لقد دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأهل البيت ( عليهم السلام ) ، إلى صلة الأرحام في جميع الأحوال ، وأن تُقابل القطيعة بالصلة ؛ حفاظاً على الأواصر والعلاقات ، وترسيخاً لمبادئ الحب والتعاون والوِئام .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( إنّ الرحِم معلّقة بالعرش ، وليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل مَن الذي إذا انقطعت رحِمه وصلها ) (1) .
وقال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه : أوصاني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن أصل رحمي وإن أدبَرَت (2) .
وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( صلوا أرحامكم وإن قطعوكم ) (3) .
وممّا جاء في فضل صلة الأرحام في الحديث الشريف ، أنّها خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة ، وأنّها أعجل الخير ثواباً ، وأنها أحبّ الخُطى التي تقرّب العبد إلى الله زلفى ، وتزيد في إيمانه .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (أَلا أدلّكم على خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة ؟ مَن عفا عمَّن ظلمه ، ووصل مَن قطعه ، وأعطى مَن حرمه ) (4) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أعجل الخير ثواباً صلة الرحِم ، وأسرع الشر عقاباً البغي ) (5) .
وقال الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) : ( ما من خطوة أحبّ إلى الله عزَّ وجلَّ من خطوتين : خطوة يسدّ بها المؤمن صفّاً في سبيل الله ، وخطوة إلى ذي رحِم قاطع ) (6) .
وقال الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) : ( صلة الأرحام وحُسن الخُلق زيادة في الإيمان ) (7) .
ولقد رتّب الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) حقوق الأرحام تبعاً لدرجات القُرب النسبي ، فيجب صلة الأقرب فالأقرب ، فقال : ( وحقوق رحِمك كثيرة متصلة بقدر اتصال الرحِم في القرابة ، فأوجبها عليك حقّ أُمّك ، ثمّ حقّ أبيك ، ثمّ حقّ وَلدك ، ثمّ حقّ أخيك ، ثمّ الأقرب فالأقرب ، والأَوّل فالأَوّل ) (8) .
وتتجلّى مظاهر الصلة بالاحترام والتقدير ، والزيارات المستمرة ، وتفقّد أوضاعهم الروحية والمادية ، وتوفير مستلزمات العيش الكريم لهم ، وكفّ الأذى عنهم .
ولقد دعا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، إلى تفقّد أحوال الأرحام المادية وإشباعها ، فقال : ( أَلا لا يَعْدِلَنَّ أَحَدُكُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ ، يَرَى بِهَا الْخَصَاصَةَ أَنْ يَسُدَّهَا بِالَّذِي لا يَزِيدُهُ إِنْ أَمْسَكَهُ ، وَلا يَنْقُصُهُ إِنْ أَهْلَكَهُ ، وَمَنْ يَقْبِضْ يَدَهُ عَنْ عَشِيرَتِهِ ، فَإِنَّمَا تُقْبَضُ مِنْهُ عَنْهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ ، وَتُقْبَضُ مِنْهُمْ عَنْهُ أَيْدٍ كَثِيرَةٌ ، وَمَنْ تَلِنْ حَاشِيَتُهُ يَسْتَدِمْ مِنْ قَوْمِهِ الْمَوَدَّةَ ) (9) .
وأدنى الصلة هي الصلة بالسلام ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( صلوا أرحامكم ولو بالسلام ) (10) .
وأدنى الصلة المادية هي الإسقاء ، قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( صلْ رحِمك ولو بشربة ماء ... ) (11) .
ومن مصاديق صلة الأرحام كفّ الأذى عنهم ، قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( عظّموا كباركم ، وصلوا أرحامكم ، وليس تصلونهم بشيء أفضل من كفّ الأذى عنهم ) (12) .
ـــــــــــــــــ
(1) جامع الأخبار / السبزواري : 287 ـ مؤسسة آل البيت ( عليهم السلام ) ـ قم ـ 1414 هـ ط1 .
(2) الخصال / الصدوق 2 : 345 / 12 ـ جماعة المدرّسين ـ قم ـ 1403 هـ .
(3) بحار الأنوار 74 : 92 .
(4) جامع الأخبار : 287 .
(5) جامع الأخبار : 290 .
(6) الخصال 1 : 50 / 60 .
(7) جامع الأخبار : 290 .
(8) تحف العقول : 183 .
(9) نهج البلاغة : 65 ، الخطبة : 23 ، تحقيق صبحي الصالح .
(10) تحف العقول : 40 .
(11) بحار الأنوار 74 : 88 .
(12) الكافي 2 : 165 .
صلة الأرحام في الأحاديث الشريفة
- الزيارات: 2558