مشاهير الثقات من رواته من الشيعة
علي بن يقطين :
علي بن يقطين بن موسى الكوفي البغدادي، روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام، وشأنه في الوثاقة والوجاهة والجلالة معروف، ومقامه عند الرشيد لا يجهل، وأخباره معه مسطورة، وما اكثر ما جاء فيه من الثناء والإطراء والبشارة بحسن العقبى، والانقلاب الى رضوانه وجنانه، مثل قول أبي الحسن عليه السلام : ضمنت لعلي بن يقطين الجنّة وألا تمسّه النار، وقوله عليه السلام وقد أقبل علي بن يقطين : من سرَّه أن يرى رجلاً من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فلينظر الى هذا المقبل، فقال له رجل من القوم : هو إِذن من أهل الجنّة، فقال أبو الحسن : أمّا أنا فأشهد أنه من أهل الجنّة، وقوله : من سعادة علي بن يقطين أنه ذكرته في الموقف، وقوله : إِني استوهبت علي بن يقطين من ربي جلّ وعزّ فوهبه لي، إِن علي بن يقطين بذل ماله ومودّته، فكان لذلك مستوجباً، الى كثير من أمثال هذه الأحاديث.
وأعماله الصالحة، وخدماته لأهل البيت، وقضاؤه لحوائج أوليائهم لا تحصر بحساب، كان ينيب في كلّ سنة من يحجّ عنه واُحصي له بعض السنين ثلاثمائة مُلبّ له، وكان يعطي بعضهم عشرين ألف وبعضهم عشرة آلاف للحج، مثل الكاهلي وعبد الرحمن بن الحجّاج وغيرهما، ويعطي أدناهم ألف درهم، وكان يحمل الأموال في كلّ سنة لأبي الحسن عليه السلام من مائة ألف الى ثلاثمائة ألف درهم، وزوَّج أبو الحسن ثلاثة أو أربعة من بنيه منهم أبو الحسن الرضا عليه السلام، فكتب له علي بن يقطين : وإِني قد صيّرت مهورهم اليك وزاد عليه ثلاثة آلاف دينار للوليمة، فبلغ ثلاثة عشر ألف دينار في دفعة واحدة(1).
وكفى من قضائه لحوائج أوليائهم قيامه بنفقات الكاهلي وعيالاته وقراباته، وقيامه بحوائج كلّ من يأتيه من اولئك الأولياء.
وكفى علوّ شأنه ورفيع قدره قول أبي الحسن عليه السلام له : يا علي إِن للّه تعالى أولياء مع أولياء الظلمة ليدفع بهم عن أوليائه وأنت منهم يا علي، قال له ذلك حين قدم أبو ابراهيم موسى العراق، وقال له علي بن يقطين : أما ترى حالي وما أنا فيه(2).
وجملة القول أن علي بن يقطين كان عيناً للّه وملجأً لأولياء اللّه بين أعدائه، يقوم بأداء حقوقهم، ويدفع عادية السوء عنهم، هذا سوى صلاحه في أعماله الاُخر، وروايته لأحكام الدين، وإِن مثله ليعجز القلم عن استيفاء محاسنه وجميل خِصاله.
كانت ولادة علي بالكوفة عام 124، وكان أبو يقطين من وجوه الدُّعاة للدولة الهاشميّة، فطلبه مروان الحمار فهرب، وهربت زوجته بولديها علي وعبيد من الكوفة الى المدينة، الى أن ظهرت الدولة العبّاسيّة، فلمّا قامت ظهر يقطين، فلم يزل بخدمة السفّاح والمنصور، وهو مع ذلك كان يتشيَّع ويقول بالإمامة، وكذلك كان ولده، وكان يقطين يحمل الأموال الى الصادق عليه السلام ونما خبره الى المنصور والمهدي فصرف اللّه كيدهما عنه.
وتوفي علي بن يقطين بمدينة السلام - بغداد - عام 182، وصلّى عليه وليّ العهد محمّد الأمين بن الرشيد، وتوفي أبوه يقطين من بعده عام 185 فرحمة اللّه عليهما.
______________________________
(1) الكشي : 433/819.
(2) نفس المصدر : 433/817.