• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عاليمه لتلاميذه

عاليمه لتلاميذه

ما اكثر تعاليمه واكثر عظاته ونصائحه، وستأتي لها فصول خاصّة، وإِنما نذكر منها ههنا ما يخصّ طلب العلم.
قال عمرو بن أبي المقدام(1): قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام في أوّل مرّة دخلت عليه: تعلّموا الصدق قبل الحديث(2).
أقول: ما أثمنها نصيحة، وما زال يوصي كلّ من دخل عليه من أوليائه بالصدق وأداء الأمانة، ولا بدع فإن بهما سعادة المرء في هذه الحياة، ووفرة المال والجاه، والطمأنينة اليه، والرضى به للحكومة بين الناس.
وأما إِرشاده الى طلب العلم فما اكثر قوله فيه، فتارةً يقول عليه السّلام: لست أحبّ أن أرى الشاب منكم إِلا غادياً في حالين، إِما عالماً أو متعلّماً، فان لم يفعل فرط، وإِن فرط ضيّع، وإِن ضيّع أثم(3).
واُخرى يقول: اطلبوا العلم وتزيّنوا معه بالحلم والوقار(4) وما اقتصر على حثهم على طلب العلم، بل حثّهم على ما يزدان به من الحلم والوقار، بل والتواضع كما في قوله عليه السّلام: «وتواضعوا لمن تعلّمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبّارين، فيذهب باطلكم بحقكم»(5).
أقول: ما أدقّها نصيحة، وأسماه تعليماً، فإن العلم لا ينفع صاحبه ولا الناس ما لم يكن مقروناً بالتواضع، سواء كان المتحلّي به معلّماً أو متعلّماً، وأن الناس لتنفر من ذي الكبرياء، فيكون الجبروت ذاهباً بما عنده من حق.
ويقول عليه السّلام في إِرشاده لطالب العلم: ولا تطلب العلم لثلاث: لترائي به، ولا لتباهي به، ولا لتماري به، ولا تدعه لثلاث: رغبة في الجهل وزهادة في العلم، واستحياءً من الناس، والعلم المصون كالسراج المطبق عليه(6).
أقول: إِن الصادق عليه السّلام يريد أن يكون طلب العلم للعلم ولنفع الاُمّة، فلو طلبه المرء للرياء أو المباهاة أو المجادلة لما انتفع ونفع، بل لتضرّر وأضرّ، كما أن تركه للرغبة في الجهل والزهد في العلم كاشف عن الحمق، ولا خير في حياء يقيمك على الرذيلة ويبعد عنك الفضيلة، ولا يكون انتفاع الناس بالعلم إِلا بنشره، وما فائدة السراج اذا اُطبق عليه.
ولنفاسة العلم حضّ على طلبه وإِن كلّف غالياً، فقال: اطلبوا العلم ولو بخوض المهج وشقّ اللجج(7).
ولمّا كان للعلم أوعية ومعادن نهاهم عن أخذ العلم من غير أهله فقال عليه السلام: اطلبوا العلم من معدن العلم وإِيّاكم والولايج فهم الصادّون عن اللّه(8).
أقول: إِننا لنجد عياناً أن المتعلّم يتغذّى بروح معلّمه، ويتشبّع بتعاليمه، فالتلميذ الى الضلالة أدنى إِن كان المعلّم ضالاً، والى الهداية أقرب إِن كان هادياً، لأن غريزة المحاكاة تقوى عند التلميذ بالقياس الى معلّمه.
وما حثّ على طلب العلم فحسب، بل أراد منهم اذا تعلّموه أن يعملوا به فقال عليه السّلام: تعلّموا العلم ما شئتم أن تعلموا فلن ينفعكم اللّه بالعلم حتّى تعملوا به، لأن العلماء همّهم الرعاية، والسفهاء همّهم الرواية(9) وقال: العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق منه أتعب نفسه في جمعه ولم يصل إلى نفعه(10) وقال: مثل الذي يعلم الخير ولا يعمل به مثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه(11) وقال: إِن العالم اذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزلّ المطر عن الصفا(12).
وقد دلّهم على ما يحفظون به ما يتعلّمونه فقال عليه السّلام: اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتّى تكتبوا(13).
وممّا قاله للمفضّل بن عمر: اكتب وبثّ علمك في إِخوانك فإن متّ فورّث كتبك بنيك، فإنّه يأتي زمان هرج ما يأنسون فيه إِلا بكتبهم(14).
وقال: احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون اليها.(15)
إنه عليه السّلام ما أراد فضيلة العلم لأهل زمانه فحسب، بل أرادها لكلّ جيل وعصر، كما أنه ما أوصاهم بالتعلّم إِلا لأن يجمعوا كلّ فضيلة معه كما ستعرفه من وصاياه، وكما تعرفه من قوله عليه السّلام:
فإن الرجل منكم اذا ورع في دينه وصدق الحديث، وأدّى الأمانة وحسن خلقه مع الناس، قيل هذا جعفري، ويسرّني ذلك ويدخل عليّ منه السرور، وإِن كان على غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره، وقيل هذا أدب جعفر(16).
إِن الصادق وآباءه من قبل وأبناءه من بعد جاهدوا في حسن تربية الاُمّة وتوجيههم الى الفضائل، وردعهم عن الرذائل بشتّى الوسائل، ولكن ما حيلتهم اذا كان الناس يأبون أن يسيروا بنهج الحقّ، وأن يتنكّبوا عن جادة الباطل.
وما حضّ على طلب العلم إِلا وحضّ على العناية بشأن العلماء والعطف عليهم، فقال عليه السّلام: إِني لأرحم ثلاثة، وحقّ لهم أن يُرحموا: عزيز أصابته ذلّة، وغنيّ أصابته حاجة، وعالم يستخفّ به أهله والجهلة(17).
وقال عليه السّلام: ثلاثة يشكون الى اللّه عزّ وجل: مسجد خراب لا يصلّي به أهله، وعالم بين جهّال، ومصحف معلّق قد وقع عليه غبار لا يقرأ فيه(18).
وقال إسحاق بن عمّار الصيرفي(19): قلت للصادق عليه السّلام: من قام من مجلسه تعظيماً لرجل، قال عليه السّلام: مكروه إِلا لرجل في الدين. وقال عليه السّلام: من اكرم فقيهاً مسلماً لقي اللّه يوم القيامة وهو عنه راض، ومن أهان فقيهاً مسلماً لقي اللّه يوم القيامة وهو عليه غضبان(20).
وما اكثر ما جاء عنه عليه السّلام في رعاية أهل العلم وتقديرهم، واكرام العلماء وتوقيرهم، وهكذا كان مجاهداً في تثقيف أتباعه وتهذيبهم وتعليمهم الأخلاق الفاضلة.
______________________________
(1) سيأتي في ثقات المشاهير من رجاله.
(2) الكافي: باب الصدق وأداء الأمانة.
(3) مجالس الشيخ الصدوق رحمه اللّه، المجلس /11.
(4) الكافي: 1/36/1.
(5) مجالس الشيخ الصدوق، المجلس /17، بحار الأنوار: 2/41/2.
(6) بحار الأنوار: 17/270.
(7) الكافي: 1/35/5.
(8) كتاب زيد الزراد وهو من الاصول المعتبرة.
(9) بحار الأنوار: 2/37/54.
(10) بحار الأنوار: 2/37/55.
(11) بحار الأنوار: 2/38/56.
(12) بحار الأنوار: 2/39/68.
(13) الكافي: 1/52/9.
(14) الكافي: 1/52/11.
(15) الكافي: 1/52/10.
(16) الكافي: 2/636.
(17) خصال الصدوق: ص 87.
(18) بحار الأنوار: 92/195.
(19) سيأتي في ثقات المشاهير من أصحابه عليه السلام.
(20) بحار الأنوار: 47/44/13.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page