زيارته
إِن لزيارة المؤمن في اللّه حيّا وميّتاً من الفضل ما لا يبلغ مداه، كما يشهد به النقل، فكيف بإمام المؤمنين، على أن في زيارة مراقد الأنبياء والأوصياء إِحياء لذكرهم واشادة بفضلهم، وجمعاً للقلوب عليهم، وترغيباً للناس على الاقتداء بأعمالهم، وذلك ما تحبّذه جميع عقلاء الاُمم لإحياء مآثر العظماء وتجديد ذكرى فضلهم والتشجيع على الاحتذاء بهديهم، مضافاً الى أن في زيارة مراقد النبيّ والأئمة تعظيماً لشعائر اللّه تعالى وهو من تقوى القلوب.
والنقل في فضل زيارته عليه السلام من وجهين، الأوّل : ممّا جاء في فضل زيارة قبورهم عامّة، الثاني : ممّا جاء في فضل زيارة قبره خاصّة.
أمّا الأوّل فكثير جداً، ومنه قول الرضا عليه السلام : إِن لكلّ إِمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإِن من تمام الوفاء بالعهد زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبةً في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة(1).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام : أتمّوا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله اذا خرجتم الى بيت اللّه الحرام، فإن تركه جفاء، وبذلك اُمرتم، واُتمّوا بالقبور التي ألزمكم اللّه حقّها وزيارتها واطلبوا الرزق عندها(2).
وقول الصادق عليه السلام : من زار إِماماً مُفترض الطاعة وصلّى عنده أربع ركعات كتب اللّه له حجّة وعمرة(3) الى ما لا يحصى من أمثال هذه الأحاديث، وقد ذكرت كثيراً منها كتب المزارات.
وأمّا الثاني فمثل قول الصادق عليه السلام : من زارني غُفرت له ذنوبه ولم يمت فقيراً(4).
وقول العسكري عليه السلام : من زار جعفراً أو أباه لم تشتك عينه، ولم يصبه سقم، ولم يمت مبتلى(5)، الى كثير سواها.
______________________________
(1) وسائل الشيعة : 5/253/5.
(2) وسائل الشيعة : 5/255/10.
(3) وسائل الشيعة، كتاب المزار من كتاب الحج : 5/260/25.
(4) المُقنعة للشيخ المفيد : ص 73.
(5) وسائل الشيعة 5/426/2.