• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حماية الإمام

مع أن الإمام علي بن الحسين زين العابدين كان حاضراً في واقعة كربلاء ، وكان في عز عمره وشبابه في الثانية والعشرين من العمر . ومع أن الشباب الهاشميين حتى الأصغر منه سناً كانوا يتسابقون الى المعركة ، وكان الجيش الأموي لا يتوقف عن اطلاق النار على أي هاشمي مهما كان عمره وسنه ولو كان طفلاً رضيعاً . . مع كل ذلك فقد شاءت حكمة الله ( سبحانه ) حفظ حياة الإمام زين العابدين ، عبر اصابته بالعلة والمرض فأصبح ملازماً للخيمة على فراش المرض ، حيث أقعده المرض عن حمل السلاح والنزول الى ساحة المعركة ، ليكون هو الخلف والبقية ولتستمر به الإمامة والزعامة الدينية في ذرية الحسين .
وحينما استشهد الإمام الحسين وهجم الجيش الأموي على خيامه وعياله ، وأصبحوا أسارى في أيدي الظالمين كانت حياة الإمام زين العابدين معرضة للخطر في كل لحظة من اللحظات لكن السيدة زينب قامت بدور الحماية والدفاع عن الإمام في تلك الظروف القاسية الصعبة ، وأنقذ الله ( تعالى ) حياة الإمام بمبادرتها ومواقفها الشجاعة أكثر من مرة .
عند استغاثة الحسين :
تلك كانت ساعة حرجة حساسة ، حيث بقي الحسين وحيداً فريداً في ساحة المعركة ، بعد أن تهاوى كل أصحابه وأهل بيته شهداء مضرجين بدمائهم ويرى خلفه النساء والأطفال تتعالى صيحاتهم وبكاؤهم ، وأمامه الأعداء يشرعون سيوفهم للأنقضاض عليه .
وهنا رفع الحسين صوته مستغيثاً يطلب من ينصره ويعينه في ذلك الموقف الصعب الأليم قائلاً : « هل من ذابٍ يذب عن حرم رسول الله ؟ هل من موحدٍ يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجو الله في اغاثتنا ؟ » .
واخترق نداء الحسين أستار خيام عيالاته ونسائه ، فاستشعروا المصيبة والفاجعة ، وارتفع بكاؤهم ونحيبهم وكان لنداء الأستغاثة وقع كبير على قلب الإمام زين العابدين ، فقد آلمه وأحزنه أن يكون مريضاً مقعداً لا يقدر على حمل السيف وقتال الأعداء ، لكنه مع ذلك تحامل على مرضه ، ووثب من فراشه ، ومشى خطوات يتوكأ على عصا ويجر سيفه فرمقه الحسين ، وتأثر لمنظره وهيئته ، ونادى بأخته أم كلثوم : خذيه واحبسيه لئلا تخلو الأرض من نسل آل محمد .
وأرجعته الى الخيمة ، وهو يقول : ياعمتاه ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله (64) .
ويؤكد السيد المقرم أن أم كلثوم هذه هي السيدة زينب (65) .
عند هجوم العسكر على الخيام :
هل كان متوقعاً أن يحصل لأهل البيت ما حصل لهم في كربلاء من المآسي ، وعلى أيدي أناس يدعون الإسلام ، ويمثلون السلطة الرسمية لحكم المسلمين ؟ ولما يمضي على وفاة الرسول أكثر من نصف قرن من الزمن ، وهو الذي طالما أوصى الأمة بذريته وعترته ، بل اعتبرها الذكر الحكيم أجراً للرسالة ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ) (66) .
لكن عسكر بني أمية قد جاوز كل الحدود والأعراف وتقاليد الحروب في تعامله مع أهل البيت . . حيث لم يكتفوا بقتل الحسين وأصحابه ، وانما هجموا بعد ذلك على خيام النساء والأطفال والتي كانت تضم حرائر الرسالة ومخدرات النبوة .
ويسجل السيد المقرم وصفاً لهذا الهجوم اعتماداً على مصادر عديدة أشار اليها ، ننقل منه ما يلي :
لما قتل أبو عبدالله ( عليه السلام ) مال الناس على ثقله ومتاعه ، وانتهبوا ما في الخيام وأضرموا النار فيها ، وتسابق القوم على سلب حرائر الرسول ، ففررن بنات الزهراء حواسر مسلبات باكيات ، وإن المرأة لتسلب مقنعتها من رأسها ، وخاتمها من اصبعها ، وقرطها من أذنها ، والخلخال من رجلها .
أخذ رجل قرطين لأم كلثوم وخرم أذنها ، وجاء آخر الى فاطمة ابنة الحسين فانتزع خلخالها وهو يبكي .
قالت له : مالك تبكي ؟ ! .
فقال : كيف لا أبكي وأنا أسلب ابنة رسول الله ؟ .
قالت له : دعني اذاً .
قال : أخاف أن يأخذه غيري (67) .
بهذه الروح العدوانية هجموا على الخيمة التي كان فيها الإمام زين العابدين ، وجروه من على فراش مرضه ، وجرد شمر بن ذي الجوشن سيفه يريد قتله ! فنهره حميد بن مسلم قائلاً :
يا سبحان الله ! أتقتل الصبيان ؟ إنما هو صبي مريض ! .
فأجابه شمر بدناءة : إن ابن زياد أمر بقتل أولاد الحسين . وكاد السيف أن يقع على رقبة الإمام وينهي حياته ، لو لا تدخل العقيلة زينب حيث تعلقت به لتحميه وتدفع عنه القتل صارخة بالظالمين القساة : « لا يقتل حتى أقتل دونه » (68) .
ولما رأوا السيف لا يصل الى زين العابدين الا عبر جسد السيدة زينب ، اضطروا للتراجع عن قتله وكفوا عنه .
انقاذ الإمام من بطش ابن زياد :
أدار عبيدالله بن زياد بصره يتصفح وجوه السبايا وبقية أهل البيت حينما أوقفوا أمامه في قصره بالكوفة .
فرأى الإمام زين العابدين وقد أنهكته العلة فسأله : من أنت ؟ .
قال : أنا علي بن الحسين .
فقال ابن زياد : أولم يقتل الله علي بن الحسين ؟ .
أجابه الإمام بهدوء وأناة : كان لي أخ أكبر مني يسمى علياً قتله الناس فرد ابن زياد غاضباً : الله قتله .
أجابه الإمام بشجاعة وثبات :( الله يتوفى الأنفس حين موتها ) (69) ( وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله )(70) .
ولم يتحمل ابن زياد أن يرد عليه الإمام رداً قرآنياً منطقياً . يفحمه ويكشف جهله فصاح منفعلاً : وبك جرأة على رد جوابي ؟ ! وفيك بقية للرد عليّ ؟ ! .
ونادى بأحد جلاديه : خذ هذا الغلام واضرب عنقه .
فتسابق الجلاوزة لأخذ الإمام للقتل ، وأصبحت حياة الإمام في خطر حقيقي ، وهنا تدخلت السيدة زينب لتمارس دورها في حماية الإمام وانقاذ حياته ، حيث أخذت الإمام واعتنقته لتمنع الجلاوزة من أخذه ، ثم التفتت الى ابن زياد قائلة : حسبك يابن زياد من دمائنا ما سفكت ، وهل أبقيت أحداً غير هذا ؟ فإن أردت قتله فاقتلني معه .
وأحبطت محاولة ابن زياد حيث اضطر للتراجع عن قرار قتل الإمام ، وقال متعجباً : دعوه لها ، يا للرحم ودت انها تقتل معه (71) .



____________
(64) ( بحار الأنوار ) المجلسي ج 45 ، ص 46 . و ( مقتل الحسين ) المقرم ص 271 .
(65) ( مقتل الحسين ) المقرم ص 316 .
(66) سورة الشورى ، الآية ( 23 ) .
(67) ( مقتل الحسين ) المقرم ص 300 .
(68) ( حياة الإمام الحسين ) القرشي ج 3 ، ص 302 ، و ( مقتل الحسين ) المقرم ص 301 .
(69) سورة الزمر ، الآية ( 42 ) .
(70) سورة آل عمران ، الآية ( 145 ) .
(71) ( الكامل في التاريخ ) ابن الأثير ج 4 ، ص 82 . و ( مقتل الحسين ) المقرم ص 325 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page