++

وعمرو ما لدائهـمـا دواء

سوى طعن يحار العقل منه++

وضرب حين تختلط الدماء

فلست بتابع دين ابـن هند++

طوال الدهر ما أوفى حراء

فقد ذهب العتاب فلا عتاب++

وقـد ذهب الولاء فلا ولاء

وقولي في حوادث كل أمر++

على عمرو وصاحبه العفاء

اتحمون الفرات على اناس++

وفي أيديهـم الأسل الظماء

وفي الاعنـاق اسياف حداد++

كـأن القـوم عندكـم نساء

ألا لله درك يـابـن هنـد++

لقد ذهـب الحياء فلا حياء

اترجوا أن يجاوركم علـي++

بـلا مـاء وللاحزاب ماء

دعاهم دعوة فأجاب قـوم++

كجرب الابل خالطها الهناء

ثم سرى في سواد الليل فلحق بعلي عليه السلام، ثم انصرف رسل علي إلى علي عليه السلام وأخبروه بما قال معاوية.

فقال الاشتر: يا أمير المؤمنين قربة من ماء تباع بثلاثة دراهم، فأذن لنا في الحرب فارمضه ذلك وخرج ليلا فسمع النجاشي يقول:

ايمنعنا القــوم ماء الفــرات++

وفينا السيوف وفينا الحجف

___________________________________

الحجف: جمع حجفة وهي الترس من جلود الابل يطارق بعضها ببعض مقاييس اللغة.

وفينـا علــي لـه صولــة++

إذا خوفــوه الـردى لم يخف

ونحن الذيـن غــداة الزبيــر++

وطلحـة خضنا غمار التلف

___________________________________

يشير إلى وقعة الجمل.

فمــا للحجــاز وما للعــراق++

سوى اليوم يوم فصكوا الهدف

___________________________________

الصك: الضرب وفي |ر|: فضلوا الهدف.

فامـا نحل بشــط الفــرات++

ومنــا ومنهــم عليه الجيف

وإما نمــوت علـى طاعــة++

نحــل الجنـان ونعلوا الشرف

وانتبه الاشعث بن قيس فوثب إلى علي |عليه السلام| فقال: يا أمير المؤمنين أنموت عطشا ومعنا سيوفنا ورماحنا؟ والله لا ارجع حتى أرد الفرات، فمر الاشتر، فموعدنا الصبح وقال:

ميعادنا اليوم بياض الصبــح++

هل يصلــح الزاد بغير الملح

لا لا ولا امــر بغيـر نصـح++

دبــوا إلى القـوم بطعن سمح

مثل العزالـي

___________________________________

العزالى جمع عزلاء بالفتح وهي فم المزادة، شبه بها اتساع الطعنة واندفاق الدماء. وضراب كفح++

حسبي من الاقدام قاب رمحي

___________________________________

انظر وقعة صفين: 163 وما بعدها.

واصبح القوم واضعي سيوفهم على عواتقهم. 'قال رضي الله عنه' يقال عود سمح: بين السماحة، مستو معتدل لا ابن

___________________________________

الابن: بضم الاول وفتح الثاني: العقد تكون في القسي تفسدها وتعاب بها ـ النهاية. فيه، وهذا مجاز قولهم، رجل سمح من السمحاء، وامرأة سمحة من السماح، وتقول: كافحته السموم وكافح الأمر: باشره بنفسه، وكافحه بما ساءه واصابه من السموم: كفح، ومن الحرور نفح.

قال الاشتر لمحمد بن الحنفية: تقدم واخطب بين الصفين: صف العراق وصف الشام، وامدح علياً أمير المؤمنين عليه السلام، فتقدم محمد وقال لأهل الشام: اخسؤا ذرية النفاق وحشو النار، وحصب جهنم؛ عن البدر الباهر والنجم الثاقب والسنان النافذ والشهاب النير والصراط المستقيم؛ 'قبل أن

نطمس وجوهاً فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا'

___________________________________

النساء: 47. أو ما ترون أي عقبة تقتحمون، وأي متيهة تتسنمون، وانى تؤفكون بل 'ينظرون اليك وهم لا يبصرون'

___________________________________

الاعراف: 198. أصنو رسول الله صلى الله عليه وآله تستهدفون؟ ويعسوب الدين تلمزون، فأي سبيل رشاد بعد ذلك تسلكون؟ وأي خرق بعد ذلك ترقعون؟ هيهات والله برز في السبق، وفاز بالخصل واستولى على الغاية واحرز الخطار

___________________________________

الخطار والخطير: مصدر خطر يخطر الفحل: إذا رفع ذنبه عند الوعيد من الخيلاء، لسان العرب. فانحسرت عنه الابصار، وانقطعت دونه الرقاب وفرع

___________________________________

فرع الجبل: صعده المنجد. الذروة العليا وبلغ الغاية القصوى فكرث من رام رتبته السعي، وعناه الطلب 'وانى لهم التناوش من مكان بعيد'

___________________________________

سبأ: 52. فخفضاً خفضاً:

اقلوا عليكـم لا أبـا لأبيكــم++

من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

وأنى تسدون؛ أم أي أخ لرسول الله تثلبون؛ وأي ذي قوي امرها تسبون؛ هو شقيق نسبه إذ حصلوا، ونديد هارون إذ مثلوا، وذو قربى منه إذ امتحنوا، والمصلي القبلتين إذ انحرفوا، والمشهود له بالايمان إذ كفروا، والمدعو بخيبر إذ نكلوا، والمندوب لنبذ عهد المشركين إذ نكثوا. والخليفة على المهاد ليلة الخطار، والمستودع للأسرار ساعة الوداع، إذ حجبوا:

هذى المكارم؛ لا قعبان من لبن++

شيبا بماء؛ فعــادا بعــد أبوالا

هذا وأنى يبعد من كل سناء وعلو وثناء وسمو وقد نحلته ورسول الله صلى الله عليه وآله أبوة وأنجبت بينهما جدود، ورضعا بلبان، ودرجا في سكن ومهدا حجرا وتفيئا بظل فهما وشيحان نماهما فنن، تفرعا من أكرم جذم

___________________________________

كذا في |و| وفي |ر| تفيئآ بظل وشيحان نماهما فنن تفرعا من اكرم جذم والصحيح وشيجان بالجيم المعجمة والوشيح: القرابة المشتبكة المتصلة. والفنن الغصن المستقيم من الشجرة والجمع افنان والجذم: الاصل. يقال جذم الشجرة وجذم القوم. المعجم الوسيط.

فرسول الله صلى الله عليه وآله للرسالة، وأمير المؤمنين عليه السلام للخلافة، فتق الله به رتق الإسلام، حتى انجابت به طخية الريب وقمع نخوة النفاق حتى ارفأن جيشانه، وطمس رسم العلة،

___________________________________

العلة: النهضة من مرض أو فقر. وخلع ربقة الصغار والذلة وكفت ايدي الخيانة ورفق شربها وحلاها عن وردها واطئا كواهلها؛ آخذا باكظامها؛ يقرع هامتها وينكت نقيها

___________________________________

ينكت: يرمى به إلى الأرض، نقيها: مخها ـ لسان العرب. ويجمل شحومها ويرحضها عن مال الله حتى كلمها الخشاش وعضته الثفاف ونالها فرض الكتاب فجرجرت جرجرة العود الموقع فزادها وقرا فلفظته افواهها وأزلقته بأبصارها ونبت عن ذكره اسماعها فكان لها كالسم الممقر والذعاف المرعف لا تأخذه في الله لومة لائم ولا يزيله عن الحق نهيب متهدد ولا يحيله عن الصدق

___________________________________

في |و| ولا يحيل عن الصدق رهب... ترهب متوعد فلم يزل كذلك، حتى انقشعت، غيابة الشرك وخنع طيخ الافك، وزالت قحم الاشراك حتى تنسمتم روح النصفة وتطعمتم قسم السواء بعد ان كنتم لوكة الآكل ومذقة الشارب وقبسة العجلان بسياسة مأمون الخرقة، مكتهل الحنكة؛ طب بادوائكم، قمن بدوائكم يبيت بالربوة، كالئا لحوزتكم، حاميا لقاصيكم ودانيكم، مثقفا لأودكم، يقتات الجبنة ويرد الخمس ويلبس الهدم، ثم إذا سبرت الرجال فطاح الوشيظ واستسلم المشيح وغمغمت الاصوات وقلصت الشفاه وقامت الحرب على ساق وصرفت بانياب وخطر فينقها وهدرت شقاشقها وجمعت قطريها، فشالت بابراق ألفيت أمير المؤمنين عليه السلام هناك مثبتاً لقطبها، مديراً لرحاها قادحاً بزندها، مؤربا لعقدتها، مذكياً لجمرتها، دلافاً إلى البهم، ضراباً للقلل، غصاباً للمهج، تراكا للسلب، خواضاً لغمرات الموت؛ مثكل أمهات، مؤتم اطفال، مشتت

آلاف، قطاع اقران؛ طافيا عن الجولة، راكداً في الغمرة، يهتف بأولاها، فتنكفت اخراها، فتارة يطويها طى الصحيفة وآونة يفرقها فرق الوفرة؛ فبأي آلاء أمير المؤمنين تمترون؟ وعن أي أمر مثل حديثه تأثرون؟ وربنا الرحمان، المستعان على ما تصفون.

قال رضي الله عنه: الحصب كل ما حصب به في النار اي رمى به. وقال ابن عباس في قوله تعالى: 'حصب جهنم':

___________________________________

عبارة من آية 98 من سورة الانبياء. وقودها، وقال مجاهد: حطبها.

يقال: طمس الاثر وانطمس وطمسة بالريح.

___________________________________

وطمسته الريح.

وقال الخليل: الخصل في النضال إذا وقع السهم بلزق القرطاس ويقال: احرز فلان خصله: إذا غلب على الرهان في الرمي وغيره. ويقال تناوشوه: تناولوه وناشه ينوشه نوشا وناوشوهم بالرماح وتناوشوهم. يقال: نجلت الشيء نجلا: رميت به، والناقة تنجل الحصى بمناسمها، وقولهم نجله أب كريم ونجل به، وفحل ناجل: منجب. وهو نجل فلان مجاز ما ذكرنا. الطخية: شدة الظلمة والسحابة الرقيقة. ارفان: نفر ثم سكن. جيشانه: غليانه. يقال: كفت المتاع: ضم بعضه إلى بعض، وكفت الفراش. وفي الحديث: اكفتوا صبيانكم بالليل، وكفت الرعاة مواشيهم، والارض تكفت أهلها، احياء وامواتاً.

الا كظام جمع كظم وهو مجرى النفس. يقال: جمل الشحم واجتمله: أذابه. ويقال: اجتمل وتجمل: أكل الجميل وهو الورك وقالت اعرابية لبنتها: تجملي وتعففى أي كلى الجميل واشربي العفافة أي بقية اللبن في الضرع، ويقال: خذ الجميل واعطني الجمالة ـ أي الصهارة، والسكن الدار وسكانها ايضا، والثفاف: ما يسوى به الرماح. يقال أنه لموقع الظهر ووقعت

الدابة بكثرة الركوب: سجحت، فتخلص عنه الشعر، فنبت أبيض. يقال مر ممقر وهو أمر من المقر وهو الصبر وقد أمقر قال لبيد:

ممقر مر علــى أعدائه++

وعلى الادنين حلو كالعسل

يقال سم ذعاف: قاتل سريعاً وموت ذعاب: سريع مرعف من أرعفه قتله مكانه قتلا وحياً.

___________________________________

الوحي: عجل مسرع. المعجم الوسيط. خنع وخضع وخشع اخوات. وطاخ: تلطخ بقبيح، طيخاً وطاخه غيره وطاخ: تكبر.

وقال ابن دريد: الطيخ: الانهماك في الباطل. يقال: قته، فاقتات من القوت، كما يقال رزقته فارتزق واستقاته: سأله القوت. والجبنة: عامة الشجر واللبن الحامض. قال: تهدم الثوب، بلى وعليه هدم خلق، واهدام اخلاق وهو من تهدم البناء واندهم: وطاح يطوح ويطيح: سقط وتاه وهلك. والوشيظ: الخسيس.

وقال يعقوب: الوشيظ: الرحيل، واشاح في الامر: جد فيه، وعامل مشيح: جاد مواظب على عمله، واشاح: حذر وخطر، فينقها: فحلها والجمع: فنق وافناق أيضاً وهو قليل كيتيم وأيتام وشريف واشراف أي رفع ذنبه مرة ووضعه اخرى للصيال، كأنه يهدد وتخاطرت الفحول باذنابها للتصاول. يقال: ارب العقدة: وثقها. فتأربت: فتوثقت. والجولة: الهزيمة، يقال: كانت لهم جولة أي هزيمة. وطفا السمك طفوا وطفا الوحشي: علا الأكمة، وفرس طاف: شامخ برأسه، أي كان علي عليه السلام مرتفعاً بعيداً من الهزيمة، راكداً ثابتاً مستقراً في الغمرة؛ في شدة الحرب وهو لها. يقال قد انجلت غمرات الحرب أي أهوالها وشدائدها، وفلان في غمرات الموت وسكراته، والغمرة في الاصل، واحدة الغمار من الماء وهي معظمه، وغمرة كل شيء معظمه.

قال وخرج الاشعث والاشتر في اثنى عشر الفاً، فلم يزالوا يتقدمون، وقال هاشم بن الحرث:

يا اشتر الخيرات يا خير النخــع++

وصاحــب الامــر إذا عم الفزع

وكاشف الامر إذا الامــر وقــع++

ما أنت في الحرب العوان بالجزع

___________________________________

الحرب العوان: التي حورب فيها مرة بعد مرة.

وقال الأشتر لصاحب علمه: اجتهد في نصبه فقد وهبت لك الف درهم وفرسا فبلغ ذلك الأشعث فقال لغلامه: اجتهد في نصب علمي فقد وهبت لك الفى درهم وفرسين، وتقدم الاشتر وقال:

نسير اليكــم بالقنابل والقنا++

وان كان فيما بيننا سرف القتل

فلا يرجع الله الذي كان بيننا++

ولا زال بالبغضا مرحلكم يغلى

فدونكهـا حربا عوانا ملحة++

عزيزكـم عندي أذل من النعل

وكان أبو الأعور في ثمانية عشر الفا من أهل الشام يحمى الفرات 'قال رضي الله عنه' يقال في العود خرع أي لين ورخاوة، وعود خرع وشيء خريع: لين منثن، ومنه قيل للفاجرة: خريع.

قال:

يزين جمال الدار منها رزانة++

وحلم إذا خف النساء الخرائع

وقولهم في فلان خرع أي جبن وضعف، وخور، مجاز ما قدمنا.

وقال أبو طالب عند موته حين عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وآله كلمة الشهادة:

___________________________________

راجع للتعرف على ايمان ابي طالب، ج 7 من موسوعة الغدير. لولا أن تعيرني قريش فتقول ادركه الخرع، لأقررت بها عينك، والقنابل جمع قنبل وهي قطعة من الخيل.

قال أبو هاني بن معمر السدوسي: كنت حينئذ مع الاشتر وقد تبين فيه العطش، فقلت لرجل من بني عمي: ان الأمير عطشان، فقال الرجل: كل هؤلاء عطاش، وعندي اداوة ماء امنعه لنفسي ولكني أوثره على نفسي،

فتقدم إلى الاشتر فعرض عليه الماء فقال: لا اشرب حتى يشرب الناس، ودنا أصحاب أبي الاعور يرشقون |بالنبل| والاشتر ينادي: يا معاشر الناس صبراً، ثم حمل على أصحاب أبي الاعور وبدد الرماة وقتل منهم سبعة رجال أولهم صالح بن فيروز العكي وكان مشهوراً بشدة البأس، قد خرج إلى الاشتر وهو

قال:

يا صاحب الطرف الحصان الادهم++

اقــدم إذا شئت علينــا اقـدم

انا ابن ذي العـز وذي التكــرم++

سيــد عـك كــل عك فاعلم

فبرز إليه الاشتر وهو يقول:

آليت لا أرجع حتى أضربــا++

بسيفي المصقول ضربا معجبا

أنـا ابن خير مذحج مركبــا++

من خيرهــا نفسا واما وأبا

ثم شد على الشامي بالرمح فدق ظهره فقتله ثم خرج إليه مالك بن ادهم السلامي وكان من فرسان أهل الشام وهو يقول:

اني منحت صالحا سنانيا++

اجبته بالرمح إذ دعانيا

لفارس امنحه طعانيا++

ثم شد على الاشتر بالرمح فلما رهقه

___________________________________

رهقه: دنا منه. التوى الاشتر عن فرسه فإذا هو ببطن فرسه فسار السنان فاخطأه، ثم استوى على فرسه وشد عليه بالرمح أو السيف وهو يقول:

___________________________________

في وقعة صفين: لنصر بن مزاحم ص 175 وفيه: ومار السنان فاخطأه.

خانك رمح لم يكن خوانــا++

وكان قدما يقتل الفرسانا

___________________________________

وقعة صفين: 174.

بوأته

___________________________________

قال ابن الاثير في النهاية: 'أن رجلاً بوأ رجلاً برمحه' أي سدده قبله وهيئه له. لخير ذي قحطانا++

لفارس يخترم الاقرانــا

اشتر لا ذعلا ولا جبانا

___________________________________

في |و|: 'ذغلاً' وفي وقعة صفين 'وغلاً' ولعله هو الصحيح، والوغل: الضعيف النذل الساقط.++

وضرب الشامي وقتله ثم خرج إليه رياح بن عبيدة الغساني وهو يقول:

اني زعيم مالك بضرب++

بذي عرانين جميع القلب

عبل الذراعين شديد الصلب++

فقال الاشتر:

رويد لا تجـزع من الجلاد++

جـلاد شخـص جامع الفؤاد

يجيب في الروع دعا المنادي++

يشد بالسيف علــى الاعادي

وشد على الشامي فقتله ثم خرج إليه إبراهيم بن الوضاح الجمحي وهو ينشد ويقول:

هل لـك يا أشتر في برازي++

براز ذي غشم

___________________________________

في |و|: ذي عشمشم. وذي اعتزاز

مقاوم لقرنه لزاز

___________________________________

اللزاز: الشديد الخصومة، اللزوم لما يطالب، ويقال ايضاً لزه لزاً: طعنه.++

فخرج إليه الاشتر وهو يقول:

نعم نعم أطلبــه شديداً++

معي حسام يقصم الحديدا

يترك هامات العدى حصيدا++

وقتل الشامي ثم خرج إليه زامل بن عتيك الحزامي وهو من أصحاب الألوية وهو ينشد ويقول:

هل لك في طعن غلام محرب

___________________________________

المحرب والمحراب: الشديد الحرب الشجاع.++

يحمــل رمحــاً مستقيم الثعلب

ليس بحياد ولا مغلب++

وطعن الاشتر في موضع الجوشن فصرعه فلم يصب منه مقتلا بل صرعه إلى الارض، فشد عليه الاشتر فكشف قوائم الفرس بالسيف وهو يقول:

لابد من قتلى أو من قتلكا++

قتلت منكم خمسة من قبلكا

وكلهم كانوا حماة مثلكا++

وقتل الشامي،

___________________________________

وقعة صفين: 176. ثم خرج إليه الأجلح بن منصور الكندي ـ وكان من أعلام العرب وفرسانها ـ فلما استقبله الاشتر كره لقاءه واستحيا أن يرجع عنه فخرج إليه الأجلح وقال:

إذا دعاني القرن لم اعول

___________________________________

التعويل: رفع الصوت بالبكاء والصياح.++

أمشي إليــه بحسـام مصقل

مشيا رويداً غير ما مستعجل++

يختــرم الآخـر بعد الأول

فشد عليه الاشتر وهو يقول:

بليت بالأشتر ذاك المذحجي++

بفارس في حلـق مدجــج

كالليث ليث الغابة المهيـج++

إذا دعـاه القـرن لم يعرّج

وضرب الاجلح فقتله ثم خرج إليه محمد بن روضة الجمحي وهو يضرب في أهل العراق ضرباً منكراً وهو ينشد ويقول:

يا ساكني الكوفة يا أهل الفتن++

يا قاتلي عثمان ذاك المؤتمـن

ورث قلبي قتله طول الحزن

___________________________________

وقعة صفين: ص 177.++

وبرز إليه الاشتر وقتله.

ثم حمل الأشعث وقتل الأشعث من أهل الشام خمسة، ثم حمل الأشعث وقال للأشتر: اقح الخيل وحسر

___________________________________

حسر الشيء عن الشيء: ازاله فانكشف ـ "المعجم الوسيط" والمراد هنا أنه جرد رأسه. عن رأسه، وقال: يا أهل الشام خلوا عن الماء، فقال أبو الأعور: لا والله حتى تأخذنا وإياكم السيوف، فقال الاشعث: أظنها والله قد دنت.

وقال الاشتر:

خلوا لنا عن الفرات الجاري++

أو اثبتوا للجحفل الجــرار

بكل قرن مستميت شارى

___________________________________

الشاري: البائع: الذي يبيع نفسه ولذلك سمى الخوارج 'شراة' لأنهم زعموا أنهم باعوا انفسهم لله بالجنة.++

مطاعــن برمحه كــرار

ضراب هامات العدى مغوار++

واقحم الاشتر في الفرات خيله ووقف على الشط وهو يقول للرجالة: املأوا القرب فملاؤها فانصرفوا وهو واقف مكانه وهو يقول:

لا تدركوا

___________________________________

كذا في الاصل وفي وقعة صفين لا تذكروا ولعل الاخير هو الانسب. ما قد مضى وفاتا++

الله ربي يبعث الامواتــا

من بعد ما صاروا كذى رفاتـا++

لأوردن خيلـى الفراتــا

شعث النواصي أو يقال ماتا

___________________________________

الابيات هذه في وقعة صفين: 179 ـ مروج الذهب 3: 376.++

قال رضى الله عنه: يقال نسفت الريح التراب والله ينسف الجبال، والابل تنسف الكلأ بمقاديم افواهها: تقلعه، ونسفوا البناء: قلعوه من اصله، ونسفت قوائم الفرس من هذا.

ووجه أبو الأعور إلى معاوية رسولا بخبر الماء واستمده، فعظم على معاوية ذاك وقال لعمرو بن العاص: سر إلى أبي الاعور مددا، قال عمرو: وما ينفع مددى وقد أخذوا الماء، وإنما انفذه معاوية لدهائه وخدعه، فألح عليه حتى خرج عمرو إلى أبي الاعور ومعه ثلاثة آلاف رجل، فلما لحق عمرو بصاحبه، قال الاشتر: جاءهم مدد ولكن يا أصحابي إبشروا فانا على الحق، والباطل زاهق واستأمن رجل منهم إلى الاشتر، فقال له الاشتر: من صاحب المدد؟ قال: هو عمرو بن العاص، فنظر الاشتر إليه وكان عمرو لبس فوق درعه خفتاناً

___________________________________

خفتان: ضرب من الثياب ـ فارسية. أحمر وهو شاهر سيفه فقال له الاشتر: ويلك يابن العاص أهرب إلى الصياصي

___________________________________

الصياصي جمع الصيصية: كل ما يتحصن به المفردات للراغب. ثم حمل الاشتر على عمرو فاتقاه بالحجفة

وانهزم عمرو وزعق

___________________________________

الحجفة: الترس من جلد بلا حسب. أصحاب أبي الاعور جميعاً فأخذوا في الحرب، ثم حمل الاشعث بن قيس عليهم في ستة آلاف رجل جامين

___________________________________

جامين، من جم القوم: استراحا، وفي حديث ابي قتادة: فأتى الناس الماء جامين رواء أي مستريحين قد رووا من الماء ـ لسان العرب. مستريحين واشتدت المناجزة والمكافحة، فأرسل الاشتر إلى أبي الاعور: أن ابرز إلي، فبرز إليه لكثرة ما دعاه الاشتر إليه وعليه درع مذهب وبيضة

___________________________________

البيضة: الخوذة. عادية، فوقفا وتحدثا، وخمدت الاصوات فقال له الاشتر: اتعرفنى يا أبا الاعور؟ كم مرة دعوتك ان تبرز إلي فالآن برزت إلي فلأوردنك حياض الموت ولأذيقنك ما كنت تهرب منه؟ قال أتهددني وانا قاتل الشجعان ومبيد الاقران؟ قال فابرز إلي لترى صولة الرجال فتقهقرا ليحمل كل واحد منهما على صاحبه، وعمرو ينظر إليهما، فحمل الاشتر عليه فضربه على بيضته فقطع أنف البيضة ووقع السيف في وجنته فدمي وجهه، وهرب أبو الأعور وحمل الاشعث وانهزم عسكر أبي الاعور وعمرو بن العاص.

قال رضي الله عنه: يقال زعق به: صاح صيحة مفزعة.

قال أبو هاني بن معمر: رأيت اعرابياً يخوض في الماء وهو يقول:

أيعطش القوم وفينا الاشعث++

واشتر الخيرات ليـث يلهث

قال رضي الله عنه: روى ان الاشتر كان يخطب ويقول: اثبتوا في مواضعكم واقيموا صفوفكم، فلما كتب الكتائب ورتب الصفوف، اقبل علينا بوجهه فحمد الله واثنى عليه وصلى على نبيه ثم قال: أما بعد فقد كان سابقا في علم الله اجتماعنا في هذه البقعة من الارض لآجال اقتربت وامور تصرفت وآمال تصرمت يسوسنا سيد الاوصياء ويرأسنا ابن عم خير الانبياء وامامنا المؤيد بنصر الله من السماء وسيف من سيوف الله، ورئيسهم بن

آكلة الاكباد يسوقهم إلى النار والشقاء ونحن نرجو الثواب وهم ينتظرون العقاب فإذا حمى الوطيس وجبن الرئيس وثار القتال وطال العتاب والملام والتقت حلقتا البطلان وتقصف المران

___________________________________

تقصف: ازدحم، والمران تثنية المر بتشديد الراء وهو الحبل. وجالت الخيل بالابطال وبلغت النفوس الآجال فلا استمع الاغماغم الفرسان وهماهم الشجعان كان الله ولينا، وعلي امامنا والنصر لواؤنا، أيها الناس، غضوا الابصار وعضوا على النواجذ والاضراس فانها أشد لشؤون الرأس واستقبلوا القوم بهامكم وخذوا قوائم سيوفكم بأيمانكم، واطعنوا الشرسوف

___________________________________

الشرسوف: اطراف الضلع المشرف على البطن ـ النهاية. الايسر فانه مقتل وشدوا شدة قوم موتورين بدينهم ودماء اخوانهم حنقين

___________________________________

الحنق بفتح الحاء وكسر النون: الحاقد والمغتاظ. على عدوهم قد وطنوا على الموت أنفسهم لئلا تسبقوا بثار ولا تلحقوا في الآخرة، بنار، واعلموا ان الفرار من الزحف مسبة، وفيه الخزى والمذمة إلى يوم القيامة والوقوف محمدة والحمد أفضل من الذم، اعاننا الله وإياكم على طاعته واتباع مرضاته ونصر أوليائه وقهر أعدائه أنه خير معين.

قال رضي الله عنه: ثم لما أنهزم أبو الأعور واصحابه ونزلت مقدمة علي رضي الله عنه على مشرعة الفرات أخبر الاشعث عليا رضي الله عنه بذلك فنهض مع عسكره ونزل عند مقدمته، ثم قال معاوية لعمرو: ما ظنك بعلى ايمنعنا الماء؟ قال: إنه لا يستحل منك ما استحللته منه، وقال له معاوية قولا أغضبه فأنشأ عمرو يقول:

امرتـك امـراً فسخفتـه++

وخالفنـي ابن أبي سرحه

___________________________________

يريد به عبد الله بن سعد بن أبي سرح وقد تصرف في الاسم للشعر.

فكيف رأيت كباش العراق++

ألم ينطحوا جمعنـا نطحــه

أظن لها اليوم ما بعدهــا++

وميعاد ما بيننــا صبحــه

فان ينطحونا غـدا مثلهــا++

نكــن كالزبيـر أو طلحه

وان أخروها إلــى مثلهــا++

فقد قدموا الخبط والنفحة

___________________________________

الخبط: الضرب الشديد، والنفحة: الدفعة من العذاب.

وقد شرب القوم ماء الفـرات++

وقلـدك الاشعث الفضحـه

ثم ان معاوية ارسل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام اثنى عشر رجلا في طلب الماء

___________________________________

الامامة والسياسة 1: 105. قأتوا علياً عليه السلام فخرج علي عليه السلام وعليه رداء رسول الله صلى الله عليه وآله ونصب له كرسي، فجلس عليه ثم تكلم من الشاميين حوشب، فقال: ملكت فاسجح وعد علينا بالماء واعد عما سلف من معاوية، وقال رجل من الشاميين ـ اسمه مقاتل بن زيد العكي ـ: يا أمير المؤمنين، وامام المسلمين وابن عم رسول رب العالمين ان معاوية يعتل بدم عثمان، والله ما يطلب بذلك إلا الملك والسلطان، والله يعلم اني احبك وان كنت من أهل الشام، والله لا ارجع إلى معاوية بل اخدمك واكون أول مبارز، عسى اقتل بين يديك، فان القتل في طاعتك شهادة، ثم حمد الله أمير المؤمنين عليه السلام واثنى عليه بما هو أهله، وصلى على رسوله محمد وآله الطيبين، ثم قال: معاشر الناس انا أخو رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيه ووارث علمه، خصني وحبانى بوصيته واختارني من بينهم وزوجني ابنته بعدما خطبها عدة فلم يزوجهم وانما زوجنيها بأمر ربه تعالى فوهب لي منها ذرية طيبة، فمن اعطى مثل ما اعطيت، أنا الذي عمي سيد الشهداء واخى يطير مع الملائكة حيث يشاء بجناحين مكللين بالدر والياقوت، انا صاحب الدعوات، انا صاحب النقمات، انا صاحب الآيات العجيبات، انا قرن من حديد، انا ابداً جديد، أنا أبو الأرامل واليتامى، انا مبير الجبارين وكهف المتقين وسيد الوصيين وأمير المؤمنين وحبل الله المتين والكهف الحصين والعروة الوثقى التي لا انفصام لها والله سميع

عليم. قولوا لمعاوية ليشرب وليسق دوابه لا يمنعه مانع ولا يحول بينه وبينه.

وروى ان حريثا مولى معاوية كان شجاعاً بطلا يعده معاوية لكل شديدة، وقد ابلى في فتح عسقلان وقتل عدة من الشجعان، وكان يركب فرس معاوية ويلبس لباسه وسلاحه، فيظن الناس أنه معاوية وكان الشقي يتمنى مبارزة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وكان معاوية ينهاه عن مبارزته ضناً به

___________________________________

في المطبوع: صيانة له. فقال في اليوم الثالث من حروب صفين لمعاوية: ان انا قتلت علياً أتقلدني ولاية الطبرية؟ فقال معاوية: لا تبارز عليا، وعليك بالاشتر، فان أنت قتلته فقد كفيت واغنيت، فأما علي فلا تبارزه فان لي نابين: أحدهما أنت والآخر عبد الرحمان بن خالد بن الوليد، وان فجعت بك لم أجد بدلاً منك، فجانب عليا فسمع بذلك عمرو بن العاص فخلا بحريث وقال له انت لو كنت قرشياً ما نهاك معاوية عن مبارزة علي، ولاحب أن تقتل عليا وتريحه منه ولكنه يكره أن يقتل ابن عمه مولاه فان وجدت فرصة فاقحم، فان حظها لك، فلما خرج علي عليه السلام أمام الخيل انبرا له حريث فحمل عليه علي عليه السلام وهو يقول:

أنا علي وابــن عبد المطلــب++

نحن وبيت الله أولــى بالكتب

منا النبي المصطفـى غير الكذب++

أهـل اللواء والمقام والحجـب

نحن نصرنــاه على جل العرب++

يا أيها العبد الغرير المنتدب

___________________________________

الغرير: المخدوع.

اثبت لها يا أيها الكلب الكلب

___________________________________

وقعة صفين: 272.++

فقيل: يا أمير المؤمنين تبرز إلى هذا الكلب؟ قال: والله انه لأعظم عناء من معاوية، فضربه على رأسه فسقط قتيلا على هامته، فجزع عليه معاوية جزعاً شديداً وقال: يا عمرو ما أنصفته حين أمرته بأمر كرهته لنفسك وانشأ معاوية يقول:

حريث ألم تعلم وعلمك ضائــر++

بـأن عليـاً للفـوارس قاهــر

وان عليــا لا يبـارز فارســا++

من النــاس إلا أحرزته الا ظافر

أمرتك أمــرا حازمـاً فعصيتني++

فجــدك إن لم تقبل النصح عاثر

ودلاك عمرو والحـوادث جمــة++

فلله مـا جــرت عليـك المقادر

فظن حريث أن عمرا نصيحــه++

وقد يدرك الإنسان ما قد يحاذر

___________________________________

وقعة صفين: 273.

وروى أن الاشتر خرج في اليوم السادس من حروب صفين وهو يقول:

في كل يوم هامتي موقـرة++

يا رب جنبني سبيل الفجرة

واجعل وفاتي بأكف الكفرة++

لا تعدل الدنيا جميعا وبرة

ولا بعوضا في ثواب البررة++

فبرز إليه عبيدالله بن عمر بن الخطاب وهو يقول:

أنعى ابن عفان وأرجو ربي++

ذاك الذي يخرجني من ذنبي

قتل ابن عفان عظيم الخطب++

ولم يعلم الاشتر من هو؟ فقال له: من أنت؟ قال عبيدالله بن عمر، قال الأشتر: بئس ما اخترت لنفسك يابن عمر، هلا اعتزلت كما اعتزل أخوك أو سعيد بن مالك؟ وان كنت خفت القصاص بدم الهرمزان فهلا هربت إلى مكة؟ فقال: خل عن الخطاب والعتاب، وحمل كل واحد منهما على صاحبه فتضاربا وتكافحا صدرا من النهار، ثم انصرف عنه ابن عمار وعذله بذلك عمرو بن تميم بن وهب التميمي، وخرج هو إلى الاشتر وهو يظن انه يقتله، فتطاعنا، فطعنه الاشتر برمحه فاخرج سنان رمحه من ظهره وخر عمرو على وجهه واقتتل الناس قتالا شديداً حتى كاد يذبح بعضهم بعضاً، وتكادموا بالافواه وكان فيه بوار القوم وفي اليوم السابع خرج القوم للقتال، وابو الهيثم بن التيهان نقيب رسول الله يسوي صفوف أهل العراق،

فخرج إليهم عبد الرحمان بن خالد بن الوليد وهو يقول:

___________________________________

وقعة صفين: 395 وفيه: فاستقبله جارية بن قدامة السعدي.

أنا ابن سيف الله ذاكم خالد++

أضرب كـل قــدم وساعد

بأبيض مثل الشهاب واقـد++

بالجهد لا بل فوق جهد الجاهد

ما أنا عما نابنـي براقـد++

أنصـر عمي ان عمي والدي

فحمل عليه حارثة بن قدامة السعدي وهو يقول:

اصبر لصدر الرمح يابن خالد++

اصبر لليث مشبــل مجاهــد

من أسد خفان شديد الساعــد++

أنصــر خيــر راكع وساجد

من حقه عندي كحق الوالـدي++

ذاك علــي كاشــف الاوابـد

فاطعنا ساعة ثم رجع عنه حارثة ومر ابن خالد لا ياتي على شيء إلا هذه حتى أتى رايات مذحج وهو يقول:

انى إذا ما الحرب فرت عن كشر

___________________________________

الكشر بكسر الاول وفتح الثاني: جمع الكشر: التنمر والارعاد كالسبع. وكثر العدد عن أنيابه: تنمر وأوعد كانه سبع. "المعجم الوسيط".++

تخالني أخزر مــن غيــر خــزر

اقحم والخطى في النقــع كســر++

كحية صمــاء في أصــل الحجـر

أحمل ما حملت من خير وشر++

وتحاماه الناس وصاح عمرو بن العاص أن أقحم يابن سيف الله فانه الظفر فاجتلد الناس جلاداً شديداً وغم ذلك عليا عليه السلام فقال القوم للأشتر: يوم من أيامك الاول، فقد بلغ لواء معاوية حيث ترى فأخذ الاشتر لواءه ثم حمل وهو يقول:

إني أنا الاشتر معروف الشتر++

إني أنا الافعى العراقـي الذكر

___________________________________

الشتر: انقلاب جفن العين من أعلى وأسفل وتشنجه.

ولست من حي ربيع أو مضر++

لكننـي من مذحج الحي الغرر

___________________________________

وقعة صفين: 396 وربيع: مرخم ربيعة لغير نداء.

فضرب القوم فلم يلبثوا له بل انكشفوا عنه حتى رجعوا إلى عسكر معاوية وضرب عبد الله بن بديل الخزاعي وهو من فرسان علي عليه السلام المشهورين المذكورين بسيفه في ذلك اليوم حتى قتل احد عشر رجلاً وخرج من أهل الشام جماعة وكان يمسح سيفه على عرف فرسه وهو يقول:

لا تحبطن يا إلهـى أجــرى++

وعجلـن يا رب لابــن صخر

نار لظى لا يشترك في أمري++

إن ينـج منى ينقصم من ظهري

ويا لها من غصة في صدري++

'قال رضي الله عنه': يقال كسفت الشمس وكسفها الله تعالى، وكسف البعير، وكرسفه: عرقبه، والأوابد، بقر الوحش، جمع أبدة وأبدت الدواب وتأبدت: توحشت وهي أوابد ومتأبدات وفرس قيد الاوابد وتأبد المنزل: سكنته الأوابد وتأبد فلان: توحش وقولهم فلان مولع باوابد الكلام واوابد الشعر وهي غرائبه التي لا تشاكل جودة قال الفرزدق:

لن تدركوا كرمي بلوم ابيكم++

واوابدى يتخيــل الاشعـار

ودعا معاوية الأحمر في هذا اليوم مولى أبي سفيان وكان شجاعاً بطلاً وحثه على قتل الاشتر أو عبد الله بن بديل، فقال الأحمر،: إن علياً لا يقتله غيري، فقال معاوية: مهلاً يا أحمر، لا تبارز علياً. وبرز الأحمر ونادى: اين ابن أبي طالب؟ فصاح عليه صعصعة بن صوحان وقال: لعن الله ابن آكلة الاكباد، حيث أمرك بمناجزة خير العباد، فقال الأحمر: انما تقولون هذا جبنا، فبرز إليه شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له الاحمر: من أنت فاني لا أقاتل إلا اشجعكم، فعرفه شقران نفسه فحمل عليه الاحمر فضربه فقتله وثبت مكانه وقال: ليبرز إلي على لينظر حملتى وضربتي فصاح عليه القوم وقالوا: تنح أيها الكلب فما أنت بكفو علي أمير المؤمنين، فقال الاحمر: والله لا انصرف إلا مع رأس علي أو أموت دونه، فبرز إليه أمير المؤمنين وحمل عليه فاخذ بعضده وجذبه ثم رمى به من يده على الارض

فحطمه حطما،

___________________________________

وقعة صفين: 249 و315. وتولول الناس وشتموا أهل الشام، فقال أمير المؤمنين في أهل الشام: من فيهم خير وماكلهم يرضى بفعل معاوية، فعودوا السنتكم ذكر الله، واستكثروا من قول 'لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم' ثم خرج من عسكر معاوية

___________________________________

وقعة صفين: 249 و315. كريب بن أبرهة من آل ابن ذي يزن وكان مهيباً قوياً يأخذ الدرهم فيغمزه بابهامه فيذهب بكتابته فقال له معاوية: ان عليا يبرز بنفسه وكل احد لا يتجاسر على مبارزته وقتاله، قال كريب: أنا أبرز إليه، فخرج إلى صف أهل العراق ونادى: ليبرز الي علي، فبرز إليه مرتفع بن وضاح الزبيدى فسأله من أنت؟ فعرفه نفسه فقال: كفو كريم وتكافحا فسبقه كريب فقتله ونادى: ليبرز الي أشجعكم أو علي، فبرز إليه شرحبيل بن بكر وقال لكريب: يا شقي ألا تتفكر في لقاء الله ورسوله يوم الحساب عن سفك الدم الحرام، قال كريب: إن صاحب الباطل من آوى قتلة عثمان ثم تكافحا فقتله كريب،

___________________________________

وقعة صفين: 249 و315. ثم برز إليه الحرث بن الجلاح الشيباني وكان زاهدا صواما قواما وهو يقول:

هذا علي والهدى حقا معه++

نحن نصرناه على من نازعه

ثم تكافحا فقتله كريب فدعا علي عليه السلام ابنه العباس ـ وكان تاما كاملا من الرجال فأمره بأن ينزل عن فرسه وينزع ثيابه، ففعل فلبس علي عليه السلام ثيابه وركب فرسه والبس ابنه العباس ثيابه وأركبه فرسه لئلا يجبن كريب عن مبارزته، فلما هم علي بذلك جاءه عبد الله بن عدى الحارثى وقال: يا أمير المؤمنين بحق امامتك فائذن لى أبارزه، فإن قتلته وإلا قتلت شهيداً بين يديك، فاذن له علي فتقدم إلى كريب وهو يقول:

هذا علـي والهدى يقوده++

من خير عيدان قريش عوده

لا يسأم الدهر ولا يؤوده++

وعلمه معاجــز وجـوده

فتصارعا ساعة، ثم صرعه كريب، ثم برز إليه علي عليه السلام متنكراً وحذره بأس الله وسخطه، فقال له كريب: اترى سيفي هذا؟ لقد قتلت به كثيراً مثلك، ثم حمل على علي بسيفه فاتقاه بحجفته، ثم ضربه علي عليه السلام على رأسه فشقه حتى سقط نصفين وقال:

النفس بالنفس والجروح قصاص++

ليس للقــرن بالضراب خلاص

بيدي عند ملتقـى الحرب سيـف++

هاشـمــي يزينـه الاخـلاص

مرهف

___________________________________

المرهف: المحدد ـ لسان العرب. الشفرتين أبيض كالملح++

ودرعي من الحديــد دلاص

___________________________________

الدلاص: اللين البراق ـ لسان العرب.

ثم انصرف أمير المؤمنين عليه السلام وقال لابنه محمد: قف مكاني فان طالب وتره يأتيك، فوقف محمد عند مصرع كريب فاتاه احد بني عمه وقال: اين الفارس الذي قتل ابن عمي؟ قال محمد: وما سؤالك عنه، فانا أنوب عنه، فغضب الشامي وحمل على محمد، وحمل عليه محمد فصرعه، فبرز إليه آخر فقتله حتى قتل من الشاميين سبعة، فأتاه شاب وقال لمحمد: أنت قتلت عمي واخوتي، فبرزت اليك لأشفي صدري منك أو الحق بهم؟ وقال:

ومن للصباح ومن للرواح++

ومن للسلاح ومن للخطب

ومن للسعاة ومن للكمـاة++

إذا ما الكماة جثت بالركب

ثم تكافحا ملياً فضربه محمد فصرعه. وروى ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال للأشتر: ان احداً لا يبرز إلي ولا إليك فأنا احمل على الميمنة وتحمل على الميسرة، وكان في ميمنة معاوية نحو من عشرة آلاف فارس، فحمل علي عليه السلام فانهزموا، قال:

ألم تر أنــى في الحــروب مظفر++

هزبر الوغى في حومة الموت حيدر

اقيم على الابطال في الحـرب مأتمـاً++

واقتـل الفا ثـم الفــا واخطــر

أدير رحى منصوبة في ثفالهــا++

رؤوس غطاء الشعر فيها معصفر

وحمل الاشتر على الميسرة كذئب في غنم، فنكص الناس عنه وشد عليه رجل من أهل الشام فضربه، وقابله الاشتر بحجفته، وشد عليه الاشتر فصرعه وقال الاشتر:

الم تر أني في المعــارك اشتر++

أفلــق هامات الليـوث وانعـر

أمثلى ينادى في القتـال جهالـة++

لقيت حمـام الموت والموت أحمر

ضربتك ضرباً مثل ضرب امامنا++

علــي أميــر المؤمنين واعذر

'قال رضي الله عنه': الثفال نطع أو غيره، يبسط تحت الرحى عند الطحن يقال: لأعركنك عرك الرحى بثفالها فهو في محل الحال كانه قال عرك الرحى مطحوناً بها، وتبرذعت فلانا وتثفلته أي جعلته تحتي بمنزلة البرذعة.

'قال رضي الله عنه': وروى ان في اليوم العاشر من حروب صفين اقتتل الناس قتالا شديداً حتى عانق الرجال الرجال، وانهزم طائفة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وأمير المؤمنين واقف ينظر إليهم وركض الاشتر في آثارهم يستردهم ويقول اما تستحيون؟ تدعون أمير المؤمنين عليه السلام وسيد المسلمين، واقبل أمير المؤمنين ومعه الحسن والحسين ومحمد إبنه ومحمد بن أبي بكر وعبد الله بن جعفر حتى صار إلى رايات ربيعة والنبل يقع عليه، فقال له ابنه محمد: يا ابة لو بادرت إلى هذه الرايات فان فيها بقية وهذا النبل كما ترى؟ فقال: يا بني ان لأبيك يوماً لن يعدوه، ثم صاح بصوت عالى جهير كغير المكترث بما فيه الناس: لمن هذه الرايات؟ قالوا: رايات ربيعة، قال: بل هي رايات الله، عصم الله أهلها وثبت أقدامهم وكانت في ميسرة أمير المؤمنين عليه السلام، فجلس إليهم فثاروا إليه وقالوا هذا أمير المؤمنين عليه السلام، قد صار الينا والله لئن اصيب فينا انه لعار الأبد، ثم قال للحصين بن المنذر وهو شاب: يافتى الا تدنى رايتك هذه

ذراعاً، فقال ادنيها والله عشرة اذرع فادنيتها، فقال لي: حسبك مكانك، ثم انشأ الحصين بن المنذر يقول:

لمن راية حمــراء يحقق ظلهــا++

إذا قيل قدمهــا حصين تقدمــا

ويقحمها في الصف حتى يزيرها

___________________________________

يزبرها: يسوقها إليه.++

حمام المنايا تقطر الموت والدمــا

تراه إذا ما كــان يـوم عظيمــة++

ابى فيــه إلا عــزة وتكـرمـا

جزى الله قومــا صابروا في لقائهم++

لدى البأس خيرا ما اعطف واحرما

واكرم صبراً حين يدعـى إلى الوغى++

إذا كـان اصوات الرجال تغمغمـا

ربيعــة أعني أنهـم أهــل نجدة++

وبأس إذا لاقــوا خميساً عرمرما

ونادت جــذام آل مذحـج ويحكـم++

جــزى الله شـراً أينا كان اظلما

أما تتقـون الله فـي حرمـاتـكــم++

ومــا قرب الرحمان منها وعظما

اذقنا ابن هند طعننــا وضرابنــا++

بأسيافنــا حتــى تولى واحجما

وانصرف الناس مع الاشتر وهم يعتذرون واقتتلوا واشتجر

___________________________________

اشتجر: اشتبك. لسان العرب. القتال فطحطحوا أهل الشام إلى ان حجز بينهم الليل.

'قال رضي الله عنه': يقال ثار العسكر من مركزه، وثار القط من مجاثمه والتقوا، فثار هؤلاء في وجوه هؤلاء وثاوره وساوره: واثبه. يقال: تغمغم الفريق، والتغمغم: الكلام الذي لا يتبين، والغمغمة: أصوات الثيران عند الذعر، واصوات الأبطال عند القتال، والخميس: الجيش، والعرمرم: الكبير ويقال: طحطح الشيء: إذا فرقه أهلاكا.

قال رضي الله عنه: وروى أنه برز في اليوم التاسع عشر من أصحاب معاوية عثمان بن وائل، وكان يعد بمائة فارس وله أخ يسمى حمزة يعدهما معاوية للشدائد وجعل عثمان بن وائل يلعب برمحه وسيفه، والعباس بن الحارث بن عبد المطلب ينظر إليه مع سليمان بن صرد الخزاعي فقال

لسليمان: أنا ابرز إليه وقد نهاني أمير المؤمنين عليه السلام وفي قلبي أني اقتله، فبرز إليه وقال:

بطل إذا غشي الحـروب بنفســه++

كانــت وحادتـه كحملة عسكــر

بطل إذا أفترت نواجــذ وقعــة++

حصد الرؤوس كحصد زرع مثمر

___________________________________

افترت: تلألأت. وافتر البرق: تلألأ وهو فوق الانكال في الضحك والبرق. لسان العرب.

فتكافحا مليا، فلم يظفر أحدهما بصاحبه فقال سليمان للعباس: ألا تجد فرصة عليه؟ فقال: فيه شجاعة ثم ضربه بعد ذلك العباس فرمى برأسه ووقف مكانه، فبرز إليه أخوه حمزة فأرسل إليه علي عليه السلام فنهاه عن مبارزته وقال له: انزع ثيابك وناولني سلاحك وقف مكاني وأنا أخرج إليه، فتنكر علي وخرج إلى حمزة فظن حمزة انه العباس الذي قتل أخاه، فضربه علي عليه السلام فقطع ابطه وكتفه ونصف وجهه ورأسه فتعجب اليمانيون من تلك الضربة وهابوا العباس وبرز إلى علي عليه السلام عمرو بن عنبس اللخمى وكان شجاعاً فجعل يلعب برمحه وسيفه، فقال علي عليه السلام: هلم للمكافحة، فليس هذا وقت اللعب، فحمل عمرو على علي عليه السلام حملة منكرة فاتقاها بحجفته ثم ضربه علي وسطه فبان نصفه وبقى نصفه على فرسه فقال عمرو بن العاص: ما هذه إلا ضربة علي فكذبه معاوية فقال له عمرو: قل للخيل تحمل عليه، فان ثبت مكانه فهو علي بن أبي طالب، فحملوا عليه فثبت لهم ولم يتزعزع ثم حمل عليهم فجعل يقتلهم حتى قتل منهم ثلاثة وثلاثين رجلا، فقال الاشتر: يا أمير المؤمنين لا تتعب نفسك، فقال علي عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله اكرم الناس على الله تعالى وقد قاتل بنفسه يوم أحد ويوم حنين ويوم خيبر، ولو أن معاوية وعمرا برزاً إلي لتخلص شيعتي مما يقاسونه، فقال الاشتر: بحق قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله فانصرف وأنا أحاربهم اليوم فاذن

له علي عليه السلام في ذلك فقال الاشتر:

لقيت وفرى وانحرفت عن العلى++

ولقيت أضيافي بوجه عبــوس

ان لم أشن على ابن هنـد غـارة++

لـم تخـل يوما من نهاب نفوس

خيلا كأمثال السعالــى شزبا

___________________________________

السعالى جمع سعلاة: سحرة الجن والشزب جمع شازب: المتغير اللون للضامر.++

يعدو ببيض في الكريهة شوس

___________________________________

الشوس: جمع الاشوس والشوساء، المتكبر ـ لسان العرب.

حمى الحديــد عليهـم فكـأنـه++

ومضـان بـرق أو شعاع شموس

ونادى: ليبرز إلي معاوية، فقال لست بكفوي قال الاشتر فابرز إلى صاحبي فانه سيد قريش والعرب كلهم، فدع التعلل ثم دعا معاوية، جندب بن ربيعة وكان خطب إلى معاوية ابنته فرده فقال له عمرو بن العاص: ان قتلت الاشتر زوجك معاوية ابنته 'رملة' فبرز إليه جندب فقال له الاشتر: من أنت وكم ضمن لك معاوية على مبارزتي؟ قال: يزوجني ابنته بقتلك، فانا الآن آتيه برأسك، فضحك الاشتر وحمل عليه جندب برمحه فاخذه الاشتر تحت ابطه، فجعل جندب يجتهد في جذبه فلم يمكنه حتى ضرب الاشتر رمحه فقده نصفين وهرب جندب فضربه الاشتر بسيفه فصرعه، ثم حمل الاشتر فضاربهم حتى ازال عمرو بن العاص عن موقفه وانكشف أهل الشام وأفضى الاشتر إلى معاوية، فخرج رجل من بنى جمع فضارب عن معاوية حتى انقذه وكاد الاشتر يصلى إليه وحجز بينهم الليل. قال رضي الله عنه: شن الماء على وجهه صبه صباً متفرقاً، وشن عليهم الغارة: فرقها، وشنت العين: دمعها. والسعالى: جمع السعلاة وهي الغول، ومن المجاز نعوذ بالله من هؤلاء السعالى، يريد النساء الصخابات، وقد استسعلت فلانة كما تقول استكلبت واسعله الخصب،

___________________________________

الخصب بكسر الاول: النماء والبركة وفي المطبوع مكان الخصب، الصخب. ويقال فرس شازب

وخيل شزب وقد شزب شزوباً وهي الضمر، ويقال: رجل اشوس وامرأة شوساء وقوم شوس وفيه شوس وهو النظر بشق العين، وقيل أن يصغر العين ويضم الأجفان.

قال رضي الله عنه: وروى ان في اليوم السادس والعشرين من حروب صفين قتل أبو اليقظان عمار بن ياسر وأبو الهيثم بن التيهان نقيب رسول الله صلى الله عليه وآله ورضى عنهما.

روى أن الحرث بن ياقور أخا ذي الكلاع برز إلى عمار فضربه عمار فصرعه وكان يقتل كل من بزر إليه عمار وينشد:

نحن ضربناكم على تنزيلـه++

فاليوم نضربكم على تأويله

ضربـا يزيل الهام عن مقيله++

ويذهـل الخليل عن خليله

أو يرجع الحق إلى سبيله++

واستسقى عمار فاتى بلبن في قدح فلما رآه كبر، ثم شربه وقال: ان النبي صلى الله عليه وآله قال لي: آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن

___________________________________

الامامة والسياسة 1: 126 ووقعة صفين: 340. وتقتلك الفئة الباغية، وهذا آخر ايامي من الدنيا، ثم حمل واحاط به أهل الشام واعترضه أبو العادية الفزاري وابن جوني

___________________________________

ابن جونى ـ في ضبط هذا الاسم اختلاف كثير. راجع وقعة صفين ص 341. السكسكي، فأما أبو العادية فطعنه، وأما ابن جونى فاحتز رأسه وقد كان ذو الكلاع سمع عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعمار بن ياسر يابن سميه تقتلك الفئة الباغية، كان ذوالكلاع وتحت أمره ستون الفا من الفرسان، يقول لعمرو بن العاص ويحك أنحن الفئة الباغية؟ وكان في شك من ذلك فيقول عمرو: إنه سيرجع الينا، واتفق أنه اصيب ذو الكلاع يوم اصيب عمار فقال عمرو: لو بقى ذوالكلاع لمال بعامة قومه ولأفسد علينا جندنا، وقتل

أبو الهيثم وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رأى ذلك عبد الله بن عمرو بن العاص قال لأبيه: اشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعمار: تقتلك الفئة الباغية، فقال عمرو لمعاوية: ألا تسمع إلى ما يقول ابن اخيك، واخبره بالحديث، فقال معاوية: صدق رسول الله أنحن قتلنا عمارا، انما قتله من جاء به فألقاه تحت رماحنا وسيوفنا، وفرح بقتل عمار أهل الشام، وقال معاوية: قتلنا عبد الله بن بديل وهاشم بن عتبة وعمار بن ياسر، فاسترجع النعمان بن بشير وقال: والله إن كنا نعبد اللات والعزى، وعمار يعبد الله ولقد عذبه المشركون بالرمضاء وغيرها من الوان العذاب

___________________________________

في |و|: انواع العذاب. وكان يوحد الله ويصبر على ذلك.

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: صبرا يا آل ياسر، موعدكم الجنة وقال: ان عماراً يدعو الناس إلى الجنة ويدعونه إلى النار.

وقال ابن جونى من أهل الشام: انا قتلت عماراً، فقال له عمرو بن العاص: ماذا قال حين ضربته؟ قال: قال:

اليوم القى الاحبة++

محمداً وحزبـه

فقال عمرو: صدقت أنت صاحبه والله ما ظفرت يداك ولقد اسخطت ربك.

وعن السدى عن يعقوب بن واسط قال: احتج رجلان بصفين في سلب عمار وفي قتله، فأتيا عبد الله بن عمرو بن العاص يتحاكمان إليه، فقال: ويحكما اخرجا عنى فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: اولعت قريش بعمار وعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، قاتله وسالبه في النار.

___________________________________

وقعة صفين لنصر بن مزاحم: 342.

قال رضي الله عنه: ويروى في يوم السادس والعشرين من حروب

صفين اجتمع عند معاوية الملا من قومه، فذكروا شجاعة علي وشجاعة الاشتر، فقال عتبة بن أبي سفيان: ان كان الاشتر شجاعا لكن عليا لا نظير له في شجاعته وصولته وقوته، قال معاوية: مامنا احد إلا وقد قتل علي اباه أو أخاه أو ولده، قتل يوم بدر أباك ياوليد، وقتل عمك يا أبا الاعور يوم احد، وقتل يابن طلحة الطلحات أباك يوم الجمل، فإذا اجتمعتم عليه ادركتم ثاركم منه وشفيتم صدوركم، فضحك الوليد بن عقبة بن ابي معيط من قوله وانشأ يقول:

يقول لكم معاوية بن حرب++

أما فيكم لواتركم طلــوب

يشد على أبي حسـن علي++

باسمـر لا تهجنه الكعـوب

فيهتك مجمع اللبــات منه++

ونقــع القوم مطرد يثوب

فقلت له أتلعب بابن هنـد++

كانك وسطنـا رجل غريب

أتأمرنـا بحية بطـن واد++

إذا نهشت فليـس لها طبيب

وبشر مثلهـا لاقى جهـاداً++

فأخطـأ نفسه الاجل القريب

سوى عمرو وقته خصيتـاه++

نجـا ولقلبه منها وجيــب

وما ضيع تدب بطــن واد++

اتيح لقتلهـا اسد مهيــب

بأضعف حيلة منا إذا مــا++

لقينــاه وذا منا عجيــب

كأن القوم لمـا عاينــوه++

خلال النقـع ليس لها قلوب

وقد نادى معاوية بن حرب++

فاسمعـه ولكن لا يجيب

___________________________________

وقعة صفين: 417 وفيه في البيت الاول يقول لنا معاوية بن حرب وفي البيت السادس المصرع الأول: دعا للقاه في الهيجاء.

وقال الوليد: ان لم تصدقوني فاسألوا الشيخ عمرو بن العاص ليخبركم عن شجاعته وصولته، وكان هذا توبيخاً منه لعمرو، حين خرج عمرو بن العاص للحرب وقال لإبنيه عبد الله ومحمد:

شدا على شكتى

___________________________________

وفي |ر|: شدتي. والشكه بمعنى السلاح والشدة بمعنى الحملة. لا تنكشف++

ابعد عمرو والزبيـر نأتلــف

ام بعد عثمــان نبالي من تلف++

يوم لهمدان ويــوم للصدف

___________________________________

الصدف بكسر الدال: لقلب عمرو بن مالك بن اشرس..

وفي تميــم نخوة لا تنحرف++

نضربها بالسيف حتى تنصرف

فحمل عليه أمير المؤمنين علي عليه السلام وعمرو لا يشعر به، فطعنه وصرعه وبدت عورته، فصرف علي عليه السلام وجهه فانسل عنه عمرو، قيل لعلي في ذلك فقال انه ابن العاص تلقاني بعورته فصرفت وجهي عنه.

وروى ان علياً حمل عليه بسيفه وقال: خذها يابن النابغة فسقط عن فرسه وأبدى عورته، فقال له علي: يابن النابغة أنت طليق دبرك أيام عمرك، وعذله معاوية وقال: ما هذه الفضيحة التي فضحت بها نفسك؟ فقال عمرو لمعاوية: يا أبا عبد الرحمان من يتعرض لبلاء نفسه لا طاقة لي بعلي ولا لك ولا للوليد ولا لأحد من جموعنا، وان لم تصدقني فجرب وقد دعاك مراراً إلى البراز ولا تبرز إليه وقال عمرو في ذلك:

يذكرنـي الوليد شجى علي++

وصـدر المرء يملأه الوعيد

متى تذكـر مشاهده قريش++

يطر من خوفه القلب الشديد

فاما في اللقـاء فاين منـه++

معاويـة بـن حرب والوليد

وعيرنـي الوليـد بقاء ليث++

إذا مـا زار

___________________________________

زأر: صاح. هابته الأسود

لقيت ولست اجهلـه عليـا++

وقد بلت من العرق اللبود

___________________________________

اللبود: التي تفرش.

فاطعنه ويطعنني خلاســا++

وماذا بعـد طعنته مزيــد

فرمها منه يابن أبي معيـط++

فانـت الفارس البطل التجيد

واقسم لو سمعت نـدا علي++

لطـار القلب وانتفخ الوريد

ولو لاقيـتــه شقت جيوب++

عليك ولطمت فيك الخدود

___________________________________

وقعة صفين: 418.

وقال معاوية يا عمرو: ولو عرفت عليا ما أقحمت عليه وقال معاوية في ذلك:

ألا لله مـن هفــوات عمـرو++

يعاتبنــي على تركـي برازي

فقد لاقى أبــا حسن عليــا++

فآب الوائلــي مآب خــازي

ولو لـم يبــد عورتـه لأودى++

بـه ليث يذلــل كــل نازي

لـه كف كــأن براحتيـهــا++

منايـا القوم تخطف خطف بازي

فان تكــن المنيــة احرزتـه++

فقد عني

___________________________________

وفي وقعة صفين: غنى. بها أهل الحجاز

___________________________________

وقعة صفين: 407.

فغضب عمرو وقال: هل هو إلا رجل لقيه ابن عمه فصرعه أترى السماء قاطرة لذلك دما.

وروى ان علياً عليه السلام خرج إلى صف أهل الشام وقال لكميل ابن زياد: سر إلى معاوية وقل له: دعوناك إلى الطاعة والجماعة فأبيت وعندت، وقد كثر القتل بين المسلمين فابرز إلي حتى يتخلص الناس مما هم فيه، فلما أدى كميل رسالة علي عليه السلام قال معاوية لقومه: ما تقولون؟ فنهوه عن ذلك إلا عمرو بن العاص فإنه قال له قد أنصفك وانه بشر مثلك، فعيره معاوية فقال: ما هذه العداوة، أتظن اني ان قتلت تنال الخلافة والسلطان؟ فقال عمرو: امازحك فقال معاوية:

يا عمرو إنك قد أشرت بتهمة++

ان المبـارز كالجدب للنازي

ما للملـوك وللبـراز وانمــا++

خطـف المبارز خطفة من باز

ولقد رجعت وقلت مزحة مازح++

والمــزح يحمله مقال الهازي

فاجابه عمرو بن العاص فقال:

معاوي ان نكلت عن البــراز++

لك الويلات فانظر في المخازي

معاوي ما اجترمت اليك ذنبـا++

ومـا أنا بالذى حدثت هـازي

وما ذنبي وكـم نادى علــي++

وكبــش القـوم يدعو للبراز

فلو بارزته بــارزت ليثــاً++

حديــد القرن أشجع ذا ابتزاز

أضبع في العجاجة يابن هنــد++

وعند الباه كالتيس الحجازي

___________________________________

وقعة صفين: 275.

فانصرف كميل وأخبر علياً عليه السلام بما جرى، فتبسم علي عليه السلام وضحك الاشتر وكان مع أمير المؤمنين رجل من آل ذي يزن الملك يقال له سعيد بن حارثة وكان مسكنه بالشام، فلما لم يجب معاوية إلى الطاعة ولم يبايع أمير المؤمنين علي عليه السلام ترك الشام وأهله وأمواله بها وصار إلى علي عليه السلام، وكان عابداً يصلي كل يوم وليلة مائة ركعة، فقال: يا أمير المؤمنين أنا أدعو معاوية إلى مبارزتي، فأذن له علي عليه السلام وتبسم إليه وقال له: سر إليه بسم الله، فبرز إليه ونادى معاوية، فبرز إليه وقال لسعيد: أنسيت ما فعلت في حقك وما أسديت اليك من المحامد؟ فقال له سعيد: كنت أظن انك مسلم مطيع مقتد بامر الله فلما علمت بغيك وظلمك وطلبك الملك والسلطان بالباطل أبغضتك وعاديتك ثم حمل عليه سعيد بن حارثة وكانت بينهما ضربات فلم يظفر أحدهما بصاحبه فانصرفا، ثم ان معاوية أظهر لعمرو شماتة وقال له ولملأ من قريش: قد أنصفتكم إذ لقيت سعيداً في همدان وهو سيدهم فانقطعوا عنه أياما أنفة وغضب عمرو وقال:

تسير إلى ابن ذي يزن سعيد++

وتترك في العجاجة من دعاكا

فهل لك في أبي حسن علـي++

لعل الله يمكـن من قفاكــا

دعاك إلى البراز فلـم تجبـه++

ولـو بارزتـه تربت يداكـا

وكنت أصم اذنا داك عنهــا++

وكــان سكوته عنها مناكـا

فآب الكبش قد طحنت رحـاه++

بخطوتهـا ولم تطحن رحاكا

فما انصفت صحبك

___________________________________

في |و| ويحك. يابن هند++

بفرقته وتغضــب من سواكــا

فلا والله مـا اظهــرت خيـرا++

ولا اظهـرت لــي إلا هواكا

___________________________________

وقعة صفين: 432.

'قال رضي الله عنه': يقال هجنه تهجيناً إذا نسبه إلى الهجينة، ولبن هجين: ليس بصريح، وفي زناده هجنة: إذا كان احد الزندين واريا والآخر صلودا، اراد بقوله لا تهجنه الكعوب أي لا تعيبه كعوبه، والشكة: السلاح وشكه بالرمح: خرقه وادخله اللحم قوله: يذكرني الوليد شجا علي من شجا بالعظم شجاً. قال الشاعر:

|لا تنكروا القتل وقد سبينا|++

في حلقكم عظم وقد شجينا

___________________________________

ما بين المعقوفتين من المطبوع.

وتقول: عليك بالكظم وان شجيت بالعظم. وفي المثل: ويل للشجى من الخلى أي يذكرني صرعته اياي وذلك لي شجى، ويقال: خزى خزيا ومخزاة: ذل واخزاه الله وهو من أهل المخازي، ورجل خز وامرأة خزية، خزيه وخزى منه مثل استحياه واستحيى منه خزاية وهي شدة الحياء، وأصابتنا خزية أي خصلة يستحيي منها، والجدب: القوى العظيم الشديد، ولذلك وصف به الظليم وقيل الجدب: الطويل الكامل الخلق في اعتدال، والنازي من نزا الفحل على الطروقة ينزو نزواً فهو ناز ونزاء، ومن المجاز قوله يتنزى إلى الشر أي يتسرع إليه، ونزا الطعام: غلا، واكمة، نازية: مرتفعة عما حولها، كأنها نزت عن وجه الارض. والهازئ من قولهم هزاء به ومنه وهزى وتهزى واستهزى، فحذف الهمزة واشبع الكسرة ويقال: ترب الشيء، لزق بالتراب وترب الرجل، افتقر فهو تارب ويقال تربت يداك أي خبت وخسرت، فلم تظفر بشيء والكبش في أصل الوضع الذكر من اولاد الغنم إذا كبر يقال انتطحت الكباش ثم استعمل في سيد القوم ومددهم. يقال: هو كبش

الكتيبة وهم كباش الكتائب.

قال رضي الله عنه: وكان معاوية على التل، مع وجوه قريش، ينظر إلى علي عليه السلام يقتل كل من بارزه، فقال: لقد دعاني علي إلى البراز حتى استحييت من قريش فقال له عتبة: أله عن هذا كأن لم تسمعه، فقد علمت انه قتل حريثا وفضح عمراً وقتل كل من برز إليه وانما يقوم مقامك بسر بن ارطاة، فقال بسر: ما كان أحد أحق بمبارزته من ابن حرب، فاما إذا ابيتموه فانا له وكان عند بسر ابن عم له فقال:

أنت له يابســر ان كنت مثلـه++

وإلا فان الليث للضبـع آكــل

كأنك يابسـر بن ارطــاة جاهل++

بشداتــه في الحرب أو متجاهل

متى تلقه فالموت في رأس رمحه++

وفي سيفه شغل لنفسك شاغــل

وما بعده في آخر الخيل عاطـف++

وما قبلـه في أول الخيل حامل

___________________________________

رجل عطوف وعطاف: يحمى المنهزمين.

فقال بسر: خرج مني شيء، فانا استحي أن ارجع عنه، فغدا بسر إلى المعركة فرأى عليا عليه السلام في أول الخيل منقطعاً عن خيله مع الاشتر وهو يريد التل ويقول:

أني علي فسلونـي تخبــروا++

سيفـي حســام وسناني أزهر

منا النبي الطاهـر المطهــر++

وحمزة الخير وصنوي جعفــر

له جناح في الجنان أخضــر++

ذا أســد الله وفيـه مفخــر

هذا الهزبر وابن هند مجحر

___________________________________

من 'أجحره': ألجأه السبع أن يدخل جحره.++

مطــرد مـذبـذب مؤخّــر

فاستقبله بسر قريبا من التل فطعنه علي عليه السلام ولم يعرف أنه بسر، فانحنى سيفه فدفعه بيده فصرعه على وجهه وانكشفت عورته فانصرف عنه علي، فناداه الاشتر: يا أمير المؤمنين انه بسر، فقال: دعه لعنه الله فحمل ابن

عم بسر على علي عليه السلام وهو يقول:

أرديت بسراً والغلام ثائــره++

أرديت شيخاً غاب عنه ناصره

فحمل عليه الاشتر وهو يقول:

اكل يوم رجل شيخ شاغرة++

وعورة وسط العجاج ظاهرة

تبرزها طعنــة كف واترة++

عمرو وبسر رميا بالفاقرة

___________________________________

وقعة صفين: 461 ـ والفاقرة: الداهية تكسر فقار الظهر.

وطعنه الاشتر فكسر صلبه، قام بسر من ضربة علي عليه السلام وولت خيله وناداه أمير المؤمنين علي عليه السلام: يا بسر معاوية كان أحق بهذا منك، فرجع بسر إلى معاوية فقال له معاوية: ارفع طرفك فقد ادال الله عمرا منك فقال في ذلك النضر بن الحارث:

أفي كل يـوم فــارس تندبونـه++

له عورة وسط العجاجــة باديـة

يكف بها عنــه علـي سنانـه++

ويضحـك منها في الخلاء معاوية

بدت أمس من عمر وفقنع رأسـه++

وعـورة بسر مثلها فرج جارية

___________________________________

وفي وقعة صفين: وعورة بسر مثلها حذو حاذية ولا يخلو من مناسبة.

فقولا لعمرو وابن ارطاة ابصـرا++

سبيلكمـا لا تلقيـا الليــث ثانية

ولا تحمدا إلا الحيا وخصاكمــا++

كما كانتــا والله للنفس واقيــة

فلولاهما لم تنجــوا من سنانـه++

وتلك بمــا فيها عن العود ناهية

متي تلقيا الخيل المشيحة صبحـة++

وفيهـا علي فاتركـا الخيل ناحية

وكونا بعيدا حديث لا تبلغ القنـا++

وحمى الوغـى ان التجارب كافية

وان كان منه بعد في النفس حاجة++

فعــودا إلـى ما شئتما هي ماهية

وكان بسر بعد ذلك إذا لقى الخيل التي فيها علي عليه السلام تنحى ناحية عنه.

___________________________________

وقعة صفين: 462.

وروى أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول أيام

صفين: والله ما سمعت بامة قد آمنت بنبيها وقاتلت أهل بيت نبيها غيركم.

قال رضي الله عنه: وروى عن حبة العرني قال: لما نزل علي عليه السلام بمكان يقال له البليخ

___________________________________

البليخ: اسم نهر بالرقة يجتمع فيه الماء من عيون... ويتشعب من ذلك الموضع انهار تسقي بساتين وقرى ثم تصب في الفرات تحت الرقة بميل ـ معجم البلدان. على جانب الفرات نزل راهب من صومعته فقال لعلي عليه السلام: ان عندنا كتابا توارثناه من آبائنا كتبه أصحاب عيسى بن مريم عليه السلام اعرضه عليك؟ فقال علي عليه السلام: نعم فما هو قال الراهب:

بسم الله الرحمن الرحيم.

الذي قضى فيما قضى، وسطر فيما كتب، انه باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويدلهم على سبيل الله لا فظ ولا غليظ ولا سخاب في الاسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل نشز

___________________________________

النشز بالفتح والتحريك: المتن المرتفع من الأرض ـ والصعود والهبوط: ما ارتفع وما انخفض من الارض. وفي كل صعود وهبوط تذل

___________________________________

يذل، من الذل بالكسر والضم: اللين. السنتهم بالتهليل والتكبير وينصره الله على كل من ناواه فإذا توفاه الله اختلفت امته ثم اجتمعت فلبثت بذلك ما شاء، ثم يمر رجل من أمته بشاطئ هذا الفرات يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقضى بالحق ولا يوكس

___________________________________

الوكس: النقص. الحكم، الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح والموت أهون عليه من شرب الماء على الظماء يخاف الله في السر وينصح له في العلانية لا يخاف في الله لومة لائم، فمن ادرك ذلك النبي من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضوان والجنة؛ ومن ادرك ذلك العبد الصالح

فلينصره فان القتل معه شهادة فأنا مصاحبك لا افارقك حتى يصيبني ما اصابك قال: فبكى علي وقال: الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسياً، الحمد لله الذي ذكرني عنده في كتب الأبرار، فمضى الراهب معه وكان فيما ذكر يتغدى مع أمير المؤمنين عليه السلام ويتعشى حتى اصيب بصفين، فلما خرج الناس يدفنون قتلاهم قال أمير المؤمنين عليه السلام: اطلبوه فلما وجده صلى عليه ودفنه وقال: هذا منا أهل البيت واستغفر له مراراً.

___________________________________

وقعة صفين: 147.

'قال رضي الله عنه': وفي اليوم السابع والعشرين نادى أمير المؤمنين علي عليه السلام: هل من معين؟ فقال اثنا عشر الفاً: نموت بين يديك وكسروا جفون سيوفهم وسار علي عليه السلام بهم وهو يقول:

دبوا دبيب النمل لا تفوتوا++

واصبحوا بحربكم وبيتوا

حتى تنالوا الثار أو تموتوا++

أو لا فأني طال ما عصيت

قد قلتـم لو جئتنـا فجيت++

ليس لكـم ما شئتم وشيت

بل ما يشاء المحيي المميت++

وحمل الأشتر وقال:

ابعد عمار وبعد هاشـم++

وابن بديل فارس الملاحم

نرجو البقاء ضل حكم الحاكم++

وحمل حارثة بن قدامة وقال:

جرت باسباب الفناء مذحج++

يحار فيها البطل المدجج

___________________________________

المدجج: اللابس السلاح كانه المستتر به.

يقدمهـا تميمها والمذحـج++

قوم إذا مـا حسموها انضجوا

روحوا إلى الله ولا تعرجوا++

ديــن قويم وسبيل منهج

___________________________________

وقعة صفين: 403.

وحمل علي عليه السلام والناس معه وخرق الصفوف وأزال الألوف

فرآه معاوية فركب فرسه ومر هاربا.

فقال معاوية ثم ذكرت قول قيس بن الحطيم فنزلت وقلت لاصحابي ما يمنعني من الانهزام إلا قول قيس حيث يقول:

أبت لي اسرتي وأبى بلائـي++

واخذي الحمـد بالثمن الربيح

واعطائي على العلات مالـي++

وضربـي هامة البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجـاشـت++

مكـانـك تحمدي أو تستريحي

لأدفع

___________________________________

في |ر|: "خ ل" اناضل عن مآثر. عن مآثر صالحـات++

واحمى بعد عن عرض صحيح

ألا من مبلـغ الاحلاف عنـي++

وقد تهدى النصيحة للنصيح

___________________________________

وقعة صفين: 404.

واشتد القتال وحمل الرؤساء على الرؤساء واضطرب الناس ولم يسمع إلا وقع الحديد على الحديد والهام.

قال رضي الله عنه وروى ان في اليوم الخامس والثلاثين، اجتمع أهل العراق عند خيمة أمير المؤمنين علي عليه السلام ينتظرون خروجه، فخرج وركب فرسه البحر وعليه درع رسول الله صلى الله عليه وآله، متقلداً سيفه، متختماً بخاتمه، متعمما بعمامته السحاب وخرج إلى المعركة ولم يكلم أحداً، وكان معاوية سبق علياً عليه السلام إلى المعركة فقال له عمرو بن قيس بن عامر العكي ـ وهو رئيس عك ـ اما عك فلا تخرج من قولى ولكن مر القواد والرؤساء وفرسان الشام فليحملوا بحملتي فانهم ان فعلوا ذلك هزمت أهل العراق وارحتك مما أنت فيه، وكانت عك اشجع أهل الشام وأصبرهم على القتال واشدهم على أهل العراق وكانوا يلزمون الارض ويشدون أنفسهم، بعضهم ببعض وربيعة وهمدان ومذحج أشجع أهل العراق وأصبرهم على حر القتال وأطوعهم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأشدهم على معاوية وقومه، وقد لقى هو وقومه منهم كل بلاء ثم حمل رئيس

عك وحمل محمد ابن الحنفية والعباس بن ربيعة الهاشمي وعبد الله بن جعفر وارتفع الغبار وثار القتام،

___________________________________

القتام: الغبار الاسود أو الظلام. وجرت الدماء واختلط القوم ولم يعرف أحد صاحبه واشتد البلاء وقتل الاشتر من عك خلقاً كثيراً، وفقد أهل العراق أمير المؤمنين عليه السلام وساءت الظنون وقالوا: لعله قتل، فعلا البكاء والنحيب، ونهاهم الحسن من ذلك وقال: ان علمت الأعداء ذلك منكم، اجترؤا عليكم وان أمير المؤمنين عليه السلام أخبرني بأن قتله يكون بالكوفة، وكانوا على ذلك إذ أتاهم شيخ يبكي وقال: قتل أمير المؤمنين عليه السلام وقد رأيته صريعاً بين القتلى، فكثر البكاء والانتحاب، فقال الحسن: يا قوم هذا الشيخ يكذب فلا تصدقوه وإن أمير المؤمنين عليه السلام قال: يقتلني رجل من مراد في كوفتكم هذه.

وروى أنه حكى للرشيد: ان الابطال بصفين جثوا على الركب وكسفت الشمس، وثار القتام واظلمت الدنيا، وضلت الألوية وفقدت الرايات ومرت مواقيت الصلاة لا يسجد فيها إلا تكبيراً ولا يسمع إلا وقع الحديد على الهام، حتى تكادموا بالأفواه ونادى القوم في تلك الغمرات: يا معاشر العرب، الله الله في الحرمات من النساء والبنات فغشي على الرشيد حتى رش عليه الماء، فأفاق وقد اصفر لونه ودموعه تنحدر على لحيته، وكان الاشتر يطلب أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك اليوم راية راية، وقال لغلامه هاشم: أنظر هل رجع إلى موقفه وأنا أطلبه في العسكر، فان بشرتني برجوعه فلك كذا وكذا، وكان علي عليه السلام حينئذ مع سعيد بن قيس الهمداني وهمدان فوارسه الخواص فوجده الأشتر عنده فرآه علي عليه السلام متغيراً باكياً، فقال له: ما خبرك؟ أفقدت ابنك ابراهيم، أم ما أصابك غير ذلك؟

فقال الاشتر:

كل شـيء سوى الامام صغير++

وهلاك الاميــر أمـر كبيــر

قد رضينا وقد اصيب لنا اليوم++

رجال هم الحمــاة الصقــور

من رأى غرة الوصي علــي++

انــه في دجى الحنادس نــور

قال رضي الله عنه يقال كدمه: عضه بادنى الفم، وحمار مكدم: معضض، وتكادموا: تفاعل من ذلك؛ وقولهم: الدواب تكدم الحشيش إذا لم تستمكن من الحشيش، وفي المرعى كدامة بقية، مجاز ما قدمنا.

واشتدت المناجزة بين همدان وعك حتى قتل من همدان يومئذ ثلاثمائة رجلاً واثنا عشر رجلاً: وقتل من عك ثمانمائة وسبعون وقيل: ثمان مائة وثمانون رجلاً قال سعيد بن القيس الهمداني وهو رئيسهم:

وقد علمت عك بصفيــن اننا++

إذا ما التقى الخيلان نطعنهم شزرا

ونحمـل رايات الطعان بحقها++

فنوردهـا بيضا ونصدرها حمرا

'قال رضي الله عنه': روى انه في اليوم السابع والثلاثين من حروب صفين لما أصبح أمير المؤمنين عليه السلام أتاه أولا سعيد بن قيس الهمداني ووقف خيله مع راياته، ثم أتاه الأشتر في عسكره، وحجر بن عدى الكندي وقيس بن سعد بن عبادة، ثم أتاه عبد الله بن عباس وسليمان بن صرد وصغيرة بن خالد والأحنف بن قيس ورفاعة بن شداد وجندب بن زهير، وخرج أمير المؤمنين عليه السلام في درع رسول الله صلى الله عليه وآله وفوقها خفتان أخضر محشو بالقز وهو متقلد سيف رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه حجفته، وبيده قضيب رسول الله الممشوق، وسلم عليه القوم وانصرفوا إلى معسكرهم وأقبل |علي عليه السلام| على الاشتر فقال: يا مالك معى راية لم أخرجها إلا يومى هذا وهي أول راية أخرجها النبي صلى الله عليه وآله وقد قال لي عند وفاته صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن انك لتحارب الناكثين والقاسطين والمارقين وأي تعب ونصب يصيبك من أهل الشام

فاصبر على ما أصابك، ان الله مع الصابرين، وأخرج الراية وقد عفت وبليت وبكى الناس لما رأوها بكاء عالياً وقبلها من وجد إليها سبيلا وقال علي عليه السلام لقنبر: اخرج رمح رسول الله صلى الله عليه وآله الملموس |بيده| ويرثه منى الحسن ولا يستعمله وينكسر بيد ابني الحسين ولقد أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله باخبار كثيرة.

يا مالك ان الدنيا دنية خلقت للفناء والخير خير الآخرة، فانها خلقت للبقاء، ثم سار ومعه الناس إلى المعركة وصفوا الصفوف وتأهبوا للقتال، فأول من برز من صف أهل الشام رجل عليه درع مذهبة وبيضة عادية وبيده سيف حميري وصاح: يا أهل العراق، تزعمون ان اليوم تجرى الدماء على الأرض كما تجرى |الماء| في النهر؟ وقد صدقتم اليوم نسفك دماءكم، فليبرز الي أشجعكم، فبرز إليه عمرو بن عدي بن وهب بن خصيب بن يعمر النخعي وقال له: يا شامى أنت أول قتيل يومنا هذا، ثم تكافحا فسبقه عمرو بالضربة فصرعه ووقف مكانه ونادى: يا أهل الشام ليبرز إلي آخر، فبرز إليه رجل مشهور بالشجاعة، مذكور بالحماسة، كان معاوية يعده لشدته يقال له أبو جندب عبيد بن ذويب السكوني اليماني، فقتل أبو جندب عمراً فبرز إليه عبد الله بن بشر بن عوز

___________________________________

في |و| عون. النخعي فقتله أيضاً أبو جندب فبرز إليه الشخير بن يحيى النخعي وكان فقيها صالحاً سخيا جواداً، فقتله أبو جندب أيضاً فقال الاشتر وقد اغتاظ لأنه قتل جماعة من قومه لبعض بني عمه وهو طرفة بن عبيدة: انزع درعك وناولني رايتك فانى أبرز إليه ولعله يعرفني إذا بزرت إليه في زيي، فلا يحاربني، فاعطاه ذلك فبرز إليه الاشتر وأبو جندب ينظر إلى قتلاه، فصاح عليه الاشتر وقال: قاتلك الله إذ قتلت سادات نخع، فقال: لان القتل وجب عليهم بخروجهم على الامام عثمان وقتال

معاوية، فقال الاشتر: ما أعظم حماقتكم وقد خدعكم معاوية بهذا، انتم اطوع الناس لمخلوق واعصاهم للخالق، ولم يعلم أبو جندب انه الاشتر فحمل عليه أبو جندب وضربه بسيفه فاتقاه الاشتر بحجفته، ثم ضربه الاشتر على رأسه فرمى به ووقف مكانه ودعا بآخر، فبرز إليه فقتله الاشتر وكان يقتل كل من برز إليه حتى قتل منهم أحد عشر رجلا، ثم انصرف وكأنه مصاب فقال له أخوه: كم مرة تخاطر بنفسك وبروحك وقد قيل في المثل:

ياجرة يستقى بها زمنــاً++

لابد من أن تصير منكسرة

فقال الاشتر:

أبعد عمــار وبعد هاشــم++

وابن بديل فارس الملاحــم

أرجوا البقاء ضل حكم الحاكم++

لقــد عضضنا امس بالأباهم

فاليوم لا نقرع

___________________________________

في |و|: يقرع. سن النادم++

وكان قبل ذلك قتل عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص ابن أخي سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن بديل الخزاعي 'رض' وكانوا فرسان العراق ومردة الحروب ورجال المعارك وحتوف الأقران وامراء الاجناد وانياب أمير المؤمنين وقد فعلوا باهل الشام ما بقى ذكره على ممر الاحقاب حتى احتالوا لقتلهم فقتلوا فذكرهم الاشتر في شعره متأسفاً.

ثم برز من أهل الشام رجل ونادى: يا أهل العراق من الذي قتل منا احد عشر رجلا وفيهم أخي وعمي وابن خالتي فقال |الأشتر:| وأنت تلحق بهم ان شاء الله الساعة، فقال الشامي:

انا الغلام الاريحي الكندي++

اختال في الديباج والفرند

فضربه الأشتر فرمى برأسه ثم دعا أمير المؤمنين عليه السلام قنبراً وقال له: سر إلى الميمنة وقل لعبدالله بن جعفر ولا بني محمد: إذا حملت فاحملوا معي

وقال لكميل بن زياد: قل لسليمان بن صرد وتكون على الميسرة وكذلك أرسل إلى أصحاب الميسرة واوصاهم بذلك ثم تقدم وانتظر الناس حملته ومعه الاشتر ومحمد وغيرهما، وزحف الناس بعضهم إلى بعض وارتموا بالنبل حتى فنيت ثم تطاعنوا بالرماح حتى تكسرت، ثم تضاربوا بالسيوف وعمد الحديد واشتد القتال حتى جرت الدماء جري الماء، وانهزم عرب اليمن وكان وقع الحديد على الحديد أشد هولاً من الصواعق والجبال حين تنهدم وانكسفت الشمس وثار القتام وضلت الألوية والرايات ووصلوا النهار بالليل وهي ليلة الهرير واصبح أهل العراق والمعركة خلف ظهورهم وافترقوا عن سبعين الف قتيل.

في رواية: وحمل الوليد بن عقبة على أمير المؤمنين عليه السلام مع الف فارس فحمل عليه أمير المؤمنين مع الف فارس، فانهزم الوليد ومن معه ولم يتبعهم أمير المؤمنين، وكذلك كان يفعل، فقال الاصبغ بن نباته وصعصعة بن صوحان: يا أمير المؤمنين كيف يكون لنا الفتح وإذا هزمناهم لم نقتلهم وإذا هزمونا قتلونا؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ان معاوية لا يعمل بكتاب الله ولا بسنة رسوله ولست انا كمعاوية ولو كان عنده علم وعمل لما حاربني والله بيني وبينه. قيل لم ير رئيس قوم مذ خلق الله الدنيا قتل بيده ما قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في ذلك اليوم وتلك الليلة وهي ليلة الهرير إذ وصلوا الليل بالنهار في القتال حتى روي انه قتل في تلك الليلة بيده خمسمائة رجل وزيادة وفي رواية قتل من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك اليوم والليلة الفا رجل وسبعون رجلا وفيهم اويس القرنى زاهد زمانه وخزيمة بن ثابت الانصاري ذو الشهادتين وقتل من أصحاب معاوية |في ذلك اليوم| سبعة آلاف رجل.

قال رضي الله عنه: ومن المكاتبات التي جرت بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين معاوية لعنه الله أيام صفين، كتب علي بن أبي طالب إلى

معاوية لعنه الله: اما بعد فان لله عباداً آمنوا بالتنزيل وعرفوا التأويل، وفقهوا في الدين وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم، وانتم في ذلك الزمان اعداء الرسول تكذبون بالكتاب وتجتمعون على حرب المسلمين من ثقفتم منهم، عذبتموه أو قتلتموه حتى اذن الله تعالى باعزاز دينه واظهار نبيه صلى الله عليه وآله وادخل العرب في دينه افواجاً واسلمت له هذه الامة طوعاً وكرهاً، فكنتم ممن دخل في هذا الدين اما رغبة واما رهبة، حتى فاز أهل السبق بسبقهم وفاز المهاجرون الاولون بفضلهم، فلا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم ان ينازعوهم في الامر الذين هم أهله واولياؤه فيجور ويظلم ولا ينبغي لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد أن يجهل قدره ويعدو طوره ولا يشقي نفسه بالتماس ما ليس له ولا هو أهله وان اولى الناس بهذا الامر قديما وحديثا اقربهم من الرسول واعلمهم بالكتاب والتأويل وأفقههم في الدين وأولهم اسلاماً وافضلهم اجتهادا فاتقوا الله الذي إليه ترجعون، ولا تلبسوا الحق بالباطل لتدحضوا الحق وانتم تعلمون،

___________________________________

البقرة: 42. واعلموا ان خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون وشر عباد الله الجهال الذين ينازعون بالجهل أهل العلم. ألا واني ادعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وحقن دماء هذه الامة، فان قبلتم اصبتم وهديتم، وان ابيتم إلا الفرقة وشق عصا هذه الامة لم تزدادوا من الله إلا بعداً ولم يزداد الله عليكم الا سخطاً.

___________________________________

وقعة صفين: 150.

فلما وصل الكتاب إلى معاوية قام إليه أبو مسلم الخولانى فقال: صدق علي، فعلام نقاتله؟ فوالله، انه لأحق بالأمر منك قال: أجل ولكنه أطالبه بدم عثمان، قال فاكتب إليه بحجتك حتى أحمل كتابك وآتيه فان أقر بدمه، سألته الحجة وان أنكر، نظرنا في أمرنا قال نعم فكتب |معاوية| إلى علي عليه السلام.

أما بعد، فان الله اختار بعلمه محمداً صلى الله عليه وآله فجعله الامين على وحيه ورسولا إلى خلقه، واختار له من المسلمين أعوانا، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الاسلام، كان افضلهم اسلاماً وانصحهم لله ولرسوله خليفته وخليفة خليفته والخليفة الثالث المظلوم، عثمان بن عفان فكلهم حسدت وعلى كلهم بغيت. عرفنا ذلك في نظرك الشزر وقولك الهجر وتنفسك الصعداء في ابطائك بالبيعة عن الخلفاء، في كل ذلك تقادكما يقاد الجمل المخشوش

___________________________________

المخشوش: الذي جعل في عظم انفه الخشاش وهو بالكسر، عويد يجعل في انف البعير يشد به الزمام ليكون اسرع في انقياده. حتى تبايع وأنت كاره، ولم تكن لأحد منهم اشد حسداً منك لابن عمك عثمان بن عفان وكان احقهم ان لا تفعل ذلك به لقرابته وصهره فهجنت محاسنه وقطعت رحمه واظهرت له العداوة حتى ضربت إليه الابل من الآفاق، وندبت إليه الخيل العراب،

___________________________________

خيل عراب أو إبل عراب: كرائم سالمة من الهجنة. فشهر عليه السلاح في حرم رسول الله صلى الله عليه وآله تسمع الواعية في داره فلم ترد عليه بقول ولا فعل، واقسم ان لو قمت مقاماً واحداً، تنهى الناس عنه ما عدل بك احد،

___________________________________

عدل فلانا بفلان يسوى بينهما ـ المعجم الوسيط ـ المستعمل في المتن على صيغة المجهول من هذه الباب. ولمحي عنك عيب ما كنت تقرف به واخرى، أربت

___________________________________

أرب فلان بالشيء: كلف به ولزمه ـ المعجم الوسيط. بها عند اولياء عثمان وانصاره، إيواؤك قتلته. فهم يدك وعضدك وانصارك وقد ذكر لى أنك تنتفى من دمه، فان كنت صادقاً فادفع الي قتلته ثم نحن اسرع الناس اليك اجابة، وإلا فانه ليس لك ولا لأصحابك عندنا إلا السيوف، ووالله الذي لا إله غيره، لنطلبن قتلة عثمان في البر والبحر والسهل والجبل حتى نقتلهم به أو تلحق ارواحنا بالله تعالى:

___________________________________

وقعة صفين ـ لنصر بن مزاحم ص 87. فاخذ أبو مسلم الخولاني كتابه

وذهب به مع نفر من قراء الشام حتى دخلوا على علي عليه السلام فاوصلوا إليه كتاب معاوية، فلما قرأه، كتب جوابه:

أما بعد، فإن أخا خولان أتاني منك بكتاب تذكر فيه محمداً صلى الله عليه وآله، والحمد لله الذي صدق له الوعد ومكن له في البلاد وأظهره على أهل عداوته والشنآن من قومه الذين البوا

___________________________________

ألب القوم: جمعهم ـ المعجم الوسيط. عليه العرب وهم قومه الادنى فالادنى إلا قليلا ممن عصمه الله. ذكرت إن الله اختار له من المسلمين أعوانا، أفضلهم زعمت في الاسلام وانصحهم لله ولرسوله خليفته وخليفة خليفته لعمري ان مكانهما في الاسلام لعظيم وان المصاب بهما مجرح لجليل. جزاهما الله تعالى بأحسن ما عملا وسعيا وذكرت عثمان في الفضل ثالثا فان يكن محسنا فسيلقى ربا شكوراً، يضاعف |له| الحسنات، ويجزى الثواب الجسيم، وان يك مسيئاً، فسيلقى رباً لا يتعاظمه ذنب يغفره، ولعمري، اني لأرجو إذا أعطى الله الناس على قدر فضائلهم في الاسلام، كنا أهل البيت أول من آمن وصدق بما ارسل به فاراد قومنا قتل نبينا واجتياح أصلنا وهموا بنا الهموم وفعلوا بنا الافاعيل وامسكوا منا

___________________________________

في المخطوطات: عنا. المادة وقطعوا منا الميرة

___________________________________

الميرة بالكسر: ما يجلب من الطعام. ومنعونا الماء العذب واحلونا الخوف واضطرونا إلى جبل وعر

___________________________________

الوعر: المكان المخيف الوحش ـ المكان الصلب ضد السهل. وكتبوا بينهم كتاباً أن لا يواكلونا ولا يشاربونا ولا يبايعونا ولا يناكحونا ولا نأمن فيهم حتى ندفع إليهم نبينا فيقتلوه ويمثلوا به، فحج الناس كفاراً ونحن نحج مؤمنين، اكبر ذلك أبوك وأنت فعزم الله على منعه والذب عن حوزته، فمؤمننا يرجو الثواب، وكافرنا يحامي عن الاصل، وانا أول أهل بيتي اسلاماً معه ومن أسلم بعدنا أهل البيت من قريش فحليف ممنوع وذو عشيرة تحامي عنه، ثم

أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله بقتال المشركين، فكان يقدم أهل بيته إلى حر الأسنة والسيوف حتى قتل عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب يوم بدر وقتل حمزة يوم أُحد وقتل جعفر بمؤتة وزيد بن حارثة وأسلم الناس نبيهم يوم حنين غير العباس عمه، وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عمه، وأراد من لو شئت يا معاوية، ذكرت اسمه، مثل الذي أرادوا من الشهادة مع رسول الله صلى الله عليه وآله غيره إلا أن آجالا أجلت ومنية أخرت. والله ولي الاحسان إليهم والمنان على أهل بيتى بما اسلفوا من الصالحات وقد أنزل الله تعالى في كتابه فضلهم يوم حنين فقال: 'فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين'

___________________________________

الفتح: 26. وانما عنانا بذلك دون غيرنا فتذكر في الفضل غيرنا وتدعنا فلم لا تذكر فيه من استشهد في الله ورسوله منا؟ وما ذاك إلا لحسدك إيانا وبغيك علينا، كما ان تلك عادتك فينا فهل سمعت يا معاوية بأهل بيت نبي في سالف الأمم، اصبر على الضراء واللأواء

___________________________________

اللأواء: الشدة وضيق المعيشة ـ النهاية. وحين البأس والمواطين الكريهة من هؤلاء النفر الذين عددتهم من أهل بيتي؟ وفي المهاجرين والانصار خير كثير. جزاهم الله بأحسن اعمالهم، وذكرت يا معاوية حسدي الخلفاء وبغيى عليهم فمعاذ الله من الحسد والبغي، بل أنا المحسود المبغي عليه فاما الابطاء عنهم والنكرة لأمرهم فانى لست أعتذر إلى الناس منه ان الله تعالى لما قبض محمداً صلى الله عليه وآله اختلف الناس فقالت قريش: منا الامير، وقالت الانصار: منا الامير، فقالت قريش: ان محمدا منا ونحن أحق بالامر منكم، فعرفت الانصار ذلك فسلموا إليهم الامر والسلطان، فاستحقتها قريش بمحمد صلى الله عليه وآله فان يكن هذا هكذا فان اولى الناس بمحمد، أولاهم بها وإلا فان الانصار أعظم الناس سهماً في الإسلام ولا أرى أصحابي سلموا من أن يكونوا حقي أخذوا وللانصار ظلموا بل قد عرفت أن حقي، هو

المأخوذ. فقد تركته لهما، اما عدلا واما صلحاً غير حرجين ولا متبوعين واما ما ذكرت من أمر عثمان فانه فعل ما قد علمت ورأيت من الحدث وفعل الناس ما قد رأيت من التعيير وقد علمت يا معاوية اني كنت من أمر عثمان في عزلة يسعني من ذلك ما وسع أصحاب محمد

___________________________________

في |و|: يمنعنى ما يمنع اصحاب محمد. صلى الله عليه وآله الا أن تتجنى فتجن ما بدا لك، ولعمري لقد ايفنت ما دم عثمان عندي ولا قبلى ولا أنت وليه وان دونك لاولياء ولكن الدنيا آثرت ولها كدحت وأنت بعثمان تربصت وقد استنصرك في حياته فما نصرت وأما ما ذكرت من دفع قتلة عثمان اليك فانه لا يسعني دفعهم اليك ولا إلى غيرك لأنهم محتجون في دم عثمان بان عثمان قد قتل منهم، قبل قتلهم اياه فهم متأولون في ذلك ومحتجون فيه |فاما ما ذكرت من انك تطلبهم في البر والبحر فاقسم بالله لئن لم تنته وتنزع عن سفهك يابن آكلة الاكباد لتجدنهم يطلبونك ولا يكلفونك طلبهم وكان أبوك أتاني حين ولى الناس أبا بكر فقال: أنت أحق الناس بهذا الأمر منهم كلهم بعد محمد وانا يدك على من شئت فابسط يدك، أبايعك فانت أعز العرب دعوة فكرهت ذلك، كراهة للفرقة وشق عصى الامة، لقرب عهدهم بالكفر والارتداد فان كنت تعرف من حقى ما كان أبوك يعرفه أصبت رشدك وان لم تفعل، استعنت بالله عليك ونعم المستعان وعليه توكلت واليه انيب|.

___________________________________

وقعة صفين: 88 وما بين المعقوفتين في |ر| تقديم وتأخير وما في المتن على ترتيب |و|.

روى انه قال للخولاني: يا أبا مسلم من معاوية حتى أدفع إليه قتلة عثمان؟ إنما عليه أن يبايعني كما بايعني المهاجرون والانصار، ثم يجتمع أولياء عثمان ويقتص لهم الامام من قتلة والدهم، ويحكم بما أمر الله به، ولكن معاوية لا يجد ما يستغوى به الناس غير هذا، ولعمري لو وجدت سبيلا

إلى الاقادة منهم في حكم الله تعالى ما اخذتني في |أهل| مصر لابن 'أروى'

___________________________________

ابن اروى: اسم آخر لعثمان، كان ينادى به، وإروى، هي امه وهي بنت كريز بن عبدالشمس ـ راجع اسد الغابة 5: 391. هوادة.

فلما وصل كتابه إلى معاوية وأتاه أبو مسلم بالحجج، قال معاوية: لست انكر كل ما قال في فضائل نفسه وأهل بيته غير انه لا يقنعني إلا أن يدفع الي قتلة عثمان، فخرج أبو مسلم في جماعة كثيرة حتى لحق بعلي رضي الله عنه.

وقال علي عليه السلام: إني لا اتعجب من معاوية وبغضه وحسده ولكن أتعجب من النعمان بن بشير وعبد الله بن عامر بن كريز وقد رأوا منزلتي عند رسول الله صلى الله عليه وآله وجعل يقول:

أسأت إذ أحسنت ظنى بكم++

والحزم سوء الظن بالنــاس

من أحسن الظن باعدائـه++

تجــرع الهـم بانـفــاس

وكتب معاوية إلى علي عليه السلام مع رجل من السكاسك يقال له عبد الله بن عقبة وكان من ناقلة العراق

___________________________________

وفي |و| وكتب معاوية الباغي الطاغي إلى أمير المؤمنين عليه السلام. فكتب:

أما بعد، فاني أظنك ان لو علمت ان الحرب تبلغ بك ما بلغت وعلمنا لم نجبها بعضنا على بعض وإن كنا قد غلبنا على عقولنا، فقد بقي منها ما تندم على ما مضى ونصلح به ما بقى وقد كنت سألتك الشام، على أن لا تلزمني

___________________________________

في الأصلين: 'على ان تلومني' بدل 'تلزمني' وهو تصحيف. لك طاعة ولا بيعة فأبيت ذلك علي

___________________________________

في |و|: وقد كنت سألتك الشام على ان يكون مني لك طاعة ولا بيعة... فأعطاني الله ما منعت وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس فإنك لا ترجو من البقاء إلا ما أرجو ولا أخاف من القتل إلا ما تخاف، وقد والله رقت الاجناد وذهبت الرجال ونحن بنو

عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل إلا فضل لا يستذل به عزيز ولا يسترق به حر والسلام.

___________________________________

وقعة صفين لنصر بن مزاحم: 470.

فلما انتهى كتاب معاوية إلى علي، قرأه قال: العجب لمعاوية وكتابه إلي، ثم دعا عبد الله بن أبي رافع كاتبه فقال: اكتب إلى معاوية: أما بعد فقد جاءني كتابك، تذكر فيه: انك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يجبها

___________________________________

في وقعة صفين. 'لم يجنها'. بعضنا على بعض وأنا واياك منها في غاية لم نبلغها بعد.

فاما طلبك مني الشام فاني لم اكن لاعطيك اليوم ما منعتك أمس، وأما استواؤنا في الخوف والرجاء فإنك لست على الشك أمضى مني على اليقين وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة، وأما قولك؛ انا بنو عبد مناف، ليس لبعضنا على بعض فضل فكذلك نحن ولكن ليس أمية كهاشم، ولا حرب كعبد المطلب، ولا أبو سفيان كأبي طالب، ولا المهاجر كالطليق، ولا المحق كالمبطل، وفي أيدينا فضل النبوة التي بها قتلنا الحر العزيز وبعنا الحر الذليل.

___________________________________

وقعة صفين: 470 ـ 471.

فلما أتى معاوية كتاب علي عليه السلام، كتمه عمراً أياماً ثم دعاه بعد ذلك فاقرأ الكتاب فشمت به عمرو ولم يكن أحد من قريش أشد تعظيما لعلي عليه السلام من عمرو بعد يوم لقيه عمرو فيما كان اشاربه على معاوية.

وكتب معاوية إلى ابن عباس ومكان يجيبه بقول لين، وذلك قبل أن تعظم الحرب. فلما قتل أهل الشام، قال معاوية ان ابن عباس، رجل قرشي واني كاتب إليه في عداوة بني هاشم بني امية ومخوفه عواقب هذه الحرب، لعله يكف عنا فكتب إليه: أما بعد، فانكم يا معشر بني هشام لستم إلى أحد

بالمساءة أسرع منكم إلى أنصار ابن عفان حتى انكم قتلتم طلحة والزبير لطلبهما دمه واستعظامهما ما نيل منه فان يك ذلك لسلطان بني أمية فقد ورثها عدى وتيم واظهرتم العارفة وقد وقع من الامر ما قد ترى واكلت هذه الحرب بعضها من بعض حتى استوينا فيها فما اطمعكم فينا، اطمعنا فيكم وما آيسكم منا، آيسنا منكم وقد رجونا غير الذي كان وخشينا دون ما وقع ولستم بملاقينا اليوم باحد من حد أمس ولا غداً بأحد من حد اليوم وقد منعنا بما كان من ملك الشام ومنعتم بما كان منكم وابقوا على قريش فانما بقي من رجالنا ستة: رجلان بالشام ورجلان بالعراق ورجلان بالحجاز فاما اللذان بالشام فانا وعمرو وأما اللذان بالعراق فأنت وعلي وأما اللذان بالحجاز فسعد وابن عمر، و|اثنان| من الستة ناصبان لك واخران واقفان عليك وأنت رأس هذا الجمع اليوم وغدا ولو بايع الناس لك بعد عثمان، كنا اليك أسرع |اجابة| منا إلى علي. في كلام كثير كتب به إليه.

___________________________________

وقعة صفين: 414.

فلما انتهى الكتاب إلى ابن عباس، استضحك ثم قال: حتى متى يخطب إلى عقلي وحتى متى احجم

___________________________________

في وقعة صفين:.. متى أجمجم..، والجمجمة: ان لا يبين كلامه من غير عيّ ـ لسان العرب. على ما في نفسي. فكتب إليه.

أما بعد، فاما ما ذكرت من سرعتنا اليك بالمساءة والى انصار ابن عفان وسلطان بني امية، فلعمري لقد ادركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره، حتى صرت إلى ما صرت إليه وبيني وبينك في ذلك ابن عمك واخو عثمان، الوليد بن عقبة

___________________________________

هو اخوه لامه. واما طلحة والزبير فطلبا الملك ونقضا البيعة فقاتلهما على النكث.

واما قولك: انه لم يبق من قريش غير ستة فما اكثر رجالهما واحسن بقيتها

وقد قاتلك من خيارها من قاتلك ولم يخذلنا إلا من خذلك واما اغراؤك ايانا بعدي وتيم فأبوبكر وعمر خير من عثمان كما ان عثمان خير منك وقد بقي لك منا يوم ينسيك ما قبله وتخاف ما بعده واما قولك اما انه لو بايع الناس لي لاستقامت لي، فقد بايع الناس عليا عليه السلام وهو خير منى فلم تستقم له، وانما الخلافة لمن كان في الشورى فما أنت والخلافة يا معاوية وأنت طليق وابن طليق، وابن رأس الاحزاب وابن آكلة الأكباد، فلما انتهى الكتاب إلى معاوية قال هذا عملي بنفسي لا والله لا اكتب إليه كتابا سنة.

___________________________________

وقعة صفين: 415.

وكتب معاوية بن ابي سفيان إلى قيس بن سعد بن عبادة اما بعد، فانك يهودي وابن يهودي ان ظفر الفريقان اليك عزلك واستبدل بك وان ظفر أبغضهما اليك نكل بك وقتلك وقد كان أبوك وتر قوسه ورمى غرضه واكثر الحز واخطأ المفصل فخذله قومه وادركه يومه حتى مات بحوران

___________________________________

حوران، بالفتح: كورة واسعة من اعمال دمشق في القبلة، ذات قرى كثيره ومزارع، قصبتها بصري ومنها اذرعا وزرع، وحوران ايضاً ماء بنجد ـ مراصد الاطلاع. طريداً.

___________________________________

شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 16: 43.

فكتب إليه قيس: اما بعد، فانما أنت وثن ابن وثن، دخلت في الاسلام كرهاً وخرجت منه طوعاً لم يقدم ايمانك ولم يحدث نفاقك وقد كان أبي وتر قوسه ورمى غرضه فشعب به من لم يبلغ عقبه، ولا شق غباره ونحن انصار الدين الذي منه خرجت واعداء الدين الذي فيه دخلت.

___________________________________

شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 16: 43.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page