• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الولاية

  • 1

    آية الولاية، هي الآية (55) من سورة المائدة، وتعتبر من الآيات المدنية المحكمة، ومن أهم الآيات القرآنية بسبب تعلّقها بموضوع الولاية، التي هي الإمامة والخلافة، فأهمية محتواها يرجع لأهمية موقع الإمامة والخلافة بعد رسول الله محمد (ص) في بنية الأمّة الإسلامية وكذلك مسيرتها.

    وقد نزلت لتحديد الخليفة والإمام بعد رسول الله (ص)، وهو الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام حينما تصدّق بخاتمه للسائل أثناء الركوع في صلاته في مسجد رسول الله (ص)، وتعتبر آية الولاية من أهم الأدلّة التي يستدل بها الشيعة على إثبات أحقّية الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام بالإمامة والخلافة بعد رسول الله (ص).

    نص الآية
    قال تعالى في سورة المائدة:
    ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾.[1]

    دلالات مفاد الآية
    تكشف آية الولاية على جملة من الأحكام والمعاني الملازمة لها، منها:

    1. حصر معنى الولاية - الدالة عليها أداة الحصر " إنّما" الواقعة في صدر الآية - بمن ذكروا في الآية الكريمة، وهم: المولى تعالى - الرسول الأكرم محمد (ص) - الذين آمنوا المخصّصين بإقامة الصلاة وإتاء الزكاة أثناء ركوعهم، وهو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
    2. أنّ هناك طولية تراتبية في معنى الولاية المذكورة في الآية، بمعنى أنّ ولاية الرسول (ص) متفرعة عن ولاية المولى تعالى، وبالتبع لذلك تتفرع ولاية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام المقصود بعبارة المؤمنين المقيمين للصلاة والمعطين للزكاة أثناء الركوع.
    3. أنّ هذه الطولية يترتب عليها وحدة معنى الولاية في تعلقها بمن ذكروا في الآية الكريمة، وعدم إمكان التفكيك في هذا المعنى.
    4. أنّ طاعة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الثابتة له الولاية في الآية الكريمة واجبة شرعاً، تبعاً لوجوب طاعة الرسول (ص)، المتفرعة من وجوب طاعة المولى تعالى المدركة بالضرورة والبداهة، إضافة لنص آية الولاية.[بحاجة لمصدر]

    معاني بعض المفردات

    ﴿إِنَّمَا﴾ : هي لفظة مركبة في الأصل من حرفين "إنّ" التي تفيد معنى الإثبات، و"ما" التي تفيد معنى النفي، ومع الجمع بين الحرفين تصير " إِنَّمَا " التي هي أداة تفيد معنى الحصر،[2] أي حصر أمرٍ بأمرٍ آخر على وجه التخصيص به، فالتأكيد إذا ما أعقبه نفي يدلّل على معنى الحصر، وهذا متفق عليه بين السواد الأعظم من النحاة ، ولم نجد من خالف هذا الإتفاق ، إلاّ الفخر الرازي في تفسيره، [3] حيث قال مانصّه: ولا نسلم أنّ كلمة " إنّما " للحصر، انتهى.
    ﴿وَلِيُّكُمُ﴾ : ذهب كل علماء ومفسري الشيعة، تبعا لما ورد عن أهل البيتعليهم السلام من أنّ لفظة " وَلِيُّكُمُ " في الآية تفيد معنى ولاية الأمر أي الإمامة والخلافة.[4]
    ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ : رأى كل علماء ومفسري مذهب أهل البيت عليهم السلام، أنّه يمكن ويجوز في لغة العرب أن يستعملوا ضمير الجمع في المفرد لأجل التعظيم،[5] وتبعهم في هذا بعض أعلام أهل السنّة والجماعة،[6] وقد وقع ذالك في القرآن الكريم كثيراً.[ملاحظة 1]
    ﴿الزَّكَاةَ﴾ : ذهب أعلام الشيعةإلى القول، بأنّ المراد من لفظة " الزَّكَاةَ " في آية الولاية، معناها العام الذي هو مطلق الزّكاة أي ما يعبّر عنه بالصدقة المستحبّة،[7] وهذا ورد في القرآن، وكذلك تبعهم في هذا القول من أهل السنّة والجماعة كل من قال بأنّ الآية نزلت في الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
    ﴿وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ : ذهب كل مفسري الشيعة وعلمائهم إلى أنّ " الواو " في قوله تعالى " وَهُمْ رَاكِعُونَ " حاليّة،[8] بمعنى أنّ مابعد الواو منصوب بالحالية، وبالتالي يكون معنى العبارة " ويؤتون الزّكاة في حين هم راكعون " وتبعهم في هذا جمع من مفسري أهل السنّة والجماعة.[ملاحظة 2]

    تفسير الشيعة للآية

    ذهب الشيعة بجميع علمائهم ومفسريهم إلى أنّ الآية تدلّ في العموم على الإمامة والخلافة، وتدلّ في الخصوص على إمامة وخلافة الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام، وعليه فمعنى آية الولاية كالتالي:

    أنّ ولي أمركم الواجب طاعته هو المولى تعالى ثم من بعده الرسول الأكرم محمد(ص) ومن بعدهما الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام المقصود بعبارة " المؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة حين هم راكعون "، ومن يجعل هؤلاء أولياءه فإنّه من حزب الله المتحقق لهم النّصر.[بحاجة لمصدر]

    الأدلّة على تفسير الشيعة

    استدلّ الشيعة بآية الولاية أوّلاً: على الإمامة بمفهومها العام، وثانياً:على إمامة الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام، وفي مقام توضيح دليلهم على إمامة الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام، قسموا الأدلّة إلى قسمين:

    القسم الأول: من نفس الآية وهي القرائن الموجودة في نفس عبارات آية الولاية .
    القسم الثاني: من خارج الآية، وهي الروايات المستفيضة و المتواترة الواردة في تفسير سبب نزول آية الولاية.

    الدليل القرآني

    أولا: إنّ لفظة " وَلِيُّكُمُ " في الآية تدلّ على الإمامة والخلافة، لا على المحبّة والنُّصرة كما رجّح غيرهم، ولهم في ذالك قرائن عديدة ترجح هذا المعنى، منها:

        إنّ لفظة " الولاية " من المشتركات المعنوية -القصد من المشترك المعنوي هنا هو أنّ لفظة الولاية مثلا وضعت لمعنى واحد هو القيام أو القيمومة بالأمر، ولكن لها أفراد كثيرة ينطبق عليها هذا المعنى- لا المشتركات اللفظية - الاشتراك اللفظي هو أن يكون اللّفظ واحد وقد وضع لأكثر من معنى، مثل لفظة العين التي لها معاني كثيرة منها العين الباصرة، وعين الماء، وعين الذهب وعين الحقيقة، وكل معنى من هذه المعاني مختلف على الآخر-، وعليه فلفظة " الولاية " تفيد معنى واحد هو القيام بالأمر أو القيمومة على الأمر، إلاّ أنّ هذا المعنى الواحد له أفراد ومصاديق متعدّدة ينطبق عليها، مثل الصديق والجار والخالق تعالى والرسول (ص)وغيرها.
        الروايات الكثيرة البالغة حدّ التواتر، والواردة عن جمع من الصحابة، والتي يفهم منها أنّ سبب نزول هذه الآية هو الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام حينما تصدّق بخاتمه للسائل أثناء ركوعه في الصلاة .
        ورود لفظة " الولي " في نصوص روائية أخرى بالغة أيضا مافوق حدّ التواتر، تثبت أنّ الولاية الثابتة للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام هي الولاية التي تفيد معنى الإمامة والخلافة، منها رواية الغدير التي تشمل عبارة " أنت ولي كل مؤمن من بعدي " الذي أخرجها جملة من أعلام أهل السنّة والجماعة، منهم: ابن حبان في صحيحه،[9] والترمذي في سننه،[10] والنسائي في سننه الكبرى،[11] وأحمد بن حنبل في مسنده.[12]

    ثانيا: إنّ الواو في عبارة "وَهُمْ رَاكِعُونَ " حالية لا عاطفة كما قال غيرهم،[13] وعليه فالعبارة التي بعد الواو واقعة في مقام وصف الحال المتعلق بعبارة " وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ "، وبالتالي فهي مخصصة لعبارة " الَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ " التي يستفاد منها الجمع، ودليلهم على ذالك هو:

        قول النحاة أنّ عطف الجملة الإسمية على الفعل تتنافى مع الفصاحة، بل هي لغة الأجلاف.
        إنّ معنى الحال أظهر في العبارة من العطف، فعبارة " يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ " من قبيل قولهم " مررت بالعلماء وهم يتحاورون " أي مررت بهم وهم في حالة الحوار.
        وهذا ما ذهب إليه جملة كبيرة من مفسري وعلماء أهل السنّة والجماعة، منهم: الزمخشري،[14] الجرجاني،[15] النسفي،[16] الآلوسي،[17] السمرقندي، [18] الشوكاني،[19] والقرطبي.[20]

    بينما احتمل البعض الآخر الوجهين ولم يرجّح قول منهما: الماوردي،[21] والإيجي الشيرازي الشافعي.[22]
    الدليل الروائي
    بناءًا على قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾الدالّة على التمسك بالسنّة بعد القرآن، فقد تمسّك الشيعة بجميع علمائهم برواية تصدّق الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بخاتمه، والتي تدلّل على أنّ المقصود بالولاية في " آية الولاية " بعد المولى تعالى والرسول الأكرم (ص) هو الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام، وقد ادعى القاضي الجرجاني، بأن المفسرين أجمعوا على نزول الآية في حق علي، لكن التفاسير السنيّة خصتها بشخصيات أخرى أيضا.[23]

    رواة الرواية
    رَوَى سبب نزول الآية الشيعة والسنّة ومن طرق متعدّدة، وممن رواه :

    من الصحابة؛

        علي بن أبي طالب عليه السلام[24]
        عبداللّه بن عباس [25]
        أبو رافع المدني [26]
        عمار بن ياسر [27]
        أبو ذر الغفاري [28]
        أنس بن مالك [29]
        المقداد بن الأسود [30]

    من التابعين؛

        مسلمة بن كهيل [31]
        عتبة بن أبي حكيم [32]
        السدي [33]
        مجاهد [34]

    الرواية في كتب التفاسير السنّية

        ولقد نقل جملة كبيرة من أعلام أهل السنّة والجماعة في تفاسيرهم ومصنّفاتهم، القول بأنّ الآية نزلت في الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، نذكر منهم البعض:

        ابن أبي حاتم في تفسيره: تفسير القرآن العظيم،[35] وقد أخرج الرواية بسند صحيح، عن أبي سعيد الأشج عن الفضيل بن دكين عن موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل، وكلهم ثقاة.
        ابن أبي زمانين في تفسيره: تفسير القرآن العزيز[36]
        ابن عطيه في تفسيره: المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز[37]
        ابن الجزي الكلبي في تفسيره: التسهيل لعلوم التنزيل[38]
        ابن الجوزي في تفسيره : زاد المسير [39]
        محمد بن جرير الطبري في تفسيره: جامع البيان[40]
        ابن عادل الدمشقي الحنبلي: اللباب في علوم الكتاب[41]
        أبو البركات النسفي في تفسيره: مدارك التنزيل وحقائق التأويل[42]
        أبو حيّان الأندلسي في تفسيره: البحر المحيط[43]
        البغوي في تفسيره: معالم التنزيل[44]
        السيوطي في تفسيره: الدر المنثور[45]، حيث نقل روايات كثيرة وبطرق متعدّدة.
        الآلوسي في تفسيره: روح المعاني،[46] حيث قال: غالب الإخباريين[ملاحظة 3]

    على أنّها - أي الآية - نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام

        الثعالبي في تفسيره: الجواهر الحسان [47]
        الثعلبي في تفسيره: الكشف والبيان[48]
        السمعاني في تفسيره: تفسير القرآن[49]
        البيضاوي في تفسيره: أنوار التزيل وأسرار التأويل[50]
        السدي الكبير أبو محمد اسماعيل في تفسيره: تفسير السدي الكبير[51]
        الزمخشري في تفسيره: الكشاف،[52] ذهب في تفسير الآية إلى ما ذهب إليه الشيعة.
        السمرقندي أبو اللّيث نصر بن محمد في تفسيره: بحر العلوم[53]
        الشوكاني في تفسيره: الفتح القدير[54]
        الجرجاني في تفسيره: درج الدرر[55]
        الإيجي الشيرازي في تفسيره: جامع البيان[56]
        الخازن في تفسيره: لباب التأويل في معاني التنزيل[57]
        القرطبي في تفسيره: الجامع لأحكام القرآن[58]
        مكي ابن أبي طالب بن حموش في تفسيره (مجموعة رسائل جامعية ): الهداية لبلوغ النهاية[59]

    الرواية في كتب الحديث السنّية

        ابن الأثير في مصنّفه: المختار من مناقب الأخيار[60]
        ابن حجر العسقلاني في كتابه: الكافي الشاف[61]
        الإمام العلامة ابن الصبّاغ المالكي في كتابه: الفصول المهمة[62]
        الإمام الواحدي في كتابه: أسباب النزول[63]
        الحاكم الحسكاني في كتابه: شواهد التنزيل: حيث أخرج الرواية بطرق كثيرة وعن جملة من الصحابة[64]
        الحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي في كتابه: مجمع الزوائد[65]
        محب الدين الطبري في كتابه: ذخائر العقبى[66]
        المحدّث الجويني في كتابه: فرائد السمطين: حيث أخرج الرواية بطرق كثيرة، وعن جملة من الصحابة[67]
        المحدّث الزرندي الحنفي المدني في كتابه: نظم درر السمطين: حيث أخرج الرواية بطرق كثيرة، وعن جملة من الصحابة [68]
        الحافظ الخوارزمي في كتابه: المناقب: وقد أخرج الرواية بطرق كثيرة، وعن جملة من الصحابة[69]

    تفسير أهل السنّة

    لقد وقع خلاف كبير بين علماء ومفسري أهل السنّة والجماعة في تفسير المعنى العام لآية الولاية، تبعا لخلافهم في تفسير مفردات الآية، إلاّ أنّ هناك جملة منهم قال: أنّ آية الولاية، لا دلالة فيها على الإمامة والخلافة، كما ذهب البعض منهم إلى انكار نزول آية الولاية في شأن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام حينما تصدّق بخاتمه للسائل، وعليه فقد فسروا آية الولاية كالآتي:

    إنّما ناصركم والواجب عليكم محبّته ونصرته هو الله والرسول محمد(ص) وعموم المؤمنين الذين يتصفون بأنّهم من المقيمين للصلاة والمؤتون للزكاة وهم في حالة خشوع وخضوع، ومن يتولى هؤلاء فإنّهم من حزب الله المنصورين.

    وقد قرّر " ابن الجوزي " هذا الخلاف الحاصل بين علماء ومفسري أهل السنّة والجماعة، في تفسيره " زاد المسير "، ومع التلخيص يكون كالتالي[70]:
    الإختلاف في نزول الآية

    قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ﴾ اختلفوا في من نزلت على أربعة أقوال:

    1. في عبد الله بن سلام وأصحابه حينما قدموا للرسول(ص) : وذكر رواية في ذالك وهي: أنّ عبدالله بن سلام وأصحابه جاؤوا إلى رسول الله (ص) وقالوا: إنّ قوما قد أظهروا لنا العداوة، ولانستطيع أن نجالس أصحابك لبُعد المنازل، فنزلت هذه الآية، فقالوا: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين، وأذّن بلال بالصلاة، فخرج رسول الله (ص) فإذا مسكين يسأل النّاس، فقال: رسول الله (ص) " هل أعطاك أحد شيئًا " ؟ قال: نعم، قال : ماذا ؟ قال: خاتم فضة، قال: من أعطاكه، قال: ذالك القائم، فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام، أعطانيه وهو راكع، فقرأ رسول الله(ص) هذه الآية.
    2. في عبادة بن الصامت لما تبرأ من حلفائه اليهود: ولم يذكر ابن القيم الجوزي الرواية التي أخرجها الطبري في تفسيره، وهي: حدثنا هناد بن السري قال: حدّثنا يونس ين بكير قال: حدثنا ابن اسحاق قال: حدثني والدي اسحاق بن يسار، عن عبادة بن الوليد بن عبادة ابن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله (ص)، مشى عبادة ابن الصامت إلى رسول الله (ص) - وكان أحد بني عوف بن الخزرج - فخلعهم إلى رسول الله (ص) وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وقال: أتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف الكفار وولايتهم، ففيه نزلت: ﴿إنّما وليكم الله ورسوله والمؤمنين﴾ [71]... إلى آخر الرواية التي تكرر ماهو قريب مماذكر. وقد أخرج هذه الرواية من طريق آخر عن " عطية بن سعد ".[72]
    3. في أبي بكر بن أبي قحافة: ولم يأت ابن الجوزي بأي رواية.
    4. في عموم المسلمين: ولم يذكر ابن الجوزي أي رواية.

    ردّ الشيعة على أقوالهم

    رد القول الأول:
    أولا: أنّ نفس الرواية التي ذكرتموها كدليل على هذا القول، في آخرها ذكرت حادثة تصدّق الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وبالتالي فالمقصود من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ هو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام فلماذا ادّعيتم أنّها نازلة في عبد الله بن سلام وأصحابه وسكتم على أنّها نازلة في الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.
    ثانيا: لو تم التسليم بأنّها نزلت في عبد الله بن سلامة وأصحابه كما قلتم، نحن ما يهمنا وما نختلف فيه معكم هو من المقصود بالمؤمنين المخصصين بصفة اقامة الصلاة واتاء الزكاة وهم في حال الركوع، وهذه الرواية دليل على ما ذهبنا إليه نحن من قول، وهو أنّ المقصود في الآية بالمؤمنين الموصفين بما ذكر في الآية من صفات هو الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.

    ردالقول الثاني:

    أولا: الطريق الأول مرسل ولا نعرف مَن مِنَ الصحابة شاهد هذه الحادثة فحكاها ، « فعبادة بن الوليد بن عبادة ابن الصامت » لا يعد من الصحابة ولا ممن شاهد الحادثة ليكون قوله حجّة.
    ثانيا: يبقى الطريق الثاني الذي روي عن طريق " عطية بن سعد " فهو أيضا مرسل، لأن عطية من التابعين، ولا نعلم مَنْ مِنَ الصحابة شاهد الحادثة فرواها. أضف على ذالك أن عطية ممن ضعّفوه وقالوا عنه مدلّس [73]
    ثالثا: أنّ الروايات التي يكون حالها هكذا، تسقط حجّيتها أمام الروايات التي تواترت في أنّ الآية نازلة في حقّ الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام

    القول الثالث:
    هذا القول لم يرد فيه دليل ولا رواية، وإنمّا هي مجرد دعوى تناقلتها الألسن، وبالإضافة إلى ذالك فإنّ هذا القول لا اعتبار فيه أمام الروايات الكثيرة التي تشير إلى أنّ الآية نزلت بشأن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام.

    القول الرابع:
    أولا: هذا القول لا يخرج عن كونه مجرد رأي مبني على تفسير الآية من خلال ضمير الجمع في قوله تعالى " وَالَّذِينَ آمَنُواْ "، وهذا لا قيمة له أمام الرواية التي ذكرت أنّ الآية نازلة في الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، لثبوت أنّ المولى تعالى في كتابه العزيز استعمل ضمير الجمع في المفرد، مضافا إلى استعمال العرب ضمير الجمع في مخاطبة المفرد للتعظيم.
    ثانيا: أنّه وباتفاق الجميع أنّ الرواية إذا كانت صحيحة السند، تقدّم على رأي المفسر مهما بلغ شأنه، وبما أنّ الرواية موجودة فلا حجية لهذا القول.

    الاختلاف في إتيان الزكاة في الركوع

    قوله تعالى ﴿ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ اختلفوا لقولين:

        أنّهم دفعوا الزكاة أثناء الركوع، وهو تصدّق علي بن أبي طالب عليه السلام بخاتمه في الركوع.
        أنّ من شأنهم إيتاء الزكاة وفعل الركوع.

    رد الشيعة على أقوالهم

    القول الأول:
    أنّ هذا القول هو الذي تصرح به الروايات الكثيرة بكثرة طرقها، وهو القول المنسجم مع ظاهر النص الذي يمكن أن يفهمه كل عربي مستأنس بلغته.

    القول الثاني:
    هذا القول بعيد جدّا عن ظاهر الآية، بل ومخالفا لصريح النّص، وكذالك مخالف للروايات التي تُقرّ حادثة تصدّق الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بخاتمه وهو راكعًا.

    الإختلاف في لفظة الركوع
    أمّا في لفظة " الركوع " فاختلفوا لثلاثة أقوال:

    أنّه نفس الركوع الذي هو جزء من الصلاة
    أنّه صلاة التطوّع بالليل والنّهار
    أنّه الخضوع والخشوع

    ردّ الشيعة على أقوالهم

    القول الأول: هذا هو القول الذي أجمع عليه علماء ومفسري الشيعة، والذي يرونه منسجما مع ظاهر لفظة " رَاكِعُونَ " وتؤكّده رواية التصدّق بالخاتمة.
    القول الثاني:
        أولا: أنّ هذا القول خلاف الظاهر، الذي هو حجّة علينا جميعا من قبل المولى تعالى، ناهيك عن كونه مخالفًا لما يمكن أن يفهمه كل عربي حين سماعه لفظة " الركوع " الواردة في الآية.
        ثانيا: أنّ الذهاب لهذا المعنى لا يخرج عن كونه تأويل، والتأويل لا يكون حجّة أبدا إلاّ في بعض الموارد منها: أن يكون صادرًا عن النبيّ محمد (ص) - كما هو عند أهل السنّة - أو مطلق المعصوم سواء كان إماما أو نبيّا - كما هو مبنى الشيعة -، ومنها: وجود ضرورة تقتضي التأويل من قبيل عدم امكان حمل النّص على ظاهره لمخالفته لما هو مقطوع به بدليل آخر.

    أمّا في موردنا فلا نجد سببا من الأسباب المقتضية للتأويل، بل ما يوجد هو أنّ التأويل مخالف لما ورد من الروايات، وعند هذا فحجّيته ليست فقط ساقطة، بل لا يقبل من الأساس الحجّية.
    المضعّفون لرواية التصدّق بالخاتم
        أمّا في ما يتعلق برواية سبب النزول، والتي تحكي أنّ سبب نزول الآية هو حادثة تصدّق الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بخاتمه حينما كان راكعا في صلاته المندوبة، فلقد نفى صحّتها بصريح العبارة، بل واجتهد في ذالك:

    1. ابن تيمية الحرّاني في كتابه: منهاج السنّة[74]
    2. ابن كثير في تفسيره: تفسير القرآن العظيم[75]
    3. الفخر الرازي في تفسيره: مفاتيح الغيب[76]

    الهوامش
    المائدة: 55.
    الهاشمي، جواهر البلاغة، ص 168؛ الجرجاني، كتاب الحاشية على المطول، ص 241؛ الأخضري، كتاب الجوهر المكنون ص 31.
    الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، ج 12، ص 32.
    الطباطبائي، الميزان، ج 6، ص 6-5؛ القمي، تفسير القمي، ج 1، ص 250؛ مغنية، التفسير المبين، ص 148؛ الشيرازي، نفحات القرآن، ج 9، ص 182.
    الطباطبائي، الميزان، ج 6، ص 9- 10؛ الشيرازي، نفحات القرآن، ج 9، ص 184-185.
    الزمخشري، الكشّاف، ص 297 سورة المائد آية رقم 55.
    الشيرازي، نفحات القرآن، ج 9، ص 187.
    الطباطبائي، الميزان، ج 6، ص 15.
    ابن حبان، صحيح بن حبان، ج 15، ص 373، حديث: رقم الحديث 6929.
    الترمذي، سنن الترمذي، كتاب المناقب، الباب رقم 20: مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام، ص 978.
    النسائي، السنن الكبرى، ج 7، ص 309، رقم الحديث 8090.
    ابن حنبل، مسند أحمد، ج 4، ص 437، رقم الحديث 19942.
    ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج 3، ص 138.، في تفسيرة الآية، وكذالك هذا ما رجّحه ابن تيمية في كتابه: ابن تيمية، منهاج السنّة، ج 7، ص 18.
    الزمخشري، الكشّاف، ص 297 تفسير سورة المائد آية 55.
    الجرجاني، درج الدرر، ج 2، ص 677.
    النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل، ج 1، ص 456 سورة المائدة آية 55.
    الآلوسي، روح المعاني، ج 6، ص 167.
    السمرقندي، بحر العلوم، ج 1، ص 445.
    الشوكاني، فتح القدير، ج 2، ص 73.
    القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 6، ص 222.
    الماوردي، تفسير الماوردي، ج 2، ص 49.
    الإيجي، جامع البيان، ج 1، ص 477.
    الجرجاني، شرح المواقف، ص259-265؛ الحسكاني، شواهد التنزيل، ج 1، ص 223-232؛ السيوطي، الدر المنثور، ج 3، ص 106؛ ابن تيمية، تفسير الکبير، ج 12، ص 26؛ الطبري، جامع البيان، ج 6، ص 389.
    الحسكاني، شواهد التنزيل ج 1 ص 226؛ السيوطي، الدر المنثور ج 3 ص 106.
    الحسكاني، شواهد التنزيل، ج 1، ص 232.
    آغا بزرگ الطهراني، الذريعة، ج 15، ص 18 - 19.
    السيوطي، الدر المنثور، ج 3، ص 106.
    الجويني، فرائد السمطين، ج 1، ص 194.
    الحسكاني، شواهد التنزيل ج 1، ص 225.
    الحسكاني، شواهد التنزيل، ج 1، ص 228.
    السيوطي، الدر المنثور، ج 33، ص 106.
    الطبري، جامع البيان، مجلد 4، ج 6، ص 390.
    الطبري، جامع البيان، مجلد 4، ج 6، ص 389.
    الطبري، جامع البيان، مجلد 4، ج 6، ص 390.
    ابن أبي حاتم، تفسير القرآن العظيم، ج 4، ص 1162.
    ابن أبي زمانين، تفسير القرآن العزيز، ج 2، ص 33-34.
    ابن عطيه، المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ص 555.
    الكلبي، التسهيل لعلوم التنزيل، ج 1، ص 242.
    ابن الجوزي، زاد المسير، ص 392، في تفسير الآية.
    الطبري، جامع البيان، ج 10، ص 425-426.
    ابن عادل الدمشقي، اللباب في علوم الكتاب، ج 7، ص 397.
    النسفي، مدارك التنزيل وحقائق التأويل، ج 1، ص456 سورة المائدة آية 55.
    أبو حيّان الأندلسي، البحر المحيط، ج 3، ص 525.
    البغوي، معالم التنزيل، ص 385.
    السيوطي، الدر المنثور، ج 5، ص 359-360-361-362-363.
    الآلوسي، روح المعاني، ج 6، ص 167.
    الثعالبي، الجواهر الحسان، ج 2، ص 396.
    الثعلبي، الكشف والبيان، ج 4، ص 80-81.
    السمعاني، تفسير القرآن، ج 2، ص 47.
    البيضاوي، أنوار التزيل وأسرار التأويل، ج 2، ص 132.
    السدي الكبير، تفسير السدي الكبير، ص 231.
    الزمخشري، الكشاف، ص 297.
    السمرقندي، بحر العلوم، ج 1، ص445.
    الشوكاني، الفتح القدير، ج 2 ص 75-76.
    الجرجاني، درج الدرر، ج 1، ص 677.
    الإيجي، جامع البيان، ج 1 ص 477.
    الخازن، لباب التأويل في معاني التنزيل، ج 2، ص 56.
    القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، ج 6، ص 221.
    ابن حموش، الهداية لبلوغ النهاية، ج 3، ص 1787.
    ابن الأثير، المختار من مناقب الأخيار، ج 1، ص 100-101.
    ابن حجر العسقلاني، الكافي الشاف، ص 55 رقم الحديث 459.
    ابن الصباغ المالكي، الفصول المهمة، ص 118 باب بعض مناقب الإمام علي عليه السلام.
    الواحدي، أسباب النزول، ص 201 رقم الحديث 396 رقم الآية 190.
    الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل، ج 1، صص 249 - 289 سورة المائدة الآية 55.
    الهيثمي، مجمع الزوائد، ج 7، ص 16-17 سورة المائدة آية 55.
    محب الدين الطبري، ذخائر العقبى، ص 159 باب مانزل في علي عليه السلام من آيات.
    الجويني، فرائد السمطين، ج 1، ص 187-188 وص 193-195 الباب 39 من السمط الأول.
    الزرندي، نظم درر السمطين، ص 106 باب ذكر مانزل في علي عليه السلام في القرآن من الآيات.
    الخوارزمي، مناقب الخوارزمي، ص 264 -265 الفصل السابع في بيان مانزل من الآيات في شأن الإمام علي عليه السلام
    ابن الجوزي، زاد المسير، ص 392 تفسير سورة المائدة آية 55
    الطبري، تفسير الطبري، ج 10، ص 424
    الطبري، تفسير الطبري، ج 10، ص 425.
    الذهبي، ميزان الاعتدال، ج 3، ص 79- 80 رقم الترجمة 5667.
    ابن تيمية، منهاج السنّة، ج 7، ص 7-8-9.
    ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج 3 ص 138-139 سورة المائدة آية 55.
    الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، ج 12 ص 32 في تفسير سورة المائدة الآية 55.

    الملاحظات
    وقع ذلك في سورة المنافقون أية 8 التي نزلت عبد الله بن أبي سلول، وكذلك سورة الممتحنة آية 1، حيث نزلت في حاطب بن أبي بلتعة عندما كاتب قريش، وغيرها من الآيات التي نزلت في فرد بصيغة الجماعة
    راجع عنوان: الأدلّة على تفسير الشيعة، من هذا المقال.
    تطلق لفظة الإخباري: على من كان رفض حجيّة العقل واعتمد فقط على النصوص الشرعية

    المصادر والمراجع
    القرآن الكريم.
    ابن أبي حاتم، عبد الرحمن بن محمد، تفسير القرآن العظيم، مكة - السعودية، الناشر: مكتبة نزّار مصطفى الباز، ط 1، 1417 هـ - 1997 م.
    ابن أبي زمنين، محمد بن عبد الله، تفسير القرآن العزيز، القاهرة - مصر، الناشر: دار الفاروق الحديثية للطباعة والنشر، ط 1، 1423 هـ - 2002 م.
    ابن الأثير، مبارك بن محمد، المختار في مناقب الأخيار، العين- الإمارات العربية، الناشر: مركز زايد للتراث والتاريخ، ط 1، 1424 هـ-2003 م.
    ابن حنبل، أحمد بن حنبل، المسند، الرياض - السعودية، الناشر: دار بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، 1419 هـ - 1998 م.
    ابن عادل الدمشقي الحنبلي، عمر بن علي، تفسير اللّباب في علوم الكتاب، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1419 هـ - 1998 م.
    ابن كثير، إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، الرياض - السعودية، الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع، ط 2، 1420 هـ - 1999 م.
    أبو حيّان الأندلسي، محمد بن يوسف، تفسير البحر المحيط، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1413 هـ - 1993 م.
    آغا بزرگ الطهراني، محمد محسن، الذريعة إلي تصانيف الشيعة، بيروت - لبنان، الناشر: دار الأضواء، ط 3، 1403 هـ - 1983 م.
    الأخضري، عبد الرحمن بن صغير، الجوهر المكنون في صدف الثلاثة الفنون، تحقيق: عبد العزيز نصيف، الناشر: مركز البصائر للبحث العلمي.
    الآلوسي، أبو الفضل شهاب الدين، تفسير روح المعاني، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، د.ت.
    الأندلسي، عبد الحق بن عطية، تفسير المحرّر الوجيز، بيروت - لبنان، الناشر: دار ابن حزم، د.ت.
    الإيجي، محمد بن عبد الرحمن، تفسير جامع البيان، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1424 هـ - 2004 م.
    البغدادي (الخازن)، علي بن محمد، تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1425 هـ - 2004 م.
    البغوي، الحسين بن مسعود، تفسير معالم التنزيل، بيروت - لبنان، الناشر: دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1423 هـ - 2002 م.
    البيضاوي، عبد الله بن عمر، تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي.
    الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1421 هـ - 2000 م.
    الثعالبي المالكي، عبد الرحمن بن محمد، تفسير الجواهر الحسان، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1418 هـ - 1997 م.
    الثعلبي، أبو إسحاق أحمد، تفسير الكشف والبيان، بيروت - لبنان، الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1422 هـ - 2002 م.
    الجرجاني، الشريف علي بن محمد، الحاشية على المطول، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 2007 م.
    الجرجاني، عبد القاهر، تفسير درج الدرر في تفسير الآي والسور، مانشستر - بريطانيا، الناشر: سلسلة صادرة عن مجلة الحكمة، ط 1، 1429 هـ - 2008 م.
    الجوزي، عبد الرحمن بن علي، تفسير زاد المسير، بيروت - لبنان، الناشر: دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1423 هـ - 2002 م.
    الجويني، إبراهيم بن محمد، فرائد السمطين، بيروت - لبنان، الناشر: مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر، ط 1، 1398 هـ - 1978 م.
    الحسكاني، عبيد الله بن عبد الله، شواهد التنزيل لقواعد التفضيل، بيروت - لبنان، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 2، 1431 هـ - 2010 م.
    الذهبي، محمد بن أحمد، ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق علي محمد البجاوي، بيروت - لبنان، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، د.ت.
    الزمخشري، محمود بن عمر، تفسير الكشّاف، بيروت - لبنان، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، ط 3، 1430 هـ - 2009 م.
    السدي الكبير، إسماعيل بن عبد الرحمن، تفسير السدي الكبير، المنصورة- مصر، الناشر: دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1414 هـ - 1993 م.
    السمرقندي، نصر بن محمد، تفسير بحر العلوم، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1413 هـ - 1993 م.
    السيوطي، جلال الدين، تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور، القاهرة - مصر، الناشر: طبعة مركز هجر للبحوث والدراسات العربية والإسلامية، ط 1، 1424 هـ - 2003 م.
    الشافعي السمعاني، منصور بن محمد، تفسير القرآن، الرياض - السعودية، الناشر: دار الوطن للنشر، ط 1، 1418 هـ - 1997 م.
    الشوكاني، محمد بن علي، تفسير فتح القدير، تحقيق عبد الرحمن عميرة، د.م، الناشر: دار الوفاء، 1994 م.
    الشيرازي، ناصر مكارم، نفحات القرآن، د.م، الناشر: مؤسسة أبي صالح للنّشر والثقافة، د.ت.
    الطباطبائي، محمد حسين، تفسير الميزان، بيروت - لبنان، الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 1، 1417 هـ - 1997 م.
    الطبري، محمد بن جرير، تفسير جامع البيان عن تأويل القرآن، القاهرة - مصر، الناشر: مكتبة ابن تيمية ط 2، د.ت.
    الفخر الرازي، محمد بن عمر، تفسير مفاتيح الغيب، بيروت - لبنان، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1401 هـ - 1981 م.
    القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، الرياض - السعودية، الناشر: دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع.
    القمّي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، قم - إيران، الناشر: مؤسسة الإمام المهدي (ع)، ط 1، 1435 هـ.
    القيسي، أبو محمد مكي بن أبي طالب، تفسير الهداية إلى بلوغ النهاية(مجموعة رسائل جامعية)، د.م، د.ن، ط 1، 1429 هـ - 2008 م.
    الكلبي، محمد بن أحمد بن جزيّ، تفسير التسهيل لعلوم التنزيل، بيروت - لبنان، الناشر: دار الكتب العلمية، ط 1، 1415 هـ - 1995 م.
    الماوردي، علي بن محمد، تفسير النكت والعيون، الرياض - السعودية، الناشر: دار الكتب العلمية مؤسسة الكتب الثقافية، د.ت.
    النسائي، أحمد بن شعيب، السنن الكبرى، بيروت - لبنان، الناشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1421 هـ - 2001 م.
    النسفي، عبد الله بن أحمد، تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل، دمشق - سوريا، الناشر: دار الكلم الطيب للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1419 هـ - 1998 م.
    الهاشمي، أحمد، جواهر البلاغة، ضبط وتدقيق يوسف الصميلي، صيدا - لبنان، الناشر: طبعة المكتبة العصرية، د.ت.
    مغنية، محمد جواد، التفسير المبين، د.م، د.ن، د.ت.

  • 1

     

    طيف رجل سرى بين صفوف المصلين في المسجد فتخللهم وأثار انتباه الجالسين فاتجهت نحوه الأنظار, لكن سرعان ما أشاحوا عنه بوجوههم عندما عرفوا أنه فقير يستجدي من في المسجد من المسلمين, وبعضهم بقي يراقبه بلا مبالاة, فلم تضفر محاولة الفقير في استعطافهم عن شيء.

    لم تكن هيأته تستدعي الاهتمام به فوجهه امتصت منه لفحات الجوع رونقه, وثيابه البالية تهرّأت بسيول الفقر والعوز, كان المسلمون ينتظرون رسول الله (ص) في المسجد بعضهم كان يصلي وبعضهم جلس يقرأ القرآن, وفجأة وقف الفقير أمام علي (ع) الذي كان يصلي وكان (ع) راكعاً فأحسّ بالفقير أمامه فرفع أصبعه من على ركبته إشارة منه إلى الخاتم الذي في يده فنزع الفقير الخاتم من يد علي وخرج من المسجد.


    لم تمض لحظات حتى دخل رسول الله (ص) وهو يتلو على المسلمين ما أنزل عليه جبرائيل من ربه فتلا (ص) هذه الآية الشريفة:

    بسم الله الرحمن الرحيم: (إنما وليّكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).

    شهود عيان من الصحابة

    كان في المسجد إضافة إلى أمير المؤمنين (ع) عدداً من الصحابة فحدّثوا الناس بما رأوا, ومن الذين حضروا وكانوا شهود عيان على هذه الحادثة من الصحابة: عبداللّه بن عباس, وأبو رافع المدني, وعمار بن ياسر, وأبو ذر الغفاري, وأنس بن مالك, والمقداد بن الأسود وغيرهم.

    من التابعين

    وانتشرت هذه الرواية بين الناس فتناقلها من التابعين: مسلمة بن كهيل, وعتبة بن أبي حكيم, والسدي, ومجاهد.

    المفسّرون

    وجاء عهد كتابة التفسير وتدوين الحديث فنقلها في كتابه كل من: ابن أبي حاتم في تفسيره تفسير القرآن العظيم, وابن أبي زمانين في تفسيره تفسير القرآن العزيز, وابن عطية في تفسيره المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز, وابن الجزي الكلبي في تفسيره التسهيل لعلوم التنزيل, وابن الجوزي في تفسيره زاد المسير, ومحمد بن جرير الطبري في تفسيره جامع البيان, وابن عادل الدمشقي الحنبلي في تفسيره اللباب في علوم الكتاب, وأبو البركات النسفي في تفسيره مدارك التنزيل وحقائق التأويل, وأبو حيّان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط, والواحدي في أسباب النزول, والبغوي في تفسيره معالم التنزيل, والسيوطي في تفسيره الدر المنثور، والقرطبي في تفسيره, والشوكاني في تفسيره, والآلوسي في تفسيره روح المعاني، والثعالبي في تفسيره الجواهر الحسان, والثعلبي في تفسيره الكشف والبيان, والسمعاني في تفسيره تفسير القرآن, والبيضاوي في تفسيره أنوار التنزيل وأسرار التأويل, والسدي الكبير أبو محمد اسماعيل في تفسيره تفسير السدي الكبير, والزمخشري في تفسيره الكشاف، والسمرقندي أبو اللّيث نصر بن محمد في تفسيره بحر العلوم, والشوكاني في تفسيره الفتح القدير, والجرجاني في تفسيره درج الدرر, والإيجي الشيرازي في تفسيره جامع البيان, والخازن في تفسيره لباب التأويل في معاني التنزيل, والقرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن, ومكي بن أبي طالب بن حموش في تفسيره الهداية لبلوغ النهاية.

    المحدّثون

    أما في كتب السير والحديث فقد نقلها: ابن الأثير في المختار من مناقب الأخيار, وابن حجر العسقلاني في الكافي الشاف, والإمام العلامة ابن الصبّاغ المالكي في كتابه الفصول المهمة, والإمام الواحدي في كتابه أسباب النزول, والحاكم الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل, والحافظ علي بن أبي بكر الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد, ومحب الدين الطبري في كتابه ذخائر العقبى, والمحدّث الجويني في كتابه فرائد السمطين, والمحدّث الزرندي الحنفي المدني في كتابه نظم درر السمطين, الحافظ الخوارزمي في كتابه المناقب, وغيرهم وقد أسندت هذه الرواية إلى جملة من الصحابة.

    الحفّاظ

    كما رواها من الحفاظ: عبد الرزاق الصنعاني في كتاب المصنّف, وعبد بن حميد في كتاب المسند, ورزين بن معاوية العبدري الأندلسي في كتاب الجمع بين الصحاح الستة, والنسائي في الصحيح, وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه وتفسيره المعروفين, وابن أبي حاتم الحافظ الرازي, وأبو الشيخ الأصفهاني, وابن عساكر الدمشقي, وأبو بكر ابن مردوديه الأصفهاني, وأبو القاسم الطبراني, والخطيب البغدادي, وأبو بكر الهيثمي, وأبو الفرج ابن الجوزي الحنبلي, والمحب الطبري شيخ الحرم المكي, وجلال الدين السيوطي, والشيخ علي المتقي الهندي, وغيرهم.

    إجماع الفريقين

    ولسنا هنا بصدد حصر الكتب التي ذكرت هذه الرواية ومؤلفيها فهناك مصادر أخرى اتفقت على ذلك لم نذكرها خشية الإطالة وقد ذكر الشيخ عبد الحسين الأميني في موسوعته الغدير أسماء ستّة وستّين عالماً من علماء أهل السنّة قالوا بنزول هذه الآية في أمير المؤمنين (ع) ، بطرق وألفاظ مختلفة وبمضمون واحد. ولكن في ما ذكرنا يفي بالغرض على أن آية الولاية نزلت بحق علي بن أبي طالب وهذه المصادر التي ذكرناها كلها من مصادر أهل السنة المعتبرة عندهم أما مصادر الشيعة فكلها أجمعت على ذلك وذكرت بالتفصيل تفسير هذه الآية وأنها نزلت بحق أمير المؤمنين (ع) بإسناد صحيح وتعرّضت لشرحها وفق السنن التاريخية والمنطق العقلي والنقلي وأكدت بما لا يقبل الشك على صحتها فلا داعي لذكر هذه المصادر لإجماعها.

    نص الرواية

    أما نص الرواية في هذه الكتب فقد جاء بمضمون واحد, فقد جاء في تفسير الفخر الرازي, وتفسير الثعلبي عن أبي الغفاري (رضوان الله عليه): أنّ النبيّ (ص) لمّا علم بأنّ عليّاً تصدّق بخاتمه للسائل، تضرّع إلى الله وقال: (اللهمّ إنّ أخي موسى سألك قال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزيراً مِنْ أهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً) فأوحيت إليه: (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسى)، اللهمّ وإنّي عبدك ونبيّك فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري واجعل لي وزيراً من أهلي عليّاً أُشدد به ظهري...) فقال أبو ذر: فوالله ما استتمّ رسول الله (ص) الكلمة حتّى هبط عليه الأمين جبرائيل بهذه الآية: (إنّما وليّكم الله ورسوله....)

    وجاء في الكشّاف للزمخشري: وإنّما نزلت في علي كرّم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح له خاتمه كأن كان مرجاً (أيّ غير مستعص) في خنصره، فلم يتكلّف لخلعه كثير عمل تفسد به الصلاة... .
    وأورد السيوطي في الدر المنثور هذه الرواية عن ابن عباس بما نصه: تصدّق علي بخاتمه وهو راكع ، فقال النبي (ص): من أعطاك هذا الخاتم ؟ فقال السائل: ذاك الراكع. فأنزل الله: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)

    ابن تيمية .. الشاذ

    وماذا بعد كل هذه الروايات المسندة والصحيحة لكي يتمسك من في قلبه مرض بشخص ضال مضل أنكر هذه الرواية وجحد الحق وشذ عن كل علماء التفسير والحديث والكلام وهو ابن تيمية الناصبي الذي عزز إنكاره بأباطيل وترّهات وأراجيف لا تستند إلى منطق ولا ترتكز على موضوعية.

    يقول ابن تيمية: وضع بعض الكذّابين حديثاً مفترى أنّ هذه الآية نزلت في علي لمّا تصدّق بخاتمه في الصلاة، وهذا كذب بإجماع أهل العلم بالنقل، وكذبه بيّن ! ثم يقول:  وأجمع أهل العلم بالنقل على أنّها لم تنزل في علي بخصوصه، وأنّ عليّاً لم يتصدّق بخاتمه في الصلاة، وأجمع أهل العلم بالحديث على أنّ القصّة المروية في ذلك من الكذب الموضوع، وأنّ جمهور الاُمّة لم تسمع هذا الخبر !

    إذن من أية أمة هؤلاء المفسرون والمحدّثون والحفّاظ والمؤرّخون والعلماء والفقهاء يا ابن تيمية ؟

    ومن هم أهل العلم بالحديث الذين أجمعوا على أنّ هذه القصّة المروية هي كذب موضوع كما زعمت ؟

    أهل الضلال
    لقد حذا حذو ابن تيمية وجرى مجراه في الأخذ بهذه الآراء المنحرفة بعض الذين أعمتهم العصبية المذهبية البغيضة عما كان يفترض بهم ككتّاب وباحثين أن يتطرقوا إلى هذه الرواية بالموضوعية ويتّصفوا بالحصافة الفكرية لكن أهواؤهم ونزعاتهم تجرّدت عن كل ما يجب أن يتصف به الدارس والباحث.

    نقول لهؤلاء: إنكم لم تسيئوا إلى الشيعة والتشيّع بقدر إساءتكم إلى علماء السنة ومحدّثيهم ومفسّريهم الذين أجمعوا على نزول هذه الآية بحق أمير المؤمنين (ع) فنبذتموها وراء ظهوركم واتبعتم رجلاً منحرفاً مُتّهماً في دينه, كما أسأتم إلى أنفسكم وألقابكم العلمية إن كنتم تستحقونها.

    الطعن الواهي

    لقد طعن ابن تيمية بهذا النزول هذه الآية بحق أمير المؤمنين (ع) وأورد جملة من الاعتراضات إن دلت على شيء فإنها تدل على عدائه الصريح لأهل البيت (ع) وجهله وتعصبه الأعمى فهي اعتراضات واهية وغير علمية ولا يمكن أن تصدر من إنسان عادي ولكنها صدرت ممن يطلق عليه المنحرفون عن الإسلام مثله: (شيخ الإسلام).

    من هذه الطعون إن الألفاظ في الآية جاءت بصيغة الجمع: (والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون), وعلي شخص واحد, وهذا الاعتراض فنده القرآن الكريم الذي احتوى على كثير من الآيات الشريفة التي جاءت بصيغة الجمع وقد نزلت في شخص واحد, منها آية المباهلة الذي اعترف هو بنزولها بحق أمير المؤمنين في قوله تعالى (وأنفسنا وأنفسكم) وكذلك الحال بـ (ونساءنا ونساءكم) التي هي بحق فاطمة (ع) و قد أجاب الزمخشري على هذا الاعتراض بالقول: أنّ الفائدة في مجيء اللفظ بصيغة الجمع في مثل هذه الموارد هو ترغيب الناس في مثل فعل أمير المؤمنين، لينبّه أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذا الحد من الحرص على الاحسان إلى الفقراء والمساكين، يكونون حريصين على مساعدة الفقراء وإعانة المساكين، حتّى في أثناء الصلاة، وهذا شيء مطلوب من عموم المؤمنين، ولذا جاءت الآية بصيغة الجمع.

    ومن هذه الآيات أيضاً قوله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). وقد نزلت هذه الآية في شخص واحد هو نعيم بن مسعود الاشجعي.

    وقوله تعالى: (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) وهذه الآية نزلت في شخص واحد أيضاً هو عبد الله بن أبي
    وقوله تعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ). وقد نزلت في رجل واحد اشتكت منه زوجته إلى رسول الله (ص).

    وقد تصدى العلامة الشيخ الأميني لتفنيد هذا الاعتراض فذكر كثيراً من الآيات الشريفة التي نزلت بصيغة الجمع.

    إذا فهذا الاعتراض باطل عقلا ومنطقا

    الزكاة عبادة

    أما الاعتراض الثاني فهو أضعف من الأول وهو: أنّ علياً في وقت الصلاة يجب أن يكون منشغلاً بالله سبحانه وتعالى، وهو بعيد عن الأمور الدنيوية فكيف يلتفت إلى السائل ؟ وكيف يشير إليه ويرفع أصبعه ؟
    لقد جهل هؤلاء إن الزكاة هي من الأمور الدينية فأمير المؤمنين (ع) اتجه من عبادة إلى عبادة.

    الولي هو الخليفة

    أما الاعتراض الآخر فهو أن كلمة (ولي) في الآية تعني الصديق والناصر وليست ولي الأمر بعد رسول الله (ص) وهو اعتراض مضحك مبكي لأن صفة الناصر لا تنحصر بعلي بل تشمل المؤمنين وهي خلاف مراد الآية الشريفة التي تنص على شخص واحد

    دلالة الآية المباركة على الولاية

    دلت الآية الشريفة دلالة واضحة وصريحة على ولاية أمير المؤمنين (ع) بعد النبي (ص) فألفاظها تؤكد ذلك فلفظة (إنما) تعني الحصر بإجماع علماء اللغة وقد انحصرت الولاية بالله والرسول وأمير المؤمنين وهو ما أكدته الأحاديث الشريفة الكثيرة بحق أمير المؤمنين ومنها قوله (ص): إِنَّ عليا مِني وأنا مِنه، علي وليّكُم بعدي، من أكن مولاه فهذا علي مولاه وغيرها.

    كما أن ألفاظ هذه الآية الكريمة والأحاديث الشريفة تنفي نفياً قاطعاً القول بأنها نزلت في عموم المؤمنين وقد فنّد الشيخ مُطهّري هذا القول وأكد على أن هذه الآية لا تشمل إلا شخصاً واحداً حيث قال:
    (عندما نعود إلى أحكام الإسلام لا نجد فيها ما يدل على وجوب أن يأتي المسلم الزكاة وهو راكع، حتى نقول أن هذا الحكم عام يشمل الجميع ولا يفيد الحصر والتخصيص. وهذا يعني أن الآية تشير إلى واقعة حدثت في الخارج مرة واحدة).

    ويقول أيضاً: (وقد اتفق الشيعة والسنة على نقلها, ليس ثمة من يختلف من الشيعة والسنة في أن علياً (ع) أعطي خاتمه وهو في الصلاة، وأن الآية نزلت بشأنه. كما نعرف أن ليس في أحكام الإسلام ما يدل على وجوب الإنفاق في حال الركوع ، ليصح أن يقال أن بعضهم ــ غير من خصّته الآية وهو الإمام علي ــ عمل به إذ الآية تشير في قوله (ويؤتون الزكاة وهم راكعون) إلى ما من فعل ذلك في تلك الواقعة المعروفة، أي فيها إشارة وكناية.

    مع الشعر
    من كل ما تقدم يتضح أن آية الولاية خاصة بالله ورسوله وأمير المؤمنين (ع) وشهرتها أقوى من أن تنكر وقد تضافرت الأحاديث والروايات على ذلك كما أخذت هذه الرواية حيزا كبيرا في الشعر العربي منذ وقوعها وإلى الآن وقد ذكرها كثير من الشعراء نذكر بعضهم مع أشعارهم في نزول هذه الآية:

    يقول حسّان بن ثابت الأنصاري:
    أبا حسنٍ تفديـــــكَ نفسي ومهجتي   ***   وكل بطيءٍ في الهدى ومُسـارعِ
    أيذهبُ مدحي فـي المحبّين ضائعاً   ***   وما المدحُ في ذاتِ الإلَهِ بضائعِ
    فأنتَ الذي أعطيتَ إذْ كُنتَ راكعاً   ***   فدتكَ نفوسُ القومِ يا خيرَ راكــعِ
    بخاتمكَ الميمـــــــون يا خيرَ سيّدٍ   ***   ويا خير شارٍ ثمَّ يا خيـــــر بائعِ
    فأنزلَ فيك الله خَيــــــــــــر وِلايَةٍ   ***   وبيَّنَها في مُحكمـــــاتِ الشَّرائعِ

    وقال حسان أيضاً:
    وافى الصـــلاة مع الزكاةِ فقامها   ***   والله يرحم عبده الصبّــارا
    مَنْ ذا بخـــــــاتَمه تصدّقَ راكعاً   ***   وأسرّها في نفســهِ إسرارا
    مَن كانَ باتَ عــلى فراشِ محمّد   ***   ومحمّدٌ أســري يَؤمُّ الغارا
    من كان جبــــــــريلٌ يقومُ يمينه   ***   يوماً وميكـــالٌ يقومٌ يسارا
    مَن كان في القـرآنِ سُمّيَ مؤمناً   ***   في تِسعِ آيات جُعلن كبارا

    وقال الصحابي الجليل خزيمة بن ثابت الأنصاري:
    فديتُ علياً إمــــــــــام الورى   ***   ســراجَ البريةِ مأوى التقى
    ‏وصيُّ الرسولِ وزوجُ البتولِ   ***   إمامُ البريةِ شمسُ الضحى
    ففضّله الله ربّ العبــــــــــــاد   ***   وأنـــزلَ في شأنهِ هل أتى
    تصدّق خـــــــــــــاتمه راكعاً   ***   فأحســن بفعلِ إمامِ الورى


     وقال السيّد الحميري (محمد بن إسماعيل):
    من كان أوّل من تصدّق راكعاً   ***   يوماً بخــــاتمه وكان مُشيرا
    من ذاك قول الله إنّ وليـــــــكم   ***   بعد الرسولِ ليعلم الجمهورا


    وقال أيضاً:
    وأنزل فيه ربُّ النــــاسِ آياً   ***   أقـرّت من مواليهِ العيونا
    بأنّي والنبيُّ لكــــــــــم وليٌّ   ***   ومؤتون الزكاة وراكعونا
    ومن يتول ربَّ الناسِ يوماً   ***   فإنّهمُ لعمــــــري فائزونا

    وقال أيضاً
    من خمسةٍ جبريلُ سادسهم وقد   ***   مدَّ النبيُّ على الجميع عباءَ
    من ذا بخاتمــــهِ تصدَّق راكعاً   ***   فأثابه ذو العـرشِ منه ولاءَ

    وقال الحسن بن علي بن جابر المعروف بـ (الهبل) اليمني:
    صنو النبيِّ محمـــدٍ ووصيهِ   ***   وأبو سليـــليه شبير وشبّرا
    من ذا سواه من البريةِ كلها   ***   زكّى بخاتمه ومدَّ الخنصرا

     وقال دعبل الخزاعي:
    نطقَ الكتـــابُ بفضلِ آلِ محمّدٍ   ***   وولايةٍ لعـــــــلـيــــهِ لم تجحدِ
    بولايةِ المختارِ من خيرِ الورى   ***   بعدَ النبيِّ الصــــــادقِ المتودّدِ
    إذ جاءه المسكيــنُ حالَ صلاتِهِ   ***   فامتدَّ طـــــوعاً بالذراعِ وباليدِ
    فتناولَ المسكيـــــــنُ منه خاتماً   ***   هبةَ الكريمِ الأجودِ بن الأجودِ
    فاخصّه الرحــــــمنُ في تنزيلِهِ   ***   من حـــــاز مثل فخارهِ فليعددِ


    وقال الشريف الرضي:

    ومن سمحت بخاتمه يمينٌ   ***   فضنَّ بكلِّ عاليةِ الكعابِ

    وقال الصاحب بن عباد:

    لم يعلموا أن الوصي هو الذي   ***   آتى الزكاة وكان في المحرابِ
    لم يعلموا أن الوصي هو الذي   ***   حكمَ الغديرُ له على الأصحابِ


    وقال أيضا:

    هل مثل برِّك في حالِ الركوعِ وما   ***   زكا كبرِّك برٌّ للمزكينا


    وقال أحمد بن علوية الأصفهاني المعروف بـ (ابن الأسود الكاتب):

    أمَّن بخاتمِه تصـــــــــــدّق راكعاً   ***   يرجو بذاكَ رضا القريبِ الداني
    حتى تقـــــــــــــرّب منه بعد نبيهِ   ***   بولايةٍ بشـــــــــــــواهدٍ ومعاني
    بولاية في آيـــــــــــــــــة لولاتها   ***   نزلت حصــــــاهم واحد واثنانِ
    فالأولُ الصمدُ المُقــــــدّس ذكره   ***   ونبيه ووصيه التبـــــــــــــــعانِ
    هل في تلاوتها بآي ذوي الهدى   ***   من قبل ثــــــــــالث أهلها يليانِ
    هذي الولاية أن تعود عــــليهما   ***   من بعده من عقـــــــدِها قسمانِ


    وقال الحسين بن علي بن الحسن العشاري البغدادي الشافعي:

    يؤتي الزكاة لمن أتى متعرضاً   ***   لنداه وهو الراكعُ المتشهّدُ

    وقال الحسن بن يوسف المعروف بـ الكزون السنجاري:

    قولُ الإلهِ جــــــلَّ في كتابِهِ   ***   على عــــــليٍّ جاءَ نصّاً قاطعا
    أنا الوليُّ ورســـولي والذي   ***   آتى الزكــاة في الصلاة راكعا
    فخصّه منه بوصفٍ لم يكن   ***   بغيـــــــــــرِهِ فيما رووه واقعا
    فأوجــــــــــبَ اللهُ له ولايةً   ***   على الذي للذكرِ أضحى تابعا


    ويقول الشيخ كاظم الأزري في ملحمته:

    وهو في آيةِ (التباهلِ) نفسُ   ***   المصطفى ليـــسَ غيرُه إيّاها
    ثم سلْ (إنّمــــــا وليُّكم الله)   ***   ترَ الاعتبـــــــــارَ في معناها
    آيةٌ خصّت الولايــــــــة لله   ***   وللطهرِ حيــــــــــدرٍ بعدَ طه
    آية جاءت الــــــولاية فيها   ***   لثلاثٍ يعدو الهدى من عداها


    وقال السيد حسن بحر العلوم

    كم بوحي الذكر في تفضيله   ***   صدعت آيــــــــــاتُ فضلٍ بيّنات
    آية التصديــــــــقِ من آياتِه   ***   حين أعطى في الركوعِ الصدقات

    محمد طاهر الصفار

  • 1

    عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: «صِبْغَةَ اَللّٰهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اَللّٰهِ صِبْغَةً » قَالَ صَبَغَ اَلْمُؤْمِنِينَ بِالْوَلاَيَةِ فِي اَلْمِيثَاقِ
    تفسير فرات  ج۱ ص۶۱
    الکافي  ج۱ ص۴۲۲

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page