اليوم التاسع عشر
غزوة بني المصطلق و دور النفاق
حصلت هذه الوقعة فى (19) شهر شعبان سنة (6 ه).
و وردت أخبار جديدة تفيد بأن الحارث بن أبى ضرار- زعيم بنى المصطلق- يعدّ لغزو المدينة فاستوثق النبى(صلي الله عليه و اله)- كعادته قبل كل تحرك – من صدق الخبر و ندب المسلمين فخرجوا إليهم و التقوا عند ماء يدعي «المريسيع» و نشبت الحرب ففر المشركون بعد قتل عشرة اشخاص منهم، و غنم المسلمون غنائم كثيرة و سبيت أعداد كبيرة من عوائل بنى المصطلق، كانت من بينهم جويرية بنت الحارث فأعتقها النبى(صلي الله عليه و اله) ثم تزوجها، و أطلق المسلمون ما فى أيديهم من الأسري إكراماً لرسول الله (صلي الله عليه و اله) و لها[1].
و فى هذه الغزوة كادت أن تقع فتنة بين المهاجرين و الأنصار بسبب بعض النعرات القبليّة و لما علم النبى(صلي الله عليه و اله) بذلك قال « دعوها فإنها فتنة»[2]. و أسرع عبد الله بن ابى رأس النفاق يبتغى الفتنة و يؤجج الخلاف فوجّه اللّوم لمن حوله من أهل المدينة إذ آووا و نصروا المهاجرين ثم قال: أما و الله لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجنّ الأعز منها الأذل، و كادت أن تفلح مساعي ابن ابى لولا أنّ النبى(صلي الله عليه و اله) – بعد أن توثق من تحريض ابن أبيّ و نفاقه – أمر بالعودة إلي المدينة علي وجه السرعة رافضاً رأى عمر بن الخطاب بقتل ابن ابى فقال 0صلي الله عليه و اله) :«فكيف يا عمر إذا تحدّث الناس أن محمداً يقتل أصحابه؟! لا»[3]. و لم يأذن النبى(صلي الله عليه و اله) بالاستراحة فى الطريق فسار بالمسلمين يوماً و ليلة ثم أذن لهم بالاستراحة فأخلد الجميع للنوم من شدة التعب و لم تتح فرصة للتحدث و تعميق الخلاف. و علي أبواب المدينة طلب عبد الله بن عبد الله بن ابى الإذن من النبى (صلي الله عليه و اله) فى قتل أبيه بيده دون أحد من المسلمين خشية أن تثيره العاطفة فيثأر لأبيه فقال نبى الرحمة (صلي الله عليه و اله) : «بل نترفق به و نحسن صحبته ما بقى معنا). ثم وقف عبد الله (الأبن) ليمنع أباه من دخول المدينة ألّا بأذن من الرسول الأكرم(صلي الله عليه واله)[4]و فى هذا الظرف نزلت سورة المنافقين لتفضح سلوكهم و نواياهم .
و من يريد أن يزيد اطلاعاً فليراجع سبب نزول هذه السورة – سورة المنافقين – فى تفسير مجمع البيان : ج 10، ص 44.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - تاريخ الطبري: 3/204، امتاع الاسماع: 1/195 .
[2] - السيرة النبوية: 1/290 .
[3] - امتاع الأسماع: 1/202 .
[4] - راجع السيرة النبوية: 2/292 .