• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شيعة

  • 1

    حديث الغدير في مصادر أهل السنة :
    1 ـ قال النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يوم غدير خم : «ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم؟ فقلنا بلى يارسول اللّه‏ . قال : فمن كنت مولاه فعليّ مولاه اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»(1)
    2 ـ وعن زاذان أبي عمر قال : سمعت عليّا في الرحبة ، وهو ينشد الناس : من شهد رسول اللّه‏ صلى‏ الله ‏عليه‏ و‏آله يوم غدير خم وهو يقول ما قال .
    فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللّه‏ صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه »(2).
    3 ـ إنّ النبي صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله قال يوم غدير خم : «من كنتُ مولاه» فعلي مولاه قال ربما الراوي وهو أبو مريم أو غيره) فزاد الناس بعد : «والِ من والاه وعادِ من عاداه»(3).
    وفيه : أنّ هذه الزيادة ليست من الناس ، بل هي رواية عن النبي صلى‏ الله ‏عليه‏ و‏آله عن زيد عن رسول اللّه‏ في حديث رقم 18522 في مسند أحمد .
    ثم إن هذه الإضافة موجودة في مصادر الحديث الأخرى عند الطائفتين ، فلا إشكال في ثبوت صدورها عن النبي صلى‏ الله‏ عليه ‏و‏آله ، ثم إن مورد الاستشهاد إنما بصدر الحديث أي قوله صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله : «من كنتُ مولاه فعلي مولاه» . وليس بذيله ، أي : (اللهم والِ من والاه )....
    4 ـ وعن أبي سرحة أو زيد بن علي عن النبي صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله: «من كنت مولاه فعلي مولاه»(4).
    5 ـ وقال سعد بن أبي وقاص لمعاوية بن أبي سفيان بعد أن نال الأخير من علي عليه ‏السلام : «تقول هذا لرجل سمعت رسول اللّه‏ صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله يقول : «من كنت مولاه فعلي مولاه »(5).
    6 ـ «وعن عامر بن سعد عن سعد ، أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله خطب فقال : أما بعد ، أيّها الناس فإني وليكم قالوا : صدقت ، ثم أخذ بيد عليّ فرفعها ثم قال : هذا ولييّ والموءدي عني ، والِ اللهم من والاه ، وعادِ اللهم من عاداه .
    7 ـ وعن عائشة بنت سعد عن سعد قال : أخذ رسول اللّه‏ صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله بيد علي فخطب فحمد اللّه‏ وأثنى عليه ثم قال : ألم تعلموا أني أولى بكم من أنفسكم؟
    قالوا : نعم ، صدقت يارسول اللّه‏ . ثم أخذ بيد علي فرفعها : فقال : من كنت وليه فهذا وليه ، وإن اللّه‏ ليوال من والاه ويعادي من عاداه»(6).
    8 ـ «وعن عائشة بنت سعد عن سعد أنه قال : كنا مع رسول اللّه‏ بطريق مكة ، وهو متوجه إليها ، فلما بلغ غدير خم الذي بخم وقف الناس ثم ردّ من مضى ولحقه من تخلف فلما اجتمع الناس قال : أيّها الناس هل بلغت؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد . ثم قال : أيها الناس هل بلغت؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد ثلاثا (ثم قال) أيها الناس من وليكم؟
    قالوا : اللّه‏ ورسوله ـ ثلاثا ـ ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فأقامه فقال : من كان اللّه‏ ورسوله وليه فإن هذا وليه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»(7).
    9 ـ روى عثمان بن سعيد عن شريك بن عبد اللّه‏ ، قال : لما بلغ عليّا عليه‏السلام أنّ الناس يتهمونه فيما يذكره من تقديم النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله وتفضيله إياه على الناس ، قال عليه‏السلام : «أنشد اللّه‏ من بقي ممّن لقى رسول اللّه‏ صلى ‏الله‏ عليه ‏و‏آله وسمع مقاله في يوم غدير خم إلاّ قام فشهد بما سمع؟
    فقام ستة ممن عن يمينه من أصحاب رسول اللّه‏ صلى‏ الله ‏عليه‏ و‏آله وستة ممن على شماله من الصحابة أيضا فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللّه‏ صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله يقول ذلك اليوم وهو رافع بيدي علي : من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله ، وأحبَّ من أحبَّه وأبغض من أبغضه (8) .
    وفي مكان آخر من كتاب النهج ينقل ابن أبي الحديد هذه القطعة الإضافية «وأنس بن مالك في القوم لم يقم : فقال له يا أنس! ما يمنعك أن تقوم فتشهد ولقد حضرتها؟
    فقال : ياأمير الموءمنين كبرت ونسيت . فقال : اللهم إن كان كاذبا فارمه بها بيضاء لا تواريها العمامة .
    قال طلحة بن عمير : فواللّه‏ لقد رأيت الوضح به بعد ذلك أبيض من عينيه»(9).
    10 ـ « قال صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله يوم غدير خم : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»(10).
    11 ـ «وقام النبيّ صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله خطيبا وأخذ بيد علي بن أبي طالب فقال : ألست أولى بالموءمنين من أنفسهم؟
    قالوا : بلى يا رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله .
    قال : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»(11).
    12 ـ وقال النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله للمسلمين في عودته من حجّة الوداع : «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه»(12).
    حديث الغدير في كتب الشيعة :
    ومن الواضح أن جميع كتب الشيعة التي تعرضت لسيرة النبي صلى ‏الله‏ عليه‏ و‏آله ، أو لفضائل علي عليه ‏السلام ومناقبه ، أو التي تعرضت لمسائل الإمامة ذكرت حديث الغدير ، ونحن هنا نشير إلى بعض ماسجله علماء الشيعة في نقل حديث الغدير كنموذج لذلك :
    1 ـ فلما رجع رسول اللّه‏ صلى‏ الله ‏عليه ‏و‏آله من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل عليه‏السلام فقال : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْك مِنْ رَبِّك وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّه‏ُ يَعْصِمُك مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللّه‏َ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ(13) .
    فنادى الناس فاجتمعوا ، ثم قال عليه الصلاة والسلام : (ياأيها الناس مَن وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟
    فقالوا : اللّه‏ ورسوله .
    فقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه ـ ثلاث مرات ـ»(14).
    2 ـ قال النبي صلى ‏الله ‏عليه ‏و‏آله : «إني قد دعيت ويوشك أن أجيب ، وقد حان مني خفوق من بين أظهركم وإني مخلف فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب اللّه‏ وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض .
    ثم نادى بأعلى صوته : ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟
    قالوا : اللهم بلى .
    فقال : فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله»(15).
    3 ـ وقال النبي ( صلى اللّه‏ عليه وآله وسلم) : ألا وإني أشهدكم أني أشهد أنّ اللّه‏ مولاي وأنا مولى كلّ مسلم وأنا أولى بالموءمنين من أنفسهم ، فهل تقرّون لي بذلك وتشهدون لي به؟
    فقالوا : نعم ، نشهد لك بذلك .
    فقال : ألا من كنت مولاه فإنّ عليّا مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله»(16).
    4 ـ قال النبي صلى‏الله‏عليه ‏و‏آله : من كنتُ مولاه فهذا علي مولاه»(17).
    5 ـ قال النبّي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «من كنت مولاه فعلي مولاه»(18).
    6 ـ قال النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : فمن كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله»(19).
    وأثبت المحدث هاشم البحراني 88 حديثا في الغدير من طرق العامة و36 رواية من طرق الشيعة(20).
    ولقد أحصى السيّد المحقّق الطباطبائي في كتابه (الغدير في التراث الإسلامي) 164 كتابا صنف حول واقعة الغدير .
     
    ******************************************
    (1) مسند أحمد ، رقم الحديث 915 .
    (2) مسند أحمد ، رقم الحديث 906 .
    (3) مسند أحمد ، رقم الحديث 1242 .
    (4) مسند الترمذي ، كتاب المناقب ـ رقم الحديث 3646 .
    (5) سنن بن ماجة ، رقم الحديث 118 .
    (6) خصائص الإمام أمير الموءمنين علي بن أبيطالب : 176 حديث رقم 94 و95 .
    (7) ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق 2 : 53 .
    (8) شرح ابن أبي الحديد 2 : 287 .
    (9) شرح نهج البلاغة 4 : 4 .
    (10) الصواعق المحرقة : 122 .
    (11) تاريخ اليعقوبي 2 : 112 .
    (12) المجموعة الكاملة لموءلفات الدكتور طه حسين ، المجلد الرابع : الخلفاء الراشدون : 443 .
    (13) سورة المائدة : 67
    (14) الأصول من الكافي 1 : 295 .
    (15) الارشاد ، للمفيد : 94 .
    (16) الخصال : 166 حديث رقم 98 .
    (17) كمال الدين وتمام النعمة : 103 .
    (18) التوحيد : 212 ـ باب أسماء اللّه‏ تعالى .
    (19) معاني الاخبار : 63 حديث رقم 1 .
    (20) راجع كتاب كشف المهم في طريق خبر غدير خم .
    **********
    بقلم: الباحث الإسلامي نوري حاتم


  • 1
  • 1

     إن التسمية التي أطلقت على الفريقين ، ليست وفية للحقيقة . و هي أسماء سموها من عند أنفسهم ، نزاعة للتشويه و التضليل ، أكثر من حرصها على الموضوعية . و استخدام الاسمين في الأبعاد التضليلية ، كان من دأب التيار الأموي . فالنقطة الحساسة التي توحي بها المفارقة بن الاسمين ، هو أن ( سنة ) الرسول صلى الله عليه و آله لها شمتها في عنوان ( السنة و الجماعة ) ، في الوقت الذي لا رائحة لها في عنوان ( مذهب الشيعة ) . هذا يعني إن مذهب الشيعة يقف مقابلا لمذهب ( السنة و الجماعة ) بما هي الممثل الوحيد لسنة الرسول صلى الله عليه و آله !.
    و هذا التشويه ، و التضليل ، قد أوتي أكله على امتداد الأيام التي أردفت عصور المحنة . فلقد أصبح ( الشيعة ) يفتقدون للمسوغات النفسية و الإعلامية في ذهن الجمهور .

    و السؤال الصميمي هنا : من هم الشيعة ، و من هم السنة ؟.
    السنة
    السنة في اللغة ، تعني الطريقة ، و المنهاج . و سنة الرسول صلى الله عليه و آله معناها طريقته . و في لسان العرب لابن منظور ، السنة ، و التسنن تعني الطريقة المحمودة المستقيمة . و لذلك قيل : فلان من أهل السنة ، بمعنى ، إنه من أهل الطريقة المستقيمة المحمودة ، و هي مأخوذة من السنن و هو الطريقة ، و يقال للخط الأسود على متن الحمار : سنة .
    و هي اصطلاحا ، تعني كل ما صدر عن الرسول صلى الله عليه و آله من قول و فعل و تقرير . و يسمى السنة مذهبهم ( أهل السنة و الجماعة ) و يقصدون بذلك إنهم أصحاب الطريقة المحمودة 1. و اتباع الرسول صلى الله عليه و آله و الجماعة ، و غيرهم لا يسلك طريق النبي صلى الله عليه و آله و هي الجماعة التي قال عنها الرسول صلى الله عليه و آله ( يد الله مع الجماعة ) .
    الشيعة
    و الشيعة لغة ، هم الأتباع و الأنصار . و في لسان العرب ( هم القوم الذين يجتمعون على الأمر . و كل قوم اجتمعوا على أمر ، فهم شيعة . و كل قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع .
    و في القرآن الكريم : ﴿ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ﴾ 2 .
    و شايع تأتي بمعنى والاه ، من التولي..
    يقول الكميت :
    وما لي إلا آل أحمد شيعة *** و ما لي إلا مذهب الحق مذهب
    و ( الشيعة ) اصطلاحا يراد بهم أتباع و أنصار آل البيت ( عليهم السلام ) و هم الذين ناصروهم في كل محنهم ، و سلكوا سبيلهم و والوهم !.
    يقول ابن خلدون 3: ( إعلم أن الشيعة لغة هم الصحب و الاتباع ، و يطلق في عرف الفقهاء و المتكلمين من الخلف و السلف على أتباع علي و بنيه ( رضي الله عنهم ) .
    و الشيعة حسب تعريف علمائهم ، هم الذين يسلكون سنة الرسول صلى الله عليه و آله مأخوذة من عترته الطاهرة .
    بيد أن الملابسات السياسية و الإيديولوجية التي رافقت حركت الفرقتين أضفت على القضية ، مجموعة من الشبهات لا تحصى و لا تعد . و بالتالي يكون من الضروري التعرض إلى المصطلحين . بشكل أعمق ، يستمد مرتكزاته من عمق التأريخ الإسلامي ذاته .
    و ذلك لأن أعداء الشيعة طالما تحاملوا على الشيعة ، ملتمسين كل سلبية غريبة و إلصاقها بهم . و في ذلك يقول طه حسين 4 : ( و ما أكثر ما شنع خصوم الشيعة على الشيعة ) .
    ثم ماذا ؟
    إنني ما زلت أتتبع تاريخ المذاهب الإسلامية ، حتى انتهيت إلى أن مذهب آل البيت ( عليهم السلام ) هو أول مذهب في الإسلام . و هذا لا يعني إنهم انفردوا عن غيرهم بطريقة ابتدعوها ، و لكنهم احتفظوا بموقعهم الأصيل الذي عرفوا به ، هذا في الوقت الذي شردت فيه جميع الملل و النحل ، و تفرقت تبتغي الحق عند غير أهله .
    يقول السيد محسن الأمين في الأعيان 5 : ( فما يظهر من فهرست ابن النديم من أن تسمية أتباع علي ( عليه السلام ) بإسم الشيعة كان ابتداؤه من يوم الجمل ليس بصواب ، بل تسميتهم بذلك من زمن الرسول صلى الله عليه و آله قال ابن النديم في الفهرست ما لفظه : ذكر السبب في تسمية الشيعة بهذا الاسم . قال محمد بن إسحاق لما خالف طلحة و الزبير على علي و أبيا إلا الطلب بدم عثمان بن عفان و قصدهما علي ( عليه السلام ) ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر الله جل أسمه ، فسمى من اتبعه على ذلك الشيعة فكان يقول شيعتي ) .
    فالتشيع ليس بدعة في تاريخ الإسلام . و لطالما حاول البعض إلصاقه بالعهود المتأخرة . بل لقد بلغت القسوة ببعضهم فربطه ( بالفرس ) .
    و كان لهذه الدعايات أثر علي في البداية ، مع أنني لم أستسلم لها بسهولة ، فلم أكن سلسا لتقبل كل فكرة بدون اختبار .
    و استقرت قناعتي في النهاية بعد أن تأكدت من تلك الحبكات الخرافية . ففي ( فجر الإسلام ) لأحمد أمين ، و هو من أكبر المناصبين للشيعة ، يقول : ( كانت البذرة الأولى للشيعة ، الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه و آله أن أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه ) 6 .
    و في دحض فكرة ( فارسية ) التشيع ، قال : ( و الذي أرى ـ كما يدلنا التاريخ ـ إن التشيع لعلي بدأ قبل دخول الفرس في الإسلام ، و لكن بمعنى ساذج ، و هو أن عليا أولى من غيره من وجهتين ، كفايته الشخصية و قرابته للنبي ) 7 .
    فالذين لا يعلمون ـ من إخواننا السنة ـ يجب أن يدركوا ، كما أدركت ـ منذ فتحت قلبي للحقيقة ـ أن أغلب علمائهم من ( فارس ) .
    إنني ما زلت أقتفي آثار علماء السنة الكبار ، في البلاغة و النحو و الفقه و الحديث و التصوف.. فأجد الأغلبية الغالبة منهم ، فرسا . و منهم : البخاري و الترمذي و النسائي و ابن ماجة القزويني و الإمام الرازي و القاضي البيضاوي و أبو زرعمه الرازي و الفيروزآبادي ( صاحب القاموس المحيط ) و الزمخشري و الإمام فخر الدين الرازي والكازروني و أبو القاسم البلخي و القفال المروزي و التفتازاني و الراغب الأصفهاني و البيهقي و التبريزي الخطيب ، و الجرجاني و أبو حامد الغزالي .. و غيرهم مما يعجز عن عدهم اللسان و يضيق عنهم المقام . فأعلام ( السنة و الجماعة ) الفطاحل ، و علماؤهم النحارير و محدثوهم النقاريس ، كانوا من بلاد ( فارس ) .
    و التشيع أدخل إلى فارس ، من بلاد العرب ، و ساهم في نشر التشيع في بلاد فارس علماء من العراق ، و جبل عامل و الأحساء ، و المدينة المنورة .
    ليست التسمية ـ إذا ـ هي موضوع الإشكال ، و إنما الواقع الفعلي للمذهبين هو موضوع النقاش . إذ إننا و نحن ننظر في سنة الرسول صلى الله عليه و آله القولية و الفعلية و التقريرية . سوف نتبين أي الفريقين أقرب إليها .
    إن الشيعة لم يكونوا يوما مبتدعة ، بل إن مذهبهم قائم في الأساس على ( النص ) . و إذا أتيت إن الإسلام الحقيقي بعد الرسول صلى الله عليه و آله تمثل في علي ( عليه السلام ) فإن التشيع لعلي ( عليهم السلام ) هو التعبير المرحلي عن التشيع لمحمد صلى الله عليه و آله بالثبات على تعاليمه و توصياته في حق علي (عليه السلام ) و الذي هو الإسلام ) !.
    فإسم ( السنة ) أتى ، كأستراق للفرصة ، لمحاصرة ( الشيعة ) اصطلاحيا ، لأن التيار السائد يومها لم يكن له من الحجة سوى اللعب على وتر المفاهيم القشرية . و كان اليوم الذي تحولت فيه الخلافة إلى ملك عضود ، هو عام الجماعة ، و منها جاء ( السنة و الجماعة ) !.
    كان همي أن أبحث عن الإسلام الحق ، فأنا لم أكن أبحث عن التمذهب .
    و ما أن دخلت في لجج التأريخ ، حتى تبين لي أن الباحث عن اللامذهبية ، كالباحث عن السراب . إن الإسلام ، تفرق أهله إلى فرق لا تحصى ، و ما بقي من إسلام حق ، بدا للمتمذهبين ، مذهبا . فأي المذاهب ، إذا ، تمثل الإسلام الصحيح . أو حتى ما يقارب 95 في المائة من الإسلام الصحيح ؟
    و من يضمن لي يومها إن هذه الفرقة أو تلك ، هي الأقرب إلى ( الحقيقة ) و أنا في خضم المعترك أبحث عن خشبة نجاة ؟ و لكنني لم أشك في القرآن الكريم .
    ففيه عثرت على مقومات البحث عن الحقيقة . تعلمت أن من شروط البحث عن الحقيقة ، عدم الاستماع إلى القول الواحد ، و إلى الفرقة الواحدة . و لكن ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ... ﴾ 8 . كما رأيت إن الله ، يمدح القلة و يذم الكثرة ، حسب معايير الحق و الباطل.. حيث يقول ﴿... وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ 9 كما يقول ذاما الكثرة الجاهلة ﴿ ... بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴾ 10 .
    إن قلبي بدأ ينفتح ، شيئا فشيئا على التأريخ ، و الشيعة الآن أصبحوا جزءا من الإسلام ، و هذا ما توصلت إليه حتى تلك اللحظات . لقد كان الرسول صلى الله عليه و آله أول من تكلم في الشيعة ، و وصفهم للصحابة . و أول من ربط التشيع بالإمام علي ( عليه السلام ) ، و هو يريد بذلك إثارة المستقبل في ذهن الصحابة ، و يلفت المسلمين إلى قيمة علي (عليه السلام ) في الآن و في المستقبل . ليكونوا في أجوائه حين يقع ما يقع . و إلا ماذا يعني أن يقول : ( علي مع الحق و الحق مع علي ) .
    أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كنا عند النبي صلى الله عليه و آله فأقبل علي ( عليه السلام ) فقال النبي صلى الله عليه و آله : ( و الذي نفسي بيده ، إن هذا و شيعته لهم الفائزون يوم القيامة . و نزلت ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ 11 12.
    و أخرج ابن مردويه عن علي (عليه السلام ) قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه و آله ألم تسمع قول الله تعالى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ 11 ؟، هم أنت و شيعتك و موعدي و موعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين ) 13 .
    و روى ابن حجر في الصواعق المحرقة ، و هو من أكبر الناقمين على الشيعة عن ابن عباس أنه قال ، لما أنزل الله تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ 11 ، قال رسول الله صلى الله عليه و آله لعلي (عليه السلام ): ( هم أنت و شيعتك ، تأتي أنت و شيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ، و يأتي عدوك غضابا مقمحين .
    قال : من عدوي ؟ قال : من تبرأ منك و لعنك .
    و روى الحمويني الشافعي في فرائد السمطين إن الآية الكريمة : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾ 11 ، نزلت في علي (عليه السلام ) فكان أصحاب محمد صلى الله عليه و آله إذا أقبل علي (عليه السلام ) قالوا قد جاء خير البرية .
    و روى ابن المغازلي المالكي في مناقبه عن ابن عباس ، قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و آله عن قوله تعالى : ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ 14 فقال : قال لي جبريل : ذلك علي و شيعته هم السابقون إلى الجنة المقربون من الله لكرامته .
    و لما كانت الأحاديث التي ربطت الآية بعلي (عليه السلام ) و شيعته ، و بعد أن تواترت و استعصى تكذيبها ، لما كان رواتها من فطاحل أهل السنة و الجماعة ، حاول ابن حجر ـ في صواعقه المحرقة ـ أن يفلسفها و يخنقها بترهاته المعهودة ، قائلا : عن علي ( عليه السلام ) فقال ، قال ( عليه السلام ) : إن خليلي رسول الله صلى الله عليه و آله قال يا علي إنك ستقدم على الله و شيعتك راضين مرضيين و يقدم عليه عدوك غضابا مقمعين ، ثم جمع علي يديه إلى عنقه يريهم الاقحام قال ـ بن حجر ـ و شيعته هم أهل السنة و لا تتوهم الرافضة ، و الشيعة قبحهم الله ) .
    و لا أحد يشك ؟ في هذا التهافت الباطل . إذ كيف يستقيم كلام هذا ـ المخرف ـ ، و هل يظن أنه يكتب للأرانب . إذا كان شيعة علي ( عليه السلام ) هم أهل السنة ، فأعداؤه من ؟؟ هل هم شيعته الذين قاتلوا إلى جنبه الطاغوت الأموي ؟. و نحن إلى الآن ، لن نجد تراث بني أمية سوى عند أهل السنة ، ولم نجده عند الشيعة قط .
    و من المؤسف بالنسبة لي ، أن بدأت أخسر بعض أصدقائي المقربين . الذين ما ألفنا منهم سوى العمق في الدراسة و التحليل . إنه عزيز علي أن أرى صاحب ( التأريخ الإسلامي ) محمود شاكر ، يقول : ( بل لم تكن كلمة الشيعة تحمل أكثر من معنى التأييد و المناصرة . و لكنها غدت مع الزمن فكرا خاصا و عقيدة خاصة ، و نسب إلى الأوائل أقوال لم يقولوها و أخبار لم يعرفوها ، و أفكار لم تخطر على بالهم أبدا 15.
    و كان على أستاذنا الجليل أن يبحث أكثر من ذلك . فمع أنه لم ينكر إن ( كلمة ) الشيعة كانت في البداية . إلا أنه لم يحفر في الخلفيات التاريخية ، التي أظهرت التشيع كحالة مذهبية ، انفردت بأفكار و عقائد خاصة ، فأستاذنا ، لم يحدثنا عن الآخرين ، و هل ثبتت أفكارهم و عقائدهم . لقد ابتعد المسلمون عن الأفكار و العقائد في صفائها الإسلامي الأول ، حتى بدت لهم عقائد أهل البيت ( عليه السلام ) و كأنها هي المتحركة . فهم أشبه بمن يعتقد بحركة الجبال و الأشجار من رواء نافذة القطار . ثم هل خصوصية هذه الأفكار و العقائد ، دليل على أخطائها ؟!
    كنت متأكدا من أن هؤلاء يجتهدون في دائرة أخطائهم ، و يتألقون في فلسفة الباطل .
    فالشيعة لغة و اصطلاحا ، هم أولئك الذين تمحوروا حول الرسول صلى الله عليه و آله و من بعده على آل البيت ( عليهم السلام ) استجابة للنصوص الواردة .
    ******************************
    1. هذا المعنى في الواقع جديد على هذا العنوان . لأنه تاريخيا كان له هدف معين و معنى آخر ، كما سنوضح !.
    2. القران الكريم : سورة الصافات ( 37 ) ، الآية : 83 ، الصفحة : 449 .
    3. تاريخ ابن خلدون ، الفصل السابع و العشرون : في مذهب الشيعة في حكم الإمامة / 348.
    4. اسلاميات لـ طه حسين
    5. اعيان الشيعة لمحسن امين :1 / 19
    6. فجر الإسلام لأحمد أمين : 366 .
    7. نفس المصدر : 277 .
    8. القران الكريم : سورة الزمر ( 39 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 460 .
     9. القران الكريم : سورة سبأ ( 34 ) ، الآية : 13 ، الصفحة : 429 .
    10. القران الكريم : سورة العنكبوت ( 29 ) ، الآية : 63 ، الصفحة : 403 .
    11. a. b. c. d. القران الكريم : سورة البينة ( 98 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 598 .
    12. الدر المنثور للسيوطي
    13. نفس المصدر السابق
    14. القران الكريم : سورة الواقعة ( 56 ) ، الآية : 10 و 11 ، الصفحة : 534 .
    15. التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر ـ الخلفاء الراشدون و العهد الأموي. الطبعة الرابعة ( 1405 ه‍ ـ 1985 م ) المكتب الإسلامي .

    المصدر : مرکز الإشعاع الإسلامي

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page