كراماته
إِن اللّه تعالى أراد بخلقه لخلقه أن يعرفوه، ومن معرفته أن يعبدوه «وما خلقتُ الجنّ والإنس إِلا ليعبدون»(1) وكانت مخلوقاته آية وجوده، وجمال الصنع، واتصال التدبير دلالة وحدانيّته، وجعل من أنفسهم مرشداً الى ذلك كلّه، وهو العقل.
غير أن العقل لا يهتدي بنفسه الى كيفيّات عبادته، وخصوصيّات طاعته، لأن ذلك لا يعلم إِلا من قِبله تعالى، ومن ثم وجب عليه تعالى - حين أراد منهم عبادته - أن يرسل اليهم من يدلّهم على ما أراد، ويعرّفهم ما أوجب.
ولا يصحّ للعقل أن يصدّق دعوى كلّ من يدَّعي النبوّة من دون بيّنة ومُعجز، فكان على الأنبياء أن يأتوا بالبرهان على تلك الدعوى، ولا نعرف أن المدَّعي نبيّ مُرسَل إِذا لم تكن لديه حُجَّة بالغة، بل شأن اكثر الناس الجحود والإنكار مع الآيات والدلالات، فكيف إِذا لم تكن آية أو دَلالة، فإن لم تكن لتلك الدعوى حُجَّة كانت الحُجَّة على رفضها قائمة بل هي تخصم نفسها بنفسها.
______________________________
(1) الذاريات: 56.