• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رؤساء المعتزلة في البيعة لمحمّد

رؤساء المعتزلة في البيعة لمحمّد

دخل عليه اُناس من المعتزلة، وفيهم عمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء وحفص بن سالم(1) واُناس من رؤساء المعتزلة، وذلك حين قتل الوليد واختلف أهل الشام بينهم، فتكلّموا وأكثروا، وخطبوا فأطالوا، فقال لهم الصادق عليه السلام: إِنكم قد أكثرتم عليّ فأطلتم فأسندوا أمركم الى رجل منكم، فليتكلّم بحجّتكم وليوجز، فأسندوا أمرهم الى عمرو بن عبيد فأبلغ وأطال، فكان فيما قال:
قتَل أهلُ الشام خليفتهم، وضرب اللّه بعضهم ببعض وتشتّت أمرهم، فنظرنا فوجدنا رجلاً له دين وعقل ومروّة ومعدن للخلافة، وهو محمّد بن عبد اللّه بن الحسن، فأردنا أن نجتمع معه فنبايعه ثمّ نظهر أمرنا معه، وندعو الناس اليه، فمن بايعه كنّا معه وكان معنا، ومن اعتزلنا كففنا عنه، ومن نصب لنا جاهدناه، ونصبنا له على بغيه، ونردّه الى الحقّ وأهله، وقد أحببنا أن نعرض ذلك عليك فإنه لا غناء لنا عن مثلك، لفضلك وكثرة شيعتك.
فلما فرغ قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: أكلكم على مثل ما قال عمرو ؟ قالوا: نعم، فحمد اللّه وأثنى عليه، وصلّى على النبي صلّى اللّه عليه وآله ثمّ قال: إِنّما نسخط اذا عُصي اللّه فاذا اُطيع اللّه رضينا، أخبرني يا عمرو لو أن الاُمّة قلّدتك أمرها فملكته بغير قتال ولا مؤونة فقيل لك: ولّها من شئت، مَن تولّي ؟ قال: كنت أجعلها شورى بين المسلمين، قال: بين كلّهم ؟ قال: نعم، قال: بين فقهائهم وخيارهم ؟ قال: نعم، قال: قريش وغيرهم ؟ قال: العَرب والعجم، قال: يا عمرو أتتولّى أبا بكر وعمر أو تتبرّأ منهما ؟ قال: أتولاهما، قال: يا عمرو إِن كنت رجلاً تتبرّأ منهما فإنه يجوز لك الخلاف عليهما، وإِن كنت تتولاهما فقد خالفتهما، قد عهد عمر الى أبي بكر فبايعه ولم يشاور أحداً، ثمّ ردّها أبو بكر عليه ولم يشاور أحداً، ثمّ جعلها عمر شورى بين ستة، فأخرج منها الأنصار غير اولئك الستة من قريش، ثمّ أوصى الناس فيهم بشيء ما أراك ترضى به أنت ولا أصحابك، قال: وما صنع ؟ قال: أمر صهيباً أن يصلّي بالناس ثلاثة أيام، وأن يتشاور اولئك الستة ليس فيهم أحد سواهم إِلا ابن عمر يشاورونه وليس له من الأمر شيء، وأوصى مَن بحضرته من المهاجرين والأنصار إِن مضت الثلاثة أيام ولم يفرغوا ويبايعوا أن يضرب أعناق الستة جميعاً، وإِن اجتمع أربعة قبل أن يمضي ثلاثة أيام وخالف اثنان، أن يضرب أعناق الاثنين، أفترضون بذا فيما تجعلون من الشورى في المسلمين ؟ قالوا: لا، قال: يا عمرو دع ذا، أرأيت لو بايعت صاحبك هذا الذي تدعو إِليه، ثمّ اجتمعت لكم الاُمّة ولم يختلف عليكم منهم رجلان، فأفضيتم الى المشركين ؟ قالوا: نعم، قال: فتصنعون ماذا ؟ قال: ندعوهم الى الاسلام فإن أبوا دعوناهم الى الجزية، قال: فإن كانوا مجوساً وعبدة النار والبهائم وليسوا بأهل كتاب ؟ قال: سواء.
قال عليه السّلام: فأخبرني عن القرآن أتقرأونه ؟ قال: نعم، قال: اقرأ: «قاتلوا الذين لا يؤمنون باللّه ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم اللّه ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الذين اوتوا الكتاب حتّى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون»(2). قال: فاستثنى عزّ وجل واشترط من الذين اوتوا الكتاب فيهم والذين لم يؤمنوا سواء، قال عليه السّلام: عمّن أخذت هذا ؟ قال: سمعت الناس يقولونه.
قال: فدع ذا فإنهم إِن أبوا الجزية فقاتلتهم فظهرت عليهم، كيف تصنع بالغنيمة ؟ قال: اخرج الخمس واقسم أربعة أخماس بين مَن قاتل عليها، قال: تقسمه بين جميع من قاتل عليها ؟ قال: نعم، قال عليه السلام: فقد خالفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في فعله وسيرته، وبيني وبينك فقهاء المدينة ومشيختهم فسلهم فإنهم لا يختلفون ولا يتنازعون في أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إِنما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم وألا يهاجروا على أنه إِن دهمه من عدوّه دهم فسيتنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم من الغنيمة نصيب وأنت تقول بين جميعهم، فقد خالفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في سيرته في المشركين.
دع ذا، ما تقول في الصدقة ؟ قال: فقرأ الآية: «إِنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها»(3) الى آخرها، قال: نعم فكيف تقسّم بينهم ؟ قال: اقسّمها على ثمانية أجزاء، فاعطي كل جزءٍ من الثمانية جزءاً، فقال عليه السّلام إِن كان صنف منهم عشرة آلاف، وصنف رجلاً واحداً أو رجلين أو ثلاثة جعلت لهذا الواحد مثلما جعلت لعشرة آلاف ؟ قال: نعم، قال: وتصنع بين صدقات أهل الحضر والبوادي فتجعلهم سواء ؟ قال: نعم، قال: فخالفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في كلّ ما به قلت في سيرته، كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقسّم صدقة البوادي في أهل البوادي، وصدقة الحضر في أهل الحضر، ولا يقسّمها بينهم بالسويّة، إِنما يقسّمها قدر ما يحضره منهم، وعلى ما يرى وعلى ما يحضره، فإن كان في نفسك شيء ممّا قلت فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلّهم لا يختلفون في أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كذا كان يصنع.
ثمّ أقبل على عمرو وقال: اتّقِ اللّه يا عمرو وأنتم أيها الرهط فاتّقوا اللّه فإن أبي حدّثني وكان خير أهل الأرض وأعلمهم بكتاب اللّه وسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال: من ضرب الناس بسيفه ودعاهم الى نفسه وفي المسلمين من هو أعلم منه فهو ضالّ متكلّف(4).
أقول: قد يخال الناظر عند أوّل نظرة أن أسئلة الامام بعيدة عن القصد أجنبيّة عن شأن البيعة لمحمّد، ولكن بعد الرويّة يعرف أن القصد منها جليّ والمناسبة بارزة، وذلك لأنه يريد أن يفهمهم أنهم جهلاء بالشريعة وأحكامها وأن إِمامهم الذي يدعون له مثلهم في الجهل بقواعد الدين، وكيف يتولّى الجاهل اُمور الاُمّة وفيهم الأعلم الأفضل.
______________________________
(1) أمّا عمرو بن عبيد فهو بصري من تلامذة الحسن البصري، وشهرته تغني عن تعريفه، وهو ممّن لقي الصادق وروى عنه، وسأله عن الكبائر فأجابه عليه السّلام عنها مفصّلاً، وكانت ولادته عام 80 ووفاته 144.
وأما واصل فشهرته أيضاً تغني عن بيان حاله، وكان بليغاً فصيحاً وهو من رؤساء المعتزلة، وكان يلتغ بالراء ويتجنّبها في كلامه، ولد عام 80 ومات 131.
وأمّا حفص فلم أظفر بترجمته غير أن في ميزان الاعتدال ذكر حفص بن سلم أبا مقاتل السمرقندي وقد طعن فيه.
قال أبو الفرج في المقاتل: كان اجتماعهم في دار عثمان بن عبد الرحمن المحزومي للمذاكرة في أمر من يقوم بالناس فرجّحوا محمداً قبل أن يغدوا على الصادق عليه السلام.
(2) التوبة: 29.
(3) التوبة: 60.
(4) احتجاج الطبرسي: 2/364.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page