لما رجع أبو بكر بن عبد الله باعلوي المتوفى 914 من الحج دخل زيلع وكان الحاكم بها يومئذ محمد بن عتيق فاتفق إنه ماتت أم ولد للحاكم المذكور وكان مشغوفا بها فكاد عقله يذهب لموتها، فدخل عليه السيد - باعلوي - لما بلغه عنه من شدة الجزع ليعزيه ويأمره بالصبر وهي مسجاة بين يديه بثوب فعزاه وصبره فلم يفد فيه ذلك، وأكب على قدمي الشيخ يقبلهما وقال: لا سيدي! إن لم يحي الله هذه مت أنا أيضا، ولم يبق لي عقيدة في أحد، فكشف السيد عن وجهها وناداها باسمها فأجابته: لبيك ورد الله روحها، وخرج الحاضرون ولم يخرج السيد حتى أكلت مع سيدها الهريسة وعاشت مدة طويلة.
شذرات الذهب 8: 63، النور السافر ص 84.
قال الأميني: فليذهب مسيح بن مريم بخاصته من إحياء الموتى بإذن الله حيث شاء، فقد جاء باعلوي ونظراءه أمة كبيرة يشاركونه في المعجز، نعم: الفاصل بين المسيح وهؤلاء أربعة أصابع (1) وإنا وإن لم نر معجز المسيح عليه السلام لكن أخذنا خبره مما هو أثبت من الرؤية ألا وهو القرآن الكريم، على حين إنه معتضد بالاعتبار والبرهنة الصادقة من لزوم نوع المعجز لمثل المسيح من الأنبياء والحجج من الذين عصمهم الله من كل هوى سائد وطهرهم تطهيرا.
ونحن إلى الغاية لم نعرف سر إحياء السيد باعلوي أم ولد الحاكم، هل كان للتحفظ على حياة الرجل وقد قال: إن لم يحي الله هذه مت أنا أيضا؟. والرائد لا يكذب. وكان المجتمع في حاجة ماسة إلى حياته، أو كان لإبقائه في عقيدته. وكان في نزوعه عنها خسارة أمة محمد صلى الله عليه وآله؟ أو كان لكلا الأمرين مزدوجا؟ وهل يعمان هما كل من يدعيهما في موت من يحبه؟ أو يخصان بالحاكم؟ أو يقصران على من شاء السيد باعلوي إحياءه؟ مشكلات لا تنحل.
_________
(1) إشارة إلى الحديث المعروف المروي عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: بين الحق و الباطل أربعة أصابع. الفاصلة بين العين والأذن.
- 93 - أبو بكر باعلوي يحيي الميت
- الزيارات: 1192