مشاهير الثقات من رواته من الشيعة
عبد اللّه بن أبي يعفور :
عبد اللّه بن أبي يعفور العبدي الكوفي، كان من أصحاب الصادقين عليهما السلام، ومات زمن أبي عبد اللّه، ولا تحضرني كلمة تفرغ عن علوّ مقامه، وتفصح عن جلالة قدره، وما كان عليه من صلابة الايمان، وقوّة اليقين، والاستقامة في العقيدة، ولنترك ذلك الى مخرّجه ومثقّفه الإمام الصادق عليه السلام ليعرب لنا عن حاله، فإنه أعلم بشأنه وبسيرته وسريرته فإنه كتب الى المفضّل بن عمر الجعفي حين مضى لربّه عبد اللّه بن أبي يعفور : «يا مفضّل عهدت اليك عهدي، كان الى عبد اللّه بن أبي يعفور، فمضى رضي اللّه عنه موفياً للّه جلّ وعزّ ولرسوله ولإمامه بالعهد المعهود للّه، وقُبض صلوات اللّه على روحه محمود الأثر، مشكور السعي، مغفوراً له، مرحوماً برضى اللّه ورسوله وإِمامه عنه، بولادتي من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ما كان في عصرنا أحد أطوع للّه ولرسوله ولإمامه منه، فما زال كذلك حتّى قبضه اللّه برحمته، وصيّره الى جنّته، ساكناً فيها مع رسول اللّه وأمير المؤمنين صلوات اللّه عليهما، أنزله اللّه بين المسكنين، مسكن محمّد صلّى اللّه عليه وآله ومسكن أمير المؤمنين عليه السلام وإن كانت المساكن واحدة، والدرجات واحدة فزاده اللّه رضىً من عنده ومغفرةً من فضله برضاي عنه».
لولا أن الصادق عليه السلام هو المخبر عن عبد اللّه وعمّا كان عليه من تقوى وطاعة لما كنا نعتقد بأن أحداً من البشر يبلغ تلك المرتبة وذلك الرضى.
ولقد جاء فيه من الإطراء والإفصاح عن علوّ مقامه وثبات يقينه ما لم يجئ في أحد سواه إِلا القليل، وقد سبق شيء منه في حمران، وهو القائل لإمامه الصادق : لو فلقت رمّانة بنصفين، فقلت هذا حلال وهذا حرام لشهدتّ أن الذي قلت حلال حلال، وأن الذي قلت حرام حرام، فقال : رحمك اللّه، رحمك اللّه.
وهذا التسليم والتفويض والطاعة والامتثال هو الذي صيّره بتلك الرتبة الرفيعة، وإِن كان من عرف إِمامه وجب أن يكون كما كان عليه عبد اللّه ولكن أنّى لنا بتلك النفوس الزكيّة المطيعة.