• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المذاهِب والنِّحَل(الشيعة)

المذاهِب والنِّحَل
3 - الشيعة

كان التشيع على عهد صاحب الشريعة الغرّاء وسمّى بعض الصحابة بالشيعة من ذلك اليوم، أمثال سلمان وأبي ذر والمقداد وعمّار وحذيفة وخزيمة وجابر وأبي سعيد الخدري وأبي أيوب وخالد بن سعيد بن العاص وقيس بن سعد وغيرهم(1).
والشيعة لغةً: - الأتباع والأنصار والأعوان، وأصله من المشايعة - المطاوعة والمتابعة، ولكن هذا اللفظ اختصَّ بمن يوالي عليّاً وأهل بيته عليهم السّلام(2).
وأوّل من نطق بلفظ الشيعة قاصداً به من يتولّى عليّاً والأئمة من بنيه هو صاحب الشريعة سيّد الأنبياء صلّى اللّه عليه وآله وقد جاءت عنه في ذلك عدَّة أحاديث(3).
وأما فِرق الشيعة فهي كثيرة، وقد أنهتها بعض كتب المِلل والنِّحل إِلى أكثر ممّا نعرفه عنها، فذكرت فِرقاً كثيرة، ورجالاً تنسب الفِرق اليهم، أمثال الهشاميّة نسبة إِلى هشام بن الحكم، والزراريّة نسبة إِلى زرارة بن أعين، والشيطانيّة نسبة إِلى مؤمن الطاق محمّد بن النعمان الأحوال، واليونسيّة نسبة إِلى يونس بن عبد الرحمن، إِلى غيرها، والحقّ اننا من أهل البيت وأهل البيت أدرى بما فيه لا نعرف عيناً ولا أثراً لهذه الفِرق، ولا للبدع التي نسبت لهؤلاء الرجال.
وإِنَّ من نظر في كتب الحديث وكتب الرجال للشيعة عرف أن هؤلاء من خواصّ الأئمة الذين يعتمدون عليهم ويرجعون الشيعة اليهم، ولو كان لهم آراء ومذاهب لا يرتضيها الأئمة لسخطوا عليهم وأبعدوهم عنهم، ومن سبر ما جاء عنهم في الرجال الذين انتحلوا البدع لعلم أن هؤلاء برآء مما نسبوه اليهم، فإنهم برئوا من ابن سبأ ولعنوه وحذّروا من بدعه، وبرئوا من المغيرة بن سعيد حين صار يكذب على الباقر عليه السّلام ويدّعي الأباطيل، كما برئ الصادق عليه السّلام من أبي الخطّاب وجماعته، ومن أبي الجارود وكما قالوا في بني فضال: خذوا ما رووا ودعوا ما رأوا، وكما برئ الحجّة المغيب من جماعة خلطوا في الدين وادَّعوا أنهم أبوابه، إِلى غير هؤلاء(4) ولو كان مثل هؤلاء الصفوة على مثل تلك الضلالات التي نسبت اليهم لكان نصيبهم من الأئمة نصيب غيرهم من الضالّين البراءة منهم والذمّ واللعن لهم.
نعم كانت للشيعة فِرق قبل عصر الصادق عليه السّلام وبعده وقد ذهبت ذهاب أمس الدابر، ولم يبق منها اليوم شيء معروف إِلا ثلاث فِرق:
1 - الإماميّة: وهم القائلون بإمامة الاثني عشر، وولادة الثاني عشر ووجوده اليوم حيّاً ويترقّبون كلّ حين ظهوره.
2 - الزيديّة: وهم الذين يرون إِمامة زيد وكلّ من قام بالسيف من بني فاطمة، وكان مجمعاً للخصال الحميدة.
3 - الاسماعيليّة: وهم الذين يجعلون الامامة بعد الصادق عليه السّلام في ابنه إسماعيل دون موسى وبنيه عليهم السّلام.
هذا ما بقي من فِرق الشيعة ظاهراً يُعرف منذ عهد بعيد حتّى الزمن الحاضر، وأما ما كان منهم في الزمن الماضي، فقد بحث عنه النوبختي في كتابه «فِرق الشيعة» وليس اليوم منها فرقة معروفة عدا ما ذكرناه.
والذي يهمّنا ذكره من بينها هو ما كان في أيام الصادق عليه السّلام وإن لم يبق اليوم منهم نافخ ضرمة.

الكيسانيّة: *

فمن فِرق الشيعة في عهد الصادق عليه السّلام (الكيسانيّة) وهم الذين قالوا بإمامة محمّد بن الحنفيّة، وقد اختلفوا في سبب تسميتهم بهذا الاسم، وهم ينتهون إِلى فِرق:
فِرقة قالت بأن محمّداً هو المهدي، وهو وصيّ أمير المؤمنين عليه السّلام وليس لأَحد من أهل بيته مخالفته، وأن مصالحة الحسن عليه السّلام لمعاوية كانت بإذنه، وخروج الحسين عليه السّلام أيضاً بإذنه، كما أن خروج المختار طالباً بالثأر أيضاً بإذنه، وفرقة قالت بإمامته بعد أخويه الحسنين عليهما السّلام، وإِنه هو المهدي وبذلك سمّاه أبوه، وإِنه لم يمت ولا يموت ولا يجوز ذلك، ولكنه غاب ولا يُدرى أين هو، وسيرجع ويملك الأرض، ولا إِمام بعد غيبته إِلى رجوعه وهم أصحاب ابن كرب ويسمّون «الكربيّة».
وفرقة قالت: بأنه مقيم بجبال رضوى بين مكّة والمدينة، وهو عندهم الإمام المنتظر.
وفرقة قالت: بأنه مات والامام بعده ابنه عبد اللّه، ويكنّى أبا هاشم وهو أكبر ولده، واليه أوصى أبوه، وسميّت هذه الفرقة «الهاشميّة» بأبي هاشم، وهذه الفرقة قالت فيه كما قالت الفِرق الأُول في أبيه، بأنه المهدي وأنه حيّ لم يمت بل غلَوا فيه وقالوا إِنه يحيي الموتى، ولكن لمّا توفي أبو هاشم افترقت أصحابه إِلى فِرق.
وكان من الكيسانيّة رجال لهم ذكر ونباهة، منهم كثير عزّة وله بذلك شعر يروى.
وكان منهم السيد إسماعيل الحميري الشهير. وله أيضاً شعر يشهد بما نسبوه اليه، ولكنه عدل عن ذلك إِلى القول بإمامة الصادق عليه السّلام بعد أن ناظره الصادق وأقام الحجّة عليه، وله في العدول والذهاب إِلى إِمامة الصادق شعر مذكور.
ومنهم حيّان السرّاج، وقد دخل يوماً على الصادق عليه السّلام فقال له أبو عبد اللّه: يا حيّان ما يقول أصحابك في محمّد بن الحنفيّة ؟ قال: يقولون: إنه حيّ يرزق، فقال الصادق عليه السّلام: حدّثني أبي عليه السّلام: إِنه كان فيمن عاده في مرضه وفيمن غمضه وأدخله حفرته وزوَّج نساءه وقسّم ميراثه، فقال: يا أبا عبد اللّه إِنَّما مثل محمّد في هذه الأُمّة كمثل عيسى بن مريم شبّه أمره للناس، فقال الصادق عليه السّلام: شُبّه أمره على أوليائه أو على أعدائه ؟ قال: بل على أعدائه، فقال عليه السّلام: أتزعم أن أبا جعفر محمّد بن علي عليهما السّلام عدوّ عمّه محمّد بن الحنفيّة ؟ فقال: لا، ثمّ قال الصادق عليه السّلام: يا حيّان إِنكم صدفتم(5) عن آيات اللّه وقد قال تبارك وتعالى «سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون»(6).
وقال بريد العجلي(7): دخلت على الصادق عليه السّلام فقال لي: لو سبقت قليلاً لأدركت حيّان السرّاج، واشار إِلى موضع في البيت، فقال: كان ههنا جالساً، فذكر محمّد بن الحنفيّة وذكر حياته، وجعل يطريه ويقرضه، فقلت له: يا حيّان أليس تزعم ويزعمون، وتروي ويروون: لم يكن في بني إسرائيل شيء إِلا وهو في هذه الأُمّة مثله ؟ قال: بلى، فقلت: هل رأينا ورأيتم، وسمعنا وسمعتم بعالم مات على أعين الناس، فنكحت نساؤه وقسّمت أمواله، وهو حيّ لا يموت ؟ فقام ولم يردّ عليّ شيئاً(8).
والكيسانيّة من الفِرق البائدة، ولا نعرف اليوم قوماً ينتسبون اليها.

الزيديّة:

ومن الفِرق التي تنسب إِلى التشيّع (الزيديّة) نسبة الى زيد بن علي بن الحسين عليهما السّلام، لأنهم قالوا بإمامته.
وزيد عليه السّلام ما ادّعى الامامة لنفسه بل ادَّعتها الناس له، وما دعاه للنهضة إِلا نصرة الحقّ وحرب الباطل، وزيد أجلّ شأناً من أن يطلب ما ليس له، ولو ظفر لعرف أين يضعها، وقد نسبت بعض الأحاديث ادّعاه الإمامة لنفسه، ولكن الوجه فيها جليّ، لأن الصادق عليه السّلام كان يخشى سطوة بني أُميّة، ولا يأمن من أن ينسبوا اليه خروج زيد، وإِن قيامه بأمر منه، فيؤخذ هو وأهله وشيعته بهذا الجرم، فكان يدفع ذلك الخطر بتلك النسبة، ولو كان زيد كما تذكره هذه الأحاديث لم يبكه قبل تكوينه جدّاه المصطفى والمرتضى عليهما وآلهما السّلام، ولم تبلغ بهما ذكريات ما يجري عليه مبلغاً عظيماً من الحزن والكآبة، كما هو الحال في آبائه عندما يذكرون مقتله وما يجري عليه بعد القتل.
وكفى في إِكبار نهضته وبراءته مما يُوصم به بكاء الصادق عليه السّلام عليه وتقسيمه الأموال في عائلات المقتولين معه، وتقريع من تخلّف عن نصرته، وتسميته الثائرين معه بالمؤمنين، والمحاربين له بالكافرين.
وكيف يكون قد طلب الامامة لنفسه والصادق عليه السّلام يقول: رحمه اللَّه أما أنه كان مؤمناً وكان عارفاً وكان عالماً وكان صدوقاً، أما أنه لو ظفر لوفى، أما أنه لو مَلَك لعرف كيف يضعها(9). ويقول: ولا تقولوا خرج زيد فإن زيداً كان عالماً، وكان صدوقاً، ولم يدعكم إِلى نفسه، وإِنما دعاكم إِلى الرضا من آل محمّد صلّى اللّه عليه وآله(10) ولو ظفر(11) لوفى بما دعاكم اليه، وإنما خرج إِلى سلطان مجتمع لينقضه(12).
ويقول الرضا عليه السلام للمأمون: لا تقس أخي زيداً إِلى زيد بن علي عليهما السّلام فإنه كان من علماء آل محمّد صلّى اللّه عليه وآله غضب للّه عزّ وجلّ فجاهد أعداءه حتى قُتل في سبيله، إِلى أن يقول: إِن زيد بن علي عليه السّلام لم يدع ما ليس له بحق، وإنه كان أتقى للّه من ذلك، إنه قال: أدعوكم للرضا من آل محمّد صلّى اللّه عليه وآله(13).
ولم تكن هذه الصراحة من الرضا عليه السّلام إِلا لأن العهد عهد العبّاسيّين ويقول ابنه يحيى: رحم اللّه أبي كان أحد المتعبّدين قائماً ليله صائماً نهاره جاهد في سبيل اللّه حقّ جهاده، فقال عمير بن المتوكل البلخي: فقلت: يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله هكذا يكون الامام بهذه الصفة، فقال: يا عبد اللّه إِن أبي لم يكن بإمام، ولكن كان من السادة الكرام وزهّادهم، وكان من المجاهدين في سبيل اللّه، قال: قلت: يابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إِن أباك قد ادعى الامامة لنفسه وخرج مجاهداً في سبيل اللّه، وقد جاء عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فيمن ادَّعى الامامة كاذباً، فقال: مه مه يا عبد اللّه إِن أبي كان أعقل من أن يدَّعي ما ليس له بحق، إِنما قال: أدعوكم إِلى الرضا من آل محمّد صلّى اللّه عليه وآله، عنى بذلك ابن عمّي جعفراً عليه السّلام، قال: قلت: فهو اليوم صاحب فقه، قال: نعم هو أفقه بني هاشم.(14)
وهذا الحديث كما كشف عن منزلة زيد الرفيعة في الدين والفضيلة وبطلان ما نسبوه اليه، فقد أثبت ليحيى مقاماً عليّاً في الورع والعلم والفقه.
والأحاديث عن نزاهة زيد عن تلك الدعوى وافرة جمّة، فهو أتقى وأنقى من أن يلوّث نفسه الطاهرة بدعوى الامامة، وإِنّما ادَّعتها له بعض الناس بعد وفاته فعرفوا بالزيديّة لتلك المقالة.
والزيديّة فِرق يجمعها القول: بأن الامامة في أولاد فاطمة عليها السّلام ولم يجوّزوا ثبوت إِمامة في غيرهم، إِلا أنهم جوّزوا أن يكون كلّ فاطميّ عالم زاهد شجاع سخيّ خرج بالسيف إِماماً واجب الطّاعة سواء كان من أولاد الحسن عليه السّلام أو من أولاد الحسين عليه السّلام، ومن ثم قالت طائفة منهم بإمامة محمّد وإِبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن بن الحسن عليه السّلام(15) أحسب أن اشتراط الامامة في بني فاطمة إِنما كان منهم فيمن يكون إِماماً بعد زيد، لأن بعض الفِرق منهم رأت ثبوت الامامة للشيخين كما ستعرف.
_________________________________________
(1) الاستيعاب في أبي ذر، والدرجات الرفيعة للسيد علي خان في ترجمة سلمان، وروضات الجنّات نقلاً عن كتاب الزينة لأبي حاتم الرازي، وشرح النَّهج: 4/225، وخطط الشام لمحمّد كرد علي: 5/251 - 256.
(2) القاموس ولسان العرب ونهاية ابن الأثير ومقدّمة ابن خلدون ص 138 إلى كثير غيرها.
(3) راجع في ذلك الصواعق بعد الآية الثامنة والآية العاشرة من الآيات الواردة في فضل اهل البيت، ونهاية ابن الأثير في قمح، والدرّ المنثور للسيوطي في تفسير قوله تعالى: «إِن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك خير البريّة» إِلى نظائرها من الكتب.
(4) انظر في ذلك كلّه غيبة الشيخ الطوسي طاب ثراه.
(*) اننا نستند على الكثير ممّا نذكره عن الكيسانيّة إِلى كتاب فِرق الشيعة، والمِلل والنِحل، والفَرق بين الفِرَق.
(5) أعرضتم.
(6) إِكمال الدين للصدوق طاب ثراه ص 22، ورجال الكشي ص 203، والآية في سورة الأنعام: 157.
(7) من أصحاب الصادق ومشاهير ثقاتهم.
(8) رجال الكشي في ترجمة حيّان ص 202.
(9) رجال الكشي في ترجمة السيّد الحميري ص 184.
(10) الرضا: كناية عن إِمام الوقت من أهل البيت وإِنما يكنّى عنه حذراً عليه من التصريح باسمه.
(11) ظهر: في نسخة.
(12) الوافي عن الكافي، كتاب الحجّة، باب أن زيد بن علي مرضي: 1/141.
(13) نفس المصدر.
(14) كفاية الأثر: 304.
(15) المِلل والنِّحل المطبوع في هامش الفصل: 1/159.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page