إذا كان (القرآن الكريم) هو معجزة النبوة فإنّ (نهج البلاغة) معجزة الإمامة فليست هذه العقلية العظيمة المتجلّية بذلك الاُسلوب العلوي الواضحة في كلّ فقرة من فقرات (النهج) وفي كلّ شذرة من تلك الشذور إلاّ غرس ذلك النبيّ العظيم المستمدّ من وحي الله تعالى، فما من موضوع يطرقه الإمام إلاّ وترى نور الله يشعّ أمامه وهدي الرسول ينير له الطريق[9].
وقال الشريف الرضي (قدس سره): كان أمير المؤمنين (عليه السلام) مشرّع الفصاحة وموردها ومنشأ البلاغة ومولّدها، ومنه (عليه السلام) ظهر مكنونها وعنه اُخذت قوانينها وعلى أمثلته حذا كلّ قائل خطيب، وبكلامه استعان كلّ واعظ بليغ ومع ذلك فقد سبق وقصّروا وقد تقدّم وأخّروا، لأنّ كلامه (عليه السلام) الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي، وفيه عبقة من الكلام النبويّ.
****************
[9] حياة أمير المؤمنين في عهد النبي: 402، تأليف: محمد صادق الصدر.