• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عدد الجَيش (2)

 

عدد الجَيش (2)

اذاً، فما من سبب لشذوذ كلمة ابن صرد، الا كون راويها الدينوري الذي انفرد في قضية الحسن بعدة روايات لم يهضمها التمحيص الصحيح !.
وشاءت المقادير أن لا يفارق الزعيمان الصديقان الدنيا، حتى يأخذا جوابهما - عمليَّاً - عن عتابهما الطائش الذي قابلا به امامهما أبا محمد عليه السلام، فيما أنكرا عليه من الصلح.
فبايعهما على الاخذ بثأر الحسين عليه السلام سنة 65 هجري ثمانية عشر الفاً من أهل الكوفة، ثم لم يكن معهما حين جدّ الجد في ساحة «عين الوردة» غير ثلاثة آلاف ومائة. ومنيا من خذلان الناس بما ذكّرهما بالصميم من قضايا أهل البيت عليهم السلام.
ثم استشهد سليمان والمسيب وهما زعيما حركة التوّابين في عين الوردة، واستشهد معهما - يوم ذاك - أكثر من كان قد انضوى اليها.
واما ثانياً: فالعدد ثمانون الفاً أو سبعون الفاً، وهو ما تضمنه كلام الحسن في جواب الرجل الذي قال له: «لقد كنت على النصف فما فعلت ؟».
وكلام الحسن - في حقيقته - لا يدل على أكثر من عشرين الفاً على أكبر تقدير، وذلك لان الحسن حين يذكر الذين «تشخب أوداجهم يوم القيامة» ثم يتردد في تعيين عددهم بين السبعين والثمانين الفاً، لا يعني جنوده خاصة، وانما يشير بذلك الى الجيشين المتحاربين جميعاً. وعلمنا ان عدد أهل الشام في زحفهم على الحسن، كان ستين الفاً، فيكون الباقي عدد جيشه الخاص.
وكان تردده في تعيين العدد صريحاً بما أفدناه، لانه لو عنى جيشه دون غيره، لذكره برقمه الذي لا تردّد فيه، وهو أعلم الناس بعدده.
واما ثالثاً: فالعدد أربعون الفاً، وهو الذي سبق الى ذكره غير واحد من المؤرخين، وذكره المسيب بن نجية، فيما رويناه عنه في النص الرابع من النصوص الثمانية. ولا كلام لنا على هذا العدد الا من وجهين.
(أحدهما) أنه لا يتفق وكلمة الحسن نفسه التي أشار بها الى عدد الجيش، وقد عرفت أن كلمته لم تعن أكثر من عشرين الفاً على أكبر تقدير، ولا يتفق وكلمته الاخرى التي وصف بها موقف الناس منه [بالنكول عن القتال(8)]. ومن كان معه أربعون الفاً لم ينكل الناس معه عن القتال، فالعدد اذاً لا يزال معرضاً للشك.
(وثانيهما) أنه عدد أملاه الظن على القائلين به، فرأوا ان امير المؤمنين (ع) كان قد جهَّز لحملته الاخيرة على الشام أربعين الفاً، ثم اخترمت حياته الكريمة ولمّا يزحف بهذا الجيش، فظنوا - اجتهاداً - أن جنود الاب انضافت الى الابن، وفاتهم أن يقدّروا حيال هذا الظن قيمة التخاذل الذي جوبه به الخليفة الجديد في الكوفة.
وبعد، فأي قيمة للاحصاء مبتنياً على هذه الاخطاء.
وكانت أغرب روايات الموضوع، رواية الزهري التي تشير الى وجود اربعين الفاً من جيش الحسن، مع قيس بن سعد بن عبادة الانصاري، بعد أن رجعت اليه قيادة المقدمة في «مسكن» بفرار عبيد اللّه ومن معه. ومعنى ذلك ان مقدمة الحسن وحدها كانت قبل حوادث الفرار ثمانية واربعين الف مقاتل !!
وهذا ما لا يصح في التاريخ.
فلم تكن المقدمة الا اثني عشر الفاً، منذ كان عليها عبيد اللّه بن عباس كما هو صريح الفقرة التي تخص العدد فيما عهد به الحسن الى قائده، حين سرّحه على رأس هذه المقدمة، وصريح نصوص كثيرة للمؤرخين لا يتخللها شك.
وروايات الزهري في قضايا أهل البيت أضعف الروايات، وأشدها ارباكاً لموضوعاتها. وسمه صاحب «دراسات في الاسلام» (ص 16) بانه كان «عاملاً مأجوراً للامويين» وكفى.
على اننا اذا حاولنا التصرف في رواية الزهري هذه وأردنا علاج ارباكها المقصود، فأرجعنا الضمير في قوله «وقد نزل معاوية بهم وعمرو واهل الشام» الى جيش معاوية دون جيش قيس، يكون المعدود حينئذ جنود معاوية التي نزل بها على قيس، وليكن المقصود منهم «اهل العطاء خاصة» وليكن المقصود من «اهل الشام» المتطوعين غير أهل العطاء، ليتم بذلك التوفيق بين روايته هذه، والروايات الاخرى التي تعدّ مقدمة الحسن، والتي تعدّ جنود معاوية.
واما رابعاً: فالعسكر العظيم، وهو تصريح ابن ابي الحديد فيما وصف به مسير الحسن من النخيلة صوب دير عبد الرحمن في طريقه الى معسكراته. والكلمة كما ترى، مجملة لا تأبى الانطباق على العدد الذي ذكرناه آنفاً، فان ستة عشر الفاً «عسكر عظيم»، وان أبيت فعشرين الفاً.
واما خامساً: فرواية البحار، وهي أولى النصوص التي أوردناها في سبيل استيعاب ما روي في الموضوع، وان لهذه الرواية من التناسق في حوادثها المتكرّرة ما يفرض الشك بها فرضاً.
وهي تغفل عند عرضها الحوادث المتشابهة تسمية كل من القائدين - الكندي والمرادي - اللذين تفرض أنهما سبقا عبيد اللّه بن عباس الى لقاء معاوية وسبقاه الى الخيانة ايضاً. ولا يعهد في تاريخ قضية من هذا الوزن، اغفال تسمية قائدين في حادثتين من أبشع حوادث الانسان في التاريخ.
ولعل الاغرب من ذلك، ان رواية البحار هذه تشير الى اصرار الامام على اتهام القائدين قبل بعثهما، ثم تصرّ على ان الامام بعثهما - مع ذلك - الى لقاء معاوية عالماً بما سيصيران اليه من غدر !!.
وبعض هذا يكفينا عن الاستمرار في نقاش هذه الرواية التي يجب أن نتركها لتعلن هي عن نفسها.

* * *

اقول:
ولم نحصل - بعد هذا كله - على محصل في الموضوع الذي أردناه تحت عنوان «عدد الجيش» ولتكن هذه النصوص - على كثرتها - أحد أمثلتنا التي نقدّمها للقارئ عما نكبت به قضية الحسن في التاريخ، من اختلاف كثير واختلاق صريح، ولا بدع في تقرير هذه الحقيقة وتكرارها وتعظيم خطرها وانكارها والتنبيه الى تبعاتها. فهذه ثمانية نصوص، ليس فيها ما يصبر على النقاش، ولا ما يصح الاعتماد عليه كسند تاريخي.
ولم يبق لدينا الا عدد جيش المقدمة، وهو اثنا عشر الفاً، وعدد المتطوعين بعد ذلك في الكوفة، وهو اربعة آلاف، ثم الفصائل التي تواردت على الحسن في دير عبد الرحمن حين اقام بأزائه ثلاثاً - كما اشير اليه آنفاً - فهذه قرابة عشرين الفاً، هي جيش الحسن عند زحفه الى معسكريه في مسكن والمدائن.
اما مقاتلة المدائن نفسها، فقد عرفنا انها لم تتخلف - فيما سبق – عن ميادين علي عليه السلام، ومن البعيد جداً ان يعسكر ابنه الحسن بين ظهرانيهم ثم لا يلتحق به القادرون منهم على حمل السلاح.
وهذا ما يؤكد الظن ببلوغ عدد الجيش في كلا المعسكرين العشرين الفاً او يزيد قليلاً.
وهو «العسكر العظيم» الذي عناه ابن ابي الحديد، وهو - ايضاً - العدد الذي يلتقي بتصريح الحسن عليه السلام - الانف الذكر - ولا أحسن من تصريح الحسن دليلاً فيما يخص قضاياه.
ثم لا نعلم ان الحسن عليه السلام، تلقى بعد وجوده في المدائن أيّ نجدة من أيّ جهة.
______________________________
(8) وذلك فيما أجاب به بشير الهمداني وهو أحد وجوه شيعته في الكوفة، البحار (ج 10 ص 113).
 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page