• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

جيش الكوفة ينطلق بقيادة عمر بن سعد

جيش الكوفة ينطلق بقيادة عمر بن سعد

وفي تلك الأثناء خرج عمر بن سعد من الكوفة في جيش قدّرته بعض المصادر بثلاثين ألفاً، وبعضها بأكثر من ذلك، وفي رواية ثالثة: إنّ ابن زياد قد استنفر الكوفة وضواحيها لحرب الحسين و توعّد كلَّ مَنْ يقدر على حمل السلاح بالقتل والحبس إن لم يخرجْ لحرب الحسين.
وكان من نتائج ذلك أن امتلأت السجونُ بالشيعة واختفى منهم جماعة، وخرج مَنْ خرج لحرب الحسين من أنصار الاُمويّين وأهل الأطماع والمصالح الذين كانوا يشكّلون أكبر عدد في الكوفة، أمّا رواية الخمسة آلاف مقاتل التي تبنّاها بعض المؤرّخين فمع أ نّها من المراسيل، لا تؤيّدها الظروف والملابسات التي تحيط بحادث من هذا النوع الذي لا يمكن لأحد أن يقدِمَ عليه إلاّ بعد أن يُعِدَّ العُدَّة لكلّ الاحتمالات، ويتّخذ جميع الاحتياطات، وبخاصة إذا كان خبيراً بأهل الكوفة وتقلّباتهم وعدم ثباتهم على أمر من الأُمور[1].
وتوالت قطعات الجيش الأموي بزعامة عمر بن سعد فأحاطت بالحسين(عليه السلام) وأهله وأصحابه، وحالت بينهم وبين ماء الفرات القريب منهم. وقد جرت مفاوضات محدودة بين عمر بن سعد والإمام الحسين(عليه السلام) أوضح فيها الإمام(عليه السلام) لهم عن موقفه وموقفهم ودعوتهم له، وألقى عليهم كل الحجج في سبيل إظهار الحق، وبيّن لهم سوء فعلهم هذا وغدرهم ونقضهم للوعود التي وعدوه بها من نصرته وتأييده، وضرورة القضاء على الفساد.
ولكن عمر بن سعد كان أداة الشرّ المنفّذة للفساد والظلم الاُموي، فكانت غاية همّته هي تنفيذ أوامر ابن زياد بانتزاع البيعة من الإمام(عليه السلام) ليزيد أو قتله وأهل بيته وأصحابه[2]، متجاهلا حرمة البيت النبوي بل وحاقداً عليه كما جاء في رسالته لعمر: أن حُلْ بين الحسين وأصحابه وبين الماء، فلا يذوقوا قطرة كما صُنع بالتقي الزكي عثمان بن عفان[3].
البحث السادس: ماذا جرى في كربلاء؟
ليلة عاشوراء :
نهض عمر بن سعد إلى الحسين (عليه السلام) عشية يوم الخميس لتسع مضين من المحّرم، وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين (عليه السلام) فقال: أين بنو اُختنا؟ يعني العباس وجعفر وعبدالله وعثمان أبناء عليّ (عليه السلام). فقال الحسين(عليه السلام) : أجيبوه وإن كان فاسقاً فإنّه بعض أخوالكم ; وذلك أنّ اُمّهم اُمّ البنين كانت من بني كلاب وشمر بن ذي الجوشن من بني كلاب أيضاً.
فقالوا له : ما تريد ؟ فقال لهم : أنتم يا بني اُختي آمنون فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين والزموا طاعة يزيد. فقالوا له: لعنك الله ولعن أمانك! أتؤمننا وابن رسول الله لا أمان له ؟
وناداه العباس بن أمير المؤمنين تبّت يداك ولعن ما جئتنا به من أمانك يا عدوّ الله! أتأمرنا أن نترك أخانا وسيّدنا الحسين بن فاطمة وندخل في طاعة اللعناء وأولاد اللعناء ؟ !
ثم نادى عمر بن سعد يا خيل الله! اركبي وبالجنة أبشري. فركب الناس ثم زحف ابن سعد نحوهم بعد العصر والحسين (عليه السلام) جالس أمام بيته محتب بسيفه، إذ خفق برأسه على ركبتيه، فسمعت اُخته زينب الصيحة، فدنت من أخيها وقالت : يا أخي! أما تسمع هذه الأصوات قد اقتربت ؟ فرفع الحسين(عليه السلام) رأسه فقال: إني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الساعة في المنام فقال إنّك تروح إلينا، فلطمت اُخته وجهها، ونادت بالويل، فقال لها الحسين (عليه السلام) : ليس لكِ الويل، يا اُخيّة اسكتي، رحمك الله .
وقال له العباس : يا أخي أتاك القوم فنهض ثم قال : يا عباس اركب ـ بنفسي يا أخي ـ أنت حتى تلقاهم وتقول لهم : ما بالكم وما بدا لكم ؟ وتسألهم عمّا جاء بهم؟ فأتاهم في نحو من عشرين فارساً منهم زهير بن القين وحبيب بن مظاهر فسألهم فقالوا: قد جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم ، قال : فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبدالله فأعرض عليه ما ذكرتم ، فوقفوا ورجع العباس إليه بالخبر ووقف أصحابه يخاطبون القوم ويعظونهم ويكفّونهم عن قتال الحسين (عليه السلام) .
فلما أخبره العباس بقولهم قال له : ارجع إليهم فإن استطعت أن تؤخّرهم إلى غدوة وتدفعهم عنّا العشية لعلّنا نصلّي لربّنا الليلة وندعوه ونستغفره فهو يعلم أني كنت أحبّ الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والاستغفار .
فسألهم العباس ذلك ، فتوقف ابن سعد ، فقال له عمرو بن الحجاج الزبيدي : سبحان الله! والله لو أ نّهم من الترك أو الديلم وسألونا مثل ذلك لأجبناهم، فكيف وهم آل محمد ؟ ! وقال له قيس بن الأشعث بن قيس: أجبهم، لعمري ليصبحنّك بالقتال . فأجابوهم إلى ذلك .
وجمع الحسين (عليه السلام) أصحابه عند قرب المساء . قال الإمام زين العابدين (عليه السلام): فدنوت منه لأسمع ما يقول لهم وأنا إذ ذاك مريض، فسمعت أبي يقول لأصحابه : اُثني على الله أحسن الثناء وأحمده على السرّاء والضرّاء، اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوة وعلّمتنا القرآن وفقّهتنا في الدين، وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئدة فاجعلنا لك من الشاكرين .
( أمّا بعد ) فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيراً ألا وإنّي لأظنّ أنه آخر يوم لنا من هؤلاء ألا وإني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعاً في حلّ ليس عليكم منّي ذمام، هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملاً، وليأخذ كل واحد منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرّقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم; فإنّهم لا يريدون غيري .
فقال له اخوته وأبناؤه وبنو أخيه وأبناء عبدالله بن جعفر : ولِمَ نفعل ذلك ؟ لنبقى بعدك ؟ لا أرانا الله ذلك أبداً . بدأهم بهذا القول أخوه العباس بن أمير المؤمنين واتبعه الجماعة عليه فتكلموا بمثله ونحوه .
ثم نظر إلى بني عقيل فقال : حسبكم من القتل بصاحبكم مسلم إذهبوا قد أذنت لكم ، قالوا : سبحان الله! فما يقول الناس لنا وما نقول لهم، إنّا تركنا شيخنا سيّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ولم نرم معهم بسهم ولم نطعن معهم برمح ولم نضرِب معهم بسيف ولا ندري ما صنعوا، لا والله ما نفعل ذلك ولكنّنا نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ونقاتل معك حتى نردَ موردك، فقبّح الله العيش بعدك .
وقام إليه مسلم بن عوسجة الأسدي فقال : أنحن نخلّي عنك وقد أحاط بك هذا العدّو ؟ وبم نعتذر إلى الله في أداء حقّك ؟ لا والله لا يراني الله أبداً وأنا أفعل ذلك حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمه بيدي، ولو لم يكن معي سلاح اُقاتلهم به; لقذفتهم بالحجارة ولم اُفارقك أو أموت معك .
وقام سعيد بن عبدالله الحنفي فقال: لا والله يا ابن رسول الله لا نخلّيك أبدا حتّى يعلم الله أنّا قد حفظنا فيك وصيّة رسوله محمّد (صلى الله عليه وآله) والله لو علمت أني اُقتل فيك ثم أحيا ثم اُحرق ثم اُذرى يُفعل ذلك بي سبعين مرّة; ما فارقتك حتى ألقى حِمامي دونَك ، وكيف لا أفعل ذلك وإنّما هي قتلة واحدة ثمّ أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً .
وقام زهير بن القين وقال : والله يا ابن رسول الله لوددت أني قُتلت ثم نُشرت ألف مرّة وأنّ الله تعالى يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن نفس هؤلاء الفتيان من إخوانك وولدك وأهل بيتك .
وتكلّم بقيّة أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً وقالوا : أنفسنا لك الفداء نقيك بأيدينا ووجوهنا، فإذا نحن قُتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربّنا وقضينا ما علينا[4] .
وأمر الحسين (عليه السلام) أصحابه أن يقرّبوا بين بيوتهم، ويدخلوا الأطناب بعضها في بعض، ويكونوا بين يدي البيوت كي يستقبلوا القوم من وجه واحد والبيوت من ورائهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم قد حفّت بهم إلاّ الوجه الذي يأتيهم منه عدوّهم .
وقام الحسين(عليه السلام) وأصحابه الّليل كله يصلّون ويستغفرون ويدعون، وباتوا ولهم دويّ كدويّ النحل ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد، فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر ابن سعد اثنان وثلاثون رجلاً .
قال بعض أصحاب الحسين (عليه السلام) : مرّت بنا خيل لابن سعد تحرسنا وكان الحسين (عليه السلام) يقرأ (ولا يحسبنّ الذين كفروا انّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نُملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذابٌ مهين) ، (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيّب) فسمعها رجل من تلك الخيل يقال له عبدالله بن سمير فقال : نحن وربّ الكعبة الطيّبون ميزنا منكم ، فقال له برير بن خضير : يا فاسق أنت يجعلك الله من الطيبين ؟ ! فقال له : مَن أنت ويلك ؟ قال : أنا برير بن خضير فتسابّا ، فلمّا كان وقت السحر خفق الحسين (عليه السلام) برأسه خفقة ثم استيقظ فقال : «رأيت كأنّ كلاباً قد جهدت تنهشني وفيها كلب أبقع رأيته أشدّها عليّ وأظنّ أنّ الذي يتولّى قتلي رجلٌ أبرص»[5].
________________________________________
[1] سيرة الائمّة الاثني عشر القسم الثاني : 68.
[2] الارشاد للمفيد: 2 / 85، الفتوح : 5 / 97، بحار الأنوار : 44 / 284، إعلام الورى: 1 / 451، البداية والنهاية : 8 / 189، مقتل الحسين للخوارزمي : 1 / 245.
[3] إعلام الورى : 1 / 452.
[4] الإرشاد: 2/93.
[5] راجع أعيان الشيعة : 1 / 601 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page