وصاياه
المشاورة
إِن مَن يشاور ذوي البصائر تتجلّى له أوجه المداخل والمخارج، وينكشف له الحجاب عن سُبُل النجاح، وينحاد عن مزالق الأخطار، وقد كشف لنا أبو عبد اللّه عليه السلام عن هذه الحقيقة فقال : «لن يهلك امرؤ عن مشورة»(1) وأرشدنا الى المستشار في الغوامض من العوارض فقال : «ما يمنع أحدكم اذا ورد عليه ما لا قِبل له به أن يستشير رجلاً عاقلاً له دين وورع»(2).
وزاد في شروط الاستشارة والمستشار فقال عليه السلام : إِن المشورة لا تكون إِلا بحدودها فمن عرفها بحدودها وإِلا كانت مضرَّتها على المستشير اكثر من منفعتها، فأوّلها أن يكون الذي تشاوره عاقلاً، والثانية أن يكون حُرّاً متديّناً، والثالثة أن يكون صديقاً مواخياً، والرابعة أن تطلعه على سرّك فيكون علمه به كعلمك بنفسك، ثمَّ يسرّ لك ويكتمه، فإنه اذا كان عاقلاً انتفعت بمشورته، واذا كان حُرّاً متديّناً أجهد في النصيحة لك، واذا كان صديقاً مواخياً كتم سرّك اذا اطلعته عليه، واذا اطلعته على سرّك فكان علمه به كعلمك به، تمّت المشورة، وكملت النصيحة(3).
وحذَّر عليه السلام من مخالفة المستشار اذا كان جامعاً للشروط فقال : استشر العاقل من الرجال الورع، فإنه لا يأمر إِلا بخير، وإِيّاك والخلاف فإن مخالفة الورع العاقل مفسدة في الدين والدنيا(4).
وألزم المستشار بالنصح وحذَّره المغبّة إِن لم ينصح فقال عليه السلام : من استشار أخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه اللّه عزّ وجلّ رأيه(5).
وهذه طُرف ممّا اتحف به المستشير والمستشار، اكتفينا بها عن الكثير من كلامه في هذا الباب.
______________________________
(1) الوسائل، باب استحباب مشاورة أهل الرأي 8/424/4.
(2) نفس المصدر، باب استحباب مشاورة التقيّ العاقل الورع : 8/426/7.
(3) الوسائل : 8/426/8.
(4) الوسائل : 8/426/5.
(5) الوسائل، باب وجوب نصح المستشير 8/427/2.