بطاقات الكترونية إسلامية

بطاقات الكترونية إسلامية

موضوع البرنامج: الدعاء وتدريب المؤمن على ان تكون راحته وسكونه الى الأنس بالله
بقلم: الدكتور محمود البستاني
نتابع حديثنا عن الادعية المباركة وما تتضمنه من بلاغة العبارة ونكاتها الدلالية المتنوعة ... ومن هذه النماذج ما حدثناكم عنه في لقاءات سابقة،

تتصل باحد مقاطع الادعية، وهو المقطع الذي "يستغفر الله تعالى من كل لذة بغير ذكر الله تعالى ومن كل راحة بغير انس الله تعالى ..."، وقد حدثناكم عن الاستغفار الاول وهو اللذة بغير ذكر الله تعالى كما حدثناكم عابراً عن الاستغفار الثاني وهو الراحة بغير انس الله تعالى وواعدناكم بان نحدثكم مفصلاً عن هذا الجانب ... وها نحن نبدأ بالقاء الانارة على الموضوع ...
قلنا ان الانس والسحر والراحة والفرح واللذة والمتعة وامثلتها من العبارات التي تتحدث عن الاشباع لحاجات الشخصية تظل متفاوتة في دلالاتها وان كانت في تصور الرجل العادي انها تحمل دلالة واحدة.
ففي المقطع الذي نتحدث عنه نلاحظ بان الدعاء يستغفر الله تعالى من كل راحة بغير انس الله تعالى وهو امر قد يجعل قارئ الدعاء حائراً من حيث تصوره بان الانس مثلاً لا يختلف عن الراحة بصفته ان كليهما تعبير عن حالة الاشباع لحاجات الشخصية... لكن لو دققنا النظر لرأينا الفارق بين هاتين الظاهرتين وما تنطويان عليه من النكات الدلالية التي نعدك دوماً باستخلاصها وتوضيحها...
ايضاً نذكرك باننا في لقاء سابق اوضحنا الدلالة اللغوية لعبارة الانس والدلالة اللغوية لعبارة الراحة ويهمنا الآن ان نوضح ذلك مفصلاً حتى يقف قارئ الدعاء عند النكات المتنوعة لهذا المقطع من الدعاء....
عندما تتجه الى الله تعالى وتقول استغفرك من كل راحة ماذا تستخلص منها؟ انك لتستخلص دلالة هي انه لا سكون للنفس تستريح اليه الا عند الله تعالى ... فانت هنا تبحث عن السكون الى شيء يحقق لك اشباعاً خاصاً، ولذلك فان الراحة هنا ليس بمعنى السرور او الفرح او اللذة بل بمعنى آخر هو السكون الى الشيء فمثلاً عندما تسكن نفسك الى صديق فهذا لا يعني انك تحس بانك فرحاً او مسروراً بقدر ما يعني انك تحس بهدوء وبقرار وباطمئنان الى الشيء والاطمئنان الى الشيء غير الفرح والسرور، وفي هذه الحقيقة نتساءل ما هي الدلالة التي نستخلصها من عبارة الدعاء عندما تقول واستغفرك من كل راحة بغير انسك هنا سوف يضطرب فهمك ايضاً للمعنى الرقيق بين الراحة وبين الانس ولعلك تتساءل أليس الانس هو الراحة ايضاً؟ ونجيبك كلاً! كيف ذلك؟
ان الانس هو الالفة بالشيء أي هو ضد التوحش، فمثلاً عندما يستشعر بحالة عدم العثور على صديق مخلص، او عندما تواجه شخصاً لا معرفة لك به، عندها سوف تستوحش ولكن عندما تعثر على الصديق المخلص، والشخص الذي لك صلة به، عندها سوف تأنس بهما أي سوف تألفهما ولاتستوحش منهما.
والآن اذا نقلنا الحقيقة المتقدمة الى موضوع الدعاء الذي يستغفر من كل راحة بغير انس بالله تعالى نجد ان الدعاء قد استهدف الاشارة الى ان كل مألوف لدى البشر سواءاً أكان صديقاً او قريباً او أي مصدر اخر قد يألفه الشخص، تلك الالفة ينبغي الا تحصل الا من خلال التواصل مع الله تعالى... وبكلمة اكثر وضوحاً الدعاء المذكور يقرر الاستغفار من كل علاقة بين قارئ الدعاء وبين سواه، الا علاقة بالله تعالى، حيث ان النفس تسكن الى هذه العلاقة وحيث انها أي النفس تألف العلاقة المذكورة بينما تستوحش من غيرها وهذا ما نجده مذكوراً في كثير من النصوص الشرعية الذاهبة الى ان العبد اذا استأنس بالله تعالى فسوف يستوحش من الناس، وهذا المعنى نفسه قد عبر الدعاء عنه باسلوب دقيق ذكر فيه سكون النفس وذكر فيه الالفة وكيف ان العبد يسكن الى الله تعالى ويحقق بذلك انساً أي الفة بالله تعالى ويتحاشا من سواه.
اذن: امكننا ان نتبين جانباً من دلالة الدعاء وهو امر ينبغي ان نستثمره وذلك بان نجعل راحتنا من خلال الانس به تعالى وان ندرب ذواتنا على ذلك، ونتصاعد به الى النحو المطلوب.

الأدعية والزيارات الصوتية

loading...

أدعية فلاشية

loading...

شرح الأدعية

loading...