خرجت هذه الفرقة من تحت عباءة الإخوان في منتصف فترة الستينيات داخل المعتقلات التي ضمت فرقة القطبيين مع فرقة الإخوان في مصر.
وقد برزت هذه الفرقة كرد فعل للحالة السلبية التي اتخذتها فرقة الإخوان تجاه حكم عبد الناصر وصور التعذيب التي كانوا يتعرضون لها داخل المعتقلات وكان المنبع الذي أعطى لهذه الفرقة الدفعة الأولى هو فكر سيد قطب مؤسس فرقة القطبيين.
وكان الطالب الجامعي شكري مصطفى الذي اعتقل في فترة الستينيات رفع لواء التكفير، وتمرد على الفرقتين، وقام بوضع حجر الأساس لفرقته التي بدأت في الانتشار على ساحة الواقع المصري في بداية السبعينيات عندما أخليت المعتقلات من العناصر الإسلامية وأصبحت تشكل خطراً كبيراً على الفرق الأخرى.
ولم يقتصر فكر الفرقة على حدود مصر وحدها بل امتد إلى بقاع أخرى كثيرة من بلدان المسلمين.
وتعدّ أفكار فرقة التكفير امتداداً لأفكار ومعتقدات فرقة الخوارج، خاصة فرقة الأزارقة، منهم التي تعدّ أشدّ فرقهم تطرفاً.
وتتلخص أفكار ومعتقدات هذه الفرقة فيما يلي:
التوقف في الحكم على الناس بالإسلام حتى يتم التبين.
ـ رفض التراث وتقليد الفقهاء من الماضي والحاضر.
ـ العزلة عن المجتمع.
ـ تناول الدين من الكتاب والسنة مباشرة.
ـ وجوب الهجرة.
ـ التوسمات وانتظار علامات آخر الزمان وحدوث الملحمة الكبرى بين المسلمين والكفار.
ـ مرتكب الكبيرة كافر.
ومن هذه الأفكار يتبيّن لنا أن فرقة التكفير لا تتبنى فكرة الصدام مع الواقع الذي حكمت عليه بالكفر والجاهلية.
والحق أن هذه الفرقة التي حاولت الهروب من التقليد باعتباره صورة من صور الكفر لتصادمه مع النصوص في منظورها، وقعت هي أيضاً فيه بتقليدها شكري مصطفى المؤسس واتباعها أفكاره والتزامها بمعتقداته.
وقد حوربت فرقة التكفير من الفرق الأخرى بشدة إلاّ أن هذه الحرب لم تؤثر شيئاً إذ أن الواقع كان يخدم اتجاهها ويزكّي أفكارها.
ومن جانب آخر ساعدت فكرة الهجرة التي تبنّتها الفرقة على دعم الأنشطة الخاصة بها وتثبيت أقدامها على الساحة، إذ العنصر المهاجر كان يلتزم بدفع أكثر من نصف دخله في الخارج لفرقته.
ولشكري مصطفى عدة مؤلفات مخطوطة لم تخرج إلى النور وهي متداولة بين عناصر الفرقة منها:
مؤلف تحت عنوان: الإصرار، ويحكم فيه بكفر المصر على المعصية.
ومؤلف تحت عنوان: الهجرة، ويوجب من خلاله الهجرة على المسلمين.
ومؤلف تحت عنوان: الخلافة، ويعرض فيه لاستخلاف الفئة المؤمنة. الظاهرة على الحق في آخر الزمان ويقصد بها فرقته.
وأمام الحوادث والمتغيرات لم تتمكن فرقة التكفير من الصمود والحفاظ على وحدتها وأصابها ما أصاب فرق السنة الأخرى من التمزّق والشتات، إذ انشقت عليها مجموعة من عناصرها لتكون فرقة جديدة أشد غلواً وتطرفاً من الفرقة الأم رافضة فكرة التوقف والتبين والهجرة والانتظار وتبنت الجهاد في مواجهة الواقع الذي حكمت عليه بالكفر إجمالا وأباحت لنفسها استحلاله.
وقامت الفرقة الوليدة بعدة محاولات لاغتيال وزيري الداخلية وأحد الصحفيين في النصف الثاني من الثمانينيات مما دفع بالحكومة إلى التصدي لها والقبض على عناصرها وتصفيتها(1).
____________
1- انظر لنا الحركة الاسلامية في مصر. وقد أطلق على الفرقة الجديدة اسم: (الناجون من النار).