حدث جماعة من أهل إصفهان، منهم أبو العباس أحمد بن النصر وأبو جعفر محمد بن علوية قالوا: كان باصفهان رجل يقال
المزیديقع مرقده عليه السلام في داره في محلة العسكر اشتراهاالإمام الهادي وكان بها حتى توفي فيها, قال الخطيب
المزیدمن علي بن محمد ؛ سلام عليكم وعلى من اتبع الهدى ورحمة الله وبركاته ، فانه ورد عليّ كتابكم وفهمتُ ما ذكرتم من
المزیدالنصوص في إمامة علي بن محمد الهادي (عليهما السلام) كثيرة، مضافاً إلى إجماع العصابة على إمامته، وعدم من يدعي
المزیداعتبر المؤرخون واصحاب السير الإمام الهادي ( عليه السلام ) علماً بارزاً من اعلام عصره في العلم والمعرفة .وقد
المزید- هوالامام العاشر، ولد بقرية في ضواحي المدينة سنة 214، وتوفي ودفن في سامراء سنة 254، وأمه أم ولد، واسمها أم
المزیدعن يعقوب بن يزيد، عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام) قال: إذا كانت لك حاجة مهمة فصم يوم الأربعاء والخميس
المزیدحفلت كتب الرواية والتفسير والفقه والعقيدة والمعارف المختلفة، بآثار الإمام علي الهادي (عليه السلام)، ونحن في
المزیدمدرسة الإمام الهادي
لقد كان الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) أحد أعلام أئمة الهدى الاثني عشر، فهو
النجمة العاشرة
الجوهر الأصيل لا تزيده كرور الليالي والأيام إلا تلألؤاً وضياء.. وهكذا كان أئمة أهل البيت
ـــــــــــــــ إعداد: أكرم زيدان ـــــــــــــــ
هو يعقوب بن السِّكّيت، المعاصرُ للإمامين الجواد والهادي عليهما السلام، ومن خواصّ أصحابهما، أحد أعلام اللغويّين وجهابذة المتأدّبين، حاملُ لواء علم العربية والأدب والشعر واللّغة، ثقةٌ جليل القدر، عظيمُ المنزلة، قتلَه المتوكّل العباسي لتفضيله قَنبراً خادمَ أمير المؤمنين عليه السلام عليه وعلى ولدَيه المؤيّد والمعتزّ.
كان لابن السّكّيت دورٌ بالغ الأهمّية في جمع أشعار العرب وتدوينها، مضافاً إلى نشاطاته الملحوظة في النّحو واللّغة، وكان عالماً بالقرآن ونحو الكوفيّين، ومن أعلم الناس باللّغة والشعر، وُصف بأنّه كان شديد التمسّك بالسُّنة النبوية والعقائد الدينيّة، وأنّه قام بجمع الروايات ونقلها.
هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدَورقي الأهوازي، نسبة إلى دَورق من بلاد خوزستان، وحُكي أنّ يحيى بن زياد المعروف بالفرّاء، إمام الكوفيّين في النحو سأل أباه السّكّيت (سُمّي بذلك لفَرْط سكوته) عن نسبه فأجاب: «خوزيّ أصلحك الله، من قرى دَورق من كور الأهواز».
كانت ولادته حدود سنة 186 هجريّة، وأبوه رجلٌ صالح، وأديب عالم، كان من أصحاب الكسائيّ العالم اللّغوي، لذلك وُصف بأنّه حسن المعرفة بالعربية، وحُكي عنه أنّه كان قد حجّ فطاف بالبيت وسعى، وسأل الله تعالى أن يعلّم ابنه النحو. (من هنا يمكن القول أنّ سرّ توفيق ابن السكّيت ليكون من أعلام اللغة، أنّه تعلّم ذلك بدعاء من أبيه الصالح عند البيت الحرام). وكان ابن السّكّيت يقول: أنا أعلم من أبي بالنحو وأبي أعلم منّي بالشعر واللّغة.
قال ابن خلّكان في (وفيّات الأعيان): «قال أبو الحسن الطوسي: كنّا في مجلس أبي الحسن علي اللّحياني، وكان عازماً على أن يُملي نوادره ".." فقال يوماً، تقول العرب: مُثقِلٌ استعانَ بذقنِه، فقام إليه ابن السِّكّيت وهو حَدَث، فقال: يا أبا الحسن، إنّما هو مُثقلٌ استعان بدفيّه، يريدون الجمل إذا نهض بحِمله استعان بجَنبيه، فقطع الإملاء.
فلمّا كان المجلس الثاني أملى فقال، تقول العرب: وهو جاري مُكاشري، فقام له ابن السِّكّيت فقال: أعزّك الله، وما معنى مكاشري؟ إنّما هو مُكاسري؛ كِسرُ بيتي إلى كِسرِ بيته، قال فقطع اللّحياني الإملاء فما أملى بعد ذلك شيئاً».
أساتذتُه والراوون عنه
رحل يعقوب ابن السكّيت من موطنه خوزستان إلى بغداد مع أُسرته، وأفاد فيها من دروس أساتذة كبار كأبي عَمرو الشيباني، والفَرّاء، وابن الأعرابي، والأثرم، ونصران الخراساني، وكلّهم كانوا من أعلام العلم والأدب آنذاك.
ثمّ إنّه ممّن روى الحديث عن الإمامين محمّد الجواد وعليّ الهادي عليهما السلام، وروى كذلك عن عبد الملك الأصمعي، وأبي عبيدة.
ومن الراوين عنه: أبو سعيد السكّري، أبو عكرمة الضبّي، محمّد بن الفرج المقرئ، محمّد بن عجلان الإخباري، ميمون بن هارون الكاتب، عبد الله بن محمّد بن رستم وغيرهم.
أقوال العلماء فيه
* الشيخ النجاشي في رجاله: «وكان وجهاً في علم العربية واللّغة، ثقةً، مصدّقاً لا يُطعن عليه».
* الخطيب البغدادي في تاريخه: «كان من أهل الفضل والدين، موثوقاً بروايته، وكان يؤدّب وُلدَ جعفر المتوكّل».
* السيّد محسن الأمين في (أعيان الشيعة): «كان عَلَماً من أعلام الشيعة وعظمائهم وثقاتهم، ومن خواصّ الإمامينِ محمّد التقي وعليّ النقي عليهما السلام، وكان حامل لواء الشعر، والأدب، والنحو، واللّغة في عصره».
* الشيخ عبّاس القمّي في (الكنى والألقاب): «أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق الدَّورقي الأهوازي الإمامي النحوي اللّغوي الأديب، ذكره كثير من المؤرّخين وأثنوا عليه، وكان ثقةً جليلاً من عظماء الشيعة، ويُعدّ من خواصّ الإمامين التقيّين عليهما السلام، وكان حامل لواء علم العربية، والأدب، والشعر، واللّغة، والنحو، وله تصانيف كثيرة مفيدة منها: (تهذيب الألفاظ) وكتاب (إصلاح المنطق)».
* ابن داود الحلّي في رجاله: «يعقوب بن إسحاق بن السكِّيت، أبو يوسف، صاحب (إصلاح المنطق)، كان متقدّماً عند أبي جعفر الثاني وأبي الحسن عليهما السلام، وكانا يختصّانه، قتله المتوكّل لأجل التشيّع، كان صدوقاً، عالماً بالعربية لا مَطعن عليه».
* ابن النديم في كتابه (الفهرست): «كان متصرّفاً في أنواع العلوم، من علماء بغداد، وكان عالماً بنحو الكوفيّين، وعِلم القرآن والشعر، وقد لقي فصحاء الأعراب وأخذ عنهم».
* السيوطي في (طبقاته): «له تصانيف كثيرة في النحو، ومعاني الشعر، وتفسير دواوين العرب، زاد فيها على من تقدّمه».
* الإمام الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء في كتابه (أصل الشيعة وأصولها): «ابن السكّيت، يعقوب بن إسحاق الدروقي الأهوازي الإمامي، النحوي واللغوي الشهير، من عظماء الشيعة وكبار رجالاتها، ويُعدّ من خواصّ الإمامين التقيّين عليهما السلام. كان حاملاً للواء العربية والأدب، وله جملة واسعة من التصانيف الشهيرة».
* الذهبي في (سير أعلام النبلاء): «ابن السكّيت شيخ العربية، أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق، البغدادي النحوي المؤدِّب، مؤلّف كتاب (إصلاح المنطق)، أدّب وُلد المتوكّل، وله من التصانيف نحو من عشرين كتاباً».
مؤلّفاته
لابن السكّيت ما يزيد على خمس وعشرين مؤلّفاً في اللّغة وما يتّصل بها، أشهرها كتاب (إصلاح المنطق) حتّى أنه عُرف به. ومن كتبه:
1- تهذيب الألفاظ.
2- الأمثال.
3- الأضداد.
4- القلب والإبدال.
5- الزبرج.
6- المقصور والممدود.
7- المذكّر والمؤنّث.
8- الأجناس.
9- الأصوات.
10- ما اتّفق لفظه واختلف معناه.
11- المثنّى والمبنى والمكنّى.
12- فعل وأفعل.
13- معاني الشعر الكبير.
14- معاني الشعر الصغير.
15- سرقات الشعراء.
ومن كتبه أيضاً: (البحث)، (الفرق)، (السِّرج واللّجام)، (الحشرات)، (الشجر والنبات)، (الوحوش)، (الإبل)، (النوادر)، (الأيام والليالي).
وله كتابٌ في تصنيف شعر الشعراء، جمع فيه: شعر امرئ القيس، وزهير، والنابغة، والأعشى، وعمرو بن كلثوم، والفرزدق، وجرير، وحسان بن ثابت، وغيرهم.
كتاب إصلاح المنطق
قال ابن خلّكان: «ذكر بعض الثقات أنّه ما عبَر على جسر بغداد كتابٌ من اللّغة مثل (إصلاح المنطق) لابن السّكّيت، ولا شكّ أنّه من الكتب النافعة الممتعة، الجامع لكثير من اللّغة، ولا يُعرف في حجمه مثلُه في بابه، وقد عَني به جماعة، واختصره الوزير أبو القاسم الحسين بن عليّ المعروف بابن المغربي، وهذّبه الخطيب أبو زكريا التبريزي».
ورُوي عن المبرد قوله: «ما رأيت للبغداديّين كتاباً أحسن من كتاب ابن السكّيت في المنطق».
والكتاب معجم لغوي، ولا علاقة له بعلم المنطق، كما قد يتبادر إلى الأذهان، حيث قُصِدَ بالمنطق فيه المعنى اللّغوي لا الإصطلاحي، يشرح الكلمةَ في العربية، مُطعِماً الشرحَ بالقرآن، وبالأشعار والأمثال العربية، وله جهدٌ في تصحيح ما شاع من أخطاء لُغوية على الألسنة.
«وقد أراد ابن السكّيت أن يعالج أيضاً داء اللّحن والخطأ الذي كان قد استشرى وترسّخ في لغة العرب التي هي لغة القرآن، فعمد إلى تأليف كتابه هذا، وضمّنه أبواباً ضبط بها جمهرةً من لغة العرب، ولقد جمع في كتابه هذا الألفاظ المتّفقة في الوزن الواحد مع اختلاف المعنى، أو المختلفة فيه مع اتفاق المعنى، وما فيه لغتان أو أكثر، وما يعلّ ويصحّ، وما يُهمز وما لا يُهمز، وما يشدّد، وما تغلط فيه العامة ".."، وكلّ ما جاء في هذا الكتاب، الكلمات المستعملة التي ينبغي لكلّ عربيّ أن يعرفها، وقد عُرف هذا الكتاب واشتُهر قديماً واهتمّ به كبار اللّغويين، وقد قال صاحب كتاب (كشف الظنون): هو من الكتب المعتبرة المصنّفة في الأدب العربي، ولذلك تلاعب الأدباء فيه بأنواع من التصرّفات». (ترتيب إصلاح المنطق، بكّائي)
من شعره
قال أحمد بن محمّد بن أبي شداد: «شكوتُ إلى ابن السكّيت ضائقةً فقال: هل قلتَ شيئاً؟ قلت: لا. قال: فأقول أنا. ثم أنشدني:
نفسي ترومُ أموراً لستُ أُدركُها ما دُمتُ أحذرُ ما يأتي به الحَذرُ ".."
ليس احتيالٌ ولا عقلٌ ولا أدبٌ يُجدي عليك إذا لم يُسعدِ القدَرُ
ولا توانٍ ولا عجزٌ يضرّ إذا جاء القضاءُ بما فيه لك الخِيَرُ
ما قدّر اللهُ من أمرٍ يُسهّله ونيلُ ما لم يُقدّر نيلَه عَسِرُ
ليس ارتحالُك ترتادُ الغنى سفراً بل المقامُ على خسفٍ هو السفرُ».
وقال الحسين بن عبد المجيب الموصلي: «سمعت ابن السّكّيت يقول في مجلس أبي بكر بن أبي شيبة:
ومن الناس من يحبّك حبّاً ظاهرَ الحبّ ليس بالتقصيرِ
فإذا ما سألتَه عُشرَ فلسٍ أَلْحقَ الحبَّ باللّطيف الخبيرِ».
ومن شعره في الأمل برحمة الله تعالى:
«إذا اشتملتْ على اليأس القلوبُ وضاق لما به الصدرُ الرحيبُ
وأوطنتِ المكارهُ واستقرّت وأرست في أماكنها الخُطوبُ
ولم ترَ لانكشاف الضرّ وجهاً ولا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاك على قنوطٍ منك غوثٌ يمنُّ به اللّطيف المستجيبُ
وكلّ الحادثاتِ إذا تناهتْ فمَوصولٌ بها فرجٌ قريبُ».
ويُنسب إليه كما لآخرين الأبيات المشهورة المندّدة بهدم المتوكّل العباسيّ قبر الإمام الحسين عليه السلام وهي:
«تاللهِ إن كانت أميّةُ قد أتتْ قتلَ ابن بنت نبيّها مظلوما
فلقد أتتْهُ بنو أبيه بمثلِه فغدا لَعمرُك قبرُه مهدوما
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا في قتله فتتبّعوه رميما».
من رواياته عن الإمام الهادي عليه السلام
في كتاب (الأمالي) للشيخ الطوسي رحمه الله بإسناده عن ابن السكّيت قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الرضا عليهم السلام يقول: «قال أمير المؤمنين عليه السلام: إيّاكم والإيكال بالمُنى، فإنها من بضائع العجزة».
وعنه في المصدر نفسه: سألت أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الرضا عليهم السلام: ما بالُ القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلّا غضاضة؟ قال عليه السلام: «إنّ الله لم يجعلْه لزمانٍ دون زمان، ولا لناسٍ دون ناس، فهو في كلّ زمان جديد، وعند كلّ قوم غضّ إلى يوم القيامة».
وفي (مناقب آل أبي طالب) لابن شهراشوب أنّ المتوكّل قال لابن السكّيت: اسأل ابن الرّضا [الإمام الهادي عليه السلام] مسألةً عوصاء بحضرتي، فسأله فقال: لِمَ بعث الله موسى بالعصا؟ وبعث عيسى بإبراء الأَكْمَه والأبرص وإحياء الموتى؟ وبعث محمّداً صلّى الله عليه وآله بالقرآن والسّيف؟ فقال الإمام عليه السلام : «بعث الله موسى بالعصا واليد البيضاء في زمانٍ الغالبُ على أهله السِّحر، فأتاهم من ذلك ما قهر سحرَهم وبهرَهم وأثبتَ الحجّة عليهم، وبعثَ عيسى بابراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله في زمانٍ الغالبُ على أهله الطبّ، فأتاهم من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله فقهرَهم وبهرَهم، وبعث محمّداً بالقرآن والسّيف في زمانٍ الغالبُ على أهله السّيف والشِّعر، فأتاهم من القرآن الزاهر والسّيف القاهر ما بهر به شعرَهم وقهر سيفَهم وأثبتَ الحجّة عليهم». فقال ابن السكّيت: فما الحجّة الآن؟ قال عليه السلام: «العقل، يُعرف به الكاذب على الله فيُكذَّب».
شهادته
عمل ابن السكّيت مؤدّباً يُعلّم الصبيان، وساقته مهنته تلك إلى سُرّ من رأى حيث مقرّ الحاكم العباسي، فتعرّف إلى عبد الله بن يحيى بن الخاقان الذي أوصل خبره إلى المتوكّل، فعهد إليه الأخير أن يُعلّم ابنيه المعتزّ والمؤيّد، وأجزل له العطاء وجعله في مجلسه.
وجاء في المصادر أنّه بينا هو مع المتوكّل في بعض الأيام إذ مرّ به وَلداه فقال له: يا يعقوب، مَن أحبُّ إليك؟ إبناي هذانِ أم الحسن والحسين؟ فغضَّ من ابنيه وقال: قنبر خيرٌ منهما، وأثنى على الحسن والحسين عليهما السلام بما هما أهله.
وقيل: إنّه قال: والله! إنّ قنبراً خادمَ عليٍّ عليه السلام خيرٌ منك ومن ابنيك، فأمر الأتراكَ فداسوا بطنَه، فحُمِل فعاش يوماً وبعض يوم. وقيل: حُمل ميْتاً في بساط،
وقال المتوكّل: سُلّوا لسانه من قفاه. ففعلوا به ذلك فمات. وكان ذلك في الخامس من رجب سنة 244 ﻫجريّة عن عمر 58 عاماً، ودُفِن ببغداد.
وقد أورد هذه الحادثة باختلاف في الألفاظ كلٌّ من ابن خلّكان في (وفيات الأعيان)، الحموي في (معجم الأدباء)، الدميري في (حياة الحيوان)، إبن الأثير في (الكامل)، الذهبي في (تاريخ الإسلام)، وغيرهم.
ومن أعجب الصُدف أنّه كان قد نظم بيتين من الشِّعر قبل مقتله بأيّام يقول فيهما:
يُصاب الفتى من عَثرةٍ بلسانه وليس يُصاب المرءُ من عثرة الرِّجْلِ
فعثرتُه في القول تُذهِبُ رأسَه وعثرتُه في الرِّجل تبرا عن مهلِ.
مواقف من شهادته
عُدّ موقف ابن السكّيت من استفزاز المتوكّل له بالتعرّض لسيّدَي شباب أهل الجنّة عليهما السلام، ومحاولته الحطّ من شأنهما بمقايسته لهما بابنيه موقفاً بطوليّاً، خصوصاً إذا ما علمنا أنّ المتوكّل كان شديد النُّصب لأهل البيت عليهم السلام، وهو الذي أمر بهدم قبر الإمام الحسين عليه السلام كما مرّ.
يُنقل عن المجلسي الأول رحمه الله قوله: «إعلم أنّ أمثال هؤلاء الأعلام كانوا يعلمون وجوب التقيّة، ولكنّهم يصيرون (لا يصبرون) غضباً لله تعالى، بحيث لا يبقى لهم الإختيار عند سماع هذه الأباطيل، كما هو الظاهر لمن كان له قوّة في الدين..».
وجاء في كتاب (الروضة البهيّة): «وهذا الموقف الشريف من ابن السكّيت عينُ الموقف الذي وقفه رجالات المبدأ والعقيدة أمام طواغيت الظُّلم والجور من أمثال: حجر بن عَدي، وميثم التمّار، ورشيد الهجري، وعمرو بن الحمق الخزاعي وأضرابهم رضوان الله عليهم، لأنّ هذه المواقف من هؤلاء الأبطال والأوتاد هي التي رسّخت قواعد مبدأ الحقّ وعمّقته، وكانت سبباً في انتشاره واستمراره إلى يومنا هذا».
وينقل الشهيد التستري في كتابه (إحقاق الحق) عن معاصره العلّامة الشيخ محمّد العربي التبّاني الجزائري المكّي قوله: «وابن السكّيت النحوي دافع عن عليٍّ وولديه الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم عند المتوكّل العبّاسي فقتله بسبب ذلك ظلماً، ومدافعتُهم التي سنّوها لنا ومدافعة غيرهم ممّن جاء بعدهم من العلماء، إنّما هي مأخوذة من كتاب الله وسنّة رسوله صلّى الله تعالى عليه [وآله] وسلّم».
عدّه الشيخ من أصحاب الإمام أبي الحسن الهادي (عليه السلام)، وهو من أساطين العلماء، ومن ابرز رجال الفكر الاسلامي في عصره، خاض في مختلف العلوم والفنون وألّف فيها، ونعرض بايجاز لبعض شؤونه:
ثناء الإمام الحسن العسكري(ع) عليه
واشاد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) بالفضل بن شاذان، وأثنى عليه ثناءً عاطراً، فقد عرضت عليه احدى مؤلفاته فنظر فيه فترحّم عليه وقال: «أغبط اهل خراسان بمكان الفضل بن شاذان وكونه بين اظهرهم»(1).
ونظر (عليه السلام) مرة اخرى إلى مؤلَّف آخر من مؤلفاته فترحّم عليه ثلاث مرات، وقال مقرّضاً للكتاب: «هذا صحيح ينبغي ان يعمل به»(2).
*******
ردّه على المخالفين
انبرى الفضل للدفاع عن مبادئه، وإبطال الشبه التي اثيرت حول عقيدته، وقد قال: انا خلف لمن مضى ادركت محمد بن أبي عمير، وصفوان بن يحيى وغيرهما، وحملت عنهم منذ خمسين سنة، ومضى هشام بن الحكم (رحمه الله)، وكان يونس بن عبد الرحمن (رحمه الله) خلفه، كان يرد على المخالفين، ثم مضى يونس بن عبد الرحمن ولم يخلف خلفاً غير السكاك، فردّ على المخالفين حتى مضى (رحمه الله)، وانا خلف لهم من بعدهم رحمهم الله(3). لقد كان خلفاً لاولئك الأعلام الذين نافحوا وناضلوا عن مبادئهم الرفيعة التي تبناها أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
*******
مؤلفاته
ألّف هذا العالم الكبير في مختلف العلوم، كعلم الفقه وعلم التفسير وعلم الكلام والفلسفة واللغة والمنطق وغيرها، وكانت مؤلفاته تربو على مائة وثمانين مؤلفاً وقد ذكر بعضها الشيخ والنجاشي وابن النديم وغيرهم.
*******
(1) رجال النجاشي: 102.
(2) رجال الطوسي: 375.
(3) معجم رجال الحديث: 5/313 ـ 314.
*******
كان من مفاخر العلماء ومن مشاهير تلاميذ الإمام الهادي (عليه السلام) ونتحدث بايجاز عن بعض شؤونه:
عبادته
كان من عيون المتقين والصالحين، ويقول المؤرخون: انه كان إذا طلعت الشمس سجد لله تعالى، وكان لا يرفع رأسه حتى يدعو لألف من اخوانه بمثل ما دعا لنفسه، وكان على جبهته سجادة مثل ركبة البعير من كثرة سجوده(1).
*******
ثناء الإمام الجواد (عليه السلام) عليه
وأثنى الإمام الجواد (عليه السلام) ثناءً عاطراً على ابن مهزيار، وكان مما أثنى عليه انه بعث له رسالة جاء فيها:
«يا علي قد بلوتك وخبرتك في النصيحة والطاعة والخدمة والتوقير، والقيام بما يجب عليك، فلو قلت: إني لم أر مثلك لرجوت ان اكون صادقاً فجزاك الله جنات الفردوس نزلاً. وما خفي علي مقامك ولا خدمتك، في الحر والبرد، في الليل والنهار، فاسأل الله إذا جمع الخلائق للقيامة ان يحبوك برحمة تغتبط بها انه سميع الدعاء»(2).
وكشفت هذه الرسالة عن إكبار الإمام وتقديره ودعائه له، وانه (عليه السلام) لم ير في أصحابه وغيرهم مثل هذا الزكي تقوى وورعاً وعلماً.
*******
مؤلفاته
ألف عليّ مجموعة من الكتب تزيد على ثلاثين كتاباً كان معظمها في الفقه وهذه بعضها: كتاب الوضوء، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الصوم، كتاب الحج، كتاب الطلاق، كتاب الحدود، كتاب الديّات، كتاب التفسير، كتاب الفضائل، كتاب العتق والتدبير، كتاب التجارات والاجارات، كتاب المكاسب، كتاب المثالب، كتاب الدعاء، كتاب التجمل والمروّة، كتاب المزار، وغيرها(3).
*******
طبقته في الحديث
وقع علي بن مهزيار في اسناد كثير من الروايات تبلغ (437) مورداً، روى عن الإمام أبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث وغيرهم. لقد كان علي بن مهزيار من دعائم الفكر الشيعي، وكان من أفذاذ عصره وعلماء دهره.
*******
(1) معجم رجال الحديث: 3/86.
(2) رجال النجاشي: 102.
(3) الفهرست: 56.
*******
هو السيد الشريف الحسيب النسيب من مفاخر الاُسرة النبوية علماً وتقى وتحرجاً في الدين. ونلمح إلى بعض شؤونه.
نسبه الوضاح
يرجع نسبه الشريف إلى الإمام الزكي أبي محمد الحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو ابن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).
*******
وثاقته وعلمه
كان ثقة عدلاً، متحرجاً في دينه كأشد ما يكون التحرج، كما كان عالماً وفاضلاً وفقيهاً فقد روى أبو تراب الروياني، قال: سمعت أبا حماد الرازي، يقول: دخلت على علي بن محمد (عليه السلام) بـ (سر من رأى) فسألته عن اشياء من الحلال والحرام فأجابني عنها، فلما ودعته قال لي: يا حماد إذا اشكل عليك شيء من امر دينك بناحيتك فسل عنه عبد العظيم الحسني واقرئه مني السلام(1). ودلّت هذه الرواية على فقهه وعلمه.
*******
عرض عقيدته على الهادي (عليه السلام)
وتشرف السيد الجليل عبد العظيم بمقابلة الإمام الهادي (عليه السلام) فعرض على الإمام اصول عقيدته وما يدين به قائلاً: «يا ابن رسول الله اني اُريد ان اعرض عليك ديني فإن كان مرضياً ثبتُّ عليه...».
فقابله الإمام مبتسماً وقال له: «هات يا أبا القاسم».
وانبرى عبد العظيم يعرض على الإمام المبادئ التي آمن بها قائلاً: «اني اقول: ان الله تبارك وتعالى ليس كمثله شيء، خارج عن الحدين، حد الإبطال وحد التشبيه، وانه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر بل هو مجسم الاجسام ومصور الصور وخالق الاعراض والجواهر ورب كل شيء ومالكه وجاعله ومحدثه.
وان محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، فلا نبي بعده إلى يوم القيامة، وان شريعته خاتمة الشرايع فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة، واقول: ان الإمام والخليفة، وولي الامر بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي ثم انت يا مولاي».
والتفت إليه الإمام فقال: «ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده؟».
واستفسر عبد العظيم عن الحجة من بعده قائلاً: وكيف ذاك يا مولاي؟
قال الإمام (عليه السلام): «لأنه لا يرى شخصه، ولا يحل ذكره باسمه، حتى يخرج فيملأ الارض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً».
وانبرى عبد العظيم يعلن ايمانه بما قال الإمام (عليه السلام) قائلاً: «اقررت، واقول: ان وليهم ولي الله، وعدوهم عدو الله وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله...
واقول: ان المعراج حق والمساءلة في القبر حق وان الجنة حق والنار حق والصراط حق والميزان حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور.
وأقول: ان الفرائض الواجبة بعد الولاية ـ اي الولاية لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) - الصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..».
وبارك له الإمام عقيدته قائلاً: «يا أبا القاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة»(2).
*******
(1) اختيار معرفة الرجال: 2/869.
(2) خلاصة الأقوال: 51.
وفيه موضوعان(أ) - أصحابه عليه السلاموفيه قسمانالأوّل - ما عدّه الشيخ والبرقيّ وغيرهما من أصحابه عليه
المزیدوفيه أربعة موضوعات(أ) - ثقاته عليه السلام(١)- محمّد بن يعقوب الكلينيّ رحمه الله؛: محمّد بن عبد اللّه، ومحمّد
المزیدوفيه ثلاثة موضوعات (أ) - الممدوحونوفيه اثنان وثلاثون شخصاالأوّل - إبراهيم بن محمّد الهمدانيّ:١- أبو عمرو
المزیدوفيه أحاديث نودّ أن نلفت نظر القارىء الكـريم بأنّنا أثناء عملنا في جمع أحاديث الإمـام الهادي عليه
المزیدوفيه ستّة موضوعات(أ) - مارواه عليه السلام عن بشر بن عمر الحضرميّ١- السيّد ابن طاووس رحمه الله؛: قال:الشيخ
المزیدالمحاضرات
البث المباشر من المراقد المطهرة
الأدعية و الزيارات
سجن الامام الهادي عليه السلام في سامراء
- Details
- in الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
- 1
- 2,621 :المشاهدات
احمد الباوي - مولد الإمام الهادي عليه السلام - 1434
- Details
- in الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
- 0
- 1,547 :المشاهدات
محمد البصري - مولد الإمام علي الهادي عليه السلام
- Details
- in الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
- 0
- 1,665 :المشاهدات
الشيخ عبدالحميد الغمغام - مولد الإمام علي الهادي عليه السلام
- Details
- in الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
- 0
- 1,751 :المشاهدات
قصة ابن السكيت تلميذ الامام الهادي عليه السلام - السيد محمد الحكيم
- Details
- in الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
- 0
- 117 :المشاهدات
مرقد الامامين العسكريين عليهما السلام
- Details
- in الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) , الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
- 0
- 214 :المشاهدات
مرقد الإمامين العسكريين عليهما السلام
- Details
- in الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) , الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
- 0
- 229 :المشاهدات
السلام عليك يا علي بن محمد ايها الهادي النقي
- Details
- in الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام)
- 0
- 194 :المشاهدات