التفسير
كان في الحديث عن أهل البيت الذي أشرنا اليه موارد جمّة للتفسير حتّى أن بعض المفسّرين جعلوا تفسيرهم كلّه مبنيّاً على الحديث، واذا شئت أن تعرف شيئاً من كلام الصادق عليه السّلام في التفسير فدونك (مجمع البيان) فإنه قد أورد شيئاً من أحاديثه في تفسيره، وقد يشير الى رأي أهل البيت مستظهراً ذلك من حديثهم.
وأن هناك مؤلّفات عديدة في آيات الأحكام، وقد علّق عليها المؤلّفون ما جاء في تفسيرها والاشارة الى مفادها من طريق أهل البيت وأحاديثهم، والحديث الوارد عن سيّد الرسل في عدّة مقامات ومن عدّة طرق: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، ما إِن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً فإنهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض» يعرّفنا مبلغ علمهم بالقرآن، وان في كلّ زمن عالماً منهم بالقرآن، وتشفع لهذا الحديث الأخبار الكثيرة الواردة عن أهل البيت في شأن علمهم بالقرآن، والصادق نفسه يقول: واللّه إِني لأعلم كتاب اللّه من أوّله الى آخره كأنه في كفّي، فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان وخبر ما هو كائن، قال اللّه عزّ وجل «فيه تبيان كلّ شيء»(1).
ويفرج أصابعه مرّة اُخرى فيضعها على صدره ويقول: «وعندنا واللّه علم الكتاب كلّه»(2) الى كثير أمثال ذلك.
ولا بدّ في كلّ زمن من عالم بالقرآن الكريم على ما نزل، كما يشهد لذلك حديث الثقلين، ولأن القرآن إِمام صامت وفيه المحكم والمتشابه، والمجمل والمبيّن، والناسخ والمنسوخ، والعامّ والخاصّ، والمطلق والمقيّد، الى غير ذلك ممّا خفي على الناس علمه، وكلّ فرقة من الاسلام تدّعي أن القرآن مصدر اعتقادها وتزعم أنها وصلت الى معانيه واهتدت الى مقاصده وتأتي على ذلك بالشواهد، فالقرآن مصدر الفَرق بزعم أهل الفِرق، فمَن هو الحكَم الفصل ليردّ قوله وتفسيره شبه هاتيك الفِرق، ومزاعم هذه المذاهب ؟ وقد دلّ حديث الثقلين على أن علماء القرآن هم العترة أهل البيت خاصّة ومنهم يكون العالم به في كلّ عصر.
وفي عصره عليه السّلام اذا لم يكن هو العالم بالقرآن فمَن غيره ؟ ليس في الناس مَن يدّعي أن في أهل البيت أعلم من الصادق في عهده في التفسير أو في سواه من العلوم.
______________________________
(1) يريد الاشارة الى قوله «ونزّلنا عليك الكتاب تبياناً لكلّ شيء».
(2) الكافي: 1/229/5.